*خالد التوزاني
أسّس الصوفيّة منهجاً في الكتابة وفق تصور لا يشبه قواعد التأليف المتداولة بين المؤلفين، فإذا كان الأديب مَصدراً لإبداعه، فالصوفي يعتبر نفسه مجرّد ناقل للمعرفة المتنزلة عليه بالإلهام، وعَبْرَهُ ينتقل المقدّس ليُطَهِّر المدنّس، فرسالة المتصوف هي إنقاذ العالم، وإنما سُمّيت الكتابة “كتابة” من باب المجاز، وإلا فهي على الحقيقة ضربٌ من الإلهام والفيض والفتح.
هكذا يحاول هذا البحث الإجابة عن بعض الإشكالات العميقة المرتبطة بالمعرفة الصوفية، وتحديداً دور الإلهام في صناعة هذه المعرفة المتفردة عن غيرها من أنماط المعرفة الإنسانية المألوفة، ومن أين يستمد الإلهام مشروعيته، أي ما روافده؟ وما أهم تجليات الإلهام في كتابات القوم؟ فضلاً عن مقاربة إشكال هذه المعرفة ومدى مصداقيتها، وهل يمكن بناء معرفة علمية انطلاقاً من معرفة ذوقية وإلهامية؟ ويسعى البحث لمقاربة هذا الموضوع من خلال منهج يعتمد النسق الصوفي الذي يحترم النصّ ويقدّر صاحبه، بعيداً عن أي إسقاط خارجي يشوّه النصوص أو يقلل من فعاليتها، وذلك من أجل وضع القارئ أمام المعرفة الصوفية وجهاً لوجه دون إقحام للذات أو تشويه للنصوص. حيث تنطلق المقاربة من فرضية أساس تتمثل في كون الإلهام مصدراً مركزياً في كتابات الصوفية، وهو آليّة من آليات إقناع المتلقي والتأثير فيه بعمق.
الصوفي وكتاباته: مَنْ يكتب مَنْ؟
في النسق الصوفي يصبح الإلهام مصدراً للكتابة والإبداع الصوفيين، وبدل أن يكتب الصوفي تجربته يحدث العكس، فتصير الكتابة الصوفية هي من تكتب الصوفي وتنفخ فيه من إلهامها، وكأنّ وجود الكتابة أسبق من الكاتب، حيث خلود النص في الأزل، ونزوله في لحظات الفيض، ليكون علامة على الجمال الأبدي لمبدع الكون، وشتان بين من تكتبه وبين من يكتبك ويصنعك. فكيف يمكن فهم العلاقة بين الصوفي وكتاباته؟
إذا كانت التجربة الصوفية في عمومها تُسقى بماء واحد، مصدره ينبوع المحبة أو بحر الحب، “الذي يخلخل المرء عن عقله، ويأخذ بكلّه، ويغيبه عن وطنه وأهله (…) فيتصل بأصله، فيكون به في ذاته وقوله وفعله”[1]، فإنّ التعبير عن هذه التجربة الفريدة قد اتخذ مسارات غير مألوفة، حيث تصبح الكتابة تجربة في حد ذاتها، فلا نكاد في النهاية نفرّق بين التجربة والكتابة والصوفي، يصبح الكل معبّراً عن الكل، ولا يتبين: مَنْ صَنعَ مَنْ؟ وهنا تكمن جمالية هذا النوع من الكتابات، إلى درجة السكر الجمالي الذي يغيب الحواس، مفسحاً المجال للقلب كي يتذوق بعض الحقائق، وقد يتصاعد التماهي، فيبلغ درجة قصوى بأن يصبح الصوفي وهو في قمة الوصال وتلقي الرحمات أو الفيوضات مُعَبِّراً عن الكل وربما كلّ الكل أو كلّ كلّ الكل، كما في قول “محمد بن عبد الكبير الكتاني”:
أنَا كُلّ كُلِّ الكُلِّ طَلْسَمُ طَلْسَمٍ بِذَاتِي خَلَتْ ذَاتِي بِكَاسَاتِ خَمْرَةِ[2]
هكذا تتأسس المعرفة الصوفية بعيداً عن مألوف الكتابة العادية، لأنّ انشغال الصوفي بالعلوي جعله لا يتنفس إلا هواء المقدّس، فلا ينطق إلا بما يراه مستمداً من الحق، ناطقاً بألوان الإشارة والغيب مما لم يجر العرف بتداوله، فيصنع لغته الخاصة التي لا يفهمها ـ في بعض الأحيان ـ إلا هو[3].
الكتابة الصوفية والقارئ: مَنْ يقرأُ مَنْ؟
إنّ المكونات المعرفية والجمالية في الكتابة الصوفية لا تحقق دلالاتها إلا بحضور متلقٍ متذوق، فليس من السهولة كشف مستور هذه الكتابة، فهي مثل العروس؛ تمانع وتراوغ لتؤجل ما لا بُدّ منه، وهي وإن كانت تؤمن بحدوث ذلك، إلا أنها تمارس الحجب والصد لكي تجذب مريدها أكثر، فـ “مكر الأنثى هو ذاته مكر الكتابة الصوفية: فهي لا تقدّم سرها مباشرة، ولا تُبينه لأي قارئ كان (…) إنها تستبعد القارئ الساذج الذي يريد المعنى في وضوحه وإشراقه وشفافيته، أي القارئ الذي ينعدم لديه حسّ المعاناة”[4]، ومعنى ذلك أنّ علاقة المتلقي بالكتابة الصوفية ليست علاقة نشوة عابرة أو متعة زائلة، وإنّما هي علاقة تحكمها العناصر نفسها التي تحدّد علاقة الصوفي “الغائب” بكتابته: حيث ألم الغربة عن الأصل، ووجع الحنين إلى الزمن الأول، وقد يصيبه الجنون أو الشطح أثناء فعل البوح، إلى غير ذلك من المكابدات التي تظل حاضرة في أثر التجربة الصوفية أي الكتابة، وتبقى حيّة فيها حتى بعد فناء الصوفي أوغيابه، تمارس الأثر ذاته على كل طالب ودها، راغب في سرها، إنّها كتابة غير مألوفة، يمتدّ أثرها في الوجود، لينتقل إلى ذوات أخرى متباعدات في الزمان والمكان، لكنها متجاورة في النزوع نحو التكمل الصوفي والترقي الروحي، ولو عبر قراءة آثار القوم، أي الكتابات الصوفية، “إذ كمال المحبوب لا ينتهي إلى حد، فالشوق إلى تحصيل هذا الكمال لا ينقطع أبداً:
فَوا عَجَبًا مِنْ غُلّة كُلَّمَا ارْتَوَتْ من السَّلسبيل العَذْبِ زَادَ ضِرامُها
وبَـرْدُ رُضَابٍ سَلس غَيْرَ أَنَّــه إذا شَــربَته النَّفْـسُ زَادَ هيــامُها”[5]
فما مصدر هذه الفعالية التي تتسم بها “الكتابة الصوفية”؟ وبتعبير آخر: من أين يستمد الصوفي آفاق كتاباته؟ وهو ما يفسح المجال أمام السؤال الإشكال: ما روافد الإلهام في الكتابات الصوفية؟
روافد الإلهام عند الصوفيّة:
يؤسّس لفعل الإلهام في الكتابات الصوفية ما ورد في القرآن والسُنّة من أمور مشابهة؛ من قبيل الوحي والإلهام ومخاطبة بعض الصالحين فضلاً عن الأنبياء والرسل، فتركيز الصوفية كان على العُبَّاد وليس على الأنبياء، نظراً لإمكانية تكرار ما حدث، ما دام في الأرض عُبّادٌ وزُهّادٌ، بعدما انصرم عهد الأنبياء وخُتمت الرسالات السماوية ببعثة النبي محمد ﷺ، فلم يبق غير الإلهام، أمّا “علم الوحي فخاصٌ بالرسل موقوف عليهم، كما كان لآدم وموسى عليهما السلام وإبراهيم ومحمد ﷺ وغيرهم من الرسل (…) والعلم اللدنّي يكون لأهل النبوّة والولاية كما كان للخضر عليه السلام، حيث أخبر الله تعالى عنه، فقال: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً﴾[6]”[7]. وهكذا، تطلَّع القوم لذلك “العلم اللدنّي وهو سريان نور الإلهام”[8] لينالوا الحكمة وتقوى بصائرهم، فيشهدوا أنوار الحق، قال الله تعالى: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾[9].
يمكن أن يكون الإلهام إمّا من قِبَلِ الله تعالى، أو من قبل ملائكته، حيث يُفْهَم منه أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب، أو معونة للعبد وإحسان وتكريم.. وغير ذلك من الغايات التي تقف وراء هذا الخطاب العلوي، والذي يخالف عادة البشر، ويُشكل خرقاً في أشكال التواصل المألوفة، وأنماط التأليف المتداولة. وللاقتراب أكثر من روافد الإلهام في كتابات القوم، لا بد من استحضار بعض النماذج الأصلية:
قال الحق سبحانه: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾[10]، حيث ألهم الحق سبحانه أم موسى بإلقاء ابنها ـ عليه السلام ـ في البحر، وقد قال الألوسي في تفسيره لهذه الآية: “والمراد بالإِيحاء عند الجمهور ما كان بإِلهام، كما في قوله تعالى: ﴿وأوحَى ربُّكَ إلى النَّحْلِ﴾[11].. إِلى أن قال: وإِلهام الأنفس القدسية مثل ذلك لا بُعد فيه، فإِنه نوع من الكشف”[12]. فيتبين أنّ وحي الله تعالى أو إلهامه لا يَخُصّ به الأنبياء والمرسلين فقط، وإنما يشمل من أراد من مخلوقاته أو ما شاء من عباده. ويندرج هذا النوع ضمن الإلهام الذي يقع من قِبَلِ الله تعالى.
قال تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين﴾[13]، حيث أرسل الله ملائكته الكرام إلى مريم، يقول فخر الدين الرازي في تفسيره: “اعلم أنّ مريم عليها السلام ما كانت من الأنبياء لقوله تعالى: ﴿وما أرْسلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلا رِجالاً نوحِي إليهِم مِنْ أهْلِ القرى﴾[14]، وإِذا كان كذلك؛ كان إِرسال جبريل عليه السلام كرامة لها، وكلمها شفاهاً، وليس هذا خاصّاً بها، بل هناك كثير من الصالحين كلمتهم الملائكة عليهم السلام”[15]، فقد رُوي أنّ رسول الله ﷺ قال: “إِنّ رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله على مَدْرجتِه مَلَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة ترُبُّها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأنّ الله قد أحبك كما أحببته فيه”.[16] والآيات التي تدل على تدخل الملائكة الكرام كثيرة، منها قوله عزّ من قائل:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾.[17] ويمكن إدراج هذا النوع ضمن الإلهام الذي يكون من قبل ملائكته عزّ وجلّ.
سمَّى الصوفية العلم الناتج عن الإلهام “علماً لدنّياً” حاصلاً بمحض فضل الله وكرمه، يؤتيه من يشاء من عباده، وهو “إلهام علمي لا يُقارب أعتاب الوحي النبوي؛ لأنّ الوحي النبوي هو وحي تشريعي، وإلهام الأولياء والعارفين ليس إلا فتوحَ فهم في الوحي”.[18] وبذلك ميَّز القوم بين الوحي الخاص بالأنبياء، والإلهام[19] الذي يزين الأولياء، حيث يختلف العلم الناتج عن كل واحد منهما، كما يقول أبو حامد الغزالي (ت 505هـ): “والعلم الحاصل عن الوحي يُسمى علماً نبوياً، والذي يحصل عن الإلهام يُسمى علماً لدنّياً، والعلم اللدني هو الذي لا واسطة في حصوله بين النفس وبين الباري (…) فالوحي حلية الأنبياء والإلهام زينة الأولياء”[20]، فالصوفية “لهم الفراسة والإلهام والصديقية”[21]، و”أوضح علاماتهم ما ينطقون به من العلم من أصوله”[22]، والظاهر فيما يبدو أنّ الحقل المعجمي الدال على الإلهام من أغنى الحقول الدلالية في الأدبيات الصوفية، حيث يضم جملة واسعة من الألفاظ والمصطلحات، من قبيل: الفيض والكشف والموهبة والخواطر والواردات، واللوائح واللوامع والطوالع، والأنوار والأسرار والتجليات، والبوادِه والهجوم، وغير ذلك[23]، و”التي تفاجئ العباد والزهاد من مطالعات أنوار عجائب الملكوت”[24]، حيث تهجم على المرء فلا يستطيع لها دفعاً، يقول عبد الكريم الجيلي: “فإنّ مكالمات الحق تعالى لعباده وإخباراته مقبولة بالخاصية لا يمكن لمخلوق دفعها أبداً”.[25] وهي فتوحات تقع للسالك في بعض مراحل سيره إلى الله بغير جهد، ويعدّها من نعم الله التي ينبغي إظهارها أحياناً، وسترها أحياناً أخرى، “فالحق تعالى يسبغ بعض نعمه على أحبائه ظاهرة وباطنة، بفتح رباني”[26] وكشف إلهي، فمن واصل الذكر وصبر عليه، “يعطيه الله علما لدنياً وأسراراً ربانية، ويعطيه الله البداعة في منطقه وفي رأيه”[27]، فلا يعجزه بيان ولا يخفى عليه سر، يقول “الجيلي” مؤكداً إمكانات المعرفة الصوفية: “فإنّ العارف إذا تحقق بحقيقة “كنت سمعه وبصره”، لا يخفى عليه شيء من الموجودات، إذ العين عين خالق البريات”[28]، وهو تصريح بالقدرة الخارقة التي يملكها من ملك مقام الإحسان تحققاً وتحقيقاً، فلا عجب أن ينطق بإلهام الحق.
يمكن اعتبار الإلهام في الكتابات الصوفية من باب خوارق العلم، وقد فصّلها ابن تيمية بقوله: “فتارة بأن يسمع العبد ما لا يسمعه غيره، وتارة بأن يرى ما لا يراه غيره يقظة أو مناماً وتارة بأن يعلم ما لا يعلم غيره وحياً وإلهاماً، أو إنزال علم ضروري، أو فراسة صادقة، ويُسمى كشفاً ومشاهدات، ومكاشفات ومخاطبات، فالسماع مخاطبات، والرؤية مشاهدات، والعلم مكاشفة، ويُسمى ذلك كله كشفاً ومكاشفة، أي كشف له عنه”.[29] ويظهر أنّ الصوفية قد عرفوا كل تلك المظاهر؛ فكما خرقوا من أنفسهم العوائد خُرقت لهم أسباب العلم، وصدق الحق إذ يقول: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.[30] ومن ثم، أقرّ القوم بأنّ كتاباتهم هي من وحي الإلهام، أو علم الخرق مقابل علم الورق، كما قال أبو بكر الشبلي:
تسربلتُ للحرب ثوب الغَرَقْ وهِمْــتُ البِـلاَدَ لـوجـد القَلَـقْ
فإذا خاطبـونـي بعِلْـمِ الـوَرَقْ بَرزتُ عليهم بعِلْمِ الخَـرَقْ[31]
حيث يقصد بعلم الخرق “العلم اللدنّي” الذي يلقيه الله في قلوب بعض أوليائه، في شكل مكاشفة نورانية، أو تعليم إلهي، كما نقل ذلك أبو سالم العياشي في رحلته “ماء الموائد”: “العلم اللدنّي علم يفهمه أرباب القرب بالتعليم الإلهي، لا بالدلائل العقلية والشواهد النقلية”[32]، حيث لا يمكن ترجمة علوم المكاشفة أو الإلهام إلى جمل ومفاهيم عقلية ومنطقية[33]، “فالألفاظ في رحاب الله أستار وحُجُب، والكلمة حائل، والعبارة عائق، والاصطلاح عقبة..”.[34] ومن ثم، فالعلم اللدنّي يختلف عن العلم الكسبي الذي يشير إليه بعلم الورق. وبذلك يؤسس الإلهام لنوع من الكتابات المتفردة فكراً ومنهجاً، فما هي تجليات الإلهام في نماذج بعض الكتابات الصوفية؟
تجليات الإلهام: نماذج من كتابات القوم
إذا كان الصوفي واصلاً أمكنه القول إنّ كتابته من وحي إلهام الحق، فلم يكتب إلا المعرفة المنزلة عليه بالإلهام الرباني، وبتعبيره يُصَرِّح: لا أكتب إلا المعرفة “الواردة على قلبي بإلهام ربي، وهي في الحقيقة درر عوارفه في حق العارفين”.[35] وإن كان مريداً سالكاً قال: “غرضي أن لا أكتب في هذا المجموع إلا ما رأيته بعيني أو سمعته من الشيخ رضي الله عنه بأذني”[36]، حيث يترك المتلقي وجهاً لوجه أمام العجيب المثبت بالعين أو السماع من ثقة لا يزيغ عن الحق، فتكون حيرة المتلقي أشد، ولا ينال في نهاية زمن تردده إلا ما أعطاه حاله، لا ما أعطاه النص، فهذا الأخير إذا كان منبعه “المقدّس”، لم تنقض آثاره، والمتلقي يقرأ فيه ذاته، ويراجع نفسه: إما يلج أو يرجع، حيث يظهر أنّ القوم كانوا على وعي بقيمة الإلهام وأهميته في التأثير على المتلقي وامتلاك وجدانه وعقله، إذ يصبح محتوى الكتابة “مقبولاً” عند القارئ، بل على هذا الأخير أن يقدرها ويحترمها، لأنها لم تصدر من عالم البشر حيث احتمال الخطأ ونوازع النفس وشهوة الشهرة، وإنما حطَّت الكتابة من مكان رفيع، حيث المقدّس الذي يعرف مصلحة البشر ولا يريد لهم إلا الخير والهداية.
هكذا، لم يكن غريباً أن تأتي بعض الكتابات الصوفية مختلفة عن أنماط التأليف المألوف، لأنها ـ حسب الصوفي – إلهامات ورؤى تلقاها من الله وأُمر بإبلاغها للناس، ولذلك من الطبيعي ألا تخضع في ترتيب فصولها وأبوابها لقواعد التأليف المعتادة، فلا يخضع تنسيقها لنظر الكاتب ولا لعقل المدوّن، بل يتبع نظام ترتيبها نسق الكلام الإلهي المنزّل. وبذلك، تنجح الكتابات الصوفية في اقتحام آفاق جديدة من القراءة والتأويل بما تستبطنه من جماليات متفردة تعكس فكراً مغايراً لنمط التأليف المألوف أو التفكير العادي المبتذل. فما هي أهم النماذج التي يمكن الاستدلال بها عن نمط الإلهام في الكتابات الصوفية؟
يأتي ابن عربي على رأس الصوفية الذين جعلوا من علم الخرق أو الكشف بطريق الإلهام مصدراً عجيباً لأغلب كتاباتهم، فقد ذكر أنّ معظم كتاباته ليست من تأليفه الشخصي، وإنما هي من الفتوحات الواردة على قلبه، وعلى سبيل المثال، يفتتح كتابه: “شق الجيب بعلم الغيب” بقوله: “الحمد لله رب العالمين، الذي وفقني للسباحة في بحر اليقين، وقوّاني على إخراج الدرر من أصداف العبارات، والاستعارات العجيبة، والأوضاع الجديدة، الواردة على قلبي بإلهام ربّي، وهي في الحقيقة درر عوارفه في حق العارفين”.[37] وكذلك، كتابه “فصوص الحكم” الذي يقول إنّه تلقاه من يد النبي محمد ﷺ في رؤيا يحكي تفاصيلها قائلاً: “فإنّي رأيت رسول الله (…) وبيده ﷺ كتاب، فقال لي: هذا “كتاب فصوص الحكم”، خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منّا كما أمرنا. فحققت الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله ﷺ من غير زيادة ولا نقصان”[38]، وقد اعتبر أبو سالم العياشي هذا الكتاب “من أغمض كتب الشيخ محيي الدين إشارة وأدقها عبارة، على صغر حجمه، وقد اعتنى الناس بشرحه، فشرحه جماعة كثيرة، مع ذلك حارت أفهامهم في فهم كثير من رموزه، واستخراج خبايا كنوزه”.[39] ولعل ذلك راجع لما في هذا الكتاب من تركيز وتكثيف واستغلاق، حيث يقرّ أبو العلا عفيفي أنه حين بدأ بحثه بقراءة كتاب الفصوص، استعصى عليه فهم محتواه استعصاء تاماً على الرغم من الشروح الكثيرة التي استعان بها، ولم يَزُل الغموض إلا عندما ترك الفصوص جانباً، وقرأ كتب ابن عربي الأخرى، فلما عاد لقراءة الفصوص انفتح ما كان مستغلقاً عليه من لغته[40]، فإن كان هذا حال القارئ المتخصص، فما بالك بالمتلقي العادي؟
من نماذج كتب الإلهام كذلك كتاب “مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم” الذي صنّفه ابن عربي في ألميرية، وهو ثمرة من ثمرات اللقاء مع الحق سبحانه في رؤيا تسلم فيها الكتاب ليبلغه للناس ناصحاً[41]، وكذلك الشأن في جلّ كتابات ابن عربي، كانت مصدر إلهام، كما يدلّ عليها عنوانها، على سبيل المثال: “الفتوحات المكية”[42] و”التنزلات الموصلية”، وغيرهما، وكذلك كتاب “عنقاء مُغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب”، حيث “يلف الغموض لغة الكتاب، ويحيط به إحاطة تامة، بدءاً من العنوان”[43] الغريب، وانتهاء بالمضمون الأغرب. وكذلك الشأن مع رسالته المسماة بـ “ضوء الهالة في ذكر هو والجلالة”، والتي طالعها أبو سالم العياشي، ورأى فيها ما بهر عقله ممّا مُنح ابن عربي “من العلوم اللدنية والمواهب القدسية والكشوفات الغيبية”[44]، فذكر خبرها في رحلته “ماء الموائد”، قائلاً: “وقد رأيت هذه الرسالة وهي في كراسة، مضمنها أنّ الشيخ ـ رضي الله عنه ـ طاب وقته ليلة من الليالي لورود بعض العارفين لزيارته، فأخذ يذكر بذكر: (هو الله) على كيفية بَيَّنَها في الرسالة، وذلك فيما بين المغرب والعشاء. فاستغرق في الذكر إلى أن حصلت له غيبة مقدار ربع ساعة أو نحو ذلك، فكُشف له في تلك الغيبة من أسرار الملك والملكوت ومعاني الأسماء والصفات ومنح من العلوم الوهبية ما بهر العقول سماعه. فذكر رضي الله عنه في تلك الرسالة أنواع العلوم التي وهبها في تلك الغيبة والكشوفات التي حصلت والإسراءات الروحانية التي منحها في تلك المدة القليلة. وذلك شيء يَسْتَغْرِب وقوعَه في هذه الأعصار مَنْ لم يؤيده الله بمدد التصديق بأهل ولايته”.[45]
أما غير ابن عربي، فيأتي كتاب: “جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني”[46]، حيث لا يخفى ما في عنوانه من دلالة على مصدره؛ فهو فيض شيخ الطريقة التيجانية. وكذلك، كتاب “الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ”[47]، “مع كونه أميّاً لا يحفظ القرآن العزيز، فضلاً عن أن يسام بتعاطي شيء من العلوم، مع أنه قط لم ُيرَ في مجلسِ علم من صغره إلى كبره”[48]، ومع كل ذلك، وقع له الفتح وجمع في قلبه من المعارف والعلوم ما “لا يحصيها إلا ربه تعالى الذي خصه بها”[49]، فكان ينطق بالحقائق، و”كل من سمعه، يتعجب منه ويقول: ما سمعنا مثل هذه المعارف، ويزيدهم تعجباً كون صاحبها (…) أميّاً لم يتعاط العلم”[50]، “وقالوا: هذا والله الولي الكامل، والعارف الواصل”[51]، وقد تضمن “الإبريز” من كلامه ما يدعو ـ فعلاً – إلى العجب والحيرة، التي لا يزول بعضها إلا باستحضار كتب القوم وما فيها من غرائب، حيث يصير خرق عوائد الأشياء عادة.[52]
يضاف إلى ما سبق، كتاب: “الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل” لعبد الكريم الجيلي الذي يقول في مستهله: “بعد أن شرعت في التأليف، وأخذت في البيان والتعريف، خطر في الخاطر أن أترك هذا الأمر الخاطر (…) وشرعت في تشتيته وتمزيقه (…)، فأمرني الحق الآن بإبرازه بين تصريحه وإلغازه، ووعدني بعموم الانتفاع، فقلت طوعاً للأمر المطاع، وابتدأت في تأليفه”[53]، حيث أمره الحق تعالى بالكتابة. وكذلك كتاب “الجفر” لصاحبه محمد ماضي أبي العزائم، “قبس من أنوار مشكاته تلقاه قلبه السليم من الأعيار، في حال تجرده من القيود الكونية، وغيبته عن نفسه وحسه، غيبة هي عين الحضور في حضرة السر والنور، فترجم به لسان بيانه، كاشفاً الأستار عن غيوب الأسرار”.[54] أمّا الشيخ اليوسي فهو “يَعْتَبِرُ أنّ نبوغه المبكر واستعداده الفطري لامتلاك ناصية العلوم منذ الصغر (…) لا يرجع إلى كثرة مقروءاته ووفرة أخذه وتحصيله، وإنما يرجع ذلك إلى فتح رباني وسر إلهي وهبه الله إياه”.[55]
هكذا يؤسس الإلهام في الكتابات الصوفية نمطاً من “التأليف” أو “الإبداع” له خصوصياته التي يتفرد بها عن غيره؛ حيث يضع القارئ وجهاً لوجه أمام النص “المنزَّل” والمنزَّه عن كل انتقاد أو مقاربة، فليس الصوفي سوى وسيط للمعرفة “المقدسة” التي لم تصدر من بشر، وإنما الصوفي مُختارٌ تنزّل عليه الفيض وأُلهم بتدوين ما تنزَّل عليه، وليس ما يقع له من فتح وكشف تفرداً إنسانياً لم يكن له مثال سابق، وإنما فِعْلُ الإلهام يستمد شرعيته و”إمكانية حدوثه” من القرآن الكريم والسنّة النبوية، باعتبارهما أصلاً للممارسة الصوفية[56]، ولأنّ التصوف يستمد من هذين المصدرين كلّ محتواه، كان ممكناً أن يستمد من أصل المصدرين كذلك، إذ يؤدي ترقي الصوفي في مقاماته إلى الأخذ من مصدر المصدر، بلا واسطة، وقد كان أبو يزيد البسطامي “يخاطب علماء عصره قائلاً: أخذتم علمكم عن علماء الرسوم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت”.[57]
الإلهام وإشكال “المعرفة” في كتابات القوم
يعتبر التساؤل حول قيمة “المعرفة الصوفية” ومصداقيتها ضمن حقول المعرفة الإنسانية، من أهم الإشكالات التي يثيرها الإلهام في كتابات القوم، حيث يقف “العقل العلمي” حائراً أمام إمكانية بناء استنتاجات علمية دقيقة انطلاقاً من معرفة ذوقية إلهامية غير قابلة للتجريب أو التحليل بأدوات النقد المألوف، خاصة وأنّ تلك المعرفة تسكن نصوصاً “مشفّرة” غير قابلة للولوج الحر والممكن من قبل المتلقي العادي بل والخبير كذلك[58]، وهناك من النصوص التي احتاجت في كشف مجهولها إلى أن يتدخل مؤلفها لبيان مقصوده من تأليفها[59]، وهو ما يفسر وجود مدونة ضخمة من الشروحات الصوفية لكتب القوم، تبين بجلاء “صعوبة” التعامل مع هذا النمط من الكتابات.
وراء “المعرفة الصوفية” تكمن قضية تربوية شائكة، تتمثل في نمط التعلم الفعال؛ هل يكون بالجود أي الإلهام، أم لا بدّ من بذل المجهود، أي الاكتساب؟ أم يمكن الجمع بين الكسب والوهب في بناء “معرفة كاملة”؟
يبدو أنّ الصوفي لم يتلق علومه النفيسة بالراحة والخمول، وإنما ببذل المجهود، يقول الجنيد: “باب كل علم نفيس جليل بذل المجهود، وليس من طلب الله ببذل المجهود، كمن طلبه من طريق الجود”[60]، وهو ما يؤسس لمبدأ “بناء المعرفة الصوفية”؛ حيث لا تولد هذه المعرفة بالكليّة، وإنما تُبنى طوباً طوباً وتُتلقى فيضاً ثم نوراً، كنزول القرآن وبناء أحكام الشريعة لم يكن كليّاً بقدر ما كان بالتدرج تبعاً لحوادث الوقت وأولويات التغيير، فالجمع بين التعلم الذاتي القائم على السماع والعلم، كنوع من التدرج في الاكتساب، وهو حاصل المجهود، وبين التلقي الخارجي القائم على الذوق والسلوك، وهو حاصل مواهب الله ومنحه البادية، يشكل سمة المنهج الصوفي في بناء المعرفة، ويعزز ذلك قول الغزالي: “حصلت ما يمكن أن يحصل من طريقهم بالتعلم والسماع، فظهر لي أن أخصّ خواصهم، ما لا يمكن الوصول إليه بالتعلم بل بالذوق والحال وتبدل الصفات”[61]، حيث يؤكد أنّ العلم الظاهر غير كافٍ لمعرفة الحقائق وإدراك أسرار الموجودات، فيحتاج المرء لعلم الباطن الذي يتحقق بالذوق والسلوك، وهو روح العلوم وجوهر المعارف.
على الرغم من أنّ الفكر الصوفي يقرّ بإمكانية ولوج علم الباطن مباشرة دون مكابدة مراحل اكتساب علم الظاهر، كما يقول ابن عجيبة: “وكثير من الأولياء الأكابر كانوا أميين، وفي أسرار الولاية راسخين”[62]، إلا أنّ ذلك ينبغي ألا يعول عليه الإنسان، والواجب أن يشرع المرء في التعلم وقطع المراحل في السلوك، فتلك هي البداية السليمة لنهاية أسلم، فالعارفون المحققون معتمدهم في أول الأمر على اتباع الكتاب والسنّة واقتفاء أثرهما، كما قال أبو سالم العياشي: “فيُقبلون بكليتهم على صدق المتابعة وتزكية النفس وتهذيبها على طريق الاقتداء وإفراد الوجهة وقطع العلائق، حتى تشرق أنوار الحق في قلوبهم، فتفتح لها أبواب الملكوت”.[63] فعلى الرغم من أنّ القوم قد أقرّوا بخرقهم لمألوف اكتساب المعرفة، إلا أنهم يلحون على ضرورة اكتساب العلوم ببذل المجهود، ثم العمل بالعلم المحصل، حيث يرى الشيخ اليوسي “أنه لا يصح شيء من الباطن إلا بعد تصحيح الظاهر بالعلم، فالطريق كله مبني على العلم، ثم العمل، ثم الفتوحات والمواهب من الله تعالى، فمن لا علم له لا عمل له، ومن لا عمل له لا موهبة له”[64]، حيث يأتي الإلهام بعد مسار معين من التجربة الصوفية أي من المكابدات النفسية والجسدية في سبيل التعرف إلى حضرة الحق، ولا يخفى ما في ذلك من تشويق للآخر “البعيد” إلى ولوج التجربة وخوض المغامرة، حتى إذا ذاق عرف ولزم.
* نشرت هذه المادة ضمن مجلة “يتفكرون”، العدد 5، خريف 2015
[1]- الهاشمي بن عجيبة، “قوانين صوفية”، تقديم وتحقيق: حنان الفاضلي، دعوة الحق، ع: 395، أبريل 2010، ص 13. الهاشمي بن عجيبة شخصية مغمورة إلى حد ما، توفي في السنة نفسها التي توفي فيها أخوه الشيخ أحمد بن عجيبة، وهي سنة 1224هـ. ينظر ترجمته في مقدمة تحقيق قوانينه الصوفية، المصدر نفسه، ص ص 126-129
[2]ـ محمد بن عبد الكبير الكتاني، “القصيدة التائية”، تقديم وتحقيق: عبد الوهاب الفيلالي، المريد، ع:5، 1993، ع:6، 1994. ينظر أيضاً: محمد بن عبد الكبير الكتاني، الديوان، جمع وتحقيق وتقديم: إسماعيل المساوي، بيروت: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، ط:1، 2005، ص 125
[3]- من الأمثلة التي يمكن استحضارها في هذا السياق، شرح ابن عربي لترجمان الأشواق، وقد سماه: ذخائر الأعلاق شرح تَرْجُمَانِ الأشواق (تحقيق: خليل عمران المنصور، بيروت: دار الكتب العلمية، ط:1، 2000).
[4]ـ عبد الحق منصف، أبعاد التجربة الصوفية: الحب والإنصات والحكاية، الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، ط:1، 2007، ص 21
[5]ـ ابن الدباغ، كتاب مشارق أنوار القلوب ومفاتح أسرار الغيوب، تحقيق: هـ. ريتير، بيروت: دار صادر، د.ت، ص ص 67-68
[6]ـ سورة الكهف، الآية: 65
[7]ـ أبو حامد الغزالي، الرسالة اللدنية، مجموعة رسائل الإمام الغزالي، راجعها وحققها: إبراهيم أمين محمد، القاهرة: المكتبة التوفيقية، د.ط، د.ت، ص 250
[8]ـ المصدر نفسه، ص 252
[9]ـ سورة البقرة: الآية: 269
[10]ـ سورة القصص، الآية: 7
[11]ـ سورة النحل، الآية: 68
[12]ـ الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، مصر: المطبعة المنيرية، بيروت: دار إحياء التراث العربي، د.ط، د.ت، ج: 16، ص 170
[13]ـ سورة آل عمران، الآية: 42
[14]ـ سورة يوسف، الآية: 109
[15]ـ فخر الدين الرازي، التفسير الكبير ومفاتيح الغيب، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، د.ط، 1981، ج:2، ص 669
[16]ـ رواه مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة، باب فضل الحب في الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه. أرصد الله على مدرجته ملكاً: أي وكَّله بحفظ المدْرجَة، وهي الطريق وجعله رصَداً: أي حافظاً مُعَداً. تَرُبُّها: أي تحفظها وتربيها كما يربي الرجلُ ولدَه.
[17]ـ سورة فصلت، الآيتان: 30-31
[18]ـ ابن عربي، الإسرا إلى المقام الأسرى، تحقيق وشرح: سعاد الحكيم، بيروت: دندرة للطباعة والنشر، ط: 1، 1988، ص 19
[19]ـ لا يقتصر الإلهام على الأدب والفن فحسب، بل يتعدّى ذلك إلى العلم، ينظر: عيسى فتوح، “الإلهام في الأدب”، دعوة الحق، ع: 2، س: 8، دجنبر 1964، ص 3
[20]ـ أبو حامد الغزالي، الرسالة اللدنية، مجموعة رسائل الإمام الغزالي، مصدر سابق، ص ص 249-250
[21]ـ الحكيم الترمذي، ختم الأولياء، وضع حواشيه: عبد الوارث محمد علي، بيروت: دار الكتب العلمية، ط: 1، 1999، ص 40
[22]ـ المصدر نفسه، ص 42
[23]ـ لتعرف الدلالات الفرعية لكل لفظ على حدة، يُنظر كتب اصطلاحات القوم، مثلاً: الرسالة القشيرية، واللمع للطوسي، ومعراج التشوف إلى حقائق التصوف لابن عجيبة.
[24]ـ يوسف زيدان، شرح مشكلات الفتوحات المكية لابن عربي، الجيلي، القاهرة: دار الأمين للطباعة والنشر والتوزيع، ط:1، 1999، ص 78
[25]ـ عبد الكريم الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، تحقيق: أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة، بيروت: دار الكتب العلمية، ط:1، 1997، ص 12
[26]ـ حسن الشرقاوي، معجم ألفاظ الصوفية، القاهرة: مؤسسة مختار للنشر والتوزيع، ط:1، 1987، ص 229
[27]ـ ماء العينين، مصطفى بن محمد فاضل، نعت البدايات وتوصيف النهايات، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر، د.ط، د.ت، ص 175
[28]ـ عبد الكريم الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، مصدر سابق، ص 17
[29]ـ ابن تيمية، المعجزات والكرامات وأنواع خوارق العادات ومنافعها ومضارها، تحقيق ودراسة: أحمد العيسوي، مصر: دار الصحابة للتراث، ط: 1، 1990، ص ص 11- 12
[30]ـ سورة البقرة، الآية: 282
[31]ـ يوسف زيدان، عبد الكريم الجيلي: فيلسوف الصوفية، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط: 1، 1988، ص 21
[32]ـ أبو سالم العياشي، الرحلة العياشية “ماء الموائد”، تقديم وتحقيق: خالد سقاط، أطروحة دكتوراه مرقونة بخزانة الآداب والعلوم الإنسانية- ظهر المهراز- فاس، (1998-1999)، ج: 2، ص 327
[33]ـ ناجي حسين جودة، المعرفة الصوفية: دراسة فلسفية في مشكلات المعرفة، بيروت: دار الجيل، ط: 1، 1992، ص 169
[34]ـ مصطفى محمود، “الروح والجسد”، الأعمال الكاملة، بيروت: دار العودة، 1982، ص 8
[35]ـ ابن عربي، “شق الجيب بعلم الغيب”، ضمن: رسائل ابن عربي، تقديم وتحقيق: سعيد عبد الفتاح، بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، د.ط، 2001، ص 285
[36]ـ أحمد بن المبارك السجلماسي المالكي، الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ، بيروت: دار الكتب العلمية، ط:3، 2002، ص 33
[37]ـ ابن عربي، شق الجيب بعلم الغيب، مصدر سابق، ص 285
[38]ـ ابن عربي، فصوص الحكم، تحقيق: أبو العلاء عفيفي، مصر: دار الكتاب العربي، ط:2، 1980، ص 47
[39]ـ ماء الموائد، مصدر سابق، ج:2، ص 537
[40]ـ أبو العلاء عفيفي، من تقديمه لكتاب: فصوص الحكم لابن عربي، مصدر سابق، ص 21
[41]ـ نصر حامد أبو زيد، هكذا تكلم ابن عربي، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط:1، 2002، ص 131
[42]ـ نسج عبد القادر بن قضيب البان على منوال “الفتوحات المكية” لابن عربي، كتاباً سماه: “الفتوحات المدنية”. ينظر: يوسف زيدان، شرح مشكلات الفتوحات المكية لابن عربي، الجيلي، مرجع سابق، ص 20
[43]ـ نصر حامد أبو زيد، هكذا تكلم ابن عربي، مرجع سابق، ص 133
[44]ـ ماء الموائد، مصدر سابق، ج:2، ص 482
[45]ـ ماء الموائد، مصدر سابق، ج:2، ص ص 482-483
[46]ـ علي حرازم ابن العربي برادة، جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس أحمد التجاني، مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، د.ط، 1963
[47]ـ الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ، مصدر سابق.
[48]ـ المصدر نفسه، ص 22
[49]ـ المصدر نفسه، ص 7
[50]ـ المصدر نفسه، ص 6
[51]ـ المصدر نفسه، ص 7
[52]ـ يوسف زيدان، شرح مشكلات الفتوحات المكية لابن عربي، الجيلي، مرجع سابق، ص 200
[53]ـ عبد الكريم الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، مصدر سابق، ص 8
[54]ـ محمد ماضي أبو العزائم، الجفر، القاهرة: دار الكتاب الصوفي، دار المدينة المنورة للطبع والنشر، ط: 3، 1990، ص 4
[55]ـ بوشتى السكيوي، “ملامح التجربة الصوفية عند أبي علي الحسن اليوسي”، ضمن: ندوة التجربة الصوفية بين الفن والفلسفة، (أعمال الندوة التي نظمها مركز الدراسات الإنسانية والمستقبليات، 9-10 أبريل 2000)، جامعة عين شمس، القاهرة، 2001، ص 287
[56]ـ حول مشروعية الإلهام عند الصوفية، ينظر: محمد بن عبد الكبير الكتاني، لسان الحجة البرهانية في الذب عن شعائر الطريقة الأحمدية الكتانية، تحقيق: عدنان بن عبد الله زُهار، بيروت: دار الكتب العلمية، ط:1، 2007، ص ص 74-79
[57]ـ علي حرازم ابن العربي برادة، جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس أحمد التجاني، مرجع سابق، ج: 3، ص 56
[58]ـ أبو العلاء عفيفي، من تقديمه لكتاب: فصوص الحكم لابن عربي، مصدر سابق، ص 21
[59]ـ مثل شرح ابن عربي لكتابه “ترجمان الأشواق”، مصدر سابق.
[60]ـ عبد العزيز عز الدين السيروان، الصوفيون وأرباب الأحوال: مواعظ وحكم وأقوال، سوريا: السيروان للطباعة والنشر والتوزيع، ط:1، 1995، ص 59
[61]ـ أبو حامد الغزالي، المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال، تحقيق: جميل صليبا، وكامل عياد، بيروت: دار الأندلس للطباعة والنشر، ط: 7، 1967، ص 101
[62]ـ ابن عجيبة، الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية، تحقيق: عبد الرحمن حسن محمود، عالم الفكر، القاهرة، د.ط، 1983، ص 161
[63]ـ ماء الموائد، مصدر سابق، ج: 2، ص 497
[64]ـ أبو علي الحسن بن مسعود اليوسي، الرسائل، جمع وتحقيق ودراسة: فاطمة خليل القبلي، الدار البيضاء: دار الثقافة، ط:1، 1981، ج:2، ص 355
_____
*مؤمنون بلا حدود
*مؤمنون بلا حدود