المصباح

خاص- ثقافات

*يوسف غيشان

حينما كنا تلاميذا، كانوا يكررون لنا في أكثر من صف ومنهج قصة المرحوم ديوجين والإسكندر، ملخص القصة أن الأسكندر المقدوني عندما احتل اليونان سمع عن شهرة الفيلسوف ديوجين ، فركب فرسه وذهب الى لقائه ، فوجده يعيش في برميل صدئ، فوقف أمامه ، وحاوره قليلا ، ثم سأله ماذا يريد من الإسكندر وسيحققه له فورا. فقال ديوجين:

– لا أريد سوى أن تبتعد عني قليلا ، فأنت تحجب نور الشمس.

وتكتمل الدراما حينما يزداد الإسكندر إعجابا بديوجين ويقول:

– لو لم أكن الإسكندر ، لتمنيت أن أكون ديوجين .

وقد نجحت هذه القصة العابرة للمناهج في تزايد إعجابنا بفقرنا المستتب ، لا بل أننا اعتبرناه ميزة على الأغنياء، الذين يتمنون لو كانوا مثلنا. لا بل أن بعضنا حاول أن يحمل مصباحا في رابعة النهار باحثا عن الحقيقة ، كما كان يفعل ديوجين.

تخيلوا لو أن من كان يحكم آنذاك هو ديوجين . بالتأكيد سيكون العالم قد أنتهى ، أو أنه ما يزال كما كان حوالي عام 320 قبل الميلاد.

أما الإسكندر  المقدوني فقد ترك ديوجين في برميله وشرع في احتلال العالم ، حتى إحتل كل العالم القديم تقريبا، وهزم أكبر امبرطورية في العالم، الأمبرطورية الفارسية التي كانت تحتل مصر وكامل بلاد الشام والجزيرة العربية آنذاك، ثم احتل اجزاء كبيرة من الهند كان ينوي الذهاب الى الصين ، لولا تمرد جنوده عليه ورغبتهم في العودة.

طبعا ارتكب الكثير من المجازر ، تحديدا في مدينة صور ، لكنه بنى المدن الكبرى والمكتبات العظيمة ، ونشر المعرفة في ارجاء العالم ، وجعهلها مادة شعبية للعالم أجمع . وبالتأكيد فإن حركة الإسكندر القت حجرا كبيرا في مستنقع العالم ، فتحركت الشعوب، ونهضت الإمبرطوريات، وتحول الرومان من مجرد بدو يحاصرون أنفسهم في مدينة روما الى أمبرطورية كبرى ورثت امبرطورية الإسكندر.

أما مصباح ديوجين الباحث عن الحقيقة ، فقد انقرض ، أما مصباح العلم الذي حمله الإسكندر فقد أضاء العالم .

يا فقراء العالم

لا تقدسوا الفقر ولا تحترموه.

الفقر مرض وجوع وظلم

لا تجعلوا الكبار يقنعونكم بأنكم الأفضل .

أنتم لن تكونوا الأفضل، إلا اذا استعدتم حقوقكم في الحياة ..حق السكن والتعليم والعمل بكرامة والحياة بمتعة .

يا فقراء العالم اتحدوا

ghishan@gmail.com

 ___
*كاتب أردني 

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *