ايمان نبيل
ثقافات :
تقام خلال الفترة من السابع والعشرين من أيلول إلى الخامس عشر من كانون أول 2012 ، فعاليات “مهرجان شاشات الثامن لسينما المرأة في فلسطين”، والذي يشتمل على 10 أفلام من إخراج 10 مخرجات من الضفة وقطاع غزة، و106عروض في 14 مدينة و4 مخيمات، بالتعاون مع 21 مؤسسة و8 جامعات، ويشمل إنتاج وبث 6 حلقات تلفزيونية، علماً بأنه سيكون هناك افتتاحان للمهرجان، في السابع والعشرين من الشهر الجاري في قصر رام الله الثقافي، والرابع من تشرين الأول في قاعة رشاد الشوا في مدينة غزة، والجميع هنا سيتوحد برؤية سينمائية لا تفرقها الحدود السياسية ولا الجغرافيا.
مهرجان شاشات الثامن لسينما المرأة في فلسطين، يتم ضمن إطار مشروع “أنا امرأة من فلسطين” الذي تنفذه مؤسسة شاشات بالشراكة مع مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، حصل على تمويل رئيسي من الإتحاد الأوروبي وتمويل إضافي من مؤسسة هنريش بول، وصندوق غوتبرغ للأفلام، ومؤسسة فورد.
“أنا امرأة من فلسطين” مشروع يضع قضايا المرأة بشكل عام، والمرأة الفلسطينية بشكل خاص في المقدمة، إذ يركز المشروع على نظرة المرأة لذاتها من أجل نقاش قضاياها ووضعها ضمن الأولويات المجتمعية، من خلال خمسة محاور عمل:
إنتاج ثمانية أفلام، بواقع أربعة أفلام كل سنة، لمخرجات محترفات، يسردن فيها قصصاً وقضايا عن حياة النساء.
برنامج تدريبي/إنتاجي طموح على مرحلتين، لتأهيل ثماني طالبات إعلام على الإنتاج العملي لاثني عشر فيلما، بواقع ستة كل عام، عن حياتهن في غزة.
جولة عروض تشمل 200 عرضا ونقاشا للأفلام العشرين، بواقع حوالي 100 عرض لعشرة أفلام كل سنة، تنظمها شاشات في الضفة وقطاع غزة، وتشمل بعد ذلك استشارات مع أخصائيات من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي خلال هذه العروض ولاحقة لها.
اثنا عشر برنامجا تلفزيونيا، بواقع ستة كل سنة، يشمل كل برنامج منها عرضاً للفيلم مع مقتطفات من النقاش في الجامعات، ومقابلات حيوية في الشارع، ومقابلات مع مثقفين ومختصين حول القضايا المطروحة في الأفلام.
دراسة متخصصة من أجل الوصول إلى إطار منهجي ونظري لسينما المرأة في فلسطين.
المهرجان يركز هذه السنة على نظرة المرأة لذاتها من أجل نقاش قضاياها وطرحها ضمن الأولويات المجتمعية، وقالت مديرة المشروع ومدير عام شاشات، د. علياء ارصغلي: “أتعجّب في كل مهرجان من القصص التي ترويها المخرجات في أفلامهن، وخاصة من جودتها في هذه الدورة الثامنة، “مهرجان شاشات لسينما المرأة في فلسطين” هو المهرجان الأكثر استمرارية في فلسطين ببلوغه عامه الثامن في هذه الدورة الثامنة منذ انطلاقته في 2005، والمهرجان السينمائي الأكثر استمرارية أيضاً من مهرجانات سينما المرأة في العالم العربي.
فقصص أفلام هذه السنة تدخلنا إلى زوايا وعوالم من البهجة والتحدي والمآسي في حياة نساء فلسطينيات، فمن مشاكل الخطوبة إلى العنوسة إلى الطلاق؛ نقطع الطريق من “دبلة الخطوبة” إلى “فستان أبيض” ثم إلى “انفصال”، لنصل بعدها إلى القاضية خلود الفقيه التي تواجهنا بأنه “هيك القانون!”.
ومن مرارة الواقع الفلسطيني نرى تحدي أم أيمن للمستوطنين في “لو أخدوه!”، ومحاولات إباء وريهاف الخروج “خارج الإطار” المجتمعي. أما خصوصية غزة فنتلمّسها في الحياة بانتظار الكهرباء بعد أن “قطعت!” وما يفعله أتون “ضجة” في الإنسان، وفي غياب المرأة عن عالم الرياضة في “أبيض وأسود”. أما “أقدام صغيرة” فتسير بنا إلى عالم علاء قصير القامة.
هذه عشرة أفلام وعشرة عوالم وعشر مخرجات من كل أنحاء فلسطين، من القدس وبيت لحم ونابلس وحزما وغزة وخان يونس ودير البلح ورفح، فلنتعرف على ذاتنا وبعضنا البعض من خلال السينما”.
وشمل المشروع هذا العام إنتاج شاشات لأربعة أفلام لمخرجات شابات في الضفة دخلن عالم الاحتراف بعد عدة دورات تدريبية في شاشات، فتناولت فادية صلاح الدين في “هيك القانون!” شخصية خلود الفقيه أول قاضية شرعية في فلسطين من منظار أهمية وجود المرأة في الجهاز القضائي الشرعي، وتحدثنا القاضية في الفيلم عن التناقض ما بين واقع النساء اليوم والقانون الذي لا يجاري متطلبات المرأة في هذا الوقت.
أما فيلم ليالي الكيلاني “لو أخدوه!”، فنتعرف فيه على أم أيمن الساكنة الوحيدة في الجبل المقابل لقرية بورين والمقامة عليه مستوطنة يتسهار، فالمقاومة بالنسبة لأم أيمن هي البقاء في منزلها والمحافظة عليه، فحياة هذه المرأة وعائلتها تحولت إلى جحيم وخوف وإرهاب من قبل المستوطنين الذين عاثوا فسادا في أرضها وشجرها وبيتها، فتقاوم هذه المرأة وتزرع في أبنائها وأحفادها حب الأرض وأن ليس لديهم بديل سوى الحفاظ على بيتهم.
أما “فستان أبيض” فيدخلنا إلى العالم الداخلي لابنة اثني عشر عاما والتي بدأت في هذا السن المبكّر تعيش هاجس العنوسة، وتراقب الجميع يدفعون عمّتها نحو الزواج ويحذرونها من شبح العنوسة، فتنقل المخرجة أميمة حموري حديث الطفلة الداخلي ورغبتها في نيل رضا الجميع من خلال الحلم بالزواج، وفي “دبلة الخطوبة” لتغريد العزة نرى الفتاة تصارع خطيبها من أجل أن تحافظ على ذاتيتها وخياراتها التي تهاجم باستمرار من خطيبها الساعي لفرض شخصيته عليها ومعضلة “كتب كتاب” الفتاة المخطوبة، أي زواجها القانوني.
وفي قطاع غزة يستكمل المهرجان برنامجه التدريبي/الإنتاجي الطموح للسنة الثانية بإشراف المخرج عبد السلام شحادة، حيث قامت مؤسسة “شاشات” بتهيئة البيئة المناسبة والإمكانيات الفنية لبرنامج التدريب والإنتاج بالإضافة إلى المتابعة الفنية والإبداعية الحثيثة لكل مراحل العمل، والإشراف على المونتاج النهائي للأفلام. وتم التدريب في مقر “جمعية الخريجات الجامعيات” في غزة.
وكانت حصيلة هذا العام ستة أفلام هي نتاج الدورة التدريبية، جاءت لتقدّم مشهدا بصريا ينقل صوت غزة إلى كل مكان، بصوت شاب بحت لم نعتد عليه، فاختارت آثار الجديلي تناول الزائرة المنتظرة لدى أهالي قطاع غزة، في فيلمها “قطعت!”، فعندما تدق الساعة العاشرة مساء ينقسم الحي قسمين: قسم يستعد ويتأهب لاستقبال الكهرباء بعد غياب استمر 8 ساعات، والقسم الثاني يبدأ السباق مع الزمن لإنجاز أعماله بأقصى سرعة استعدادا لوداع هذه الزائرة.
أما آلاء الدسوقي فتنقل في فلمها “ضجة” الواقع الغزيّ سمعيّا، حيث أصوات مولدات الكهرباء والجنازات والقصف وسيارات الإسعاف والباعة المتجولون تشكل طيفا يصمّ الآذان، وتمنع وصول الصوت للآخر فيعيش الجميع في غربة قاسية، وفي “خارج الإطار” لرهام الغزالي نتعرّف على إباء وريهاف وهما فتاتان غزيتان كبرتا وهما تحلمان بواقع يشاركن فيه المجتمع في التعبير عن آمالهن، ولكنهما تصطدمان بواقع أكثر صعوبة وقسوة مما كن يحلمن به، فيصبحن خارج الإطار.
في “أقدام صغيرة” لإيناس أبوعايش نتعرف على علاء قصير القامة وكيف يرى نفسه إنسانا عاديا ويتمنى أن يعامله الناس كذلك، إلا أنهم يرونه قصير قامة مهرجاً، ويأتي “انفصال” لأريج أبو عيد لينقل لنا قصة تزويج أمل بالإكراه ومحاولات الزوج الاستيلاء على كل ما تملك من خلال العنف وصولا إلى الانفصال وكيف عايشته أمل، وفي “أبيض أسود” تبحث رنا مطر عن ماض جميل مفعم بنشاط المرأة الرياضي، لتجد في الصور القديمة أناقة ورشاقة وجمالا، وبطولات ومشاركات، كؤوس وجوائز، أما اليوم فالصورة مختلفة.
هذه الأفلام ستعرض في جولة تشمل 106 عروض في 8 جامعات و21 مؤسسات في 14 مدينة و4 مخيمات، تنظمها شاشات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك ضمن إطار المحور الثالث للمشروع، ويتضمن هذا المحور نقاشا مختصا حول حياة المرأة في فلسطين كما تراها المخرجات، وتشمل الجولات استشارات مع أخصائيات من مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي خلال هذه العروض ولاحقة لها، وبذلك تحقق شاشات رؤيتها حول نقل السينما إلى الجمهور وتعريفه على هذا العالم واختبار قدرة السينما على التغيير والتنمية المجتمعية.
والمحور الرابع في المشروع عبارة عن إنتاج 6 برامج تلفزيونية ستبث فضائياً، ويشمل كل برنامج عرضاً للفيلم، إضافة إلى تعقيب من المخرجة حوله، مع مقتطفات من نقاش الفيلم في الجامعات، ومقابلات حيوية للإطلاع على رأي الجمهور في القضايا التي تطرقت لها الأفلام، إلى جانب مقابلات مع مثقفين ومختصين من أجل إتاحة هذه الأفلام والمواضيع لجمهور أوسع. ويتمثل المحور الخامس في إجراء دراسة متخصصة تضع إطارا نظريا ومنهجيا مفترضا لسينما المرأة في فلسطين.
من جانبها رأت رئيس مجلس إدارة شاشات المخرجة غادة الطيراوي أن المهرجان الثامن هو استكمال لدور شاشات القائم على “إعطاء هؤلاء النساء المبدعات المساحة للتعبير عن أنفسهن وعن عالمهن الخاص والعام، فمن الرياضة النسوية ومشاكل الكهرباء في غزة إلى المستوطنين والإكراه على الزواج، وجميعها حالات تربط بين الثقافة والسياسة، ومن هنا أيضاً يكمن دور شاشات بإيصال هذا الإبداع وإشراكه بمجال التنمية والتربية، فالطبيعة تعطي كلا منا طاقة خلاقة، وهذه الطاقة تصبح مدمرة عندما تعاق، عندما لا يسمح لها بالتدفق الطبيعي”.