وزارة الثقافة المغربية تأكل أولادها!

خاص- ثقافات


*محمد مقصيدي

 

هل وزير الثقافة المغربي على علم حقا بما يجري في وزارته من كواليس؟ هل يعرف بتكتلات عصابات أشباه الكتاب وحروبهم على الثقافة من داخل ردهات إداراته؟ هل يدرك حجم تغول عصابة ثقافية -لا علاقة لها بالثقافة ولا بوزارة الثقافة – في دواليب الشأن الثقافي العام مستغلين قربهم الشديد من مدير مديرية الكتاب والخزانات والمخطوطات السيد (الشاعر) حسن الوزاني؟

لا أعتقد ذلك. لي اليقين أن وزير الثقافة لا يفقه مما أقول شيئا، وإلا لما كان قد سمح لوزارته بإصدار ذلك البيان المرتبك والرديء لإنكار كل تلك الاختلالات التي أشرنا لها، ولكان قد أعلن فورا على التدقيق في كل ما ذكرناه، بدل أن يسمح للسيد (حسن الوزاني) أن يأكل الثوم بفمه وأن يرد علينا بأكاذيب مفضوحة.

مما جاء في بيان وزارة الثقافة المغربية للرد على مؤسسة الموجة الثقافية، أن الشأن الثقافي المغربي بألف خير وعافية، وأن هنالك شفافية مطلقة في معرض البيضاء الدولي للكتاب، كما أن هنالك غياب تام للمركزية الشعرية والثقافية، بل كل ما هنالك فقط هو انفتاح بعدالة ثقافية عالية على الهامش بدل المركز… وهنالك شفافية في الجوائز ولجانها التي شكلتها أصابع حسن الوزاني وعيونه… كان ينقص البيان ومن صاغة فقط أن يرسم السعادة على شفاه الكتاب المغاربة وأن تتم كتابته باللون الوردي…

لقد تحدى السيد (الشاعر) حسن الوزاني أن نأتي من الأدلة بما يؤكد كلامنا، وقد قال أن 280 ضيفا للمعرض من 300 لم يحضروا الدورات السابقة !!! ونحن نضع في هذه الجمل القصيرة والبسيطة، قبل أن نضع الملف كاملا بين أيدي الوزير والرأي العام بعض المعلومات الصغيرة والأمثلة المحدودة جدا في عجالة :

إن القارئ أو الباحث عن الحقيقة بمجرد أن يفتح برنامج ضيوف المعرض الدولي للكتاب للبيضاء سيجد الكارثة التي قدمها السيد مدير مديرية الكتابة والخزانات والمخطوطات للثقافة المغربية، وسوف نأخذ هنا فقد برامج الدورات الأربع الماضية، أي لأربع سنوات، لنشرح له بالسبورة والطباشير ما نعني:

السيد مدير مديرية الكتاب والخزانات والمخطوطات (الشاعر) حسن الوزاني، استدعى صديقه الشاعر السوري نوري الجراح في كل هذه الدورات بدون استثناء !! ألا يبدو الأمر مريبا جدا جدا؟ طبعا سنفهم أن وراء الأكمة ما وراءها عندما نعرف أن نوري الجراح هو مسؤول القسم الثقافي لجريدة العرب اللندنية التي يكتب فيها المدير المركزي حسن الوزاني مقالا أسبوعيا !!

ماذا نجد أيضا؟ نرى أن ضيوف المعرض يتم انتقاءهم حسب صداقاتهم مع عصابة ثقافية تريد أن تبسط هيمنتها ونفوذها على كل الإبداع المغربي. وإلا كيف نفهم أيضا أنه في ظرف هذه الأربع سنوات، جاء الشاعر الجزائري بوزيد حرز الله كضيف أجنبي للمعرض الدولي مرتين ! وكيف جاء المصري وحيد الطويلة كضيف للمعرض في 2016 وزوجته تأتي أيضا كضيف للمعرض في 2018 لتحاضر في تاريخ العلاقات المصرية العربية !! في حين مثلا يتم تجاهل الإعلامي المصري بجريدة الأهرام وكاتب كتاب “المغرب بعيون مصرية”، والمتزوج من مغربية فوق هذا وذاك الكاتب أيمن عبد العزيز !!!! ولا يخفى عليكم لماذا هذا الأمر بالضبط، وكيف تنسج هذه العلاقات، وتعرفون من أولئك الأشخاص الذين يملون على السيد (الشاعر) حسن الوزاني ذلك…

بل كيف يعقل وفي أي سياق، وأية لجنة تابعة لوزارة الثقافة استدعت بكل وقاحة في آخر لحظة قبل بداية المعرض بقليل المصرية رشا سمير سنة 2015 قادمة من مصر ونازلة في فندق ضيوف المعرض، على حساب المال العام الذي يدفعه المغاربة ، دون أن تكون لها أية ندوة أو مشاركة رسمية في المعرض، حتى أن اسمها غير موجود على الكاتالوغ، باستثناء أنها جاءت في سياحة ووقعت إحدى كتبها في الدار التي أصدرت عملها !!! فهل أصبحت وزارة الثقافة في عهد مدير مديرية الكتاب حسن الوزاني تؤدي نفقات الكتاب الذين يوقعون كتبهم مع دور نشرهم؟؟ أم كان ذلك برغبة شخصية ومزاجية لا تقيم أي اعتبار لأي كان داخل المغرب وتتحدى كل المغاربة ؟ أليس هذا هذا قمة العبث الثقافي؟ وفي هذا الباب، أدعو الوزير لافتحاص أسماء الضيوف الذين ينزلون في الفنادق على حساب الوزارة، ولا تربطهم بأنشطة المعرض الدولي أية رابطة فعلية سوى صداقاتهم مع جماعتنا إياها، وكما قلنا، فقد تحولت وزارة الثقافة بقدرة قادر إلى ملحقة بوزارة السياحة في عهد السيد (الشاعر) حسن الوزاني !!! وهذا الباب أيضا إن فتحناه سنجد باب جهنم.

هنالك جماعة ثقافية لا علاقة لها بالثقافة هي التي أصبحت في عهد السيد (الشاعر) حسن الوزاني، تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في الشأن الثقافي، مستعملة سوط الترهيب، والعصا والجزرة. فهي من يحدد لجان الدعم، وهي من يحدد من يحضر لهذا الملتقى ومن لا يحضر، وهي من تختار لجان تحكيم الجوائز فيما بينهم وهلم جرا…

لقد تحولت إدارة مديرية الكتاب والخزانات والمحفوظات المعرض الدولي للكتاب إلى حفلة عائلية يتم استدعاء الكتاب فيها على أساس مصالح ضيقة، حيث يتم أولا تكريس نفس الوجوه في ضرب سافر لكل أخلاق الأدب والثقافة، واستبعاد كل التجارب الحقيقية التي لا توافق هواهم. ومن جهة أخرى، يتم توجيه الدعوات إلى ضيوف المعرض من خارج البلد على أساس ماذا سيقدم لهم هؤلاء الضيوف من مقابل: سواء تعلق الأمر برد الجميل وتوجيه الدعوة لهم أيضا إلى معارض البلدان التي ينتمون إليها، أو أن يغدقوا عليهم من أموال المجلات والقنوات الثقافية التي يديرونها وتلميع صورتهم في الأوساط الثقافية أو حتى طمعا في جائزة يشرفون عليها… أسماء أجنبية كثيرة أخرى يتم استدعاءها في إطار معروف من طرف السيد حسن الوزاني وأصدقاؤه، وغالبية المثقفين والكتاب المغاربة يعرفون القصة عن ظهر قلب.

يقول بيان وزارة الثقافة بتوقيع من مدير مديرية الكتاب والخزانات والمخطوطات بكل وقاحة أنه ليس هنالك تكرار للأسماء !

ما رأيك في هذه الأرقام استنادا على الأربع سنوات الأخيرة، دون أن نخوض في مدى قيمتها، نحن نتحدث هنا فقط عن تكذيب الوزارة لنا:

الصديق الحميم لمدير المديرية (حسن الوزاني) ياسين عدنان، والمعروف بصاحب اليد الطولى في وزارة الثقافة، حضر طيلة الأربع سنوات كضيف للمعرض بشكل دائم، شقيقه طه عدنان حضر أيضا أربع مرات، (فقط كانت آخرها بدعوة من مجلس الجالية)، حسن نجمي حضر كضيف طيلة الأربع دورات السالفة، زوجته عائشة البصري حضرت أيضا كضيف للمعرض طيلة الدورات التي نتحدث عنها كمثال. هل أضيفكم أسماء أخرى؟ هنالك لائحة طويلة، طويلة جدا…

محمد برادة، أحمد عصيد، حسن أوريد، عادل الحدجامي، شرف الدين ماجدولين… واللائحة تطول، ولو استرسلت فيلزمني أن أخصص المقال كله فقط لذكر الأسماء ولن يكفيني، وكأن المغرب لا يوجد به سوى أصدقاء حسن الوزاني وأصدقاء أصدقائه ( وهم على رؤوس الأصابع) -وأكرر لا أتحدث عن قيمة هؤلاء الأدبية-، لن تستغربوا إن وجدتم أن نفس الأسماء هي التي تحتكر اللجان وتحتكر الجوائز وتحتكر السفريات وتحتكر وتحتكر وتحتكر…

هنالك حوالي -أو أكثر- من خمسين شخصا حضروا دورة 2018 وحضروا دورة 2017 أيضا، أليس هذا هو عين الفساد الثقافي؟ من يكذب الآن ونحن نقرأ برنامج المعرض المتواجد للعموم، مؤسسة الموجة الثقافية أم وزارة الثقافة؟ هنالك حوالي 50 كاتبا أيضا حضروا في الدورات الأربع الأخيرة ثلاث مرات على الأقل !!! ثلاث مرات من أربع يا وزير الثقافة ! ثم أيمكن لعاقل أن يستوعب أن هنالك من هذه الأسماء من يحضر لأكثر من ندوة في نفس المعرض في حين يتم تهميش وإقصاء كل كتاب المغرب الحقيقيين الذين لا يدخلون في حسابات الوزاني وأصدقائه !! وقد حدث ذلك مع كثيرين مثل : طه عدنان، ونوري الجراح، ومحمد برادة…

ألا نسمي هذا قمة الإبداع في الفساد الثقافي؟؟؟

أيها السيد الوزير، حتى لو كان هؤلاء الأشخاص هيجل وغوته وسيرفانتيس، ما كانوا ليقيموا بشكل دائم ومتواصل في كل دورات المعرض، لو كان سقراط وأرسطو وغاليلي أحياء مغاربة، لأفسحوا المجال لآخرين… فهنالك آلاف الكتاب والمبدعين في كل المجالات الأدبية والعلوم الإنسانية، حازوا مناصب رفيعة في العلم والعطاء ولم يتكرم السيد حسن الوزاني وأصدقائه باستدعائهم…

وإن نظرنا إلى لجان الجوائز سنجدهم فقط هم من زمرة تلك الأسماء المقيمة في المعرض أو من ندمائهم وأصدقاهم، لا يمكن لعقلي المتواضع أن يقبل فكرة أن شخصا ما زال يحبو في الشعر (وهو طبعا من المقيمين الدائمين في المعرض) يتم تعيينه في لجنة تحكيم جائزة المغرب للشعر، وهو من سيقوم بتقييم أعمال كبار الشعراء الذين يفوقونه بسنوات ضوئية؟ أليس من المنطقي أيها السيد الوزير أن من يحكم على أعمال أدبية يجب أن يكون على الأقل في قيمتها، وليس أقل منها وأقل من تجارب أصحابها بعقود بيولوجية قبل أن تكون إبداعية؟ أليست فضيحة كبرى؟؟؟

ثم يقول بيان الوزارة أن كل اللجان جميلة ورائدة وأنها تشتغل وفق صرامة علمية وأدبية، ألستم تذكرون الفضيحة المدوية التي أدت إلى حجب جائزة المغرب للشعر في عهد مدير مديرية الكتاب الحالي قبل سنوات قليلة والتي خرجت رائحتها النتنة إلى الصحافة حتى أزكمت الأنوف، أليس كان من بين أعضاءها من هو يحضر بشكل دائم للمعرض؟؟؟

الأمر لا يقتصر فقط على معرض الكتاب، بل يمتد لكل ما طالته يد السيد مدير المديرية حسن الوزاني من أنشطة ثقافية ودعم مالي للكتاب وهلم جرا، وإن تحدثنا عن الدعم المالي للثقافة طيلة مدة السيد الوزاني سنجد من الاختلالات المالية ما يندى لها الجبين، حيث يتم توزيع المال العالم على الأصدقاء واقتسامه بشكل مفضوح، يمكنكم العودة على سبيل المثال لا الحصر أيضا في هذا الباب إلى الإقامات الأدبية وغيرها، وسنخصص لهذا الباب مقالات عديدة بتفصيل…

للأسف الشديد، هذه كارثة تسيء إلى الإبداع المغربي، لقد أصبحنا في المغرب في السنوات الأخيرة من الدول التي تئن بشكل كبير تحت وطأة وفظاعات سوء التسيير الثقافي الفاحش. بل حتى أنه لم تعد لجوائز وزارة الثقافة طعم بسبب سوء التسيير والاختلالات التي أوصلها إليها المدير (الشاعر) حسن الوزاني. لقد تحولت وزارة الثقافة إلى وكالة أسفار سرية وإلى شللية مفضوحة جدا. اليوم، الكثير من كتاب المغرب غسلوا أيديهم على تدبير الشأن الثقافي، وقاموا بصلاة الجنازة على الأمل في الإصلاح دون رحيل تلك اللوبيات التي تنخر الثقافة والإبداع المغربي، ولعل هذا ما يفسر مقاطعة كتاب المغرب لأنشطة المعرض الدولي للبيضاء في نسخته الأخيرة، لقد ظلت كراسي القاعات فارغة، لأن المثقفين أصابهم السأم واليأس من حال المغرب.

ولا يغرنكم الأرقام التي تعلنها وزارة الثقافة عن عدد زوار المعرض يوميا، فنسبة كبيرة منهم أطفال يتم جلبهم من المدارس، من أجل أن يتم تسجيل أرقام حضور عالية حتى يتم التغطية على الفشل الذريع لإدارته…

هنالك محاولة لتصفية كل شعراء ومثقفي المغرب، خاصة مثقفي الهامش، من أجل إيهام القراء والكتاب خارج المغرب، وإيهام حتى السلطات السياسية داخل البلد أن تلك الفئة اللاأخلاقية هي الممثل الشرعي والوحيد للثقافة، إنهم لا يجتهدون في تطوير تجربتهم الشعرية أو الأدبية بل كل ما يسعون إليه طيلة الوقت هو العمل على خنق الأصوات الإبداعية التي تتجاوزهم بكثير، والمثابرة على ألا تصل.

______________
* شاعر، مدير مؤسسة الموجة الثقافية

وباحث في المعهد الوطني للغات والدراسات الشرقية – السربون

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *