لاهيري: علاقة القرّاء مع الكلمات، وليس مع الشخص الذي كتبها



*ترجمة: ميادة خليل

جومبا لاهيري قاصة وروائية أمريكية ــ هندية، ولدت في لندن 1967 لأبوين مهاجرين من بنغال الغربية. مجموعتها القصصية Interpreter of Maladies التي صدرت عام 1999 فازت بجائزة بوليتزر للأدب القصصي في عام 2000، وروايتها الأولى The Namesake 2003 تحولت الى فيلم حمل نفس الأسم. لاهيري عضوة في لجنة الرئيس عن الفنون والعلوم الأنسانية، وأعضاء هذه اللجنة يتم تعيينهم من قبل رئيس الولايات المتحدة شخصياً. (المترجمة).

***
* ماذا تقرأين الآن؟ هل تقرأين كتاباً واحداً في وقت واحد؟
-أقرأ أشعار باتريسيا كافالي، وكان من دواعي سروري لقاؤها في روما. أعشقها شخصياً وأحب قصائدها. لا أحد بأمكانه وصف الرغبة مثلها. سعيدة جداً بنسختها ثنائية اللغة، باللغتين الأنكليزية والأيطالية، التي سوف تصدر هذا الخريف في الولايات المتحدة. أقرأ أيضاً رسائل تشيزاري بافيزي و”Teorema” لــبازوليني، الرواية التي قُدمت كفيلم أيضاً. مزج الشعر والرواية مع رسائل أو مذكرات الكاتب، يعجبني وأعتبره مثالياً لقرائتي.
* ما هو أفضل كتاب قرأته هذه السنة؟
-“العشاق” رواية للكاتب الفرنسي دانيال آرساند. قرأتها في المرة الأولى مترجمة باللغة الأنكليزية، ثم باللغة الأيطالية. إنها قصة حب مؤلمة بسياق تاريخي ثري. لكنها خالية من الضخامة، من الوزن، من كل أنسجة السرد المتوقعة. وجدت الرواية ساحرة، رائعة. لقد ألهمتني سرد القصة بطرق مختلفة.
* من هو الروائي المفضل بالنسبة لك؟
-توماس هاردي. منذ أن قرأت له لأول مرة، في الثانوية، شعرت بقرابة مع شخصياته، إحساسه بالمكان، رؤيته القاسية عن الأنسانية. مازلت أعيد قراءة رواياته كلما أستطعت ذلك. بنية رواياته رائعة، والطريقة التي تتحرك بها شخصياته خلال الزمان والمكان تحكم بها بشكل ملحوظ. العالم الذي يخلقه خاص جداً، عالمٌ نفسي. على الرغم من المدى الكبير في أعماله، فان إتساع وتعقد النثر، طاهر ومباشر وأقتصادي. لا مشاهد، لا تفاصيل، ولا جمل تضيع.
* من هو القاص المفضل لديك؟
-وليام تريفور، مافيس غالانت، جينا بيريولت، فلانري أوكونور، أليس مونرو، أندريه دويوس. كذلك جويس، تشيخوف، مالامود، مورافيا. أكتشفت مؤخراً أعمال جورجيو مانغانلي، الذي كتب المجموعة القصصية “سنتوريا”، والتي تتضمن 100 قصة قصيرة، كل قصة صفحة تقريباً. إنها الى حد ما، سيريالية وكثيفة للغاية، ثم فوراً عنيفة وشرسة، مثل شرب جرعة من الغرابا*. أجد من المفيد قراءة إحدى قصصه قبل أن أجلس وأبدأ بالكتابة.
* ما هو “أدب المهاجرين” الأكثر الأهمية بالنسبة لك، سواء على المستوى الشخصي أو كملهم لكتاباتك؟
-لا أعلم من أين جاء هذا المصطلح “أدب المهاجرين”. الكتّاب يميلون دائماً الى الكتابة حول العوالم التي جاءوا منها. ويحدث أن الكثير منهم أصولهم من أماكن مختلفة من العالم، يختلف عن المكان الذي سينتهون اليه، حسب الأختيار، أو الضرورة أو الظروف. وبالتالي، يكتبون عن هذه التجارب. إذا كانت بعض الكتب نطلق عليها “أدب المهاجرين” فماذا سنسمي الباقي؟ أدب القصص؟ الأدب البروتستاني؟ هذا التصنيف لا أتفق معه. بالنظر الى تاريخ الولايات المتحدة، كل الروايات الأمريكية ممكن أن تُصنف على إنها “أدب مهاجرين”. هوثورن يكتب عن المهاجرين. وكذلك فعلت ويلا كاثر. منذ بداية الأدب، الشعر والكتّاب يعتمدون على عبور الحدود، على التجول، على المنفى، على المواجهة خارج المألوف في كتابة قصصهم. الغريب هو النموذج الأصلي في الشعر الملحمي، وفي الروايات. التوتر بين الأغتراب والاندماج كان دائماً موضوعاً أساسياً.
* ما هي أنواع القصص التي تجذبك؟ وأي القصص تنأين بنفسك عنها؟
-تجذبني أي قصة تجعلني أريد أن أقرأ الجملة تلو الأخرى. ليس لدي معيار آخر.
* أي الكتب ممكن أن نفاجئ بوجودها في مكتبتك؟
-كل الكتب تقريباً في مكتبتي الآن باللغة الأيطالية. أقرأ غالباً باللغة الأيطالية منذ أكثر من سنة. أقرأ ببطء أكثر نتيجة لذلك. لكن أقرأ بعناية أيضاً، وأقل سلبية.
* هل تقرأين كتب المساعدة الذاتية؟ وأي كتاب تنصحين به؟
-الأدب دائماً وأبداً هو الشكل الوحيد للمساعدة الذاتية بالنسبة لي.
* هل يمكنك أن تعرّفي شخصية أدبية كبرتِ معها؟ من هو بطلك الأدبي؟
-الأيتام بالتحديد، مثل آنا في “Green Gables”، أو الرواد، مثل شخصيات لورا إينغيلس، أو الأطفال الذين تسللوا الى أو خارج عوالم واتجاهات مختلفة مثل الأشقاء في “الأسد، الساحرة وخزانة الملابس” وبالطبع الكاتب جو في “نساء صغيرات”. أحب الأخ والأخت في “From the Mixed-Up Files of Mrs. Basil E. Frankweiler” اللذين هجرا المنزل وبقيا بين أعمال التجميل. لم أذهب أبداً الى متحف متروبوليتان للفنون دون أن أفكر بهما.
* ما هي الكتب التي تستمعين بقراءتها مع أولادك؟ هل تتطلعين بصورة خاصة الى القراءة معهم؟
-أنا وزوجي نقرأ لأولادنا كل ليلة منذ عشر سنوات (أبننا البكر عمره الآن 11 سنة) نتناوب أنا وزوجي في القراءة لهم كل ليلة. أحب القراءة وتبادل الكتب التي أقرأها وأحبها كطفلة، مثل سلسلة Pippi Longstocking(بيبي ذات الجوارب الطويلة) لأستريد ليندغرين وكل شيء كتبه رولد دال. وأحببت اكتشاف كتب جديدة معهم. في الصيف الماضي قرأنا سلسلة عظيمة أسمها “The Incorrigible Children of Ashton Place” (أطفال أشتون بليس الفاسدون) لــماريروس وود. هذه الأيام أحب أيضاً القراءة لأولادي باللغة الأيطالية، التي يفهمونها الآن. مجرد أن أقرأ بعض الخرافات الجميلة لإيتالو كالفينو، ومجموعة قصصية أخرى من قصص مسلية وقصيرة جداً لــجياني روداري أسمها “Le Favolette di Alice” القصص حول فتاة صغيرة جداً تجد نفسها محاصرة مؤقتاً داخل أشياء، مثل جيوب، زجاجة حبر، كعكة عيد الميلاد وفقاعات الصابون.
* إذا كان يمكنك لقاء أي كاتب حي أو ميت، من سيكون؟ وماذا تريدين أن تعرفي منه؟
-فكرة لقاء كتّاب الكتب التي أقرأها لا تهمني. أريد القول، بأني لا أريد الخروج عن طريقي. إذا كان الكتاب على قيد الحياة، إذا كانت الجمل تخاطبني، هذا يكفي. علاقة القرّاء مع الكلمات، وليس مع الشخص الذي كتبها. لا أريد من الكاتب أن يوضح أي شيء لي أو يتدخل. ومع ذلك، أود لقاء إدوارد غوري قبل أن يموت، فقط لأحيي تألقه.
* إذا كان بأمكانك أن تكوني أي شخصية أدبية، من ستختارين؟
-أحب أن أكون سيباستيان فلايت من “Brideshead Revisited”، فقط في الفصول الأولى، قبل أن تذهب الأمور الى المنحدر. أحب دائماً التهيؤ للعشاء.
* ما الكتاب الذي تنوين قراءته؟
-خططت لقراءة مقالات عن السفر لأنطونيو تابوشي.
 ______________
*المصدر: نيويورك تايمز
عن (العالم) العراقية

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *