سليمان كاصد *
نظَّم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي أمس الأول في مقره بالمسرح الوطني بأبوظبي، أمسية قصصية تحدث فيها القاص والروائي الأردني زياد أحمد محافظة عن مجموعته القصصية الجديدة «أبي لا يجيد حراسة القصور»، وتجربته في كيفية إنجازها من حيث الموضوعة ومعالجتها الاجتماعية والفنية، وعن مراحل طباعتها واختيار الأسلوب الذي هيكلها فيه، وحضر الأمسية عدد من الأدباء والكتاب والصحفيين. وفي تقديمه للمحاضر زياد محافظة، قال الإعلامي جهاد هديب «إن محافظة روائي اجتهد في عالم الرواية، فقدم رؤياه في تناول ذلك العالم، وهو بعد ذلك أراد أن يلتقط الغريب والاجتماعي في القصة القصيرة، فكانت مجموعته الجديدة «أبي لا يجيد حراسة القصور»، وقد لخص ثقافته في هذه الأعمال، وأثبت أنه قارئ متتبع استفاد من بنية القصة لينتج نصاً حفل بالجديد».
وتحدث جهاد هديب عن سيرة محافظة الإبداعية والحياتية، حيث نشر من قبل روايتين، وهما «بالأمس كنت هنا»، وهي أول أعماله في هذا الحقل الأدبي المهم، وثانية هي رواية «يوم خذلتني الفراشات» التي أثبت من خلالهما إبداعه الحقيقي والمتمرس، وتجيء مجموعته القصصية القصيرة ليثبت براعته في القص القصير الذي مارس من خلاله تجربة التناول الاجتماعي بحس عفوي وبطرائق قص جديدة.
وأكد هديب أن المجموعة القصصية «أبي لا يجيد حراسة القصور» التي هي محور الأمسية تضم 12 قصة قصيرة ذات بعد اجتماعي، ومحاولة لسبر عالم الشخوص الداخلي، مع تناول تجارب متعددة في الحياة التي يعيشها أبطال تلك القصص.
واستهل القاص زياد محافظة الأمسية بالحديث عن تجربته في إنجاز هذه المجموعة تخلله قراءة لقصة «أبي لا يجيد حراسة القصور» التي حملت المجموعة القصصية عنوانها، وذلك من أجل أن يقدم رؤياه في فنية كتابة القصة المفضلة لديه، والتي أهداها لوالده صاحب الرقم العسكري 16063، حيث كان هو بطل هذه القصة التي انتقد فيها بنية اجتماعية قاسية، تتعامل بما هو مجرد وهو اللقب، وملاءمته للشخصية وتداخلاته، فتحول الموضوع لديه في القصة من معناه التجريدي إلى الواقعي، حيث كتب محافظة قصته تلك بضمير المتكلم، وعادة ما يشتغل القاص بشكل قوي على هذا الضمير حتى من خلال اسمي روايتيه وعنوان مجموعته القصصية الذي لم يكن محايداً كما يبدو، بل نراه في أغلب عناوينه يختار هذا القاص عدم الحياد.
وقال محافظة متحدثاً عن القصة القصيرة وتجربته فيها:» في هذه القراءة الموجزة، سأعفي نفسي من الحديث حول مزايا القصة القصيرة، سأمضي بعيداً عن أفق التحولات التي عصفت بها خلال السنوات القليلة الماضية، والكلاسيكيات السردية التي ظلت أسيرةً لها سنوات طوال، سأعفي نفسي أيضاً من التساؤل، حول حقيقة مرور القصة القصيرة بأطوار التجريب والتجديد والحداثة وما بعد الحداثة، وبعد ما بعد الحداثة، لأنني على قناعة تامة بأن هذا الأمر لا يخفى على أحد، لذا سيكون حديثي اليوم أبسطَ من هذا بكثير، سيكونُ محاولةً لخلخلة المشهد القصصي، أو رتق تلك المسافة الشاسعة، التي تمتد بين القصة القصيرة، وغيرها من الأجناس الأدبية الأخرى». وحول بنية المجموعة القصصية، قال:» في هذه المجموعة القصصية، ولدت كلُ حكاية لتكونَ قصةً قصيرة، مستوفيةً على ما أظن، شروط كتابتها واستمرارها، ومكتفيةً بمشاهدها وشخوصها، وهذا ما أراحني كثيراً، فلم أعمل على استبدال فكرة رواية بقصة قصيرة، ولم أفكر في توسيع أفق أي قصة لأجعل منها لاحقاً لرواية تأملية، ولعل هذه واحدة من السمات الممتعة التي رافقتني خلال كتابتي هذه المجموعة. أما أكثر شيء أجهدني فكان اختياري عناوين القصص، لأن العناوين عتباتٌ حقيقة، تكشف بذكاء عما يليها».
واختتم محافظة الأمسية بالقول:» أنا راض عن مساحة الحرية التي تحركت بها الشخصيات، وراض أيضاً عن قدرة كل شخصية على التعبير عن همومها وهواجسها وتطلعاتها، بالشكل الذي راقها، فقد قلتُ في هذه المجموعة القصصية ما أودُ قوله، وبالطريقة التي تحلو لي. لم أبدل حرفاً أو أخبئ كلمة، أو أحبس سطراً لغرض هنا أو غاية هناك.. فأنا وكما قال ذات مرة لويس أراجون: «لستُ نادما في حياتي على شيء، قدر ندمي على امتلاءِ فمي بكلمات لم أقلها».
( الاتحاد )