“في الأصوات أوطانٌ لا تموت” ريم بنّا وطنٌ في زمنٍ خالد

خاص- ثقافات

*رولا خالد غانم

فالزمن ليس مجرد وقت نعبر من خلاله ضمن حركاتنا، وإنما هو بمثابة سجلّ يترقّم عليه كل إيقاع يرنّ في وجودنا، ويكتب هذا الإيقاع بأسلوب ليس مسبوقا، أشياءنا وحياتنا وآثارها وأثره فينا، سواء من خلال أصوات أو أقلام نحن نختار ألوانها ومن ضمنها اختيارنا لطبيعة تفكيرنا وفهمنا للعالم وطريقتنا في المضي داخله باعتباره السيل الذي لا يتوقف ولا يترك أحدا يتجاوزه إلا المبدعون، والمبدعون في الغالب هم والزمن صنوان، يأخذ أحدهما بيد الآخر كي يمضي به حيث يشاء، لقد رحلت ريم بنّا ابنة الناصرة بعد أن تركت بصمة وإرثا حفظا اسمها في سجلات الزمن، رحلت من عبرت عن آلامنا وقضيتنا، بعد أن حاولت إضاءة الظلمات بنبرة صوتها، حملت ريم بنا على عاتقها هم القضية الفلسطينية، فطغى على أغانيها الطابع الوطني، واتسمت موسيقاها بتوظيف التراث بأسلوب حديث، فقد كانت تهتم بإحياء التراث؛ من أجل الحفاظ على الهوية والذاكرة الأدبية الفلسطينية، وزيادة الوعي لدى الفلسطيني بتاريخه وهويته وأدبه.
صدر أول ألبوم لها في الثمانينات وحمل اسم”جفرا” ثم تلاه ألبوم”دموعك يا أمي” وفي التسعينات صدر لها ألبوم”قمر أبو ليلة” و” مكاغاة” وهما للأطفال وفي عام 2001 صدر لها ألبوم بعنوان”وحدها بتبقى القدس” وفي عام 2005 صدر ألبوم” مرايا الروح” وفي عام 2006 صدر ألبومها” لم تكن تلك حكايتي” وفي عام 2006 صدر ألبومها” مواسم البنفسج” وفي 2009″ نوار نيسان” وفي 2010″ صرخة من القدس” وفي 2011″ أوبريت بكرا” وفي2013صدر ديوانها” تجليات الوجد والثورة”.
ريم بنّا خدمت بأغانيها التي جابت العالم، القضية الفلسطينية كما خدمها محمود درويش وسميح القاسم، فأسهمت في التعريف بالقضية الفلسطينية، ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، فأدت دورا كبيرا جعل المأساة الفلسطينية حية في وجدان العالم أجمع.
توقفت ريم عن الغناء بعد أن هاجمها مرض السرطان، وكنا قد التقيناها في مدينة رام الله العام الماضي، وطلبنا منها الغناء، فقالت لن أستطيع بسبب عطل أصاب الوتر الصوتي الأيسر، وهذا أكثر ما أزعجني، لأنه أثر على صوتي وحرمني الغناء، وووعدتنا بأن تناضل وتحارب مرض السرطان الذي احتل جسدها كما الاحتلال الإسرائيلي احتل الوطن، وأن تستعيد عافيتها وتغني من جديد.
لكن القدر خذلها وفتك المرض بجسدها الهش، وارتقت إلى بارئها بتاريخ34/3/2018 وكان من آخر كلماتها التي نشرتها على الفيس بوك.
لا تخافوا هذا الجسد كقميص رث لا يدوم… حين أخلعه سأهرب خلسة من بين الورد المسجى في الصندوق.. وأترك الجنازة، وخراريف العزاء عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام، مراقبة الأخريات الداخلات، والروائح المحتقنة.
وسأجري كغزالة إلى بيتي
سأطهو وجبة عشاء طيبة
سأرتب البيت وأشعل الشموع
وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة
أجلس مع فنجان الميرمية
أرقب مرج بن عامر
وأقول هذه الحياة جميلة
والموت كالتاريخ

فصل مزيف

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *