سيرة حياة غاندي بالعربية

 

لندن – صدر حديثاً عن دار قوافل للطباعة والنشر والتوزيع الترجمة العربية لكتاب بعنوان «غاندي شخصيات في السلطة»، وهو من تأليف ديفيد أرنولد وترجمة الشاعرة سلافة الماغوط. ويقع في 342 صفحة من القطع الكبير.

يتناول الكتاب سيرة حياة الزعيم الهندي الكبير المهاتما غاندي، وكل ما في هذه السيرة من محطات نضالية، مسلطاً الضوء على أهم مراحل حياته، ابتداء من دراسته للحقوق في لندن، إذ مكنته هذه الدراسة في الخارج من تعلم القانون الذي سيساعده فيما بعد في الدفاع أمام القضاء عن نفسه وشعبه، كما ساعدته على التعرف على الإمبراطورية البريطانية من الداخل، والتعرف على المجتمع البريطاني من خلال حضوره المكثف للقاءات وندوات الفكر التي كانت تعقد في العاصمة.

المحطة الثانية في حياة غاندي، كانت بعد عودته إلى بلده. وقد لجأ في هذه المرحلة إلى تأليف كتيبات كدليل للطلاب الهنود الراغبين في الدراسة في بريطانيا. ثم تلتها فترة انغلق فيها على نفسه. ثم جاءته فرصة ثانية بحصوله على عقد عمل كمحام في جنوب أفريقيا. واجه غاندي هناك مشكلة التمييز العنصري بشكل شخصي، إذ تم رميه مرة خارج القطار فقط لأنه اشترى بطاقة درجة أولى لأن هذه البطاقة كانت فقط للبيض. ومن هنا بدأت معركته للدفاع عن حقه وحق أبناء جاليته في جنوب أفريقيا، فقد اكتشف أنهم يعانون من سمعة سيئة ومعاملة سيئة، وتضييق على حقوقهم المدنية لدفعهم إلى مغادرة البلاد. ولم يترك أفريقيا إلا بعد أن أعاد لأبناء شعبه اعتبارهم.

المرحلة الثالثة والأخيرة والحاسمة في حياة غاندي هي المرحلة التي عاد بها إلى الهند ليستقر فيها نهائيا، ولم يغادرها حتى وفاته إلا لحضور مؤتمر في لندن.

هذه المرحلة الأخيرة لعبت دورا مهما في حياة غاندي وتاريخ الهند ككل، فقد دخل عالم السياسة وانتسب إلى الكونغرس الهندي الذي لم يشغل فيه منصب الرئاسة إلا دورة واحدة. رغم ذلك كان لشخصيته ونفوذه تأثيراتهما الكبيرة على البلاد وعلى الشعب الهندي ككل، فقد كان الحكماء والفقهاء من آخر الدنيا يقصدون كوخه طلبا للنصيحة، وكان الناس العاديون يتوافدون إليه ليستمعوا إلى كلامه، لأنهم كانوا يعرفون أنه يحبهم ويدافع عنهم، ويطالب بحقوقهم ويعتبرهم قضيته.

فلا عجب أن أصبح رمزا بالنسبة لهم. وفي هذه الفترة، أصدر كتابيه «استقلال الهند»، و«البحث عن الحقيقة» اللذين سعى فيهما إلى تطبيق أفكاره على أرض الواقع.

يقول المؤلف ديفيد أرنولد إن «غاندي صحيح لم يحقق استقلال الهند بمفرده، إنما حركاته الوطنية المتتالية الواحدة تلو الأخرى هي التي أرهقت حكم الإمبراطورية البريطانية في الهند. وهذه الحركات قام بها في قرى الهند: شامبران، خيدة، أحمد آباد، بالإضافة إلى مسيرة الملح احتجاجا على قانون دفع الهنود ضريبة على هذه المادة، وكذلك موقفه من لجنة رولات، ودعوته إلى عدم تعاون الموظفين الحكوميين الهنود مع البريطانيين، وقيادته للعصيان المدني والمقاومة السلمية من أجل تحقيق الاستقلال من دون استخدام السلاح واللجوء إلى العنف، ثم ربطه الإصلاح الاجتماعي بالنضال السياسي من خلال البرنامج البناء الذي ألفه ودعا له بحماس».

هذا الكتاب مليء بتصوير حملات غاندي هذه بطريقة مفعمة بالحيوية والمصداقية والموضوعية، من دون مبالغة أو زخرفة، وبأسلوب منهجي.

في الفصل ما قبل الأخير من الكتاب، يتناول المؤلف تفاصيل تقسيم الهند إلى ثلاثة أقسام، قسمان منهما انفصلا، وهما يضمان الأقلية المسلمة، وأصبح اسمهما الباكستان. أما في الفصل الأخير، فيروي حادثة اغتيال غاندي على يد أحد المتطرفين الذين أثارتهم آراء غاندي حول الأديان بالطوائف.

جاءت الترجمة بلغة سلسة، أوصلت النص الأصلي للقارئ العربي بأمانة.
_______
*الشرق الأوسط

 

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *