الروح تعرف طريقها

خاص-ثقافات

*نجوى شمعون

 

As above , so below

كما فوق كما تحت “تحوت”

المعرفة الروحانية لن تكون وسط مكوثك في الضجيج،  في هذا الكم الهائل من الجنون والصراخ والعنف، لن تنتبه …لا للسماء ..ولا لبذرة تنمو فيك، ولا للعالم المادي الذي سرقك من روحك، فكنت الجسد الذي غمره الضجيج، فلا يبصر إلا ما تراه الحواس

كما فوق، كما تحت، قالها تحوت

نهر النيل، ليس فقط ذلك الماء…

ربما أخذتك فراشة بأجنحتها لتردك للطريق، فتستيقظ

ربما فعل صغير أو كائن ضئيل، يأخذك لليقظة، ليس من صدفة، أبداً

كل شيء هو عبارة عن وعي،  العالم المادي صورة مرآة معكوسة من العالم السماوي،

ما يجتمع عليه مجموعة من البشر وأمدوه بالطاقة والتركيز يتجسد، ما تفكر به وتركز عليه يصبح في واقعك، مده فقط بالطاقة سواء أردته أو خفت من جلبه لحياتك، أعطيه طاقة وانظر ما سيحدث، الوعي الجمعي كارثة، اذا كان سلبياً ، أي الفكرة التي نزرعها ونغذيها من طاقتنا وأفكارنا ومشاعرنا، ونعمة إن كانت إيجابية ولصالح البشر …

مرة أخرى … كما فوق كما تحت “تحوت”

مياه الأزل هي نهر النيل

كل شيء هو عبارة عن نسخة وصور متكررة بأشكال عدة..

العقل هو الكون، وكل عقل يختلف عن آخر، هو ذاته الكون، ما يناسبك لا يناسب غيرك، لذا ما أتوافق فيه قد لا يناسبك .

العقل الباطن هو الوعي القديم، ما علينا سوى الإبحار في الداخل وتوجيه حواسنا للداخل وليس الخارج ، عكس الواقع عكس الحواس للداخل

كلما نظرنا للداخل استيقظنا كلما نظرنا ووجهنا حواسنا للخارج تهنا وابتعدنا.

جاء في متون الأهرام “ها قد فاض ماء الحياة الذي في السماء  …ها قد فاض ماء الحياة الذى في الأرض  …

زلزلت الأرض و اشتعلت السماءو انشق الجبلان قبل مولد أوزير (النيل … )لقد بعث

أوزير من جديد و صار جسده مفعما بالقوة

***

لذلك كان ايقاع الفيضان و العلامات السماوية التي تصاحبه موضع دراسة و اهتمام من قدماء

المصريين .

ان مصر صورة للسماء، حيث تبحر الكيانات الالهية في قوارب فوق مجرى سماوي يشبه نهر

النيل و لذلك كان المصري القديم يعتقد أن لنهر النيل منبعان :منبع أرضى و منبع سماوي  .

كان الفيضان السنوي يحول أرض مصر الى محيط واسع من المياه رأى فيه المصري القديم صورة من المحيط الأزلي “نون ” الذي خلق منه الكون.

كما فوق كما تحت..هل يقصد فقط السماء والأرض، أم الأرض وكل ما يقع أسفلها من عوالم..؟

وكل سماء كما فوق كما تحت ..؟

يصور أحد المشاهد بمعبد فيلة الكهف الذى ينبع منه النيل  ,تحيط به حية كبيرة تلتف حول الكهف كله،  و داخل الكهف يجلس “حابى” (رب النيل )يسكب الماء من وعائين في يديه .

و هنا يلفت الانتباه وجود تشابه بين الصورة التي رأى بها المصري القديم “حابى” و هو يسكب

الماء من وعائين و بين صورة برج الدلو في علم الأسترولوجى، حيث يظهر برج الدلو على

شكل رجل يسكب الماء من وعاء أو دلو يحمله فوق ظهره  .

و من الأشياء الجديرة بالتأمل أيضا أن “الساق “هي العضو الذى يهيمن عليه برج الدلو (حسب علم

الأسترولجى  :كل عضو في جسم الانسان يحكمه أحد أبراج الزودياك  ) ,و أن الساق هي ذلك

العضو من جسد أوزير الذى ارتبط بالفيضان و بصورة “حابى “و هو يسكب الماء من أواني

يحملها بيديه .

فهل كان اختيار المصري القديم لساق أوزير لتصبح هي منبع النيل مجرد صدفة ؟

———-

جاء في المصادر التي دونها المؤرخ الإغريقي بلوتارك، أن النيل في نظر قدماء المصريين هو

ماء الحياة (السائل المنوي )الذى يتدفق من جسد أوزير، بينما الأرض في نظرهم هي جسد ايزيس

و عندما يختلط ماء أوزير بتربة الأرض تولد الحياة من جديدة  .

سمع بلوتارك من كهنة مصر القديمة أن أوزير هو رمز لكل ما هو رطب و غض

أوزير هو القوة الالهية التي تعيد دورة الخلق من جديد، هو طاقة الحياة الكامنة في كل بذرة  .

الاعتقاد هو الايمان، يحمل بذرته في الروح الخالدة، وها اقتربنا من العودة، ليحاسب كل فاعل بفعلته، خفيف وثقيل في ميزان القلب..مُخلد أو هالك.

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *