بنية الإيقاع السردي النسوي في «سيدات القمر»

*لنا عبد الرحمن

«إن قصص النساء لم تُحكَ بعد، وبدون القصص لا تتجلى الخبرة أو تتبلور. بدون القصص تفقد المرأة طريقها عند الإقدام على اتخاذ القرارات الفاصلة في حياتها، فالمرأة بدون القصص لا تعرف كيف تقيم نضالها وتعطيه قدر حقه، لا تحتفل بقواها، ولا تقدر على أن تفهم ألمها»(1)
بهذه الكلمات تفتتح الكاتبة والباحثة الأمريكية كارول بي كريست الفصل الأول من كتابها « الصوفية النسوية»، كاشفة عن علاقة المرأة بالقصص، وقدرة الحكايات على منحها الحقيقة، حقيقتها الذاتية في المستوى الأول، وتأثير هذه الحقيقة على علاقتها بالعالم من حولها وتفاعلاتها معه، هذا التفاعل الذي يأتي عبر الكلمات، ويكشف أن « توظيف المرأة للكتابة وممارستها للخطاب المكتوب بعد عمر مديد من الحكي والاقتصار على متعة الحكي وحدها، يضعنا أمام نقلة نوعية في مسألة الإفصاح عن الأنثى، إذ لم يعد الرجل هو المتكلم عنها والمفصح عن حقيقتها وصفاتها- كما فعل على مدى قرون متوالية- ولكن المرأة صارت تتكلم وتفصح وتشهر عن إفصاحها هذا بواسطة القلم. وحين نترك المجال لصوت المرأة كي يتكلم فإننا بهذا نضيف صوتا جديدا إلى اللغة»(2)
في رواية «سيدات القمر» للكاتبة جوخة الحارثي، «، الحائزة على جائزة المانبوكر الدولية 2019، يلفت انتباه القارئ مدى ارتباط السرد، بالحضور النسوي في النص الذي يهيمن على كل التفاصيل الواقعية الأخرى، فالعالم مرئي من خلال أعين النساء، العالم الصغير في قرية « العوافي» والأكثر اتساعا في مدينة « مسقط» تبدو انكشافاته الخصبة تنثال من مخيلة البطلات ورؤيتهن، من مجرى حكايتهن التي تضيق وتتسع مثل نهر متعرج. وبغرض التوضيح ومنعا للالتباس، فالمقصود بكلمة نسوية هنا هو رؤية التاريخ والواقع من منظور يخص النساء، بحيث يكشف النص عن وعي المرأة بالواقع المحيط بها وفق حالتها الوجودية وإحساسها ووعيها ووجودها كعنصر فاعل قادر على تغيير العالم وخلخلة ثوابته المهيمنة. «فالنص النسوي هو الذي يأخذ المرأة كفاعل في اعتباره، وهو النص القادر على تحويل الرؤية المعرفية والأنطولوجية للمرأة إلى علاقات نصية»(3)
يتنامى هذا الحضور منذ الجملة الأولى في الرواية، تقول: « ميا التي استغرقت في ماكينة خياطتها السوداء ماركة الفراشة، استغرقت في العشق.»(4) هكذا تتحكم بنية الجملة السردية في استثمار بلاغة اللغة من تشبيه واستعارة واضحة مع فعل « استغرقت» بما ينطوي عليه من حالة واقعية وباطنية في آن واحد، وحدت بين المرئي والملموس وبين المخفي في الذات « العشق».
«قد لا يجادل البعض في أن التعبير عن الذات فنيا يملك قواسم مشتركة بين كاتب وكاتبة، لكنه يُقر بالاختلاف بينهما. فالذات المعبرة تستجلب في الكتابة بديهيا، وبوعي أو بلا وعي منها تجربتها الحياتية المحكومة بشروط خصوصيتها بيولوجيا وتاريخيا واجتماعيا وقانونيا، مما ينسحب بوحي من هذه الخصوصية على نوعية التعبير الفني الإبداعي – في الأدب على وجه الخصوص بما هو علاقة مع الذات _ ويسمه بسماتها، إن على مستوى الصورة أو المحتوى» (5) يمكن لقارئ الرواية الوقوف على مجموعة من العناصر السردية التي تتضافر فيها بنية الإيقاع السردي المنسوج منذ البداية وفق صوت نسوي واضح لا يقلل من حضوره صوت راوي عليم يتتبع ما يراه عبدالله في الماضي والحاضر، وأيضا في علاقته وارتباطاته الاجتماعية والنفسية مع النساء، سواء كانت زوجته أو بناته أو ظريفة العبدة التي ربته، إذ يظل هذا الحضور الذكوري معزولا عن الالتحام التام والتضافر مع النسيج الأنثوي، يظل السرد مع «عبدالله» له عين الطائر البعيد، القادر على التقاط الشموليات، يعزز هذا التصور حضوره الأول جالسا في مقعد الطائرة يستدعي الماضي ويجادل ذاته بشأنه. ولعل استخدام الكاتبة للمونولوج الداخلي مع صوت « عبدالله» ساعد على النحو إلى فرض ايقاع حميمي في سرده، مما خلع على أشد المواقف بساطة وعادية، أن بدت دالة على الشخوص وعمقها المعرفي وردة فعلها، هذا نجده مثلا في المشاهد التي تضمنت حوارات عبدالله وهو شاب غُر مع زوجة عمه.
يتمكن قارئ «سيدات القمر»، من التوقف عند لذة النص وتذوق جمالياته، لأن « نص اللذة، هو الذي يُقنع، ويُفعم، ويمنح الغبطة، هو الذي يأتي من الثقافة ولا ينفصل عنها، وهو الذي يربط القارئ بممارسة مريحة للقراءة» (6)
تكشف الرواية من خلال شخصياتها النسائية: ميا، خولة، أسماء، لندن، سالمة، ظريفة، نجية، وغيرهن، عن عالم النساء الخفي والغامض؛ وتعمل بأسلوب سلس على توظيف التاريخ العماني، بما يتقاطع مع التطور الاجتماعي والجغرافي في سلطنة عمان. ولعل التحدي الكامن في الكتابة الروائية هو في اختيار الشكل الذي ينجح من خلاله أسلوبها في أن يُضفر ببلاغة صلة المكان بالشخصيات، وما فيها من تأثير متبادل.
ترتبط شخصيات الرواية بالأماكن، وتترك آثارها فيها، تحكي عنها، تصفها في كلّ ما يحدث لها من تحولات زمنية ومكانية؛ بحيث تكون الأماكن مرادفا للنمو النفسي والوجداني والاجتماعي. لنقرأ: « عرفت مصابيح النيون طريقها لكل بيت في العوافي، غير أنها تعثرت قليلا في طريقها إلى بيت مسعودة»(7)
لنقرأ أيضا : « ألوان الأقمشة العجيبة التي بدأت تنهال على دكان حمدان، والتلفزيونات التي لم تعد مقصورة على بيت الشيخ سعيد وبيت التاجر سليمان، البيوت الطينية التي حلت محلها بيوت الإسمنت. يضحكن ومضيفتهن سالمة تضحك بابتسامة شاحبة»(8)
يتنوع المكان بين قرية «العوافي» ومدينة «مسقط»، حيث ترصد الكاتبة بعين حساسة علاقات إشكالية، تنسجها من خلال مهارة في الوصف الداخلي والخارجي، عبر تطور الشخوص وتنقلاتهم الزمانية والمكانية، وحالات تجاذباتهم النفسية وتحوّل مواقفهم من الحياة؛ إذ لعلّ أهمّ ما ترصده هذه الرواية أيضاً تأثير التطور الحضاري، والعمراني على السلوك الفرديّ بالنسبة للمرأة والرجل على حدّ سواء. سيلاحظ القارئ هذا الأمر منذ الصفحات الأولى، حين ترفض البطلة «ميا» أن تلد على يد نساء القرية، وتصرّ على أن تضع مولودها في المستشفى رغم سخرية أمّها من هذا الفعل. تقول الأم: «اذهبن أنتنّ إلى مستشفيات مسكد، تصبحن فرجة للهنديات والنصرانيات».(9)
تحضر في شخصية ميا أهمية الحفاظ على جدلية الواقع والحلم عبر رؤية نسوية واضحة، أولا في رفضها أن تضع جنينها على أيدي الدايات في القرية، واصرارها على الذهاب إلى مسقط، ثم اصرارها على إطلاق اسم « لندن» على مولودتها. هنا نعود لمطلع الرواية واستغراق ميا بالعشق، غرامها المتلاشي لحبيب غاب في عاصمة الضباب، ولم يبق لميا سوى أن تُطلق اسم ابنتها على اسم تلك المدينة. لنقرأ: « ربتت المرأة عليها وقالت لها: ما زلت مصرة على هذا الاسم الغريب للمولودة، أحد يسمي ابنته لندن، هذا اسم بلاد يا بنتي، بلاد نصارى، كلنا متعجبون جدا، وأظن أن صحتك الآن تسمح لك بالتفكير مرة ثانية في اسم البنت» (10)
رغم أن «ميا» ستبدو – مع تتابع الأحداث- شخصية ذات آراء تنتمي للزمن القديم، إلا أن «ميا» في زمانها، يتمّ النظر إليها على أنها حداثية مقارنة طبعاً بأمها سالمة والجيل السابق. موقف آخر يرتبط باختيارات «ميا»، حين تصر على الذهاب إلى دروس محو الأمية وتلتحق بالصف السادس رغم الاعتراض المضمر لزوجها عبدالله بحجة أن ابنها محمد لايزال صغيرا، إلا أنها تقول له بإصرار: « أريد أتعلم أنكليزي».
يمكننا القول إن «سيدات القمر» تعمد إلى تأمل التطوّر السريع المتلاحق في الذات العُمانية خلال تحولاتها المدنية، عبر متابعة تفصيلية لسلوك الأبطال ومواقفهم من الحياة في اختياراتهم الشائكة أحياناً، كما فعلت «لندن» ابنة «ميا» حين تخفق في اختيار زوجها، رغم تحديها لعائلتها وفرضه عليهم، إلا أنها تعود وتخلعه لتتخلص من عقبة وجوده المؤلم في حياتها، لتواصل طريقها من جديد، وفي هذا الفعل اختيار آخر يعزز بنية الايقاع النسوي القائم على تحولات مفرقية في حياة البطلات يقمن بها بأنفسهن بلا أي وصاية ذكورية، سواء كانت تلك الاختيارات في الدراسة أو الزواج.
لا يتعلق الحديث عن الوصاية الذكورية هنا بعالم النساء فقط، بل تبدو النساء أكثر إرادة وتشبثا في تحقيق أحلامهن، مقارنة بالواقع الاجتماعي والنفسي للبطل السارد عبدالله، يمكننا التوقف عند اختيارات عبدالله الحياتية في علاقته مع أبيه، ومع زوجته ميا، حيث يبدو مشاركا خارجيا ثانويا في مسرح حياته، يعجز عبدالله عن السفر للدراسة في الخارج، كما لا يتمكن من اكتشاف حقيقة مشاعر ميا نحوه، حياة عبدالله تبدو محكومة للخارج أكثر منها لمشيئته هو. لنقرأ: قلت له: « أرجوك يا أبي أريد أن أسافر مصر أو العراق أسافر في الجامعة» فشدني من رقبتي وصرخ : وحياة هذه اللحية ما تطلع من عُمان. تريد تتسفل؟ وترجع من مصر والعراق حالق لحيتك تشرب وتدخن؟»(11) وفي نفس الصفحة نقرأ ما يكشف علاقته مع ميا التي يوجزها بهذا المشهد:» قلت لها حين ناموا: « تحبينني يا ميا؟ جفلت. سكتت ثم ضحكت بصوت عال أزعجني. قالت: من أين جاء لك كلام المسلسلات هذا يا رجل.»
ثمة مشهد آخر يُستدل منه على رؤية النساء للوصاية الذكورية وانتقادها والتمرد عليها، هذا المشهد يرويه عبدالله حين يحكي عن امرأة عمه التي تلتقيه في ساحة الحوش وتقول له: « تربية أبوك المتسلط لك، سحقت شخصيتك. ما لك شور في تسمية بنتك، لندن؟ هذا اسم هذا؟ لم أقل شيئا لامرأة عمي. هي التي أوعزت لعمي منذ سنوات بالانتقال من العوافي خوفا من سيطرة أبي»(12)
السعي الروحي
ترفض معظم البطلات في « سيدات القمر» أن يكن ضحايا، ولا تمثل الانكسارات بالنسبة لهن سوى مرحلة للعبور إلى شيء آخر. هذا يمكن الاستدلال عليه في مواقفهن الحياتية واختياراتهن مهما كان موقعهن الاجتماعي. يمكننا التوقف مطولا أمام شخصيتي: ظريفة، ونجية، الأولى عبدة لكنها تحتل مكانة مهمة داخل الأسرة. يصف عبدالله مدى ارتباطه بظريفة، وكيف تحتضنه بصدرها العامر وتغمره بدفئها وحنانها، ثم فيما بعد حزنه لرحيلها وعدم حضوره جنازتها. كانت ظريفة تمتلك حظوة عند «التاجر سليمان» والد عبدالله، هذه الحظوة تمتد حتى أنها تتجرأ على المجاهرة بالعداء لأخت التاجر سليمان، المرأة المتكبرة التي تزوجت وطُلقت مرتين. لقد اشترى التاجر سليمان ظريفة وهي في السادسة عشر من عمرها لتصبح عبدته وسريته وحبيبته، والمرأة الوحيدة التي اقتربت من داخله، ويكون هو الرجل الوحيد الذي ستحبه وتهابه حتى الموت، فهو المخلص من إهانات الغرباء، والحبيب الذي عرفها على ملذات الجسد.
أما نجية، التي لم تعرف في حياتها كيف تُخفي مشاعرها فهي المرأة البدوية الجريئة التي وقع في غرامها عزان والد ميا، حد أنه يسميها « نجية القمر». يسقط عزان في غرام نجية رغم افتراضه أنه يمضي في علاقة حرة لا يريد كلاهما منها أي قيد، لكنه بعد مرور وقت يكتشف أنه وقع تحت عبودية أشد من قيد الزواج. في التواصل بين عزان ونجية تبدو المرأة أيضا هي العنصر الفعال والمحرك لجوهر العلاقة، لنقرأ: « لقد عرفته القمر على جسده، كأنه لم يعرفه من قبل. كما عرفته على أغوار سحيقة بذاته…اكتشف عزان أن علاقتهما الحرة تسقط في أعنف أشكال العبودية..تقيد كلا منهما بأعتى القيود، وتشغله عن كل شيء عداها…كانت حاجته إليها عميقة وعنيفة ومبهمة»(13)
ويحضر السعي الروحي في شخصية أسماء شقيقة ميا، في حبها للعالم، في موافقتها على الزواج من خالد للانتقال إلى مسقط ومتابعة دراستها الثانوية، الحب للعلم تصفه بأنه «مُحرق» ويبلغ الوله الشديد.
تتشبث خولة بحلم الزواج من ابن عمها ناصر، وتظل في انتظاره حتى عودته من كندا بعد غياب طويل. خولة أيضا تجسد مثالا آخرا للحرية، فبعد سنوات من انتظار ناصر ثم الزواج منه تقرر طلب الطلاق، فقط لأنها عجزت عن احتمال ماضيه المؤذي معها، ماضي الهجر والتجاهل والخيانات، توقف قلبها عن الغفران وقررت في لحظة ما الانتصار لذاتها.
لندن الابنة ذات الاسم الغريب، التي درست الطب ونجحت في مهنتها، بعد خوضها تجربة زواج وطلاق، تدرك أنها عرفت الألم، خبرت مشاعر الانكسار والنهوض من جديد، وفي نفس الوقت فقدت القدرة على الاحساس بالمشاعر الطبيعية لما قبل التجربة، فما كان يعذبها أن اختيارها الذي واجهت العالم من أجله تبين أنه لرجل خاطئ أساء لها لكنها ترفض أن تكون ضحية، وتجسد الاغتراب عن مشاعرها حين تقول : « بعد طلاقها بفترة وجيزة بدأت تشعر هذا الشعور الغامض الذي يخدش اعتزازها بنفسها، شعور مبهم من الغيظ والحنين والغضب والندم، عرفت أنها لن تعود أبدا تلك الشخصية التي كانتها، وأن ما يسميه الناس تجربة هو في الحقيقة داء مزمن، لا يميتنا ولا نشفى منه» (14)
الواقع واللا مرئي
في «سيدات القمر»، يتضح اختلاف تجربة النساء الروحية والواقعية عن الرجال وتشعبها في مسارات مختلفة يكون الهدف الأساسي منها توحدهن مع ذواتهن الأعمق، وفي الوقت عينه تحقيق أحلامهن مع تلافي الصدام مع المجتمع، لذا نجد اللجوء إلى البحث عن القوة المفقودة المتمثلة أيضا في اللامرئي، حيث الدين والسحر والغيبي يشغل مساحة في واقع بعض الشخصيات النسائية والذكورية. في تناول شخصية عزان وغرامه بنجية ثمة بعد صوفي يحضر مع استدعائه لكتب الغزالي، وقصائد من الشعر العربي القديم، في ترديده أبيات شعر عن الوله والغرام غير الموصول. أما عند اختفاء نجية فتحضر الأقاويل الغيبية التي تبرر غيابها « قال البعض أنها مرضت مرضا غامضا تساقطت معه أعضاء جسدها الجميل وتآكلت قبل أن تختفي»(15)، وقد سبق هذا الموت فصل قصير يبدأ مطلعه بـ « كان زحل مستقيما، وكان الرجل الواقف في الصحراء مستعدا.» وفي نهاية هذا الفصل ثمة تعويذة تُتلى للتخلص من نجية يقول ختامها: « أسألك أيها الأب الأول إلا عقدت روحانية شهوة عزان بن ميا عن نجية بنت شيخة وأخذتها بقوة هذه الأرواح الروحانية كعقد الجبال الصلبة وصخورها.» (16)
هذه الحالات المرتبطة بالمجهول، بالغيبي، باللامرئي تحضر أيضا مع والدة عبدالله التي تموت بمرض غامض، حيث يقال أنه سحر، أو غضب الجن لأنها قلعت شجرة الريحان التي كان بيتهم تحتها، أو أنه تم دس سم بطيء لها في الطعام، لكن الكاتبة لا تترك الموت غامضا ومن دون تأويل، حين تُلمح للتواطؤ حول موتها بين التاجر سليمان وأخته التي لمحت له بخيانتها، وختمت كلامها بجملة: « اتركها علي»، مع ستار معتم يُسدل على هذا الحدث.
لكن بعد ما يزيد عن عشرين عاما تأتي حفيدتها « لندن» لتتساءل عن غموض موت جدتها وإن كان بسبب مرض وراثي أو حمى النفاس أو لأي سبب آخر. تجسد « لندن» مرحلة الانتهاء من طفولة المجتمع، إنها البطلة المتعلمة التي لا تُلقي بالا للمجهول وتسعى بجد لتقصي الأسباب والحقائق، هذا يتضح في اختياراتها الواقعية وفي تعاملها مع الحياة رغم ما فيها من انكسارات. تيقن لندن أن تحررها يكمن في اللحظة التي تصرخ فيها في وجه الرجل الذي أحبته « انا لست ملكك، لست ملك أحد» تردد هذه الجملة حتى تُشفى من تلك الطعنة النافذة لصميم روحها، مدركة أن حريتها تأتي من قبول الحقيقة ومواجهة الألم، والاعتراف بالمسؤولية عبر التبرؤ من ذكرياتها الزائفة عن حب غير حقيقي، وبذلك تترك تجربتها المؤلمة وتمضي لتفتح بصيرتها على التمسك بأصالتها الذاتية التي ستمدها بالتحول الروحي والنفسي لتحقيق اليقظة التي تبحث عنها.
المصادر والمراجع :
1 – « الصوفية النسوية»، كارول بي كريست، تـ : مصطفى محمود، دار آفاق، طبعة أولى 2006 ص 31
2 – « المرأة واللغة»، عبدالله الغذامي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى 1996، ص 8
3 – « نسائي أم نسوي»، شيرين أبو النجا، مكتبة الأسرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2002، ص 9
4 – «سيدات القمر»، رواية، جوخة الحارثي، دار الآداب 2008 طبعة أولى، ص 4
5 – مؤنث الرواية ( الذات، الصورة، الكتابة)، يسرى مقدم، دار الجديد، الطبعة الأولى 2005، ص: 21- 22
6 – « لذة النص»، رولان بارت، ت: محمد خير البقاعي، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ( المشروع القومي للترجمة) 1998، ص25
7 – «سيدات القمر» ص 70
8 – السابق، ص 76
9 – السابق، ص 8
10 – السابق ، ص 9
11 – السابق، ص 13
12 – السابق، ص 86
13 – السابق، ص 84
14 – السابق، ص 173
15 – السابق، ص 195
16 – السابق، ص 190

__________________________________________

المصدر : مجلة نزوى

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *