ماذا لو كتب إيشيغورو باليابانية..هل كان سيفوز بنوبل؟

جمال الدين طالب*

جدد فوز الكاتب البريطاني (الياباني الأصل) كازو إيشيغورو بجائزة نوبل للأدب بهذا العام 2017، الجدل حول الجائزة و”مركزيتها وانغلاقها اللغوي والثقافي”.

 قد لا يطرح موضوع القيمة الأدبية لهذا العام مقارنة بمفاجأة العام الماضي “غير المستساغة” لكثيرين، حين تم اختيار المغني الأمريكي بوب ديلان، لكن منح الجائزة للعام الثاني على التوالي لمُعبرٍ باللغة الإنكليزية يثير التساؤلات حول هيمنة الكتاب باللغة الانكليزية على سجل الجائزة بـ 29 فائزا مقابل 14 يكتبون بالفرنسية.

 هل لغة شكسبير وبدرجة أقل موليير هما اللغتان الوحيدتان القادرتان على “التعبير على العواطف العميقة”، مثلما جاء في حيثيات قرار الأكاديمية السويدية منح إيشيغورو الجائزة، حيث كتبت أنه “كشف في روايات مشحونة بعواطف قوية، الهاوية الكامنة تحت شعورنا الوهمي بالتواصل مع العالم”.

الأكاديمية وصفت رواياته أيضا بأنها “بديعة” وتمزج بين الكاتب التشيكي فرانز كافكا والروائية الإنكليزية جين أوستن (مركزية غربية أخرى!).

وفي فقرة لافتة، قد تطرح للمفارقة مدى ارتباط جائزة نوبل للآداب نفسها بالعالم، تشيد الأكاديمية بقدرة إيشيغورو ( 63 سنة) على الكشف عن “شعورنا الوهمي بالارتباط بالعالم… في روايات ذات قوة عاطفية هائلة تمس الذاكرة والزمن وأوهام النفس″.

وقد يقفز تساؤلان هنا: ماذا لو اختار إيشيغورو الكتابة بلغته الأم ، أي اليابانية ، هل كان سيحظى باختيار وإطراء الأكاديمية السويدية…وفي ماذا يتفوق إيشيغورو على الكاتب الياباني هاوركي موراكامي، الأكثر رواجاً يابانيا وعالميا ، والذي كان اسمه مرشحاً للفوز بالجائزة عكس الكاتب البريطاني، الذي تجاهلت الأوساط الأدبية اسمه كليا هذه المرة. ومثلما قالت دار النشر التي تصدر كتبه في السويد للإذاعة العامة “كان الأمر غير متوقع بتاتا. طُرح اسمه لفترة طويلة لكن ليس هذه السنة”. وللإشارة فإن الرواية الثانية لإيشيغورو “فنان العالم العائم” (1986) تدور أحداثها في مدينة ناغاساكي اليابانية بعد مرور سنوات قليلة على الحرب العالمية الثانية.

الكاتب قال للصحافة البريطانية، في منزله، بلندن، إن الفوز بالجائزة يشعره “بإطراء مذهل”، وإن “فوزه يأتي في وقت يسود فيه العالم الارتباك بشأن قيمه وقيادته وأمانه. أتمنى أن يشجع حصولي على هذا التكريم الكبير قوى الخير ولو بدرجة محدودة”.

وصرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه سمع بالأمر في وسائل الإعلام وأن زوجته كانت عند مصفف الشعر وهرعت عائدة إلى المنزل بعد أن اطلعت على الخبر على هاتفها المحمول.

اشتغل لعشر سنوات على رواية لأنها لم تعجب زوجته

واللافت هنا أن إشيغورو، كان كشف قبل سنتين ان سبب استغراقه في كتابة روايته الأخيرة “العملاق المدفون” الصادرة في 2015، عشر سنوات، يعود إلى رفض وانتقاد زوجته لورنا ماكدوغال لمخطوط الرواية الأول، الذي قال الكاتب إنه اشتغل عليه لسنوات بمعدل 80 صفحة كل سنة، وأنه كان سعيدا بما أنجزه.

وذكر اشيغورو، الذي كان يتحدث مرفوقا بزوجته، في مهرجان شيلتنهام الادبي في بريطانيا، ان شريكة حياته، وهي مرشدة اجتماعية، أبلغته بعد الاطلاع على المخطوط، أن عمله ليس بالجودة اللازمة و أن عليه اعادة كتابته من جديد ومن البداية!.

وأكد الكاتب أن”قرار زوجته كان قاسيا، لكنه اضطر للعمل من جديد على الرواية.

 وتدور أحداث الرواية في الفترة الفاصلة بين رحيل الرومان عن بريطانيا وقدوم الانغلو ساكسونيون اليها.

وقد ولد إشيغورو  في اليابان في 1954، وانتقل إلى العيش في بريطانيا مع عائلته وهو في الثامنة من العمر. واختار الكتابة بالإنكليزية ، وحاز على جائزة “البوكر” التي تحتفي بالكتاب المعبرين بالإنكليزية عام 1989 بروايته “بقايا الأيام”، والتي تم تحويلها إلى فيلم رشح لجائزة أوسكار ولعب بطولته أنتوني هوبكنز وجسد فيه شخصية رئيس خدم مقهور في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وتم ترشيح إيشيغورو  لجائزة “البوكر” خمس مرات أخرى.

وروايته ما قبل الأخيرة “لا تتركني أبدا أذهب” صدرت في 2005، كما أصدر مجموعة قصصية في 2009.

_____
*القدس العربي

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *