أهكذا يكافأ الكبار؟… عن “غالب هلسا”، ودارته التي استحالت إلى “خرابة”
ديسمبر 18, 2017
خاص- ثقافات
*جلال برجس
يجيء الثامن عشر من ديسمبر، ومعه ذكرى (ميلاد و وفاة) الروائي الأردني الكبير غالب هلسا، الذي ترك قبل رحيله الأبدي- عام 1989- في كل بلد عربي قطعة من قلبه، وعلّقت كل مدينة عربية قلادة في عنق روحه، واستقرت أفكاره المتجاوزة راهن اللحظة في ذاكرات من عرفوه، ومن قرأوه. تقلَّب منفيًا ورافضًا بين البلدان العربية كنبي يسرد سيرة الحقيقة، منذ أن غادر (ماعين) بعمر الثامنة عشر، ليصبح فيما بعد مؤثرًا كبيرًا فيما سمي بـ(جيل الستينات) من الأدباء والمفكرين العرب، عبر مكونه الاستثنائي أدبيًا، وفكريًا، وفلسفيًا، وسياسيًا.
يجيء يوم غد ومعه ذكرى صاحب (سلطانة) و (وديع والقديسة ميلادة) و (الضحك) و (ثلاثة وجوه لبغداد) و (الخماسين) و (السؤال) و (نجمة) و(البكاء على الأطلال) تلك الأعمال الروائية التي ما هي إلا نتاج فكر و وعي عميقين بنيت على ركائز روحه المحلقة، وعقلة المستشرف، وأدواته الناقدة بقسوة المحب المنتمي.
يجيء يوم غد دون شارع يحمل اسم غالب هلسا، أو جائزة كبيرة لأجله. يجيء يوم غد دون حتى شجرة لأجل قلمه، أو حجرًا ينقش عليه أنه كان هنا، إلا من داره الأطلال التي تقع على (تل ماعين) حيث تلقفت رئتاه أول دفقات الأوكسجين، ورأت عيناه سهوب (مادبا) لأول مرة والقمح فيها يعلو مناكب الرجال. داره التي بدأ العمل فيها عام 2009 لأجل أن تتحول إلى متحف، ثم توقفوا عام 2011. لا الدار صارت دارة، وما من يد تنهض بالأطلال التي تزعق فيها الريح، وتستقر فيها القمامة، والكلاب الضالة. الدارة التي استحالت هذه الأيام إلى موئل للمخمورين، يسكروا، ويتبولوا، ويتغوطوا بها، دون أن يدروا أنهم في مكان شهد ميلاد، وعيش علامة فارقة في تاريخ الرواية العربية، وفي الوسطين الفكري، والسياسي. أهكذا يكافأ الكبار يا وزارة الثقافة؟ أهكذا نقدر مبدعينا يا وزارة السياحة؟ أهكذا نكرم المثقف بعد رحيله يا رابطة الكتاب؟
من يعيد فتح ملف (دارة غالب هلسا) الذي أهملته وتغافلت عنه رابطة الكتاب الأردنيين منذ عام 2011، ليصل إلى هذه الحالة التي تصيبني على الصعيد الشخصي بالأسى. من يخبرنا بالحقيقة، حقيقة المشروع كاملة؟ من يعلق الجرس لنعيد للدارة طقسها لنذهب إلى حيث روح غالب، وننصت له مؤمنين بجدوى الكلمة الشمس، وهو يسرد علينا سر حزنه، وسر رواياته التي لن تفارق خوابي حلمنا بالزمن الجميل. من؟