ليسَ في البيتِ سِوَى لا


*أحمد الشهاوي
(ثقافات)
لا أبْوابَ
وعليَّ أنْ أخرُجَ .

لاسَمَوَات فوْقَ رأْسي
وعَلَيَّ أنْ أسقُطَ كنَجْمٍ منْ دارِها .

لابَحرَ عن يمِيني
وعليَّ أن أصِيرَ سمَكةً ليصطادَهَا عَابرٌ .

لاطَرِيقَ يُؤدِّي إلى البيْتِ
وعليَّ أنْ أنْجوَ بكَلْبِي منَ الصَّائدين .

لا نَارَ في بَاطِنِ اليدِ
وعليَّ أنْ أطبُخَ اللُّغةَ في وِعَاءٍ منَ الضَّوء .

لا عُشْبَ في ظَاهِرِ الكَفِّ
وعليَّ أنْ أُغازلَ جيْشًا منْ شَجَرٍ أزْرَقَ .

لا حِبْرَ في القَلمِ
وعلَيَّ أنْ أُكْملَ هذي القصِيدةَ
لأرْوِيَ عَطَشَ هُدهُدي اليتيم .

لا عُودَ ثِقَابٍ في جيْبِ المَجَازِ
وعَليَّ أنْ أشْعلَ النَّارَ فَي اللُّغَةِ .

لا وَشْمَ في الجَسَدِ
وعلَيَّ أنْ أثْبِتَ ساعَةَ الحِسَابِ
أنَّنِي لمْ أسْرقْ خَاتمَ مُرشْدٍ أثيم .

لا إنْجِيلَ عِشْقٍ علَى الرَّفِ
وعلَيَّ أنْ أنْحَتَ صَلِيبًا لنَهْديْها .

لا سيْفَ في يمِيني
وعَليَّ أنْ أهْزِمَ الإخْونْجَ في مِحْنَةِ تكْفِيرِ خَلايَايْ .

لا عِطْرَ في زُجَاجةٍ سقَطَتْ علَى الأرْضِ
وعلَيَّ أن أرُشَّ حُرُوفَ اسْمِي علَيَّ
ليدفعَ العارِفُ المَوْتَ عن لُغتِي .

لا بندقيةَ صَيْدٍ على مِخدَّتِي
لأقنُصَ طَائِرَ الصُّبْحِ ،
الذي يُدخِلُ الشَّمْسَ من شُبَاكِي
ويُوقظُني .

تَعِبْتُ منَ الرتَابةِ
وليسَ في البيتِ سِوى لا
وعَليَّ أنْ أقتفِي أثَرَ الظِلال
أو أتبعَ القلْبَ حيْثُ تكُونُ الفريسَةُ
قد نضجَتْ شَمْسُها
وحيثُ الملائكُ ترتاحُ من صيْدِ أمس
وحيثُ جنَاحِي تكسَّر من طيَرانٍ خفِيضٍ
كُنتُ أُسَابقُ فيه الهَداهدَ في الزَّهوِ
وحيْثُ – في الصُّبحِ – أجْمعُ ما ماتَ مِنِّي
وأُرُشُّ السَّريرَ بمَاءٍ تنَازَلَ عن مُلْكِهِ للنَّهَارْ

وأطلُبُ منْ سَاحِرٍ كان شيْخِي
بأنْ يُخْرِجَ المناديلَ من غُرَفِ الكَوْنِ ،
كيْ نفُكَّ عن الأرْوَاحِ العُقَدْ
ونُنْزِلَ عن كَاهِلِ البَابِ الألمْ
ونمْنحَ للنَّاسِ فَصْلا جديدًا
تذُوبُ القُلُوبُ إذا ما رأتْهُ
ونطلُبَ قَصَّ الأظافر
إذا ما جاءَ موْتٌ ، كيْ لا تنتهي الدُّنيا ،
ويبلعَ البَحْرُ السَّفائنَ التي صُنِعَتْ من أظَافِر ميتين .

أنا هُنا في مكاني
قُربَ نِيلٍ مَريضٍ
أقضُمُ الأظْفارَ
كَيْ لاتغرقَ السُّفنُ القريبةُ
في شِبْرِ ماءٍ
يُشَكُّ بأنَّهُ على قيْدِ الحياةْ .

القاهرة
7 من سبتمبر 2013 ميلادية
_______
*شاعر من مصر

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *