أغنية لمارغريت: ترنيمة للحبِّ وللحياة على طبول الحرب


ممدوح فرَّاج النَّــابي

 تتقاطع رواية لنا عبد الرحمن ‘أغنية لمارغريت’، الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2011 مع شخصية الأديبة الفرنسية مارغريت دوراس، في شواهد كثيرة ليس أهمها ورود اسم الأخيرة على غلاف رواية لنا عبد الرحمن، وإنما في تلاقي الاثنين حول شخص واحد هو ‘يان أندريان’ الحبيب الأخير للكاتبة، حيث بطلة الرواية ‘زينب’ تُرْسِل له رسائلها من بيروت بعد وفاة مارغريت، والثانية في حُبِّها لهذا الشخص الذي أخلص لها، وأيضاً في اشتراك لنا عبد الرحمن ويان أندريان في الكتابة عن ‘مارغريت دوراس’ بعد موتها، هي بكتابة أجزاء من سيرتها خاصة في أيامها الأخيرة، وهو بكتابة كتاب بعد وفاتها عن علاقته بها عنوانه ‘هذا هو الحب’. مع كل هذا فالتماس القوي بين بطلة الرواية زينب ومارغريت، هو شعور كلتيهما بالوحدة، ومن الإحساس بها تولَّد الإبداع .



لعبة التماهي والتوازي


 
تتوازى ثلاثة خيوط سردية داخل النص، خيطان يقوم بسردهما الراوي الغائب، والخيط الثالث يسرده الراوي الأنا. الخيطان الخاصان بالراوي الغائب أحدهما يتتبع تفاصيل الحياة الخاصة بزينب وبأسرتها وهجرتهم من بيتهم في بئر العبد الواقع في الضاحية الجنوبية هروباً من العدوان الصهيوني الغاشم، إلى بيت خالها المقيم خارج لبنان في منطقة الصنايع في بيروت، وحال هذه الأسرة منذ وفاة الأب وما سبَّبه من شعورٍ بالافتقاد حاولت تعويضه في كُلِّ مَنْ يُحيط بها ففشلت، وقد دفعها هذا الفشل لأن تبحث عنه في ذات الله، (وهو ما نقابله بتحفظ شديد)، وعلاقاتها المتشظية بجميع أفراد أسرتها (الأم، والأخوين: وسام، وسامر) وكذلك علاقاتها (المتعدِّدَة) الفاشلة في الحبِّ بحامد ابن عمتها الذي سبَّب لها جُرحاً منذ أن تخلَّى عنها وهرب إلى أمريكا (وهناك واصل حياته بالزواج والإنجاب)، ولم تندمل آلامه (الجُرْح) حتى مع تردُّدها على عيادة الدكتور رامي الطبيب النفسي، ثم علاقتها بالدكتور عبد الله أستاذها بالجامعة الذي ظفرت به دون زميلاتها، وما سبَّبه لها من إهانات نفسية بالغة، وهو يبتزُ جسدها ثم يتركها تقف أمام باب الشَّقة التي تهدمت بفعل آلة الحرب ولم تشعر إزاء حالة الانهيار التي مني بها بأي تعاطف (وإن تغيَّر موقفها عند موت أخيه)، وأخيراً مازن زميل الجامعة الذي كان حلقة الوصل بينها وبين عالم ‘مارغريت دوراس’، وعشيقها الذي هامت به ‘يان أندريان’. ثم موت صديقتها الصحافية ساندرا وبموتها ماتت قيم الجمال بعد وفاة والدها ومارغريت دوراس، التي كانت تمدُّها بالأمل.
ويستمر الروي بالضمير الغائب في الخيط الثاني حيث يتتبع الراوي الغائب الحياة الخاصة بمارغريت دوراس، وهي في حجرتها، وعند إحساسها بالوحدة، وتآلفها مع كائنات تشاطرها الوحدة والضياع (عصافير، حشرات، قطط، فأر صغير)، كما يحكي عن علاقتها بأبطال روايتها التي كتبتها في غرفتها، وعن علاقتها بالزمن، وكيف صنعت لنفسها زمنها الخاص الخارج عن التقسيم الأبله للأيام والأعوام. ويرصد بداية علاقتها بيان أندريان، ووجه الشَّبه بينها وبين أبطال روايتها، وأصدقائها ومناقشاتهم حول السِّياسة الجديدة لحزب العمال، ورغبتها في أن تتحرَّرَ من كل ما يُقيدِّها وأمنيتها بأن تكون متسوِّلة أو غجرية، غير مسؤولة سوى عن معيش يومها .بل يرصد لنا الموضوعات المفضَّلة لديها عند الكتابة مثل الموت الهامشي العابر، إضافة لتفاصيل دقيقة، عن الأرز بالحليب الذي تطهوه ‘تارا’ (صديقتها في كمبوديا) أو حكاية العاشقين أسفل منزلها أو عن تسلُّلها إلى السينما لعدم امتلاكها ثمن بطاقة الدخول، أو أسرارها الخاصة كالحديث عن الغرفة الضيقة التي تلتقي فيها العشيق، وإحساسها بالمتعة حين تذهب إلى السينما ورؤيتها للعشيق، رغم رفض الأم وعقاب الأخ، وحالات الخوف من غياب يان أندريان، فتسعى لإبعاده عنها إلا أنه يرفض، وحبّها لكل شيء يفعله: رسائله، كلماته التي يصف عبرها العلاقة مع الحياة، والحب والموسيقى، يرصد الراوي الغائب أدق التفاصيل عن حياتها كرويه عن عشيقها الأول، وتناقض مواقفه ما بين سؤاله عن التقائها برجال آخرين، ووداعته وهو يفرك جسدها بيديه أثناء الاغتسال، أو أنْ يمسحَ الدماء عنها في أوقات عادتها الشَّهرية، إلى أن يصلَ إلى آخر أيامها وضجرها من كلِّ شيءٍ ومدى تحمُّل ‘يان’ لها وجلوسه أسفل سريرها يكتبُ ما تُمْليه عليه، واصفاً لنا آخر مشهد في حياتها، وهي تغفو تماماً عن العالم، والحبيب يجلس غير نائم في انتظارها، لكن كان الزمن قد مرَّ، وسرقها من بين يديه، ورحلت بهدوءٍ.
حياة شبه كاملة عن مارغريت دوراس التي ستتقاطع معها زينب، في المعاناة والإحساس بالوحدة، وتعنت الأخ الكبير، وبلادة مشاعر الأم، وفي كثير من الأشياء حتى في الذاكرة والرغبة في محو تلك التفاصيل التي تُرْهِقُ الذاكرة، بل تتشابهان في ما تحدثه الحرب من ذكرى أليمة، فموت ساندرا في الحرب التموزية يتوازى مع موت الضابط الشاب الذي مات في الحرب العالمية، وهو ما سبَّب حسرةً لها، جعلها تمقت الحرب، فكتبت عن مأساة هيروشيما ‘حبيبتي هيروشيما’.


الرسائل واستعادة الذات


 
أما الخيط الثالث فكان تلك الرَّسائل التي، تكتبها زينب كلَّ مساءٍ (وهي تَعْلَمُ أنَّه لن يقرأها) ليان أندريان عشيق وزوج مارغريت دوراس، وهي جميعها مروية بصيغة الأنا، ومكتوبة ببنط كتابي مميّز. والسؤال: لماذا هذه الرسائل؟ وما دلالتها؟. الرَّسائل في ظني واحدة من وسائل المقاومة التي اعتمدتها المؤلفة لبطلتها لتقاوم كافة أشكال الانهيارات التي أصابتها، وتلك الندوب التي خلَّفتها علاقات الحبِّ الفاشلة، وصور الفقد التي أخذت تترى في حياتها. فالرسائل التي تكتبها إليه كما تقول:تمدُّها ‘بالقوة على المقاومة'(ص 5). جاءت الرسائل كنوعٍ من البوح للآخر، هذا الآخر الذي تتشبث به للعثور على ذاتها المتشظية بفعل عوامل كثيرة. لذا فهي تريد مثل هذا الذي أودع حياته رهينة لمارغريت، تخاطبه علَّها تبحث عن السِّر، كيف أخلص لمارغريت؟ وفي المقابل لماذا خذلها مازن، وهو الذي عرَّفها على دورا عندما أهداها فيلما مستوحى من الكتاب الذي كتبه يان عنها؟ ثم كيف وجدت دورا مع يان الصَّفاء النفسي الذي جعلها تُبدع أعمالها. لهذا تبدأ البطلة سردها بهذه الرسالة التي مطلعها هذا السؤال: ‘لماذا أحبتك مارغريت دوراس وعاشت معك حتى لحظاتها الأخيرة؟ ظلَلْتَ قربها، تساعدها على الرحيل بهدوء، وظلت تحبك’. (ص 5). البحث عن جواب، ليس هو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه البطلة بقدر ما يصبح السؤال بمثابة الخيط الذي يُحقِّقُ لها الوسيلة المشروعة للخروج مما هي فيه. وبالفعل كانت صورة يان المتجسدة على الأوراق التي تكبتها هي المتنفس لها من وقاحة هذا العالم وتلك الحرب البشعة التي قهرتها وقهرت غيرها من هؤلاء الذين تنظر إليهم من نافذتها المطلة على حديقة الصنايع، وفوق هذا الواقع القسري الذي فرضته الحرب عليها بجلوسها مع أمها في مكان واحد، رغم ما تثيره الأم لها من استفزاز لمجرد رؤيتها، وكثرة انتقادها لجسدها الرفيع، وعدم وراثتها لجمالها الأرستقراطي، ومقارنتها ببنات خالتها، علاوة على نقمتها من حالها ومن هذا القدر، والأخير لأنه حرمَها الحياة المرفَّهة بعد زواجها، وهي الحالمة بمستوى أعلى وقد نقلها إلى مستوى اجتماعي أدنى من مستواها، وجعلها تظل طول عمرها من سكان بير العبد بدلاً من أن تسكن في قلب بيروت حيث تَربَّت وَكَبُرَت، ثم ترمُّلها المبكر، وتركها مع ولدين هما وسام وسامر وابنتها زينب.فكانت الرَّسائل بمثابة الخلاص.
مضمون الرَّسائل (حيث وصل عددها حوالى إحدى وعشرين رسالة)، يؤكد هذا الظن، فالبطلة زينب كانت لديها وسيلتان للفضفضة والبوح، الأولى هي مدام تريز والدة ساندرا، فما أن تذهب إليها حتى تتحدث عن الصّور المتلاحقة في ذهنها ‘عن البيت الذي تركوه، عن أبيها الذي يلوح لها مبتسماً من مكان بعيد، عن د.عبد الله الذي التقت به في الشارع منذ قليل، وعن أمها التي تتنظر عودتها لكي تحضر معها أغراض البيت، حكت عن أشياء كثيرة،،'(ص 30). إذاً فشخصية زينب تحتاج لِمَنْ يسمعها في ظل العلاقة المتوترة مع أمها التي أشبه بجدار عازل، فكان يان خاصة أنه الشخص الوحيد الذي تحمَّل زوجة هرمة وعاش معها حوالي خمسة عشرة سنة، وكان يستمتع بتلك الأفعال البسيطة التي يقوم بها لها كأن يغسل لها جسدها، ويجلس أسفل سريرها حتى تغفو؛ لذا فهو الأنسب لها في هذا الظرف القسري فتحكي له في رسائلها عن تفاصيل الحياة اليومية وعن الشعور بالفقد عن طعم الموت، ومأساتها المتجلية في البرد، ألم ترَ كيف تخاطبه: ‘البرد هو مأساتي، البرد لا شيء سواه’، والبرد هو مضاد للدفء والحنان اللذين تفتقدهما منذ موت أبيها وتحكي له عن قطع الجيران لأغصان شجرة التوت. وغيرها من التفاصيل عن ذاتها وطفولتها وعلاقتها بالله وارتداء الحجاب، وعن الأشخاص (عن بنت الجيران وفاء التي تنتظر العريس، وعن نهمها للطعام، وعن أم حسن قارئة الطالع، وعن انقطاع الاتصال بها لعدم حُبِّها التكنولوجيا، وعن أبو علي الفرَّان بائع المنافيش الذي مات تحت أنقاض الفرن، وعن النَّوَر الذين يخطفون الأطفال، وعن حماقة جارتها التي انتحرت قبل عامين بسبب خيانة رجل أحمق)، وعن الأماكن، بيروت،الجميزة وعن أماكن تخدعنا بمسمياتها كأن يكتب حي ذو طابع تراثي كالحمراء،والأشرفية، وفي الحقيقة لا توجد أماكن قديمة فقد حلَّت محلها أسواق حديثة مستعيرة الطراز القديم لكنها بلا هوية، أو أسرار،وعن مزار ‘مارتقلا’ وعن تأجيلها السَّفر إلى زحلة بسبب سفر وسام وموت ساندرا.
ربما هذه الأشياء ليست ذات قيمة، لكن أن تصدر من شخص مأزوم يبحث عن ذاته، فهي كفيلة بإعادة الذات وتحقيق التوازن النفسي، وهو ما جعلها تعْدل عن فكرة الانتحار التي ترددت في ذهنها من قبل. نعم فكان قرار الكتابة ليان كما تقول:’سأكتب لك لأحافظ على ذاكرتي من الفقد'(ص 70) أو لأن الكتابة كما وجدت مارغريت دوراس فيها أنها ليست وسيلة لمحو الذاكرة، وإنما ‘طريقة لإعادة تكوين ذاكرة جديدة في كل مرة، حذف، إضافة، هدم وبناء'(ص43).



الحرب وإعادة تشكيل الأشياء:



قدمت الرواية صورةً جديدةً للحرب، ليست الصورة الشائعة المتمثلة في التهجير ونقص الإمكانات وانتشار أماكن الإيواء، وأصوات القذائف ونقص الدواء، وإن كان كل هذا وارداً، فالصورة الجديدة التي قدمتها الكاتبة هي صورة أخرى فإذا كانت الحرب في أحد مفاهيمها مرادفاً للموت، وهو الموت المجاني السهل والمتحقق في الرواية بأشكال شتى: موت فعلى (موت الأب، موت الجدة، موت ساندرا، موت الفرَّان، موت جارتها، موت أخي الدكتور عبد الله)، وآخر معنوي (فقدان الحب، والشعور بالدفء، غياب عاطفة الأمومة لديها)، فإنها (أي الحرب) في الوقت ذاته تمنح الإنسان القدرة على الحياة، فزينب في لحظة من يأسها وما عانته قرَّرت الانتحار ومن ثمَّ ترددت على عيادة الطب النفسي، وما أن حلَّت الحرب، حتى منحتها الإحساس بأنها ‘كائن يستحق الحياة’ (ص 16). يكفي أن نعرف أن هذا الإحساس تولَّد يوم أن تجولت مع صديقتها ساندرا في حديقة الصنايع، لتقديم المساعدات للنازحين، فمن كم الطلبات وبساطتها وأيضاً الخجل في طلبها من هؤلاء النازحين (كحبوب منع الحمل، والسجائر للزوج، وأوعية للطهي) اكتشفت تفاصيل لم تكن تدركها لولا الحرب، فلقد غيرتها هذه الحرب، أو على حد تعبيرها فقد ‘عرفت أنها أكثر حرية وقوة'(ص 61).ومن المعايشة لحالة الحرب، ولَّدت الحرب حالة من التحدي لها وعدم الاستسلام لإفشال الأحلام، فقررت كارمن ورجا الزواج دون تعديل موعد الزفاف، فالزواج في حدِّ ذاته حياة وكأنهما باتمام الزواج لا تأجيله يواصلان الحياة التي تكون الحرب أحد أسباب قطعها.
كما أن الحربَ جعلت زينب أكثرتمرداً على قوانين الأم، فها هي تتمرد على الذهاب إلى المدرسة وتبحث عن عمل آخر غير الذي أختارته لها الأم من قبل، وكذلك تقصُّ شعرها هذا الجزء الذي كانت الأم تحبه لغزارته وانسيابيته، وهو الشيء الوحيد الذي ورثته عنها، كما أن الحرب غيَّرت نظرتها لأمها فرأتها ‘تبكي موت ساندرا، وتبكي وحدتها، وتحزن على غياب ابنها ‘(ص 104)، على الأكثر رأت ضعفها (دموعها)، وهي التي تُصِرُّ على ألا تُرَى ضعيفة أمامهم، تريد أن تكون أمّاً مثالية لهم، حتى أنها تُدخِّن في الليل سِرّاً، وتضع باقي السِّيجارة ورمادها في داخل علبة الثقاب الفارغة وتنسى أن تليقها بعيداً.


***



نحن مع نصٍّ يسرق لحظات فرحه، انتصاره ،حُلمه من واقع قاسٍ ليس الحرب هي السَّبب الوحيد فيه، لكنها السَّبب الأكثر إيلاماً، وكأن الكاتبة بهذه الأغنية التي تشي بقرب الموت، والأجل تتجاوز دلالتها الأليغورية إلى معناها الشائع في انتزاع البهجة والفرح، فقد استطاعت بطلتها رغم كل ما عانته أن تخلق لحظة فرحها باستعارة مباهج حياة الكاتبة مارغريت دوراس، وأن تأخذ من يان أندريان عشيق الكاتبة الوسيلة في المقاومة، وفي ذات الوقت استنباط مواطن الجمال، كما أضفت على شخصياتها القدرة على سرقة فرحها كما فعلت رجا وكارمن، أو كما كانت تخطط ساندرا وفادي. فهل لنا أن نتقبل دعوة الكاتبة ونسرق لحظات فرحنا من أحزاننا؟! ليتنا نفعل، عندئذ نتصالح مع ذاتنا ومع الآخرين، ولا حاجة لنا بالبحث عن أسئلة وجودية وضعت علامة استفهام كبيرة حول الكاتبة، لكن يبقى الطموح في تجاوزالألم وطعم الحرب.والسعى للحفاظ على الذاكرة من الفقد، من الدمار، من الخيبة، حتى لو فقدنا آخر خيوطنا بِمَنْ يمنحون الجمال! فالشجاعة إننا لا نعدم الوسيلة في العثور على مَنْ يمنحنا القدرة على كتابة الحياة، كتابة الحرب والحب! عندها نكون جعلنا الجمال قيمة لا تندثر بموت أشخاص بعينهم.


( القدس العربي )

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *