أخيرا تطلع على عهد .. شمس الحرية !

خاص- ثقافات

*رتيبة كحلان /الجزائر

هذا عذابي ..

        ضربة في الرمل طائشة

        وأخرى في السحب !

حسبي بأني غاضب

        والنار أولها غضب !

  محمود درويش

للزمن وسائده الأثيرة وظلاله الوارفة ونعمه الكثيرة، للزمن أحبابا وأعداء وأنصارا وساخطين، للزمن ضحاياه كما له أبطاله ..  وليس للبطولة عمرا ولا تقاسيما ولا وطنا .. البطولة فقط أن تكون أنت في منتهاك، أن تكون ثائرا تقف في صف قضيتك .. في صف (وطن).

مضى الشتاء حزينا .. كئيبا خاليا من أمل، وتبعه ما تبقى من فصول، كان الكون ولا يزال يعج بذلك التعاطف المستتر، شيء ما يحرض الوقت على أن يمضي سريعا عله يلتهم الأشهر الثمانية بنهم .. وطوال هذه الأشهر وأنا أصارع الأرق، فقد استولى عليّ قلق غير عادي .. كنت أرى وجهك بوضوح كلما أغمضت عيناي، أهمس لذاتي: إن الفتاة بعيدة .. سجينة .. لا تعلم كم عينا ساهرة تحرس أحلامها .. كم روحا تتقصى أخبارها .. وكم أمنية تسافر  إليها كل يوم تتحدى قضبان سجنها .

  بماذا تشعر وأنت تدافع عن ما تبقى لك من وطن؟ تقف وحيدا في مواجهة عالم  يقف ضدك ؟ والآخرين المحسوبين عليك يجتهدون في خذلانك!

لم أستطع أن أنام الليلة أيضا .. الساعة تجاوزت منتصف الليل بكثير، وفي مثل هذا الوقت تطل عليك كل الأفكار المفزعة التي اجتهدت لإسكاتها نهارا .. ها هي تخرج لك الآن لتضخم وجعك .. لتنتقم من صمتك، أنا المسكونة بوجع الانتظار، ماذا تفعل عهد الآن في مثل هذا الوقت ؟ هل تنام ؟ هل تحلم ؟ هل تفكر بالغد ؟

شعرت أننا جميعا حوكمنا واعتقلنا معك، لم تكوني وحدك كانت أيدينا جميعا في تلك الأصفاد، أما الآن وأنت على مقربة من خطوة خارج القضبان، فإنني كأي صديق حميم انتظرك طويلا أترك رسالتي في بريد الزمن حتى تعلمي أنك لم تكوني يوما وحدك ولن تكوني .. لن أحدثك عن الكثير الذي أصاب فلسطين وأنت هناك في زاوية في معتقل هو قطعة منك، آه كيف يتحول جزء من وطن إلى معتقل ؟!

 لن أفتح أمامك قوائم الشهداء الكثيرة، لن أقدم على أفعال متهورة كتلك، سأكتفي بأن أمد روحي لتصافحك .. ألقي عليك التحية كما يحيى الأبطال وأعلم أن ما مضى من أشهر بين قسوة معتقَل وقسوة مُعتقل .. قد أضاف لعمرك أعواما كثيرة وعمر  واحد لا يكفي الوطن.

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *