أئمة شعر الغزل الفارسي : سعدي وحافظ

أئمة شعر الغزل الفارسي : سعدي وحافظ

ا.د. محمد علي آذرشب *

( ثقافات )

أهم ما يميّز الشاعرين سعدي وحافظ أنهما من أئمة شعراء العرفان والغزل في الأدب الفارسي. ولارتباط الغزل بالحبّ والعشق، لابدّ من وقفة عند العرفان ثم العشق، ثم الغزل، ثم دور الشاعرين في تاريخ الغزل الفارسي.

العرفان

بنظرة موضوعية الإنسان هو الموجود الوحيد على ظهر الأرض الذي يحمل أشواقاً للتغيير والتطوير، وکل ما في الإنسان من امتياز عن سائر الموجودات إنما يتلخص بهذه الأشواق. والأشواق هذه تدفعه إلى الحرکة نحو تحقيق ما يعيشه الإنسان من مثل أعلى.

هذه الحرکة المتجهة نحو هدف معين هي «عبادة» بالمفهوم اللغوي الديني، ومنهج هذه الحرکة هو «دين»، والمثل الأعلى هو «الإله».

ونصوص القرآن الکريم تؤکد هذا المعنى حين تتحدث عن تعدد أنواع العبادة: (لا أعبد ما تعبدون)، وتعدد أنواع الأديان (لکم دينکم ولي دين)، وتعدد الآلهة: (لا إله إلا الله).

والأديان تدعو إلى انتخاب الإله الواحد الحق من بين الآلهة: (ولقد بعثنا في کل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت). وتدعو إلى الدين الذي ينسجم مع فطرة الإنسان: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلک الدين القيّم). وتدعو الإنسان إلى أن يتجه في منهج عمله إلى الحقيقة لا إلى السراب: (مثل الذين کفروا أعمالهم کسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده…).

فالدين الإلهي الحقّ – إذن – يستثير أولاً هذه الأشواق التکاملية في نفس الإنسان من خلال الترکيز على الجانب المتسامي منه: (إني جاعل في الأرض خليفة) … (ولقد کرّمنا بني آدم) … و (نفخنا فيه من روحنا) … ويحثـّه على الحرکة في داخل ذاته وفي محيطه الخارجي للتخلص من کل ما يعتري مسيرته نحو تحقيق أشواقه… يدعو إلى الإيمان… والتقوى… والتخلص من شحّ النفس ومن الالتصاق بالمال والمتاع… وکلها دوافع للحرکة للتخلص من المعوقات الداخلية، وهو الجهاد الأکبر… ويدعوه إلى التخلص من المعوقات الخارجية التي تتمثل بالطواغيت والمستکبرين والفراعنة… وهو الجهاد الأصغر… کما يدعوه إلى حرکة تکاملية لا نهاية لها، ولا تتوقف عند مرحلة من مراحل الطريق… أي يدعوه إلى التحرک نحو «الله».

من هنا فالتحرک أو السير والسلوک هو جوهر الدين، وما «العرفان» إلا تعبير عن هذا الجوهر. ثم إنّ هذا التحرک ليس مکانياً. بل جوهرياً على طريق التخلّق بأخلاق الله من إبداع وخلق وابتکار.

ويُذکر أن «العرفان» هو المصطلح المتداول في أدبيات ايران بدل «التصوف»، للتخلص مما لحق الکلمة الأخيرة من تبعات أبعدتها بدرجة وأخرى عن نقاء الاسلام والالتزام بالشريعة.

وأهم محاور العرفان هي:

١ – يرکز العرفان على مکانة «الإنسان» في العالم، وهو تأکيد يخلق روح العزّة والکرامة في نفس المتلقي، ويجعل الکائن البشري يستشعر مهمته على ظهر الأرض، في الخلق والإبداع.

فهو (الإنسان) موجود مکرّم من خالقه، وکرامته ثابتة بغض النظر عن دينه وعقيدته، ويستشهد ابن عربي في هذا المقام بسيرة النبي إذ قام أجلالاً واحتراماً لجنازة يهودي لأنه «إنسان» بقوله: «ألا ترى إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – قد قام لجنازة يهودي، فقيل: إنها جنازة يهودي. فقال – صلى الله عليه وسلم – أليس نفساً؟ ! فما علّل بغير ذاتها، فقام إجلالاً لها وتعظيماً لشرفها ومکانتها. وکيف لا يکون الشرف، وهي منفوخة من روح الله؟ ! فهي من العالم الأشرف الملکي الروحاني، عالم الطهارة» [١].

والله کرّم الإنسان بالنفس الناطقة بعد أن نفخ فيه من روحه، وعلّمه الأسماء کلـّها، وهذه النفس شريفة لا يمکن أن تتعرض للعذاب يوم القيامة، إنما يتعرّض للعذاب النفس الحيوانية التي تکبر وتتضخّم عند الإنسان المنحرف عن طريق الله، وتـُغيّب النفس الناطقة. يقول ابن عربي عن الإنسان: «لا يدخل جهنّمَ إلاّ بنفسه الحيوانية، لأن جهنّم ليست موطناً للنفس الناطقة، ولو أشرقت عليها طفئ لهيبها لأن نورها أعظم» [٢].

والتوجّه الإنساني للعرفاء أبعدهم عن التفکير الذکوري وجعلهم يساوون بين الرجل والمرأة في إمکان الوصول إلى درجات الکمال الإنساني يقول ابن عربي: «إعلم – أيدک الله – أن الإنسانية لما کانت حقيقة جامعة للرجل والمرأة، لم يکن للرجال على النساء درجة من حيث الإنسانية» [٣].

وانعکس هذا التوجه في فقههم إذ جوّزوا إمامة المرأة للرجال في الصلاة [٤].

ويؤکد العرفاء على الهمّة، وأن يعرف الإنسان طاقاته ولا يستصغر قدره، يقول جلال الدين الرومي:

پس به ظاهـر عالم اصغر تويـي

پس بمعنـى عـالم اکبر تويـي

ظاهر آن شاخ اصل ميـوه اسـت

باطناً بهر ثمر شد شـاخ هسـت [٥]

أي: «إذن أنت في الظاهر عالَم أصغر / غير أنک بالمعنى عالم أکبر / ففي الظاهر الغصن أصل الفاکهة / وفي الباطن وُجد الغصن من أجل الثمرة».

وهذا المفهوم مقتبس مما ينسب لأمير العارفين علي بن أبي طالب إذ يقول:

دواؤک فيـک ومـا تشـعـر

وداؤک منـک ومـا تبصـر

وتحسـب أنـک جـرم صغيـر

وفيـک انطـوى العالم الأکبـر [٦]

٢ـ في رأي العرفاء أکبر شيء يصد الإنسان عن حرکته التکاملية هو «نفسه»، فإذا تجاوز الذاتيات فقد انطلق في رحاب لا حدّ لها ولا حصر، وإلاّ فَقَدَ جوهره الإنساني الذي يدفعه إلى التکامل بسبب ما فيه من نفخة رب العالمين، يقول مولانا:

آن يکي با شمع بر ميگشـت روز

گرد هر بازار دل پـر عشق وسوز

بو الفضولي گفـت اورا کاي فلان

هين چه مي جوئي به پيش هر دکان؟

هين چه مي جويي تو هر سو باچراغ

در ميان روز روشن چيسـت لاغ؟

گفـت مي جـويم بهـرسو آدمي

کاو بود حي از حيـات آن دمـي

گفت من جوياي انسـان گشتـه ام

من نيابم هيج وحيران گشتـه ام [٧]

أي: «کان شخص يحمل شمعة ويبحث عن شيء في النهار / يجول في کل سوق حاملاً قلباً مفعماً بالعشق الملتهب / جاء فضولي وقال له يا فلان عمّ تبحث في کل دکان / عمّ تبحث في کل ناحية وأنت تحمل المصباح في هذا النهار المضيء، هل تهزل؟ ! / قال: أبحث في کل مکان عن آدمي / يکون حياً من حياة تلک النفخة / أنا لا أزال أبحث عن إنسان فلم / أجده وأصبحت متحيّراً».

ويصور العرفاء الشخص الغارق في ذاتياته کالحمار الغارق في الأوحال، ينبغي أن يتخلص منها، لا أن يتحرک في داخلها لأن الحرکة لا تزيده إلا ارتکاساً. فيقول مولانا:

چون خري در گل فتد از گام تيز

دمبدم جنبد براي عـزم خيـز

جاي را هموار نکند بهـر باش

داند او که نيست آن جاي معـاش [٨]

أي: «مثل حمار سقط في الطين بسبب طفرة قويّة / يتحرک باستمرار من أجل أن يثب من مکانه / ينبغي أن لا يسعى إلى توسيع مکانه / مَنْ يعلم أن هذا ليس مکان معاشة».

ويرى العرفاء أن من يعيش في دائرة ذاته لا يستطيع أن يفهم العوالم الرحبة ولا يستطيع أن يدرک الأبعاد الواسعة لحرکته التي خـُلق من أجلها. يقول مولانا:

أي که اندر چشمه شور است جـات

توچه داني شط و جيحون وفـرات [٩]

أي: «يا مَن ألِفْتَ العيش في برکة مالحة / ما أدراک ما شط جيحون والفرات؟ !».

٣ – يرى العرفاء أن الإنسان ينبغي أن يکون في حرکة دائبة مستمرة وأن يجدّ في هذه الحرکة بعزم وإرادة. فهو في الواقع يسير، غير أن سيره ينبغي أن يکون ذا توجّه مستقبلي، لا ملبياً لحاجات آنية. يقول مولانا جلال الدين:

نيـک بنگر ما نشسته مي رويم

مـي نبني قـاصد جاي نـويم؟

بهر حالي مي نگيري رأس مـال

بلکه از بهر غـرضهـا در مآل

پس مسافراين بود اي ره پـرست

که مسيروروش درمستقبل اسـت [١٠]

أي: «انظر جيداً، إننا نمضي جالسين / ألا ترى أننا نقصد موضعاً جديداً؟ / إنک لا تأخذ رأس المال من أجل الحاضر / ولکن من أجل أهداف في المآل / إذن هکذا يکون المسافر يا عابد الطريق / فإن مسيره ووجهته في المستقبل».

وهذا هو هدي الدين الذي يأبى على الإنسان أن يرکن ويسکن ويستسلم للواقع. وفي القرآن أن الإنسان إذا وجد أنه غير قادر على الحرکة في مکان فعليه أن يهاجر إلى مکان آخر يتخلص فيه من الاستضعاف وإلا فهو ظالم لنفسه: (الذين توفّاهم الملائکة ظالمي أنفسهم قالوا: فيم کنتم؟ قالوا: کنا مستضعفين في الأرض. قالوا: ألم تکن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).

٤ – يرى العرفان أن عمر الإنسان لا قيمة له إذا کان الکائن البشري يسير على غير طريق الکمال الانساني، فمثل هذا الانسان يعيش في ضياع، ولابدّ أن يصحو، ويتخلّص من السقوط في وحل الذات والأنا، ويرمزون بالخمرة الى هذا الصحو، وهذا التخلّص من الارتکاس في نزعة الطين. ويخطئ من يظنّ أن هذه الخمرة هي المشروب المسکر الذي يفقد الوعي، بالعکس الخمرة عند العرفاء هي حياة الانسان، وهي ساطعة من «نار موسى»، ومکانها «القلب» وظهورها في «طور سيناء». والانسان الذي ينتشي بهذه الخمرة لا يصغي الى لوم اللائمين المتهافتين على المال والمتاع.

والشيخ الکبير بهاء الدين العاملي (ت ١٠٣٠هـ)، وإن کان متأخراً، يعبّر أفضل تعبير عن هذا المفهوم في أرجوزة نظمها في سفره لأداء فريضة الحج:

يا ندمي ضاع عمري وانقضى

قم لادراک زمانٍ قد مضـى

واغسـلِ الأدناس عـني بالمـدام

وامـلأ الأقداح منها يا غلام

واسقني کأساً فقد لاح الصباح

والثـريّا غربت والديک صاح

زوّج الصهبـاء بالـماء الزلال

واجعلنْ عقلي لها مهـراً حلال

هاتها من غير مهل يا نـديم

خمرة يحيا بها العظم الرميـم

بنت کرم تجعلنّ الشيخ شـاب

من يذق منها عن الکونين غـاب

خمرة من نار موسى نورهـا

دنـّها قلبي وصدري طورهـا

قم ولا تمهل فما في العمر مهـل

لا تصعّب شربها فالأمر سهـل

قل لشيخ قلبه منها نفـور

لا تخف فالله تـوّاب غفـور

يا مُغنـّي إن عندي کـلّ غـم

قم وألق الناي فيهـا بالنغـم

غنّ لي دوراً فقـد دار القـدح

والصبا قد فاح والقمري صـدح

واذکرنْ عندي أحاديث الحبيب

إن عيشي من سواها لا يطيـب

واحذروا ذکري أحاديث الفـراق

إن ذکر البعد ممّا لا يطـاق

ردّ لي روحي بأشعار العـرب

کي يتمّ الحظّ فينا والطـرب

وافتتح منها بنظم مستطـاب

قلته في بعض أيـام الشبـاب

قد صرفنا العمر فـي قيل وقال

يا نديمي قم فقد ضـاق المجال

ثم أطربني بأشعـار العجـم

واطردنْ همّا علـى قلبي هجـم

وابتدئ منها ببيـت المثنـوي

للحکيم المـولوي المعنـوي

بشنو ازني چـون حکايت ميکند

واز جدائيها شکـايت ميکند [١١]

قم وخاطبني بکـل الألسنـة

علّ قلبي ينتبه من ذي السنـّـة

إنه في غفلة عـن حالـه

خابط في قيلـه مـع قاله

کل آن فهو في قيـد حـديـد

قائلاً من جهله هل مـن مزيد

تائها في الغيّ قد ضـل الطريق

قط من سکر الهوى لا يستفيـق

عاکفاً دهراً على أصنامـه

تهزأ الکفار مـن إسلامـه

کم أنادي وهو لا يصغى التناد

وا فؤادي وا فـؤادي وا فؤاد

يا بهائي اتخذ قلبـاً سـواه

فهو ما مبعوده إلا هـواه

وقفة عند الفن

وباعتبار أن الأدب من الفنون التي تنشد الجمال بالکلمة المنغومة وبموسيقى الکلام الساحر وبالصورة الغنية الخلاّبة نقف عند «الفنّ».

يتميز الفن بأنه الإبداع الإنساني الذي يبحث عن الجمال ويحاول أن يصل إليه [١٢].

وماهو الجمال؟ ولماذا تميل النفس الإنسانية إلى الجمال؟ وکيف يلبّي الفن هذا الميل الفطري الإنساني؟ الإجابة على هذه الأسئلة يقرّبنا من فهم الصلة بين الفن والعرفان.

لا أراني بعيداً عن الحقيقة إذا قلت إن ارتباط الإنسان بالجمال ارتباط ميتافيزيقي أو غيبي بالتعبير الإسلامي، «لذلک حيّر الجمال عبر تاريخ البشرية، المفکرين والفلاسفة، والأدباء، والفنانين وعلماء النفس، والناس بشکل عام. وتعددت تفسيراته بتعدد المنطلقات الفلسفية والنقدية والإبداعية والعلمية والإنسانية له، تلک التي حاولت تفسيره، أو الإحاطة بمظهره ومخبره، وظلّ الجمال يروغ دوماً من کل التفسيرات، ويقف هناک في الظل أو النور متألقاً وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة تشبه ابتسامة الموناليزا، تلک التي حيّرت الملايين منذ قرون عدة، ولا تزال تحيّرهم، کل ما استطاع هؤلاء أن يقوموا به هو أن اقتربوا منه، وأن يقفوا على مسافة ما منه ثم يتأملوه» [١٣].

من هنا فالإنسان لا يستطيع أن يفهم کنه الجمال بل يستطيع أن يقترب منه، وأن يملأ نفسه بالراحة واللذة في هذا الاقتراب. تماماً نفس الشيء الذي يقال عن «الذات الإلهية» لا يمکن فهم کنهها، بل يمتلئ الإنسان بالطمأنينة واللذة في القرب منه.

هذه الظاهرة يستطيع الفکر الديني والعرفاني أن يفسّرها على النحو التالي:

الإنسان مفطور على الحرکة نحو الله: (يا أيها الإنسان إنک کادح إلى ربک کدحا فملاقيه) (إنّا لله وإنا إليه راجعون).

وهذه الحرکة – کما ذکرنا – ليست مکانية، بل جوهرية تکاملية. والله هو الکمال المطلق، والجمال من قيم الکمال، فالله هو الجميل المطلق، والجميل من صفات الله.

من هذه المقدمة نفهم أن الفنان:

١ـ هو الذي يعشق الجمال مثل کل إنسان، ولکنّ الناس کثيراً ما تصدّ حرکتهم إلى معشوقهم الحقيقي أو إلههم الحقيقي آلهة سرابية، وأفظع هذه الآلهة الذات، أو الهوى بالتعبير القرآني: (أرأيت من اتخذ إلهه هواه)؟ !.

أما الفنان المبدع فقد تجاوز هذه الآلهة، وتغلب على ذاتياته وانطلق في مسيرة لا حدّ لها نحو المطلق.

٢ـ إن الفنان إذ يخلق من الأصوات أو الکلمات أو الموادّ جمالاً أخّاذاً فإنه يرى في هذا الجمال الأرضي ما يزيد أشواقه إلى الجمال المطلق ويوثّق ارتباطه به. وهذا هو الشوق الذي عبّر عنه أفلاطون بقوله: حين يرى الإنسان الجمال الأرضي فيذکره بالجمال الحقيقي وعندئذ يحسّ المرء بأجنحة تنبت فيه وتتعجل الطيران، لکنه لا يستطيع، فيشرئب ببصره إلى أعلى کما يفعل الطائر ويهمل موجودات هذه الأرض [١٤].

٣ـ الفنّ مما تقدم وليد حرکة نحو الجمال المطلق يودع فيه الفنان مشاعره وأحاسيسه وروحه، من هنا يرتبط الفن بالمکون الجمالي Aesthetic أکثر من ارتباطه بالجمال Beauty بالمعنى الحسّي فقط. و (المکون الجمالي) هو ذلک الشعور الخاص الذي ينبعث بداخلنا عندما نتعرض للأعمال الفنية خاصة والجمالية عامة أو نتلقاها، فتحدث فينا تأثيراتها المتميزة والتي غالباً ما تکون سارّة، وإن کان هذا لا يستبعد وجود مشاعر وانفعالات مصاحبة للخبرة الجمالية مثل الشعور بالاکتشاف والتأمل والفهم، والشعور بالغموض، وحب الاستطلاع [١٥].

الحبّ والعشق

الحبّ عاطفة مشترکة بين جميع البشر، وليس فکراً تتعدد فيه المدارس، لکن الملاحظ ظهور مايشبه المدارس الفکرية في الحبّ… وهذا من العجيب ! فثمة الحبّ العذري والحبّ الحسّي والحبّ الأفلاطوني والحبّ الصوفي و…

وأغرب من هذا ماذهب إليه بعضهم حين تحدث عن انتقال ألوان من الحبّ من اليونان إلى الشرق [١٦].

وتحدث آخرون عن ارتباط ألوان من الحبّ بأجناس بشرية خاصة وکأنه لا يرتبط بعاطفة إنسانية مشترکة بين البشر [١٧].

والواقع أن کتب التراث العربي التي تحدثت عن الحبّ لم تبلور مفهوماً واضحاً لهذه العاطفة الإنسانية بل تناولت الحبّ ابتداءً من وصف «العشّاق العفيفين» إلى «العشاق الماجنين»، وهذا الخلط هو الذي أوحى إلى بعض المستشرقين فکرة حسية الحبّ في التراث العربي.

ومهما تعددت الآراء في الحبّ، فأعتقد أن ماقيل وما کتب عنه لا يخرج عن هذه الأمور.

ـ إما حديث عن علاقة حبّ بين جنسين لا يرتبطان جسدياً، ويظلّ العاشق في لوعة وحرقة تجاه المحبوب وهو الذي يسمى بالحب العذري أو الافلاطوني.

ـ وإما حديث عن حبّ صوفي يعبّر فيه العاشق عن حبّه لله والفناء فيه.

ـ وإما حديث عن غريزة جنسية تحرّک الإنسان في اتجاه معيّن کما تحرک سائر الحيوانات الأخرى، مع فارق بين حياة الإنسان وحياة سائر الأحياء.

ـ وإما حديث عن شعور يلتهب في وجود الفرد يدفعه إلى الجمال في کل شيء من جمال الإنسان وجمال النفس الإنسانية وخصالها الکريمة، إلى جمال القيم الإنسانية.

الحبّ العذري يتخذ معنى خاصاً في الأدب الفارسي، فالعلاقة بين مجنون وليلى هي علاقة ترمز إلى انجذاب الانسان نحو الجمال، کالعلاقة بين الزهرة والبلبل کما يأتي، وليست علاقة حبّ مقرون بالحرمان واللوعة والفراق.

والحبّ الصوفي إذا کان المقصود به حبّ الجمال المطلق باعتبار أن الله سبحانه هو الجميل المطلق فليتقي مع النظرية الجمالية للحبّ، وإن لم يکن کذلک فليس من مقولة الحبّ، بل هو أقرب إلى الرياضات النفسية والروحية.

وحصر الحب في الغريزة الجنسية، وإن کان يلامس واقع الانسان، لکنه يلامس جانب الواقع البهيمي أو الطيني بالتعبير القرآني للکائن البشري، ويجهل الجانب الروحي المتسامي منه الذي عبّر عنه القرآن بالروح الالهية.

والنظرية الجمالية للحبّ هي التي تناولها بالتفصيل الغزل الفارسي، والملاحظ في الأدب الفارسي أن کلمة «الحب» غير موجودة، بل يوجد مکانها کلمة «عشق» والعشق هنا لا يعني الا الشعور الملتهب الذي أشرنا إليه، والغزل الفارسي لا يخرج عن هذا الاطار [١٨].

أما المغامرات والممارسات الجنسية فلا علاقة لها في الأدب الفارسي بالعشق ولا بالغزل.

ومن الطريف کذلک أننا نجد مثل هذا المنحى على لسان أعرابية علّقت على ما وصف لها من رغبة حسية لدى المحبين فقالت: هذا ليس بعاشق ولکنه طالب ولد [١٩].

التفريق بين «العاشق» و «طالب الولد» يعني اختلاف الحبّ من حيث المنطلق والاهداف عن الغريزة الجنسية البحتة.

والملفت أن التراث العربي ينقل لنا معنى العشق بأفضل صوره على لسان أعرابية أيضاً، إذ يقول الأصمعي: سألت أعرابية عن العشق فقالت: جلّ والله عن أن يُرى، وخفي عن أبصار الورى، فهو في الصدور کامن ککمون النار في الحجر، إن قدحته أورى، وإن ترکته توارى.

وهذه النار الکامنة في الصدر هي مظهر حياة القلوب في الأدب الفارسي ولولاها ماکان القلب سوى حفنة تراب. يقول الشاعر وحشي بافقي:

هرآن دل را که سوزي نيست دل نيست

دل افسرده غير از مشت گـل نيست

الهـي سينـه اي ده آتـش افـروز

در آن سينه دلي وآن دل همه سـوز

أي: «القلب الذي ليس فيه لهيب ليس بقلـب / القلب الکئيب ليس سوى قبضـة طين / اللهـم اعطني صـدراً مشتعـلاً / وفي هذا الصدر قلباً کله حـرقـة ولهيب».

وأظن أن ما ينقله تراثنا عن هذه الأعرابية أو تلک يعبر عن حقيقة هامة هي أن الحديث عن الحبّ فطري يستطيع کل إنسان أن يفهمه دون الدخول في الاقوال والمدارس الفکرية المختلفة.

هذه النار الکامنة في الصدور على حدّ تعبير الأعرابية وهذا اللهب الذي يملأ القلب والاشتعال الذي يغمر الصدر يحسه کل عاشق للجمال والکمال.

يحسّه عاشق جمال الطبيعة وعاشق جمال العلم وعاشق جمال الأدب وعاشق جمال الفن وعاشق جمال الإنسان. فالعشق کامن في الصدور، مثل کمون النار الملتهبة في وسط الحجر، لا يمکن لهذه النار أن تظهر إلا بحرکة فاعلة (القدح)، وإن انعدمت الحرکة خبت هذه النار.

وهذه الحرکة الفاعلة عند العرفاء هي خروج الإنسان من ذاته… وإذا کسر صنم الذات انطلق في رحاب الجمال المطلق والحکمة المطلقة والعلم المطلق والرحمة المطلقة… تحرک نحو صفات الکمال والجمال بلهفة، لأنه أصبح عاشقاً… وهذا العشق يجعله يحسّ بطاقة عظيمة تملأ وجوده فتدفعه على طريق کل صفات الجمال والجلال حرکة لا متناهية… أي تحرکه نحو الله.

کل عشّاق العلم الذين أفنوا وجودهم من أجل اکتشاف المجهول، وکل عشّاق الفن الذين قدموا للبشرية روائعهم الخالدة، وکل عشّاق العدل الذين قدموا أنفسهم قرابين على طريق مقارعة الظالمين، وکل عشّاق الکمال النفسي الذين سجلوا أروع صفحات الإيثار والرحمة، وکل عشاق جمال الطبيعة والإنسان… لهم جميعاً منطلق واحد في عشقهم هو هذه النار الکامنة في الصدور التي تدفع بهذا الکائن البشري وحده من بين الکائنات إلى حرکة تکاملية في شتّى المجالات.

وحتى لا أبتعد عن المفهوم الشائع في الأذهان عن العشق، وهو علاقة الانجذاب بين الرجل والمرأة، أقول هذه العلاقة يمکن أن تکون من العشق. فالإنسان أجمل مخلوقات الله، فقد خُلق «في أحسن تقويم» بالتعبير القرآني، وجماله بل جمال الأنثى بشکل خاص، هو خلاصة لجمال الکون. فهي سواء کانت الام أو البنت أو الزوجة فيها الحنان والرحمة والودّ والسکن والطمأنينة والألفة، إضافة إلى مايتحلّى به جسد الإنسان من تناسق واعتدال وسحر يکاد يفوق سحر کل مافي الطبيعة من جمال.

لذلک کانت الأنثى وراء کل حرکة تکاملية في المجتمع… لأن جمالها يوقظ في القلب ذلک الحسّ نحو الجمال المطلق، أو يقدح في الصدر تلک الشرارة الکامنة مثل کمون النار في الحجر على حدّ قول الأعرابية. وما يقال إن وراء کل رجل عظيم امرأة يمکن فهمه على هذا الضوء، وهکذا الاحداث العظام في العالم کان للمرأة فيها دور کبير.

ولذلک أيضا نرى العشاق يتغزلون بالمرأة بأسلوب يظهر ما في قلوبهم من شوق ملتهب وما في صدورهم من هَمّ ثقيل يدفعهم باستمرار للتخلص من الذاتيات الضيقة ومن الأهداف التافهة ومن الارتماء في البطر والراحة.

من هنا يمکن أن تکون العلاقة بين الذکر والأنثى علاقة حبّ أو عشق ذات منطلق جمالي، ويمکن أن تنأى عن هذا المنطلق وتتحول إلى علاقة غريزية بهيمية بحتة.

العشق الحقيقي يزيل الخلافات

العشق الحقيقي يرفع الانسان ليتعالى على الاختلافات الفکرية والعقائدية الصغيرة، ويجعل أفراد البشر يرتبطون برباط يوحّد القلوب والافکار، ويزکي النفوس من الأحقاد والضغائن والصغائر.

في هذا المجال ننقل نصاً على غاية من الأهميّة أورده المسعودي في مروج الذهب عن مجلس من مجال البرامکة في بغداد. وله دلالات عظيمة، منها أن أصحاب المذاهب الفکرية المتضادة کانوا يجلسون في مکان واحد للتباحث وطرح وجهات النظر المختلفة، ومنها هذا الذي نحن بصدده، أي إن القيل والقال في الخلافات بين البشر لا ينتهي، والشيء الوحيد الذي يستطيع أن يجمعهم هو العشق:

جاء في مروج الذهب: «کان يحيى بن خالد ذا علم ومعرفة وبحث ونظر، وله مجلس يجتمع فيه أهل الکلام من أهل الإسلام وغيرهم من أهل الآراء والنحل، فقال لهم يحيى وقد اجتمعوا عنده: قد أکثرتم الکلام في الکمون والظهور، والقدم والحدوث، والإثبات والنفى، والحرکة والسکون، والمماسَّة والمباينة، والوجود والعدم، والجر والطفرة، والأجسام والأعراض، والتعديل والتجريح ونفي الصفات وإثباتها، والاستطاعة والأفعال، والکمية والکيفية، والمضاف، والإمامة أنص هي أم اختيار، وسائر ما توردونه من الکلام في الأصول، والفروع، فقولوا الآن في العشق عَلَى غير منازعة، وليورد کل واحد منکم ماسنح له فيه، وخطر إيراده بباله.

فقال علي بن هيثم (وکان إماميَّ المذهب من المشهورين من متکلمي الشيعة): أيها الوزير، العشق ثمر المشاکلة، وهو دليل تـَمازُج الروحين، وهو من بحر اللطافة، ورقة الصنيعة، وصفاء الجوهر وليس يحدُّ لسعته، والزيادة فيه نقصان من الجسد.

وقال أبو مالک الحضرمي، وهو خارجي المذهب (وهم الشراة): أيها الوزير، العشق نـَفْثُ السحر، وهو أخفى وأحرّ من الجمر، ولا يکون إلا بازدواج الطبعين، وامتزاج الشکلين، وله نفوذ في القلب کنفوذ صَيِّب المـُزْنِ في خلل الرمل وهو ملک على الخصال تنقاد له العقول، وتستکين له الآراء.

وقال الثالث: وهو محمد بن الهذيل العَلاّف، وکان معتزليَّ المذهب وشيخ البصريين: أيها الوزير، العشق يَخْتم على النواظر، ويطبع على الأفئدة، مرتقى في الأجساد، ومسرعة في الأکباد، وصاحبه متصرف الظنون، متغير الأوهام، لا يصفو له موجود، ولا يسلم له موعود، تسرع إليه النوائب، وهو جرعة من نقيع الموت، وبقية من حياض الثکل، غير أنه من أريحية تکون في الطبع، وطلاوة توجد في الشمائل، وصاحبه جَواد لا يُصْغي إلى داعية المنع، ولا يسنح به نازعُ العذل.

وقال الرابع – وهو هشام بن الحکم الکوفي شيخ الإمامية في وقته وکبير الصنعة في عصره – : أيها الوزير، العشق حِبَالَةٌ نَصَبَها الدهر فلا يصيد بها إلا أهل التخالص في النوائب، فإذا عَلِقَ المحب في شبکتها ونشب في أثنائها فأبعد به أن يقوم سليماً أو يتخلص وشيکاً، ولا يکون إلا من اعتدال الصورة، وتکافؤ في الطريقة، وملاءمة في الهمة، له مقتل في صميم الکبد ومهجة العقل، يعقد اللسان الفصيح، ويترک المالک مملوکاً، والسيّد خَوَلاً حتى يخضع لعبد عبده.

وقال النـَّظام إبراهيم بن يَسَار المعتزل (کان من نـُظَّار البصريين في عصره): أيها الوزير العشق أرَقُّ من السراب، وأدبّ من الشراب، وهو من طينة عَطِرَة عُجنت في إناء الجلالة، سحابة غزيرة تهمي على القلوب، فَتُعْشِب شعفاً، وتُثْمر کلفاً، وصريعُه دائم اللوعة، ضيّق المتنفس، مُشارف الزمن، طويل الفکر، إذا أجَنـَّه الليل أرق، وإذا أوضحه النهار قلق، صومه البلوى، وإفطاره الشکوى.

ثم قال السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر ومَنْ يليهم، حتى طال الکلام في العشق بألفاظ مختلفة ومعان تتقارب وتتناسب، وفيما مر دليل عليه» [٢٠].

والموضوع الذي دار فيه الحديث (العشق) له ما يشابهه عند اليونان، ثم إن الموضوع تبلور فيما بعد وبلغ قمته على يد أهل العرفان الايرانيين أمثال سنائي والعطار وحافظ والمولوي.

العشق يجمع بين ايران واليمن

العشق منطلقه «نفخة رب العالمين» في الکائن البشري، وهو منطلق يوحّد ويجمع ويؤلـّف، على العکس مما ينطلق من «الطين» الذي يرمز الى الجانب المادّي من الانسان، فهو يفرّق ويخلق التناقض تلو التناقض. وفي تعبير رائع عن المفهوم يتحدّث ابن عربي عن عشقه لفتاة «إصفهانيّة» فيتغزّل بها ذلک الغزل المنطلق من روح عاشقة حقيقية، ويرى أن هذا العشق يتجاوز کلّ المسافات الجغرافية، والاختلافات اللغوية، ففي إطار هذا العشق «يمن والعراق يجتمعان» ويقصد هنا بالعراق ماکان يسمى «عراق العجم» وهو موطن المعشوقة الاصفهانية… وفي إطار هذا العشق «ثريا وسهيل يلتقيان». يقول الشيخ محي الدين بن عربي:

مـرضي مـن مريضة الأجفان

علّلاني بذکـرها علـّلاني

هفّت الوُرق في الرياض ونـاحت

نوح هذا الحمام مما شجـاني

يا طلـولاً برامـة دارسـات

کم حوت من کواعب وحسان

بأبـي طفلـة لعوباً تهادى

من بنـات الـخدور بين الغواني

طلعـت فـي العيان شمساً فلما

أفلت أشرقـت بأفـق جناني

يا خليليّ عـرّجا بعنانـي

لأرى رسـم دارها بعيـاني

وإذا ا بلغتما الـدار حطـّـا

وبهـا صاحـبيّ فلتبکياني

وقِفا بي علـى الطلـول قليلاً

أتباکى فلأبـک ممّـا دهاني

واذکرا لي حديث هند ولبنـى

وسليمـى وزينب وعنـان

ثم زيدا عـن حـاجر وزرود

خبراً عـن مـراتع الغـزلان

طـال شـوقي لطفلة ذات نثـر

ونظـام ومنبـر وبيـان

مـن بنات الملـوک من دار فرس

مـن أجـلّ البلاد من اصفهان

هـي بنت العـراق بنت إمامي

وأنـا ضـدّها سليـل يماني

هل رأيتم يا سـادتي أو سمعتـم

أن ضـديـن قـطّ يجتمعان

لـو ترانا بـرامة نتعـاطى

أکـؤساً للهـوى بغيـر بنان

والـهوى بيننـا يسـوق حديثاً

طيّبـاً مطربـاً بغير لسـان

لـرأيتم مـا يذهل العقل منه

يمـن والعـراق معتنقـان

کـذب الشاعـر الذي قال قبلي

وبـأحجـار عقلـه قد رماني:

«أيهـا المنکـح الثريـا سهيلاً

عمـرک الله کيـف يلتقيان»

هـي شـاميّة إذا مـا استهلـّت

وسهيـل إذا استهـلّ يماني

الغزل

الغزل في الشعر الفارسي القديم يعني – غالبا – الشعر الغنائي، فالبلبل في الشعر الفارسي يتغزل. يقول حافظ:

به صحرا روکه ازدامن غبارغم بيفشاني

به گلزارآي کز بلبل غزل گفتن بياموزي [٢١]

أي: ولّ وجهَک شطرَ الصحراء لتنفضَ عنک فيها غبارَ الهموم، وتعالَ إلى حديقة الورد لتتعلم من البلبل قول الغزل.

ويقول:

بلبل ازفيض گل آموخت سخن ورنه نبود

أيـن همه قول وغزل تعبيه در منقارش

أي: «إن البلبل تعلّم الکلام من فيض الورد / وإلاّ ما کان کلّ هذا القول والغزل معبّأً في منقاره».

الغزل في الآداب الفارسية نوعٌ من أنواع الشعر، أي إنهم قسّموا الشعر إلى «قصيدة» تتضمن المدح غالباً، و «غزل» يتضمن موضوع العشق غالباً. و «قطعة» تتضمن مواضيع حکمية ووعظية في الأغلب.

هذا التقسيم يعتمد على القالب والصورة FORM لا على المحتوى CONTENT والغزل حسب هذا التقسيم يتکون من عدة أبيات (سبعة أبيات عادة) متحدة الوزن والقافية، ومصرّعة في البيت الأول، ويذکر الشاعر عادة اسمه الشعري أو «تخلّصه» في البيت الأخير.

کقول حافظ:

ياري اندرکس نمي بينم ياران را چه شد؟

دوستي کي آخرآمد دوستداران را چه شد؟

أي: «لا أرى بين الناس وفيّاً فماذا دهى الأوفياء؟ / متى انتهت الصداقة وماذا دهى الأصدقاء؟ »

ثم يختم هذا «الغزل» بقوله:

حافظ اسرارالهي کس نمي داند خموش

از که مي پرسي که دور روزگاران را چه شد؟

أي: «يا حافظ لا يعلم أحد الأسرار الإلهية فاسکت / مَن الذي يمکن أن تسأله عمّا دهى الأيام؟ ».

مما تقدم نفهم أن الغزل في الفارسية يطلق على نوع من الشعر له خصائص ظاهرية معينة يتوسط في الطول بين «القصيدة» الطويلة والقطعة الصغيرة، ومضمونه غالباً التعبير عمّا يختلج في نفس الشاعر من عواطف وأحاسيس خاصة تجاه الجمال والمعشوق وفراقه وجفاءه ومحنة الفراق وألم الحب.

ويمکن القول إن الشاعر الفارسي حين يتجه إلى المدح، وهو الغالب في الشعر الفارسي قبل القرن السادس بشکل خاص، ينظم شعره في قالب «القصيدة»، وحين يتجه إلى عواطفه ومشاعره ويعزف على قيثاره قلبه ينظم في قالب «الغزل» فالغزل ليس بالضرورة الحديث عن المعشوق بل يمکن أيضا أن يدور حول کل شوق إلى الجمال أو ابتهاج بالجمال بما في ذلک جمال الطبيعة، شرط أن يستثير الأشواق الکامنة في النفوس إلى الجمال والجلال.

الغزل في تاريخ الشعر الفارسي

شاع في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس «التغزل» وقلّد الشعراء الفرس الشعراء العرب في تصدير قصائدهم بأبيات في النسيب نجدها في قصائد العنصري (ت ٤٣١هـ) والفرخي (ت ٤٢٩هـ) والمنوچهري (ت ٤٣٢هـ) ومعاصريهم.

کقوله أحدهم:

أي ساربان منزل مکن جز در ديار يارمـن

تا يک دمي زاري کنيم بر ربع واطلال ودمن

 


أي: «أيتها القافلة لا تحطّي إلا في ديار حبيبي / لنبکي لحظة على الربع والأطلال والدمن».

ثم أفرد للتغزل أشعاراً مستقلة سميت بالغزل إلا أنها کانت قليلة لدى الشعراء قبل القرن السادس الهجري، وذلک لاشتغالهم بالمدح بسبب اهتمام الأمراء والوزراء والحکام بهذا اللون من الشعر، وحاجة الشعراء إلى هؤلاء لکسب المال والجاه والمکانة لديهم.

وأول من بدأ الغزل بشکل جادّ من شعراء الفارسية هو سنائي (٥٤٥هـ) وتنقسم حياته الى فترتين: الاولى – کان فيها عاکفاً على نظم قصائد المدح، ثم الثانية التي انقطع فيها عن متاع الدنيا، وتمتاز بوفرة شعره في الغزل.

وهو القائل في إحدى غزلياته:

آنرا که زندگيش بعشق مرگ نيسـت

هرگز گمان مبرکه مرو را فنا بـود [٢٢]

أي: «لا موت لمن حياته بالعشق / فلا تظنن أنه يسري عليه الفناء».

وعملاق الشعر الفارسي بعد سنائي هو «انوري» (ت ٥٨٣هـ) وقد نحا في الغزل منحى الحوار، واستخدم البسيط من الکلمات والواضح من العبارات خلافاً لقصائده التي تمتاز بالتعقيد والغموض.

ويعتبر فريد الدين العطار (ت ٦٢٧هـ) بعد سنائي من کبار الشعراء الذين اهتموا بالغزل، وغزله صوفي. يقول بديع الزمان فروزانفر عن غزل العطار:

«يمکن بشکل عام درج غزليات العطار تحت ثلاثة عناوين العادية، والعرفانية، والمتمردة. في النوع الاول يتناول الشيخ – مثل اکثر الشعراء – وصف الشَّعر والحاجب والخال وسائر اعضاء المعشوق، وبيانه بشکل لا يقبل التأويل، ومن الواضح أنه يصف العشق والمعشوق العادي، وعدد هذه الغزليات (٣٤٦).

والنوع الثاني يشتمل على وصف العشق الحقيقي والارتباط بالشاهد العيني والمسائل العرفانية ووصف الجمال بشکل ينصرف فيه الشاعر عن الجمال الحسي ويتجه الى کمال المعنى والجمال الاولي مما لا يمکن انکاره. المضامين العرفانية في هذا القسم تدور حول مسألة الفناء والبقاء، وأن البقاء في الفناء، ومسألة التجلي وظهور الحق، وأنه في حال واحدة ظاهر وباطن. وعدد هذا النوع في ديوان العطار أکثر من النوعين الأخيرين، ويبلغ (٤١٧) غزلاً.

والنوع الثالث: الشعر المتمرد (القلندريات) القائمة على أساس فکرة القلندرية التي تتجه الى التمرّد اللفظي على الظواهر، وأن يظهر الشاعر نفسه بمظهر يسيء إلى سمعته فيذهب من المسجد الى دکة الخمار والى الکنيسة، ويعشق النصارى ذوي الوجوه الصبيحة، ويفضل الفضيحة على حسن السمعة… وعدد هذا النوع قليل ويبلغ (٧١) غزلاً…» [٢٣].

ويلي العطار المولوي جلال الدين الرومي (ت ٦٧٢هـ) وهو من اکبر شعراء العرفان في الشعر الفارسي، وله غزل رقيق في العشق الالهي يکثر فيه الرمز والايماء. ويرى الاستاذ جلال الدين همائي أن مولوي في اشعاره يشبه الشعراء القدماء في غنائية غزلياته، فأشعاره ملحونة وهي اضافة الى مالها من وزن عروضي لها وزن ايقاعي ايضا. ويعود ذلک الى علمه بالموسيقا وممارسته عزف الرباب، ويعود أيضاً الى أنه ما کان ينشد شعره صنعة بل کان شعره وليد هياج وطرب ومشاعر طافحة حارة، ولعلها أيضا مقرونة بالرقص والدبک. وهذه خاصية يمتاز بها بين شعراء القرن السادس وما بعده [٢٤].

کما أن المولوي له اصطلاحات خاصة في الغزل ترتبط بالعشق والوصال والعمر، وله أسلوب خاص في بيان ارتباط الانسان بالله سبحانه.

ومن غزليات المولوي:

بي همگان بسر شود بي تو بسر نمي شود

داغ تو دارد اين دلم جاي دگر نمي شود

خمر من وخمار من باغ من و بهار مـن

خواب من وقرار من بي تو بسر نمي شود

أي: «کل شيء يتم بدون حضور الناس ولکن لا يتم شيء بدون حضورک / حرقتک کائنة في قلبي هذا ولا يمکن أن تکون في مکان آخر / يا خمري ويا خماري يا بستاني ويا ربيعي / دونک لا يمکن أن يستتب نومي ولا قراري».

غير أن الغزل الحقيقي بلغ ذروته في القرن السابع على يد سعدي الشيرازي (ت ٦٩١هـ)، فهو في الذروة من حيث سلاسة شعره وجماله وفصاحته وبلاغته، ويحتذي حذو الشاعر الکبير انوري في الحوار وسلاسة التعبير، کما أنه مثل غيره من الشعراء الکبار يمتاز بقدرة اقناع سامعه أو قارئه MAKE – BELIEVE بحيث أن سامعه يحسب أنه يتحدث عن معشوق حقيقي.

وحقاً ما قالته عن سعدي الباحثة زهراء خانلري، فإن سعدي ينحو في غزله منحى «امکان مشاهدة الجمال المطلق في الجمال المقيد» [٢٥].

وغزليات سعدي تنقسم الى: طيبات وبدائع وخواتيم، وغزليات قديمة. ومن غزله:

بگذار تا بگرييم چون ابردر بهـاران

کز سنگ گريه خيزد روزوداع ياران

أي: «دعنا نبک کالسحابة في الربيع / إذ يبکي الصخر يوم وداع الاحبة».

وسعدي في الواقع ابتعد عن التحليق في عالم الصوفية، ونزل الى الارض ليرى فيها وجه السماء، أي أنه اتجه الى غزل تموج فيه عواطف الحب البشرية، لکنها عواطف تعبر عن أشواق الى الحبيب، ووصف لمظاهر جماله التي لا تمسّ غريزة الجنس، بل التي تثير في النفس أشواق الحب الى الجمال.

ثم يأتي حافظ الشيرازي (ت ٧٩٢هـ) ليقدم أعظم ابداع في المزج بين الغزل الصوفي السماوي وغزل الحب الارضي.

لقد کان هذا المزج قائماً في الشاعر العظيم سنائي ثم افترق بعده الى غزل صوفي خالص على يد خاقاني وعطار ومولوي، والى غزل عاطفي بشري على يد سنائي وأنوري وظهير وسعدي ثم عاد ليمتزج في أروع صوره على يد حافظ الشيرازي.

هذا المزج نراه الى حد ما لدى الشعراء: خواجو، وعماد کرماني، وسلمان، لکنه بلغ ذروته لدى حافظ، ففي غزلياته نرى مافي شعر الخيام من يأس وقنوط وطنز، وما في شعر مولانا من حرارة وشوق وتصوّف، وما في لغة سعدي من عشق وصفاء ولطافة وموسيقى. من هنا وجد الناس فيه عصارة الادب الفارسي وتبلور آمالهم وأفکارهم [٢٦].

يذکر أن التغزّل الذي تصدّر القصائد لدى الشعراء الاوائل يسمى بالسبک الخراساني لأنه ظهر في خراسان شرقي ايران، ثم انتشر شعر الغزل في وسط ايران وغربها وهو المسمّى بعراق العجم، فسُمّي بالغزل العراقي. وبلغ الغزل العراقي ذروته على يد سعدي وحافظ، وبعد حافظ شاع التقليد بين الشعراء، فأصبح أکبر مبلغهم أن يقلدوا أحد هذين العملاقين. وهبط مستوى الشعر في موسيقاه وفي مضامينه، حتى ظهرت في إصفهان في العصر الصفوي نهضة شعرية ثارت على الهبوط في المضامين، وأوجدت تياراً يرکز على المضامين الجديدة، ويحاول أن يجعل من کل بيت مضموناً جديدا، وسمي هذا اللون من الشعر بالسبک الهندي لأن معظم شعراء هذا التيار سافروا الى الهند واحتضنهم السلاطين الکورکانيون. وأشهر روّاد هذه المدرسة صائب التبريزي (١٠٨٠هـ) ويحاول شعراء هذا السبک أن يأتوا في الشطر الاول من کل بيت من أبيات غزلهم بمضمون جديد، ثم يأتون في الشطر الثاني بتشبيه تمثيلي يقوّي مفهومهم في الشطر الاول، ويلاحظ أنهم لم يهتموا بالالفاظ.

ويرى الشاعر المعاصر الکبير أميري فيروزکوهي الذي يعتبر آخر عمالقة الشعر الهندي في عصرنا أنه «يمکن ادعاء واثبات أنه ما من مضمون وما من ملاحظة دقيقة خـُلقية أو خـَلقية أو عقلية أو حسية أو عرفانية أو أخلاقية أو عشقية وأمثالها إلا وقد أبصرها هذا الرجل (صائب التبريزي) فقد استطاع أن يبين کل ذلک بأرقّ صورة مقرونة بابداع وابتکار غير مکررين» [٢٧].

ومن أبياته في الغزل:

گرفتم سهل سوز عشق را اول نداسنتم

که صد درياي آتش از شراري مي شود پيدا

أي: «واجهت حرقة العشق في البداية بسهولة ولم أعلم / أن الف بحر من النيران ينطلق من شرارة».

وما إن ارتفع شأن السبک الهندي حتى بدأ ينحدر ومرّت على الادب الفارسي فترة انحطاط استمرت من انقراض العهد الصفوي حتى بداية العصر القاجاري. وفي النصف الثاني من القرن الثاني عشر ظهرت حرکة العودة الى العصر الذهبي، ثم بلغت هذه الحرکة ذروتها في العصر القاجاري.

وفي القرن الثالث عشر ظهر غزليون کبار مثل نشاط الاصفهاني، صبا الکاشاني، ومجمر الاصفهاني، وفروغي البسطامي.

ونذکر غزلاً لفروغي البسطامي (ت ١٢٧٤هـ)، وهو مولود في کربلاء وهاجر الى وطنه ايران، وبدأ شعره بالمدح، ثم انصرف عن المدح ليعيش لعواطفه ومشاعره وربه:

کي رفته أي زدل که تمنا کنـم ترا؟

کي بوده أي نهفته که پيدا کنم ترا

أي: «متى غبت عن القلب کي أتمنّاک؟ / ومتى کنت خفياً کي أسعى لأجدک؟ ».

ويقول:

طوبى وسدره گربه قيامت به من دهند

يکجا فداي قامت رعنا کنـم تـرا

أي: «لو أعطيت شجرة طوبى وشجرة سدرة المنتهى يوم القيامة / لفديت قامتک الممشوقة بهما معاً».

والشعراء المعاصرون اليوم على نوعين في غزلهم. نوع يحتذي القدماء في سبکهم العراقي أو الهندي. نرى مثلاً شهريار ورهي معيّري يقلّدان السبک العراقي، ونرى أيضاً اميري فيروز کوهي ورحمت موسوي يقلّدان السبک الهندي.

والغزل العرفاني بثّ فيه الإمام الخميني (رض) روحاً جديدة خاصة وإنه يعبّر أصدق تعبير عن مشاعر إنسان عاشق، بکلّ مالهذه الکلمة من معنى عرفاني ومتحرّک على طريق هذا العشق بين المحراب وساحة الجهاد.

ومن «غزليات» الامام الخميني قوله:

١ـ من بخال لبت أي دوست گرفتار شدم

چشم بيمار تـورا ديـدم و بيمار شـدم

٢ – فارغ از خود شدم وکوس انا الحق بزدم

همچو منصـور خـريدار سَر دار شدم

٣ – غم دلدار فکنده اسـت بجانم شرري

که بجان آمدم و شهـره بـازار شـدم

٤ – دَر ميخانه گشائيد بـِرويم شب و روز

که من از مسجد و از مدرسه بيزار شُـدم

٥ – جامه زُهد و ريا کندم و برتن کـردم

خرقه پـير خراباتـي و هُشيار شـدم

٦ – واعظ شهر که از پند خود آزارم داد

از دم رنـد مـي آلوده مددکار شدم

٧ – بگذاريـد که از بُتکده يادي بکـُنم

من که با دسـت بُت ميکده بـيدار شدم

أي:

١ـ لقد سباني يا حبيبي خالٌ في شفتک / وقعت عيني على عينک المريضة (الناعسة) فَمَرِضتُ.

٢ – تخلّيت عن ذاتي وصحت: أنا الحق / ومثل منصور (الحلاج) رحت أطلب المشنقة.

٣ – همّ الحبيب أضرم في نفسي شرراً / فما عدت أطيق التحمل وأصبحت شهرة الاسواق (افتضح أمري في کل مکان).

٤ – افتحوا أبواب الحانة بوجهي صباح مساء / فأنا سئمتُ المسجد والمدرسة (في إشارة الى أن العبادة والعلم إذا لم يکون مقرونين بالعشق فهما لا يشبعان طموح الانسان ويؤديان الى الملل والسأم).

٥ – لقد نزعت من جسدي ثوب الزهد والرياء / ولبست خرقة شيخ الخرابات (العاشق) وأصبحت واعياً.

٦ – واعظ المدينة حين أزعجني بوعظه / لجأت لطلب العون من الماجن المخمور (من الغارق في العشق الالهي).

٧ – دعوني أذکر معبدَ الأوثان / فأنا قد استيقظت. بيد وثن حانة الخمر (بيد معلّم العشق).

– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –

[١] – الفتوحات الملکية ٣ / ٢٦٣.

[٢] – الفتوحات المکية ٣ / ٣٦٠.

[٣] – نفس المصدر، ص ٤٤٧.

[٤] – محمد تقي جعفري، تفسير ونقد وتحليل مثنوي جلال الدين الرومي (فارسي) ج ١٥، ص٣٠٤.

[٥] – مثنوي جهارم. ص ٣٠٩، الأدبيات ٥٢١ – ٥٢٢.

[٦] – ديوان الإمام علي، ط مصر، بدون تاريخ، ص ٥٧.

[٧] – تفسير ونقد وتحليل مثنوي جلال الدين رومي، محمد تقي جعفري، ج ١٥، ص ٤٠١.

[٨] – نفس المصدر، ص ٣٩٨.

[٩] – نفس المصدر، ص ٣٧٦.

[١٠] – نفس المصدر، ص ٣٧٦.

[١١] – أي: اسمع من الناي إذ يقصّ الحکايات ويشکو من تباريح الفراق.

وهذا أول بيت في کتاب» المثنوي «العظيم لمولانا جلال الدين الرومي، وفيه يلخّص برمزية رائعة کلّ الأشواق التي تضطرم في صدر الانسان. إنها أشواق العودة الى الله والاتصال به سبحانه.

[١٢] – تاتار کيفتش، تصنيف الفنون، ترجمة مجدي وهبة، ص ١١ – ١٧ مستشهداً به في: التفضيل الجمالي.

[١٣] – دکتور شاکر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، عالم المعرفة، مارس ٢٠٠١ / ص ١٩.

[١٤] – افلاطون، محاورة فايدروس، ترجمة أميرة حلمي مطر، القاهرة، دار المعارف.

[١٥] – التفضيل الجمالي / ٢٩.

[١٦] – انظر: الجواري، أحمد عبد الستار، الحبّ العذري، دار الکتاب العربي بمصر ١٩٤٨ ص ٤٥ وهامشها. وفيه رأي المستشرق لوي ماسينيون الذي يرى أن الحبّ العذري عند العرب مقتبس من الحبّ الافلاطوني عند اليونان ومشتق منه. وهناک من يرى أن الحبّ العذري في نشأته متأثر بالعقائد الفارسية التي انتشرت في العصر الجاهلي في اليمن وشرق الجزيرة العربية. انظر: عبد الله، محمد حسن، الحبّ في التراث العربي، دار المعارف، القاهرة، بلا تاريخ، ص ٢٢٦ وما بعدها.

[١٧] – انظر: مکي، الطاهر، دراسات عن ابن حزم، مکتبة وهبة، القاهرة ١٩٧٦، وتجد فيه رأي ما سينيون الذي يرد ابن حزم في آرائه عن الحب العذري إلى أصول اسبانية ويفسره بالوراثة النفسية التي تعيد ابن حزم الى جنسه المسحيي الاسباني، ودوزي يزعم أيضا أن الجنس العربي لا يعرف إلا الحبّ الحسّي وهو ما أنکره عليه آسين بلاثيوس.

[١٨] – انظر شميسا، سيروس، سير غزل در شعر فارسي (فارسي) ط ١ طهران، ١٣٦٢هـ. ش، ص ٢.

[١٩] – الحبّ في التراث العربي، ص ٧٣.

[٢٠] – مروج الذهب ٣ / ٣٧٩ – ٣٨١.

[٢١] – ديوان حافظ / ص ٣١٤.

[٢٢] – ديوان السنائي، ص ٦٣١.

[٢٣] – شرح احوال ونقد وتحليل آثار عطار، ص ٨١، ٨٢.

[٢٤] – حواشي ديوان عثمان مختاري / ص ٥٧٣ – ٥٧٤.

[٢٥] – نمونه غزل فارسي / ص ٤٠.

[٢٦] – سير غزل در شعر فارسي، سيروس شميسا / ص ١٢٦.

[٢٧] – مقدمة ديوان صائب التبريزي، ص ١٥.

* أستاذ في جامعة طهران

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

2 تعليقات

  1. تم نشر هذا المقال المتميز عام 2012 في الموقع وهو خاص به، ونظرا لأهميته نعيد نشره لمن فاته القراءة

  2. عاشق این وبسایت شدم من.عالی هستید شما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *