“سيدة أيلول” لمحافظة: رواية توقظ الحزن الأنثوي من غفوته

 *عزيزة علي

صدر للروائي الأردني زياد محافظة المقيم في كندا رواية بعنوان “سيدة أيلول”، عن دار فضاءات الأردنية للنشر والتوزيع – عمان، وهذه رواية تتسيد النص فيها المرأة، وهي تمسك زمام السرد فتحتل دور البطولة المطلق في هذا العمل.

و”سيدة أيلول”، هي رواية المرأة والحرب والخسارات. وهو عمل سردي يوقظ الحزن الأنثوي من غفوته العميقة، ويضيء مساحاته الشاسعة، ويدعو القارئ للمشاركة في هذه التفاصيل الحياتية المعقدة والمتشابكة، ومرافقتها في هروبها المتواصل وجريها من مكان لآخر، وهي تتوارى عن أنظار الحياة التي ظلت تترصدها وتفتح لها في كل مرة جرحاً جديداً، دون أن يتاح لها الوقت الكافي لتخيط جراحها التي ظلت نازفة على امتداد السرد.

وقال محافظة في تصريح خاص لـ “الغد”، عبر الانترنت: إن المقاربة الأساسية في هذه الرواية كانت من جانب إنساني بالدرجة الأولى، فاشتباك الاحداث وتقاطعها مع تفاصيل تاريخية وسياسية وأثر تلك الاحداث على مصائر الشخصيات، وتحليل انعكاساتها على مسارات حياتهم، كان هو الهاجس الاول لديه.

وعن المساحة التي اتاحها للمرأة في هذا الرواية قال الروائي “إن المرأة تمثل في جوهرها صورة الوطن بوجعه وانكساره. لذلك اتحت لها مساحة لتعبر من خلالها وبحرية عن خوفها وحزنها وارتباكها، فحالة الهروب والتخفي والبحث عن مسالك مختصرة للسعادة التي ظلت حاضرة على امتداد السرد، كانت في جوهرها صورة حية للازمة العميقة التي نمر بها جميعا وعلى مختلف الصعد.

واشار الروائي الى ان ما يميز هذا العمل عن اعماله السابقة أن أحداثه وحكاياته الصغيرة، استمدت روحها من تفاصيل حقيقية، لذا جاء هذا المزج بين ما هو واقعي ومتخيل، ليأخذ السرد لعالم روائي جديد تم تشييده ليكون صوتاً للمهمشين والمقهورين.

ويبين محافظة انه في هذا العمل ترك للمرأة الحرية الكاملة لتحكي لنا وجعها وانهيارها، دون توجيه السرد او التاثير في سيرورته، إيمانًا بأن الأنثى هي الاقدر دوماً على ارشادنا وتوجيهنا، فرغم تلك الانهيارات والتصدعات التي المت ببطلة العمل التي رافقتها منذ كانت في الثامنة عشرة من عمرها حتى بلغت الستين عاما، إلا انها تمكنت في كل مرة من معاودة النهوض من جديد، تاركة وراءها كل تلك الخيبات والطعنات والحسرات التي استقرت عميقا في وجدانها، لتقول لنا علينا التطلع دوماً للامام.

واوضح الروائي ان هذا العمل اخذ منه وقتا كبيرا من التأمل والكتابة، حيث حرص محافظة من خلال كتابة هذه الرواية على مراجعة وتدقيق احداثها وقصصها زمانيا ومكانيا، لافتا الى ان الهدف من هذا البحث هو “أن اعجن تلك الاحداث والقصص والمشاهد والمخاوف الفردية والاجتماعية والسياسية في قالب انساني بحت، دون ان يسمح لجانب غير انساني ان يشد السرد لناحيته”.

وقال المحافظة إنه في هذه الرواية حاول أن يبني للانثى شرفة لتقف عليها وتحكي حكايتها، ولم يكن الغرض من ذلك خلق حالة من التعاطف الزائف مع المرأة، بقدر ما هو اماطة اللثام عن وجعها الانثوي الموغل في دواخل النساء.. فالشخصيات الاساسية في هذه الرواية جميعها انثوية، ولعلها من الاعمال القليلة التي غاصت عميقا في هذه المساحات التي ظل التعامل معها في مرات كثيرة مقصور على قراءة سطحية تساند الاعمال الروائية ولا تمنحها حق البطولة المطلق.

وحول اهتمامه بالتاريخ والماضي في اغلب اعماله الروائية اوضح الروائي: انه لا يمكن فهم الحاضر المربك الذي نعيشه دون تفكيك التداعيات التاريخية والسياقات السياسية التي افرزته، فالماضي في منطقتنا العربية على وجه الخصوص يسير معنا، ويرافقنا في كل خطوة نقوم بها، ودون ان نفهم هذا الماضي ونخضعه للتشريح والمسألة لن نستطيع ان نخطو للأمام او نضع أسسا صحيحة نبني عليها المستقبل الغامض والمجهول.

وخلص محافظة الى انه عندما اعلن عبر صفحة التواصل الاجتماعي الفيسبوك انه بصدد اصدار عمل روائي يبدأ خيطه الزماني من أيلول عام السبعين ومكانه الاستهلالي مدينة الزرقاء.

واضاف :”تلقيت الكثير من الاتصالات والرسائل من قراء واصدقاء يتساءلون ويتخوفون، وكانني بصدد الدخول في منطقة محظورة، وكان جوابي ان الرواية هي اصدق وسيلة نحكي بها حكايتنا، وان غاب صوت الرواية، فسنترك لاصوات كثيرة ومنفرة ان تحكي حكايتنا وتزيف الحقائق وتتلاعب بها”.

ويذكر ان زياد محافظة روائي أردني يقيم في كندا يحمل درجة الماجستير في الإدارة العامة، وصدر له في العديد المؤلفة في القضايا الفكرية والأدبية، وحصلت روايته “نزلاء العتمة”، على جائزة أفضل رواية عربية في معرض الشارقة الدولي للكتاب العام 2015، واختيرت روايته “يوم خذلتني الفراشات”، للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب العام 2012، وهو عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، ورابطة القلم الكندية، واتحاد الكتاب والأدباء العرب.

وفي مجال الابداع صدر له خمسة اعمال روائية هي: “يوم خذلتني الفراشات”، “ونزلاء العتمة”، “حيث يسكن الجنرال”، وأفرهول، وأنا وجدي وأفيرام”، ومجموعة القصصية، “أبي لا يجيد حراسة القصور”.

  • عن الغد

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *