مغطس الجحيم

خاص- ثقافات

* عبد الرحيم التوراني

لما استفاق الحاكم من نومه، وجد أن المؤرخين والصحافيين وتلامذة المدارس يصفونه بالسفاح والدكتاتور. ثارت ثائرته، وصاح بأعلى صوته أن يتم اعتقال المؤرخين والصحافيين والتلاميذ، وأن يتم إغلاق الجامعات والمدارس ومصادرة  كل الصحف.

لاحظ غياب وزراء الحكومة مع المستشارين. سأل بغضب عما هو حاصل.

-افتوني في أمري؛ ما كنت قاطعا أمرا حتى تخبرون.

رد عليه صوت:
– لعلك الوحيد الذي لا يدري ولا يعلم ما حصل.

لم يستسغ الحاكم كل هذه الوقاحة الصادرة ممن تجرأ. ابتلع ريقه وعاد يسأل أن يفصحوا ويقدموا له البيان.

عاد الصوت يطلب منه أن يقترب ويرى حواليه. فعل الدكتاتور، ليفاجأ بمقبرة كبيرة. صاح بغضب أشد:

– من حوّٓل حديقة القصر الغنّاء إلى مقبرة قاحلة؟

سمع من يلفت نظره إلى كونه أيضا يسكن قبرا من القبور، وأن عهده أدبر وولّى.

لم يستوعب الدكتاتور الأمر، لكنه عاد وسأل عن موعد القيامة. أخبروه أنها قريبة. أمر بتأجيلها، أو إلغائها حتى. لما لم يجبه غير الصدى، قرر الانتحار. صارت عظامه رمادا وذاب في التراب.

يشكك بعض المؤرخين في فرضية انتحار الدكتاتور حرقا، حيث لم يجد المحققون أثرا لجثته. وهو ما تداولته الكتب والصحف، وما صار مقررا في الكراسات المدرسية، أن الدكتاتور بعدما قتل أعدادا كبيرة من الشعب، ألغى القيامة وألقى بنفسه في مغطس الجحيم.

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *