من وحي الروح… رباعيات مولانا جلال الدين الرومي

خاص- ثقافات

*ترجمة: عائشة موماد

أيها الصاحب! نحن قريبون منك في الصحبة
أينما حطت أقدامك نكون التربة.
كيف يكون ممكنا على طريق العشق،
أن نرى العالم من خلالك ولا نراك؟

أيتها الشمعة، كأن لك عادات أهل التصوف.
فلك الصفات الست لأهل الصفاء.
قيام الليل وإشراقة الوجه والشحوب،
وحرقة القلب ودمع العين واليقظة.

أيها الجمال، يا صاحب قوام السرو، فليكن لريح الخريف ألا تهب عليك!
يا عين العالم، فليكن لعين الأشرار ألا تمسك بسوء!
أنت يا روح السماء والأرض
فليشملك فقط الرحمة والسلام!

أنا الجبل وصداي صوت المعشوق
أنا لوحة رسمني المعشوق.
أنا كقفل يصدر المفتاح صوته
تظن أن الحديث لي كلما نطق الكلام.

من أجل عشقك، أريد هجر الروح
من أجلك، أتمنى هجر العالمين.
أريد أن تسقط شمسك فوق المطر
لذلك سأذهب للقائك، مثل السحاب.

جمال خلاب لا يوصف
دخل البيت سائلا:” كيف قلبك؟”
أجاب قلبي وثوبه يتهادى على الأرض،
“ارفع ذيل ثوبك، فالبيت مليء بالدم”.

نسميه الخمر تارة، والكأس تارة أخرى،

تارة الذهب، أو الفضة الخالصة.

تارة الطعم وتارة الصيد، والفخ تارة أخرى.

لكن لم كل هذا المجاز؟ لم لا ننطق باسمه؟

رأيت جمالا في الحانة
ابتعته بالروح والقلب.
شممت عطر خصلات شعره
وتنازلت عن الرغبة في العالمين.

كنت أسأل: “يا معبودتي، أين معبدك؟”

أجابتني: ” في حطام قلبكَ الخَرب،

أنا الشمس، أشعتي تتسلل إلى أنقاضك،

أيها الثمل، ليتحطم معبدك!”

تبت عن الهوى و ضياع النفس
سمع عشقك هذا الحديث مني.
فصنع نارا من حطب توبتي
أحرقني ثم قال: ” هل تتوب هذه المرة؟”

قيل إن العشق ليس سوى اسم وضجة، هذا كذب!
قيل إن تمني العشق سذاجة، هذا كذب!
سماء الفرح فينا وفي أرواحنا
قيل أنها فوق السماوات السبع، هذا كذب!

عشقك يجلب شفاء العالم
فراقك كساعة الموت، تجرف الروح
هذا القلب الذي لا يبدل بمائة ألف روح
بابتسامة منك يأخذها دون مقابل.

هذه الكلمات العذبة التي تبادلناها
احتفظت بها قبة الأفلاك داخل قلبها السري.
يوما ما، ستنثرها كالأمطار
وسينمو سرنا في ساحة العالم.

أنت، يا من رحاك من سنابل سقتها ماء الحياة

مخزن العالم مكتظ بسماد الموتى

لا أريد هذا المخزن المليء بهبات الآخرين

هذا المساء، اعطني نصيبا من رحاك.

يا من استبدلت لؤلؤة الإيمان بقطعة خبز

يا من اعطيت منجما مقابل حبة دون قيمة.

كالنمرود، لم يقدم قلبه لإبراهيم

أخيرا، ضحى بحياته من أجل بعوضة.

بحثت عن روح، في بحر من المرجان

مخبأة تحت زبد محيط سري.

وعبر طريق ضيق، في ليل قلبي

سافرت وسافرت، فوصلت إلى صحراء.

تصدق على هذا العبد الذي جافاه النوم

تصدق على هذا الضمآن الذي لا ماء عنده

تصدق، لأن الذي لا يعطي شيئا

لا قيمة له عند الله.

 

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *