جائزة آسيا جبار للرواية الجزائرية لمرزاق بقطاش

*حميد عبد القادر

فاز الروائي الجزائري مرزاق بقطاش بجائزة آسيا جبار للرواية، التي ترعاها وزارتا الثقافة والإعلام، نظير روايته “المطر يكتب سيرته”، الصادرة عن المؤسسة الوطنية للإشهار والنشر، بينما عادت الجائزة الخاصة بالرواية الفرنسية للكاتب الراحل نور الدين سعدي، الذي فارق الحياة الأسبوع الفائت، عن روايته “شارع الهاوية” (منشورات “البرزخ”). أما الجائزة الخاصة باللغة الأمازيغية، فكانت من نصيب الروائي مصطفى زعروري، عن روايته “هذا أملي”، وهي الرواية الأولى للكاتب، وتناولت موضوع العنف في المجتمع الجزائري.

بقطاش: مدينة الجزائر التي

أكتب عنها امتداد لنفسي

تضم رواية “المطر يكتب سيرته”، لمرزاق بقطاش، شقين اثنين، أولهما تدور أحداثه بعيد نهاية الحرب العالمية الثانية، وثانيهما خلال تسعينيات القرن المنصرم، مع نفس البطل ونفس المكان، خلال الفترتين الزمنيتين، لكن نسيج الأحداث يختلف بينهما. وما دامت الحياة قد امتدت بالبطل إلى غاية التسعينيات فقد جعل الروائي يأخذ هذا الجانب بعين الاعتبار، بغية البحث في ما حدث من مآس ومجازر خلال التسعينيات.

وقال بقطاش، في تصريح لـ “ضفة ثالثة” بخصوص روايته، عقب تسلمه الجائزة في المركز الدولي للمؤتمرات، في الجزائر العاصمة :”أعتقد أن أجمل ما في هذه الرواية إنما هو ذلك الحب الدفين الذي يُكنه البطل لعشيقته الفرنسية الراحلة، حيث تمر عليه العقود الطوال وهو على ذلك الحب، وعلى نفس السلوك والوجدان”. وأضاف: “هناك في حقيقة الأمر ولع بالحياة نفسها. وذلك ما يفسر ميلي إلى الإبداع الفني برمته. كلود مونيه، الفنان التشكيلي الفرنسي، على سبيل المثال لا الحصر، مولع بالحياة. فهو حين يبسط هذا اللون أو ذاك على لوحته، إنما يفتح المجال لنفسه لكي تمتد به الحياة في جهة أخرى، وشكل آخر. إرنست همنغواي يفعل نفس الشيء في قصصه القصيرة ورواياته، سواء أكان يتفرج على مصارعة الثيران، أو يصطاد الحيتان الكبيرة في البحر العريض. الواقع امتداد لكل فنان وروائي. لو انتفى هذا الواقع لما كان هناك فن أصلا. ومدينة الجزائر التي أكتب عنها امتداد لنفسي. هناك تزاوج بيني وبينها”.

نشر مرزاق بقطاش (من مواليد الجزائر العاصمة- القصبة- سنة 1945)، الذي درس الترجمة بجامعة الجزائر، وعمل في الصحافة إلى غاية تقاعده، عددًا من الأعمال الروائية التي لفتت انتباه النقاد، منها “طيور في الظهيرة”، “البزاة”، “عزوز الكابران”. ونشرت له دار “الآداب” في بيروت رواية “رقصة في الهواء الطلق”. كما نشر عدة مجموعات قصصية منها “جراد البحر”، و “دار الزليج”. ونقل بقطاش، الذي نجا من محاولة اغتيال إرهابية سنة 1994، إلى العربية أهم روايتين لرشيد بوجدرة، هما رواية “ألف عام وعام من الحنين”، و”الفائز بالكأس”. وعن علاقته باللغات قال: “عليّ القول إنّني أحبّ كلّ اللّغات التي أتقنها: اللّغة البربرية، لغتي الأمّ، واللّغة العربية الكلاسيكية، والفرنسية والإنكليزية. أنا مولع باللّغة العربية في المقام الأوّل، لأنّها هي أساسًا كلّ ما يربطني بالثّقافة الإسلامية العظيمة والدّين والأدب الكلاسيكي. هذا يسمح لي بالقول إنّ الكلمة في حدّ ذاتها تشكّل المضمون نفسه، إنّها الحالة النّفسية للحيّز الجغرافي الذّي طورته على عتبة بابه. تكفيني كلمة واحدة، إيقاع واحد منها لأنشئ قصيدة نثرية أو قصّة أو رواية. أنا في الأساس شخص كان يعطي دائمًا الأولوية للكلمة ولهذا السّبب فأنا شغوف بكلّ المخطوطات أو بكلّ ما هو خطّي. إن صحّ التعبير، فأنا طفل ينتمي إلى حضارة خاصة، إلى حضارة انقرضت منذ أكثر من ألف سنة، إلى تلك الحضارة التّي منحت لغتها المكانة الأولى والأخيرة في مجال التّعبير الفنّي والأدبي”.

الروايات المنافسة

وقال مصدر من داخل لجنة التحكيم التي تترأسها نجاة خدة، أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة الجزائر، إن رواية “المطر يكتب سيرته” تنافست مع رواية “ليالي إيزيس كوبيا” للروائي واسيني الأعرج، بيد أن اختيار لجنة التحكيم المكوّنة من الدكتور إبراهيم صحراوي، الدكتور عبد القادر بوزيدة، والشاعر عاشور فني، وقع على رواية “المطر يكتب سيرته”، نظرا لتناول رواية واسيني لموضوع لا يخص الواقع الجزائري، علما أن رواية “إيزيس كوبيا” تتمحور أحداثها حول الأيام التي قضتها مي زيادة في مصحة العصفورية.

من جهة أخرى، تنافست رواية “شارع الهاوية” للكاتب الراحل نور الدين سعدي، الصادرة عن منشورات “البرزخ”، مع رواية أمين الزاوي “طفل البيضة”، بيد أن الكفة مالت في الأخير لرواية نور الدين سعدي، الذي أقام في فرنسا منذ منتصف التسعينيات، وجاء متأخرا للكتابة الروائية، حيث لم ينشر أول عمل روائي له إلا في سنة 2000،  بعنوان “بيت الأنوار”، ثم نشر رواية “ليل الأصول” (2005)، وفي المدة الأخيرة رواية “شارع الهاوية”، التي حصل بواسطتها على جائزة آسيا جبار، والتي اعتبرتها لجنة التحكيم بمثابة رواية “تستنطق تاريخ حرب التحرير، وتكشف تجاوزات الاستعمار”.

يذكر أن طريقة عمل لجنة التحكيم تخللتها كثير من الهفوات، حيث لم يتم الإعلان عن القائمتين الطويلة والقصيرة مثلما هو معمول به مع الجوائز الأدبية الكبرى. كما أن لجنة التحكيم المتعلقة بالجائزة الخاصة باللغة الأمازيغية، لم تضم سوى قارئ واحد.

وكانت الجائزة المتعلقة باللغة العربية خلال السنة الفائتة من نصيب الروائي سمير قسيمي عن روايته “كتاب الماشاء”، في حين عادت الجائزة الخاصة باللغة الفرنسية لرواية جمال ماتي الصادرة بعنوان “يوكو.. أو أهل البرزخ” (منشورات “الشهاب”)، في حين حصلت الكاتبة ليندة كوداش على جائزة الأمازيغية بواسطة روايتها “الحكاية الأخيرة”. وبخصوص هذه الرواية، تأسف عدد من الكتاب الذين حضروا حفل تسليم الجائزة، عن عدم ترجمتها للغة العربية، بعد مرور سنة عن فوزها.

 للعلم، تنافس هذا العام على جائزة آسيا جبار، أكثر من سبعين عملا روائيا باللغات الثلاث، مع تسجيل تفوق عدد الروايات المكتوبة باللغة الفرنسية، حيث بلغ عددها 42 رواية، بينما بلغ عدد الروايات المكتوبة باللغة العربية 24 رواية فقط، في حين بلغ عدد الروايات الأمازيغية 7 روايات.
__________
ضفة ثالثة

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *