حوار مع الأديب سامح سليمان


*ريبر هبون


( ثقافات )
المفكر سامح سليمان من مواليد عام 1980م , درس علم اللاهوت المقارن الأرثاذوكسي , ثم التحق بالكلية الأكليريكية , ثم انقلب بشكل مضاد وبدأ يميل للدراسات الفلسفية الوجودية معبراً عن احتجاجه وتمرده على الفترة الدينية التي أمضاها منذ صباه ومحدثاً صدمة بين أوساطه وأصدقائه من خلال تعصبه وتشبثه بما مال وانحاز إليه على عكس ما كان بادئ ذي بدء, كان لنا معه هذا الحوار:
1*اإذا صحَّ تعبيرك  بأن قراءتك للوجودية المسيحية كان محض صدفة كما قلت, أم إنها كانت بدافع فضول واستكشاف ومحاولة للخروج من دائرة مغلقة؟؟
وماذا تعنيه بالفكر الوجودي المسيحي، وهل تعتقد بوجود فكر مسيحي وجودي،كون المسيحية دين؟؟
 البداية القريبة لمعرفتي بالفكر الوجودي المسيحي، ولا أقول الفلسفه الوجودية المسيحية لأن الوجودية عموماً بشقيها المسيحي و الألحاد هو تيار فكري أكثر منها فلسفه نسقية ، كما أنني أتفق بنسبة كبيرة مع من يرفض صواب كلمة فلسفة الدين أو فلسفة مسيحية أو اسلامية او يهودية و أؤيد إطلاق كلمة فكر بدلاً من كلمة فلسفة حتى و إن كانت المسيحية ذاتها قد تأثرت تأثراً كبيراً بالفلسفة اليونانية ) و أنا فى سن السابعة و العشرين وأثناء مرحلة شك كبير فى كل ما آمنت به من يقينيات دينية و طائفية و قيم فكرية نشأت عليها وقرأت عشرات الكتب التى تؤيدها و أيضاً قرأت بعض الكتب التى ترفضها ، بخلاف أزمة نفسية أصابتني بسبب تركي للكلية الأكليريكية التى لطالما حلمت بالالتحاق بها لأصبح رجل دين و استطعت الالتحاق بها بتوصية من قيادة كبيرة فى الكنيسة و كذلك أزمة نفسية 
لازمتني منذ الصغر بسبب الأسلوب الخاطئ والسيء فى التنشئه و كذلك التكوين النفسي و القيمي الخاطئ نتيجة الحياة فى مجتمع مريض و تعليم ضار و مدمِّر للقدرات العقلية و إعلام ساهم بنصيب كبير فى تشويه القاعدة الفكرية لي و لغيري من أبناء جيلي ، حتى لا أطيل عليك أرشدني أحد أصدقائي الى كنيسة تعتمد أسلوب فى الارشاد النفسي و الروحي يسمى المشوره المسيحية و من حسن حظي انها كانت تعتمد منهج مدرسة النضج 
( المشورة المسيحية تنقسم الى ثلاث مدارس رئيسية و هى مدرسة الحق الكتابي و مدرسة الشفاء الروحي و مدرسة النضج و هى أفضلهم جميعاً ) بخلاف أن قادة تلك المدرسه أخذوا بعض أفكارهم من مدرسه في العلاج النفسي تسمى مدرسة علم النفس الوجودى و من أشهر روادها رولو ماي و كذلك مدرسة العلاج بالمعنى لمؤسسها فيكتور فرانكل ، و قد استفدت رسه أخذوا بعض أفكارهم من مدرسه في العلاج النفسي تسمى مدرسة علم النفس الوجودى و من أشهر روادها رولو ماي و كذلك مدرسة العلاج بالمعنى لمؤسسها فيكتور فرانكل ، و قد استفدت كثيراً من كتابه الأنسان يبحث عن المعنى ثم قرأت كتاب بحث الأنسان عن نفسه ( رولو ماي ) ثم كتاب عن حياة و أقوال (كيركجارد) للدكتور (إمام عبد الفتاح) ، ثم وقعت يدي بالصدفة على كتاب (مذكراتي فى سجن النساء) للدكتوره (نوال السعداوى) و غمرتنى قوتها و فكرها غير التقليدي و صلابتها و حديثها عن الحياة و من هنا بدأت بذرة الخروج من القالب الذى ألقتنى إليه الصدفة العمياء
قرأت الأعمال المبكرة للمفكر المصرى (خالد محمد خالد) و أعمال الدكتور (سيد القمني) ثم كتاب (مغامرة العقل الأولى)( لفراس السواح) ، ثم أبتسم لى الحظ و القى فى طريقى بعض أعمال العظيم (سلامه موسى) و من أهمها (حرية الفكر) و (نظرية التطور) و (برنارد شو) و هو الذى أرشدنى لحتمية سعة الأطلاع و تكوين مشروع فكرى متكامل و رؤيه علميه و موضوعيه للحياه ، ربما الصدفه تكون عبارة عن محاولة من الطبيعة للتكفير عن ذنوبها المتعددة فى حقي و مساعدتي فى بحثي عن الحقيقة و السلام الداخلي .
*هل تحققت لديك رؤية واضحة حول مشروعك الفكري وتنسيق أفكارك وبلورتها في استنباط نظرية معرفية تتبناها, أم لا زالت عبارة عن شذرات وأفكار تقتصر على مناقشة بعض القضايا على نحو مزاجي متعلق بشجون وآلام؟؟
نعم تحققت لدي رؤية واضحة حول مشروعى الفكري وتنسيق أفكاري وبلورتها من حيث الأركان الأساسية 
و لكن التفصيلات لا بد ان تكون فى تطور دائم و إلا أصبحت متحجراً متجمداً فاقداً للحياة.
و قريباً سوف أكتب سلسلة من المقالات أشرح من خلالها مشروعى الفكري بشكل منهجي و تفصيلي و لكن يمكن أن ألخصه فى عباره و احدة هى : اليقين جهالة ، الفطرة هي التساؤل ، أقصى جودة هى الغاية .
* لقد قلت أنك تأثرت ببعض المفكرين وتخص فيهم (كيركغارد), والمفكر المصري (سلامة موسى), والمفكرة المصرية (نوال السعداوي), ما الذي أخذته في كل منهم على وجه التحديد والاقتضاب؟؟
*كيركغارد : كان له الفضل فى إدراكى لحتمية اختيار الذات و التمرد على القولبة و الخروج عن القطيع .
*سلامه موسى:الرؤيه الصحيحة للمرأة و أهمية العلم، و القراءة الموسوعية، و دور الأقتصاد فى تشكيل المجتمع 
*نوال السعداوى : الرجل لن يتحرر إلا عندما تتحرر المرأة ، التمرد و الإيجابية و الفهم الأعمق للحياة .
* إلى ماذا كنت ترتأي في تجريب مسلك المحاضرات وإلقائها, وكيف كنت تجد المتلقي, هل وجدت نفسك مدرباً للتنمية البشرية , أم فيلسوف ومنظر لأفكار معينة؟
تعجبنى جداً مقولة تشارلز بوكوفسكي عندما قال لا تكتب إلا إذا كنت ستنتحر أو تقتل ، و هذا من أسباب اتجاهى للكتابة و إلقاء المحاضرات فبخلاف أهميه الكتابة لتفريغ الطاقه الفكرية الناتجة عن القراءة المنهجية الدؤوبة ، كذلك التحاور و التجادل فى غاية الأهمية لصهر و إعادة تشكيل ما لدى المفكر من معرفه و هذا ما دفعني لإلقاء محاضرات فى الأدب و الفلسفة قائمة على المناقشة و ليس التلقين الغبي ، و قد أسعدني رد فعل المتلقين لما أقدمه ، فإسلوبي يعتمد على البساطة دون الإخلال بالمضمون ، و تطبيق ما قاله نيتشه و أكد عليه العظيم كارل ماركس عن أهمية دمج الفلسفة بالحياة ، كذلك إلقائى لمحاضرات التنمية البشرية ، فبعد دراستى للكثير من برامجها دراسة مستفيضة و كذلك دراسة بعض برامج إدراة الأعمال و اكتشافى للدجل و الشعوذة المنتشره بكثافة فى هذا الوسط ، أسعى لدمج ما بها من فكر إيجابى يساهم فى ارتقاء الإنسان و تحقيق مستوى أفضل من الجودة لحياته مع ما تكوَّن لدي من رؤية للحياة ناتجة عن دراية بعلم النفس و الاجتماع و الفلسفة ، الإنسان كائن مركب شديد التعقيد ، و لا يوجد علم ليس له أهميه ، 
بل و أيضاً الأدب ( الثمين منه و ليس الرث ) و الفن بأنواعه من سينما و موسيقى و نحت و فن تشكيلى
و كيمياء و فيزياء و بيولوجيا ، فيجب أن لا ننسى ما أحدثته نظرية دارون المحرم تدريسها فى بلادنا ، 
من أثر فى السياسة و الفلسفة و الاقتصاد و علم النفس ، بل و حتى الأدب بأقسامه المختلفة .
*هل المغالاة في الالحاد مطابقة للمغالاة في الدين برأيك؟
مع كامل احترامى للمتدينين و الملحدين لا أستطيع الأجابة إلا بكلمة نعم .
فالمغالاة عند المتدينين دليل على الشعور بالنقص و عدم الاحساس بالقيمة الذاتية و الرغبة فى الانتماء لشئ له قيمته و مكانته و تقديره لدى البيئه المحيطه به ، خاصةً اذا ما كان هذا التقدير يصل إلى حد الخبل 
و الهوس ، و هذا هو السائد فى مجتمعاتنا نتيجة الفشل الذريع فى كافة المجالات من علم و فكر و حضارة ،
و ايضاً نتيجة أن الأغلبية الساحقة فى مجتمعاتنا الناطقة بالعربية لم يختار أحدهم ديانته ، بل انتقلت إليه بالوراثة و ليس بعد بحث و دراسة و مقارنة ديانته التى ورثها بحسب الصدفة بباقى الأديان و العقائد و الأفكار المختلفه بتجرد و موضوعية،و بدون التأثر بما تم تلقينه إياه من والديه و من باقى مؤسسات المجتمع المأجورة. 
أما المغالاة فى الألحاد فتنشأ فى الغالب نتيجة مراهقة فكرية و رغبه فى إعلان الكراهية للسلطة بالتمرد على أهم رموزها و هو الإله و كذلك رفض المسترزقين من وراء التحدث باسمه من موظفي المؤسسات الدينية،
و التمرد على القيود الخانقة للفكر الدينى القمعي الرجعي السائد فى مجتمعاتنا لعدة أسباب ثقافية و سياسية ، أو انبهار ساذج بالنموذج الغربى الذى يسبِّح بحمده الكثير من مثقفينا ، بخلاف شئ هام متفشي فى مجتمعاتنا الآن وهو إذا رفضت شيء و أقتنعت بخطأه لا بد أن تنتقل الى الإيمان بنقيضه ، 
و لذلك نرى أن التيارات التى لا تعتمد على الصبغة الدينية فى ترويج أفكارها رداً على التيارات المعتمدة على الصبغة الدينية فى كسب الأتباع ، تقزِّم المرأة و تنادي ليل نهار أن المرأة لن تتحرر إلا إذا تحررت من ملابسها أولاً ، و مارست الجنس كما تشاء !! بعض المثقفين المنبهرين انبهاراً أعمى عن جهل و عدم دراية بالنموذج الغربي يعتقدون أن المرأة عندما تمتلك الملابس تفقد العقل و عندما تفقد الملابس تمتلك العقل !!
هذه هى قضية المرأة فى نظر أغلب مثقفينا ، و يا لها من مأساة!!
( أغلب مثقفينا الموظفين المعتمدين إعلامياً هم جهلاء و إقصائيين و مهووسين جنسياً )
و بخلاف أن المغالاة أساسها بنسبة كبيرة نفسي ، هى دليل على قناعة الطرف المغالي بامتلاك اليقين ،
و من اعتقد بامتلاكه لليقين حكم على عقله بالموت بخلاف حكمه على الطرف الأخر بعدم الحق فى الوجود ، 
فكما يُغتال المتدينين بمختلف انتماءاتهم من اختلف عنهم سواء فى الدين أو الطائفة و رفضهم لوجود من اختلف عنهم ، كذلك فعل الشيوعيين الملحدين فى روسيا عندما امتلكوا زمام الحكم ، اغتالوا كل من انتمى للحكام السابقين وحطموا الكنائس وحرموا كل ما له علاقه بالدين،و تحولت الشيوعية لديهم الى دوجما غير قابلة للنقد، أى تحولت إلى مقدس مخالفين بذلك فلسفة العظيم ماركس من نادى (بأن أساس كل نقد هو نقد المقدس) 
أنا أختلف بدرجه كبيرة مع من يرى أن الدين شرٌّ فى حد ذاته ، نعم اللدين كنص مقدس هو ثابت خاصةً لدى من يؤمنون به ( هذا إذا ما تغاضينا عن الآراء التى تنادي بعكس ذلك ) ، لكن الفكر الديني متنوع متغير فهو منتج بشري يتأثر تكوينه بعقلية و إرادة منتجية ، هو أداة ذات حدين نستطيع أن نستخدمها لخير و نهضة مجتمعنا أو لإفساده و تجهيله و إفساده ، و هذا الاختيار هو مسؤولية من يديرون المجتمع ، و من يديرون المجتمع هم نتاجه و إفرازه حتى و أن لم يختارهم أبناؤه ، الفكر السائد هو إفراز و إرادة و اختيار مجتمعي .
بينما الإلحاد يجب أن يكون متاح كاختيار شخصي له احترامه و حرية تأييده ،
. *بما توحي لك المفردات التالية : الله, الحق , الواجب, الحرية, التطرف, الموت, الوجود
الله : القوه التى تسرى فى المادة .
الحق : أقصى جودة للحياة.
الواجب : الصدق و العدالة .
الحرية : وهم إلا القليل فيما ندر ، وما أثمن هذا القليل .
الموت : انتقال من صورة إلى صورة إلى أخرى ، فالمادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم.
الوجود : لعنة برومثيوس .
التطرف : هو الاعتقاد بامتلاك اليقين ( بمختلف أشكاله ) .
* بلا شك فأنت بحثت ملياً وأشرت لقضية علاقة السلطة برجالات الدين وقد لفتني مقتطف من أحد مقالاتك تتساءل ) وكيف اتفق الفقهاء مع رموز السلطة في كثير من الاحيان على عقولنا ,الفقهاء بحجة الحلال والحرام, والسلطة تحت اسم الحفاظ على مصالح الوطن العليا)
وسؤالي هو :هل تعتقد أن أزمة السلطة محصورة في علاقة رجل الدين بالسلطوي, أم أن القضية في عصرنا الراهن تتعدى ذلك؟
هل الأزمات الفكرية في الشرق والعالم العربي سببها الرئيسي التبعية للأشخاص بمعنى تقديسهم , هل مازلنا أمام لعنة المقدس؟ وتقديس المدنس؟ 
إن قضية مجتمعاتنا العربية و علاقتها مع رجل السلطة و رجل الدين و رجل الفكر و علاقة كل طرف من الأطراف الثلاثة بالآخر ، هى قضية مركبة و شديدة التعقيد ، و مناقشتها لا تكفيها مئات الكتب ، 
منها على سبيل المثال لا الحصر ما هو متعلق بالهوية ، فعلى سبيل المثال هل الهوية هى بحسب الدين أم العرق أم الانتماء الحضارى أم اللغه أم الثقافة أم المصالح المشتركة ؟
على سبيل المثال : فى بلدى الحبيبة مصر أثيرت فى الثلاثينيات مشكلة الهوية المصرية هل هى مصرية خالصة نسبة الى المصريين القدماء، دعا سلامه موسى الى إلغاء اللغه العربية و أستبدالها بالديموطيقية ، 
و أن نتجه بقوه نحو الثقافه الغربية ، ونادى طه حسين بأننا ننتمي الى ثقافة البحر المتوسط .
أم هى قبطية كما ينادي بها حتى الآن بعض المتزمتين العنصريين من المسيحيين ، أم اسلامية و قد دعا إلى ذلك غير المؤمنين بفكرة الوطن فهو بالنسبة اليهم تراب و دين و لكن مؤمنين بفكرة الأمة التى ليس لها حدود جغرافية لأن باب الجهاد من وجهة نظرهم لم ينتهي و لن ينتهي ، لذا فالوطنية كفر و الوطن وثن ، مثل (جمال الدين الأفغانى) ، (رشيد رضا) ( خصم سلامه موسى ) ، حسن البنا ، أم عربيه وهو تيار القوميه العربية الذى نشأ على يد المسيحيين الشاميين كردّ على التيار الإسلامي و قد ساد هذا التيار على يد حركة يوليو 1952م ، بعدما أجهض تيار القومية المصرية لمنشئه (أحمد لطفى السيد) و تم التعتيم على مفكري الليبرالية التي سادت من 1923م حتى 1952م ، مثل (فرح أنطون) ، (شبلي شميل) ، (اسماعيل مظهر )و غيرهم كثيرون .
( أنصح بقراءة كتاب الليبرالية المصرية للدكتور (رفعت السعيد) ، مستقبل الثقافة فى مصر للدكتور( طه حسين ),أيضاً كتاب (المثقفون والسلطة) و كتاب (النهضة) و (السقوط فى الفكر المصرى الحديث) للدكتور (غالى شكري)ولا ننسى القله المستنيرة التى نادت أن الهوية كيان دائم التجدد له أكثر من مكون حضاري
بينما تغيرت تركيا للأفضل فى أوائل القرن الماضي على يد (كمال أتاتورك) إلى دولة علمانية عصرية.
إن من أهم أزمات مجتمعاتنا أن هويتها هلامية مشوشة أو أقصائية عنصرية ، من أهم أزمات مجتمعاتنا أن هويتها لا يحددها علماؤها و فلاسفتها و أدبائها و مفكريها و لكن الهوية تتغير بتغير توجهات من يمتلك السلطة, فمبدأ شعوبنا بدرجة كبيرة هو الناس على دين ملوكهم ، فإذا كان من حكم ( الحاكم القوي ) علماني أصبحنا علمانيين و إذا كان اسلامى أصبحنا إسلاميين ، حتى بالنسبة للتوجه الاقتصادي ، إذا ما أراد من يملك السلطة الاتجاه نحو الأشتراكية أصبحنا اشتراكيين ، و أصبحت وسائل الأعلام المقروءة و المسموعة و المكتوبة و انبرى أكثر مثقفينا _ خدم السلطان و أكلى الفتات المتساقط من مائدته ,فى كتابة الكتب و المقالات عن عظمة الاشتراكية ، و مسترزقى و موظفى المؤسسة الدينية بما لهم من تأثير غير محمود ، بحثوا عن نصوص دينية تتوافق مع هذا التوجه، وسبَّحوا منادين ليل نهار بأن الأشتراكية من الدين،و إذا ما تحولت إرادة من يحكم الى الرأسماليه حدث نفس السيناريو .
لكن يجب ان نعلم أن من يتحكم فى طبيعة النموذج السائد من قيم وأفكار و صناعة القرار فى كافة المجتمعات خاصةً المجتمعات الرأسماليه ، ليس فقط رجل السياسة أو حتى رجل الدين و لكن أيضاً رجل الاقتصاد ، فمن يملك رأس المال يملك قوة قد تتفوق على قوة كلّ من رجل السلطة و رجل الدين و بالطبع رجل الفكر ، بل و قد تتحكم بهم ، الأقتصاد له من القوه القدره على أعادة صياغة المجتمع بكافة مفرداته .
الدين و السياسه و الأقتصاد ثالوث لا ينفصم 
هناك أيضاً أزمتنا فى مثقفينا ، بتخليهم عن دورهم فى تنوير الأذهان و معالجة المجتمع من أمراضه 
و تفشى الشلليه و التحزب ، و أكتفائهم بما يتساقط من موائد أصحاب المال و النفوذ و السلطة مقابل الانعزال فى برج عاجي و التحذلق على البسطاء و التعالي عليهم ، و لعن التيارات ذات الصبغه الدينية و أحياناً التحالف معهم ، و عدم القيام بدورهم فى النزول للشارع و التعمق فى فهم المشاكل الحياتية و تكوين تيار تنويرى غير قائم على الشللية ، تيار غير قائم على اجترار ما قد تركته الأيقونات الثقافيه المقدسة من فكر،
أتيار لا يعترف بالدوجما أو بالأيقونات،تيار يدعو الى ثقافة الكيف و ليس الكم و المضمون و ليس الشكل.
نحن لدينا أزمة هوية و أزمة مفاهيم و أزمة ثقافه و أزمة مقدس متعدد الوجوه ، وأزمات أقتصاديه و قيميه،
و تلك الأزمات لن تذوب أو على الأقل تنحفض كثافتها إلا بتكاتف كل معرفى حر محب لوطنه و لإنسانيته. 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *