كلاب المناطق المحرّرة لزياد عبدالله

خاص- ثقافات

صدرت عن منشورات المتوسط – إيطاليا، رواية “كلاب المناطق المحررة” للكاتب السوري، ومؤسس موقع أوكسجين الشهير، زياد عبدالله.
جاء في كلمة الغلاف التي كتبها قصي اللبدي: “لا يكتب زياد عبدالله عن الحرب، وهو يلاحق نباح الكلاب في المناطق المحررة. وهو – أي المناطق المحررة – التعبير الذي تستخدمه أقطاب الحرب الدائرة في سورية، من وجهات نظر متضادة، لا يكتب عن الحرب، وإنما يكتب الحرب ذاتها، آلاتها، ورجالها، ونساءها، وشوارعها، وأحياءها، وتفاحها المحترق.
150 صفحة تشبه جملة واحدة، طويلة. لا نقطة بداية، ولا خط نهاية فيها. دوائر صغيرة تنداح، ثم تتسع، وتتداخل، وتخسر حدودها لمصلحة دوائر أخرى. أنت لا تقرأ رواية عن الحرب – أقول لك – وأنت تقلب الصفحات، بل تسمح للكلمات بأن تتخطى حدودها، وتقود مخيلتك بثقة نحو عالم لا حدود فيه لشيء. لا حدود للحب أو الموت. لا حدود للسخرية. مصابيح السيارة المضاءة في عز الظهيرة، هي علامة فاقعة على قدرة الوقت نفسه على تخطي حدوده.جاءت الرواية في 152 صفحة من القطع الوسط.

 من الرواية:
سَكَنَ كلبٌ بيتَ إبراهيم. سَكَنَ إبراهيمَ نفسَهُ.
يخرجُ منه، ويعودُ إليه.
نفى إبراهيمُ صفةَ الكلب عن الكلب، قال إنه كائنٌ نبّاحٌ.
وللدقّة، فإنه كان في حالته كائناً موسيقياً نبّاحاً، يظهر متى بدأ بروفاته على البيانو، يبقى ينبح ككلب حراسة وقع على لصّ، ولا يتوقّف إلا حين يتّسق العزفُ في مقطوعات متناغمة، ويبقى رابضاً متأهّباً ينبح متى أخلّ أو نشّز.
تسرّب الكلبُ إلى إبراهيم من الراديو، كان مواطنٌ من الأحياء المُحرّرة يُطلقُ نداء عاجلاً، يُناشدُ فيه أيَّ جهة تخليصه وسكّان حَيِّه من اجتياح الكلاب. «إنها في كل مكان، تتخاطف كلّ ما تقع عليه، تتسافح في الأبنية المهدّمة والردم والخرائب والمجارير المفتوحة.. على أسطح الأبنية الناجية، في الشوارع والأزقّة، تعضّ وتنهشُ الأحياءَ والأموات.» وليُدلِّل على فداحة ذلك، أقدمَ على مواربة باب بيته، فاندلع عواءُ ألف ألف كلب مسعور. رأى إبراهيم في أثنائها طيفَ كلب قفز من الراديو قبل أن تنهشَ الكلابُ المواطنَ المحرّر للتّوّ والراديوهات تتناقل آلامَهُ ونزعَهُ الأخير.
يُحكى أن كلّ مَن استمع إلى الراديو حينها نالَهُ من الكلاب نصيبٌ، وصار كل كلب يركب موجة قصيرة أو طويلة عبر الأثير، ليصلَ إلى مستمع على هيئة ذبذبة، فيسكنه، وكانت وتيرةُ عواء كل كلب من الكلاب مرتبطةً بما يرغبه المستمعُ من الحياة.

المؤلف زياد عبدالله: 
كاتب سوري. صدر له: «الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص» (مجموعة قصصية، منشورات المتوسط 2016)، «محترقاً في الماء غارقاً في اللهب – قصائد تشارلز بوكوفسكي» (ترجمة، منشورات المتوسط 2016)، «ديناميت» (رواية، دار المدى 2012)، «بر دبي» (رواية، دار المدى 2008)، «ملائكة الطرقات السريعة» (مجموعة شعرية، الانتشار العربي 2005)، «قبل الحبر بقليل» (مجموعة شعرية، الكنوز الأدبية 2000).

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *