عرض وتلخيص لكتاب: “إسلام السوق” للسويسري باتريك هايني(2015)

خاص- ثقافات

*مهند النابلسي

مقاربة إسلامية مع نماذج “المنجمنت” الغربية: نماذج “نيوليبرالية” للدعاة الجدد أصحاب الأجندات الوظيفية!

*من طبائع الاستبداد إلى طبائع الاستهلاك، عن ابتلاع الحداثة لصيغ التمدن، وخطر الرأسمالية على صيغ التدين.

*ويجدر الاعتراف أن الفاعل الوحيد الذي يملك مشروعا يقوم على القطيعة الفعلية هو التيار الجهادي الراديكالي، مما يفسر جزئيا نجاحه في تجنيد أعضاء جدد.

*إسلام السوق -اذن- ليس رافعة للتعبئة الهوياتية، بقدر ما هو حافز للانفتاح على العالم، وهو يشارك في اللحظة النيوبرالية التي تعكس التخلي عن البنى السياسية الكبرى، ولقد أسهم الربيع العربي في تأكيد هذا الاتجاه بشكل كبير.

*يمنح “إسلام السوق” لعدد من القيم والعواطف والسلوكيات الدينية فرادتها التي ترتبط بالتفاعل بين المجال الديني والحقل الاقتصادي، وليس من خلال تسييس الإسلام.

*إن الاخوان لم يعودوا قادرين على رؤية وتحليل المشاكل الحقيقية. إنهم لا يرون سوى مشاكل وحلول تنتمي إلى الماضي، ويواصلون تكرار خطابات وشعارات أطلقت في الخمسينات والستينات (ص. 49)، فخطابهم الديني فقد بريقه.

*كما يلاحظ مثقف اسلمي تركي: استهلاكية الحجاب ليست نتاج الأسلمة بقدر ماهي تعبير عن الحلم الأمريكي للبرجوازية الإسلامية.

*فرض عبد الله جمنستار في جنوب آسيا، وعمرو خالد في العالم العربي نفسيهما في أقل من خمس سنوات باعتبارهما أهم دعاة اللحظة الراهنة.

*يهتف عمرو خالد في أحد دروسه الدعوية الاولى “كفانا إخلاصا لله خوفا منه”، ويضيف “لم أعد اريد علاقة مؤسسة على مبدأ: أنا أخافه لذا تجب علي عبادته – لا، أنا اريد علاقة مؤسسة على المحبة، والكسل هو أسوأ الشرور”، أما الأندونيسي الأخ جيم، فيفرض نفسه في الساحة الإعلامية الأندونيسية، بتمجيده لفضائل التسامح وتأكيده على النزاهة والسخاء. (ص.84).

*تدين تحركه قوى السوق…

*في تركيا، يعتبر فندق “كابريس” على ضفاف نهر ايجه، الفندق الأول الذي يمنح مرتاديه بيئة تتوائم مع معايير الأخلاق الإسلامية، ويركز على “أسلمة” كافة وسائل الترفيه!

*لاهوت النجاح: لا بد أن تتذكروا أن الرسول كان رجل أعمال، كذلك يذكر عمرو خالد بأن الثروة هي وسيلة للسمو الديني، فالمسلم الغني أحب إلى الله لأنه سوف ينفق ثروته في سبيل الله وفي أعمال الخير.

*اليوتوبيا الإدارية الجديدة: وفي هذا السياق سيتم اكتشاف “المنتجات الرئيسية” التي ستسد الفجوة بين الالتزام الإسلامي والفكر الإداري.

*نحن الآن نكتشف شيئا جديدا: التفوق والجودة والتنمية، وسيكون الشيخ “محمد الغزالي”، هو أول من سيقوم بربط المبادرات الإسلامية بأدبيات الإدارة.*

*وصلت المبالغة لحد تشبيه مقولات “ستيفن كوفي” في كتابه ” العادات السبع لأكثر الناس فعالية”، بما يقوله “القرآن الكريم” لإفهام الناس بالعادات السلوكية الحميدة.

*أما في دول الخليج العربي، فقد ظهر “طارق سويدان” كأفضل من يمثل الداعية الذي يجسد هذه الرغبة في الجمع بين الدعوة  وبين إصلاح الذات، بالاعتماد على أدبيات “التحقق الذاتي” الأمريكية.

*يعزى نجاح مفهوم “المنجمنت” الإسلامي في جنوب شرق آسيا خاصة من الأرخبيل الندونيسي، إلى كونه كان آداة موضوعية لخدمة طبقة التجار المسلمين في نزاعها القديم المتجدد مع الأقلية الصينية، وفي الواقع تفرض هذه الأقلية نفسها كقوة اقتصادية كبرى منذ أيام العهد الاستعماري.

*في إطار هذه الانعطافة بالضبط، سوف ينفتح “إسلام السوق التركي” على نماذج “المنجمنت” الغربية، ولسان حالها هو خطاب تركيبي يجمع ما بين الهاجس الأخلاقي والمشروع الإصلاحي.

*بدون شك، فان “فتح الله غولن”، هو الوريث الحالي لفكر “سعيد النورسي”، والمعروف بدعوته لإسلام يتوافق مع العقل والعلم والحداثة، وهو الأقرب إلى مخيال عالم الأعمال الجديد الناتج عن إسلام السوق.

*فتح الله غولن لا ينبذ شيئا من الحداثة السياسية الغربية،بل يشجب تطبيق الشريعة من قبل الدولة، وينتقد الأنظمة السعودية والايرانية، ويعتبر الديموقراطية أفضل أشكال الحكومات، وهو يفضل “اقتصاد السوق” وصورة المسلم الفعال والمنتج انطلاقا من خطاب “تركيبي” موجه نحو أفكار “بذل الجهد والانضباط”، كما يجمع في طروحاته ما بين الهاجس الأخلاقي والمشروع الاصلاحي.

*إنه “إسلام المشاريع” الذي سيصبح التعبير الأجد عن إسلام السوق، ويتم الآن العمل في اطار اقتصاد السوق باستخدام المعايير الدينية.

قيم كل من “المحافظة الأمريكية وإسلام السوق” يتقاسمان نفس الطموح: تعمل “المنجمنت” بصيغتها العصرية البرجماتية كبديل مقبول للقيم الإسلامية العملية، حيث يؤكد المصري “محمد فتحي” على مهمته في تشكيل جسر، يجمع بين قيم الدعوة والمنجمنت.

*يجب إذن القبول بفكرة أن العالم الإسلامي يمر في مرحلة انحطاط، وأن أمتنا قد وصلت إلى منحدر ليس هناك أعمق منه، وتكمن نقطة البداية في إحياء الأمل، الذي تعبر عنه تجربتان عالميتان لإعادة البناء والنهضة وهما : اليابان وألمانيا.

*وهذه القيم الموجودة في الإسلامهي ما تجعل الأمل ممكنا، فالقرىن الكريم يشدد على بذل الجهد 250 مرة، وعلى عمارة الأرض  400 مرة، وعلى استثمار الوقت 5 مرات!

*باختصار، فقد لخص الرسول (صلى الله عليه وسلم) الإسلام  في جملة واحدة معبرة: “الدين النصيحة”، والنصيحة أن يكون المرء إيجابيا ومتفاعلا.

*والسؤال الأخير المطروح حول النهضة الإسلامية الجديدة: فهل هي أصولية جديدة، إسلام سياسي، أم حركة إصلاحية؟!

*أما الروح الإنسانية فيمكن تشبيهها بالمنطاد المليء بالهواء، الذي لا يمكنه أن يعمل إلا إذا تم فتحه!

*وفي الختام: يبدو أن الاسلام “بالمشاريع” يساهم في تشكيل طبقات اجتماعية وأنماط حياة معينة، مندمجة في العولمة، وتتمتع باستقلالية نسبية تجاه الدول الوطنية.

الكتاب يتحدث بعمق ومع بعض الأمثلة الدالة عن التزاوج العصري بين ممارسات الخطاب الاسلامي والاسس الفلسفية والعملية لمفاهيم “السوق والمنجمنت”، وهذا التزاوج الفريد محمول بمضامين “العولمة والنيوبرالية”، وقد رأيت ان الخصه للقراء الكرام كمساهمة لفهم مجريات الامور في العالم العربي والاسلامي، وهو ربما من الكتب القليلة التي تتحدث عن هذا الموضوع ومن منظور غربي يتمتع نسبيا بالحيادية واحيانا بالسذاجة وسؤ الفهم, فعسى ان يكون مفيدا ويلقى التجاوب. والتفاعل.

مهند النابلسي/كاتب وباحث /   mman2005@yahoo.com

هامش: المقصود بكلمة “منجمنت” الادارة حسب المفهوم الغربي الدارج.

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *