ولدت بعيوب خلقية لاحصر لها

خاص- ثقافات

*حسن حجازي

ولدت بعيوب خلقية لاحصر لها
فهذا قلبي مترع بدمامل
لاتكف عن وخزي طوال الوقت،
كل صمامات الأمان
التي زرعتها الريح في تجاويفه
لم تعد تجدي معي نفعا،
على إثر ذلك أصبحت مرتابا
من نسائم الأخاديد السحيقة،
ومن هسيس البوح،
ومن فحيح النايات
الساهية عند جدوع النخلات العاقرات،
وهذي عيني اليسرى بقرنية اصطناعية
لم أعد أرى من خلالها سوى
قطيع من الفانتازمات المنزاحة
عن سياقات المعنى،
أما اليمنى المائلة إلى الحول
فبت أتلصص بها على حاملات الصدور
المتدلية من حبال الغسيل بالشرفات،
وعلى مؤخرات عاملات النظافة
بالسوبر ماركت ومحطات قطارات منتصف الليل،
وفي أحسن الأحوال أستعين بها
في مسح بصري سريع
لقصائد تفوح منها روائح غريبة
تماماً كتلك التي يشتمها الآن
أنفي المجدوع من خلال نصوصي
المصابة بتبول لاإرادي وبحالة إسهال مزمن،
وهذي يدي اليسرى بأصابعها العشرة
لم تعد صالحة سوى للتلويح
لتلك الفزاعات الرابضة
عند قدم طاحونة مفرغة من الهواء والماء،
أما أصابع يدي اليمنى
التي تتجاوز اليسرى بخنصر وسبابة وإبهام
فلا أجد أدنى غضاضة أن أعد بها
-آناء الليل وأطراف النهار-
كل خيباتي المكدسة
في دولاب ملابسي المهيئة على مقاس
رجلي اليمنى المبتورة بسبب لسعة نحلة
والتي زرعت مكانها رجلا اصطناعية
مهيئة من شجر الأبنوس،
أما اليسرى فما زالت مشلولة بالكامل
رغم كل العمليات الجراحية
التي أجريت لها من أجل استخراج
شظايا رصاصة طائشة
أصابتني في ساحة الحرب
التي كنت أكتفي فيها بالتفرج
على جثت كانت شديدة الشبه بجسدي
ذي العيوب الخلقية التي لا حصر لها!

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *