الشرق الأوسط وجدل الاستعصاء الانقلابي لعلم السياسة

خاص- ثقافات

عزالدين اللواج*

بعض الآراء المهتمة بابستمولوجيا علم السياسة، ترى أن هذا الأخير علم عنيد في مجال تطوره المعرفي، وأنه من الصعب في حالة إذا ما طبقنا أطروحة توماس كون حول الانقلابات العلمية ،أن يكون في الوقت الراهن هناك إمكانية للانتقال من مرحلة العلم السوي”مرحلة ماقبل الانقلاب العلمي”، إلى مرحلة الانقلاب العلمي التي يكون محصلتها ظهوربراديغم “بارادايم”جديد .

الآراء الآنفة غالباً ما تقلل من أهمية الدورالانقلابي الذي يمكن أن تلعبه حقول مثل “الجينو بوليتكس ” و”البيوسياسة ” ،والاجتهادات التي تدعو لتوظيف دراسات البيو- أعصاب في دراسة السلوك السياسي ، وكذلك الأمر بالنسبة لنتائج دراسات الأنثروبولوجيا السياسية المابعد كولونيالية ، وغيرها من الحقول التي يتم توظيفها في سياق يحافظ عادة على الهوية الأكاديمية لتخصص علم السياسة .

كما أن الجدل في هذا المضمار، لايتجاهل في سياق تداوله المعرفي ، النقد الموجه لوجهة نظر توماس كون ،و أطروحات ابستمولوجية على شاكلة أطروحة الفرنسي إدغار موران حول الفكر المركب ، أو ما بات يوصف مؤخراً بالمقاربات العابرة للتخصصات ، هذا فضلا ً عن أنه يستجلي أيضاً مضمون الملمح المابعد حداثي الداعي لأهمية النسبية الثقافية ،والذي تنامت معه كما نعلم ،موجة انتقادات التمركز الغربي على الذات المعرفية في مجال علم السياسة.

عموماً خلاصة هذا الجدل استنتاج مفاده عدم إمكانية حدوث انقلاب علمي في المدى القصير أو المتوسط داخل أروقة علم السياسة الموجودة في مسقط رأس علم السياسة ونقصد هنا الولايات المتحدة الأمريكية،  وهواستنتاج بالرغم من منطقيته الحجاجية والتماسك النظري لأنصاره، نعتقد أنه في جانبه الذي يدورفي فلك تحليل توماس كون للانقلابات العلمية يواجه تساؤلاً إشكالياً ، لايتعلق فقط بإمكانية التعايش الابستمولوجي غير المنسجم نظرياً بين مركز وأطراف علم السياسة ، أو بين أكثر من براديغم في المرحلة الزمنية الراهنة، وذلك طبعاً إذا جاز لنا التحرر من تلك الميتافيزيقيا النمطية المرافقة لحتمية مقاربة كون ، بل يتعلق أيضاً باستفهام مشروع مفاده لماذا يتم الرهان في هذه المسألة النقاشية بالذات ، على أن يكون منطلق الانقلاب من المركز العلمي الأميركي، ولايتم الأخذ في الاعتباردور مسار محاولات التوطين العلمي التي تتم بشكل أو بآخر عبر أطراف علم السياسة ؟ ، ألا يمكن أن يقود حراك توطين العلم السياسي في منطقة مثل منطقة الشرق الأوسط ،والذي من المعروف أنه لايقصي الاسهامات العلمية المتقدمة للآخرالأكاديمي، ولايعارضه أيضا بعض علماء السياسة في الغرب الأميركي والأوروبي ، إلى نقل رؤية سؤال الاستعصاء الانقلابي لعلم السياسة من موقعه المركزي الثابت والعنيد ،إلى موقع طرفي متحرك ،ينفتح على كافة احتمالات ذلك الانقلاب العلمي المرتقب؟.

مجرد تساؤل عابر، يفرضه التأمل في تزايد دعوات التركيز على خبرة بلدان مجتمعات الشرق الأوسط في البحث السياسي المعاصر، وبالأخص عندما يكون النقاش دائراً حول دراسات السياسة المقارنة التي تتناول قضايا مرتبطة بمواضيع على شاكلة الاحتجاج الراديكالي ،والإرهاب ،وعلاقة التأويل الديني بالفعل والسلوك السياسيين.
———-

باحث وأكاديمي ليبي

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *