جدلية السيف والكتاب

خاص- ثقافات

*يوسف غيشان

مذ أطلق “ابو تمام” قصيدته المطولة في امتداح الخليفة المعتصم في (غزوة عمورية)، حيث استجاب الخليفة – حسب الكتب- الى صرخة امرأة تنادي (وامعتصماه)، بعد ان أهانها البيزنطيون…مذ اطلق (ابو تمام) قصيدته تلك التي يقول في مطلعها:

السيف اصدق انباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

متونهن جلاء الشك والريب.

مذ أطلق صاحبنا هذه القصيدة منذ قرون ، ونحن ننزعها من سياقها التاريخي الذي توجب فيه الرد بالسيف دون اهمال الكتاب والعلم ،  ونترك الكتاب تماما لصالح السيف مهما كانت الظروف.

بالتأكيد فإن الصراع مع العدو الصهيوني مثلا ، كان يتطلب السيف ، لكننا رمينا السيف وتحولنا الى مدريد وأوسلو، حتى ابتلع العدو ما ابتلعه من فلسطين . وها هم اطفال الانتفاضة الثالثة يحاولون اعادة الإعتبار للسيف ، ضد عدو لا يفهم الا لغة السيف.

اتحدث هنا عن مدى صحة ان نستبدل الكتاب والثقافة والعلم، بالسيف، واتساءل معكم، هل السيف – فعلا – اصدق انباء من الكتب ؟ ام اننا نضع السيف مكان الكتاب لنغطي عجزنا وتخلفنا عن طريق العسكرة والضجيج والصليل الذي يحولنا الى ابطال من ورق او من قش؟؟

الغريب اننا لا نستخدم السيف(بيض الصفائح) الا ضد بعضنا ، ونتحول الى الكتب(سود الصحائف) مع الأعداء،  ونؤدي كافة رذائلنا القديمة بوسائل حديثة اكثر فتكا ودمارا، لنا وللاخرين ، ونحول بلادنا الى ميادين للتبارز بالأسلحة بين الدول الكبرى ، لتسويق طائراتها ودباباتها  وكافة وسائل التدمير المبتكرة،بعد اشتباكات بالذخيرة الحية تتفجر بين احيائنا، ونحن ضحيتها..وهم يوقعون العقود بالمليارات.

مع احترامنا للسيف، الا ان السيف ، حتى لو انتصر في معاركة الجزئية، الا انه لا يمنحنا ثقافة ولا علما ، لا بل يزيدنا جهلا وتخلفا وعنجهية ، فالسيف لا يمكن ان يتحول الى عبقرية ، الا ان الكتاب يمكن ان يتحول الى مليون سيف .

–           بالكتاب قامت الأديان اولا .

–           بالكتاب قامت الفلسفات.

–           بالكتاب اولا انتصرت الثورات وتحررت الشعوب.

–           بالكتاب انتصرت العلوم وبلغت الفضاء.

–           بالكتاب ارتقى الإنسان روحيا وتحرر من عبودية الجهل والتخلف.

لو انهم ، قبل رفع السيف، اهتموا بالكتاب وبالثقافة والعلم، لكان السيف في ايديهم اكثر مضاء وحدة وتأثيرا، ولعرفوا اين يوجهون سيوفهم ، ومتى يرفعون علومهم.

ولكن!!!!!!!!!!!!!!!!

تلولحي يا دالية

___________
*كاتب أردني

ghishan@gmail.com

شاهد أيضاً

رِسَالةُ ودٍّ إلى شَاعِرٍ صَديقٍ وَدُود

(ثقافات)   رِسَالةُ ودٍّ إلى شَاعِرٍ صَديقٍ وَدُود د. محمّد محمّد الخطّابي *   أيها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *