جامع الفنون في النص

*قاسم حداد 

١
هدم حدود الفنون (بوصفها تخوماً)، وإعادة بنائها من جديد (بوصفها أفقاً).

٢
كيف يمكن أن تتداخل وتتقاطع فنونٌ بهذا القدر من الاختلاف والمغايرة، من حيث طبيعتها التعبيرية ومن حيث تكوينها الفيزيائي.
هذا سؤالٌ نحب أن يدركه الآخرون، (كلٌ حسب اجتهاده واتصاله)، لكي نرى وجوهاً كثيرة تتقاطر علينا، هي أضعافُ الوجوه التي تحاصركم في التجربة.

٣
ففي التجربة التي نذهب إليها لا رغبة لدينا في تفسير بعضنا البعض، على العكس، نحن نتوق إلى مفاجأة أحدنا للآخر ومباغتته أيضاً. ونتمنى أننا لم نفعل شيئاً طوال الوقت غير مباغتة أحدنا للآخر بما ينجزه ويضيفه إلى العمل. وإلى الطريق إليه.

٤
لا تشترك مع قرين لكي تتنافس معه، لكن لكي تقترحان معاً شكلاً جديداً من أشكال الحوار الإبداعي. حوارٌ هو، جوهرياً، المحاولة الأعلى جمالياً، التي، فيما تصقل وسائط تعبيرها، تبحث عن الآفاق التعبيرية الجديدة التي تفتح السبل لكليكما نحو التعبير الأنسب عن حياتيكما معاً في هذا الكون.

٥
ليس لأن شكل تعبيرك يضيق بك، لكنك تشترك مع فن آخر، من أجل التأكد من أن ما تضيق به بوسعه اختبار المزيد من ممكنات اللغة والأساليب، في الكتابة وغيرها. تلك هي المكتشفات التي تجعل الكتابة ممكنة، والتعبير أيضاً.

٦
الأذن واللسان والعين، بجانب الكتابة، جميعها شرفات تتيح للجسد أن يطل على جمرة الحياة بالطرائق التي لا تحصى، كلما كانت المخيلة نشيطة وحرة بما يكفي.
ثمة حواس قيد العمل كلما تيسر لها فضاء التجربة، ما عليك إلا الثقة في عناصرك ومكوناتك الانسانية. ثق بنفسك، وبحقك في المغامرة. حريتك الأخيرة، وتأكد من حريتك الحرة.
هل نعرف بما يكفي عن الاستعداد الكوني للجسد لكي يعبر عن تجربته بالشكل الجديد والجميل في آن؟

٧
من العدالة أن تحسن منح جميع حواسك الفرص المتساوية للبوح، كل واحدة بطريقتها وأدواتها.
يكفي حبس البصر عن الالتذاذ بالرسم والتصوير، والغناء والرقص والصلاة بمعزل عن الآلهة، ويكفي حجب البصر عن جماليات الحركة الحيوية في التشخيص وملامسة الأجساد وهي تنداح في فضاء العمل معاً، مسرحاً وتمثيلاً وتحولات.

٨
حين تضع الأزرق في أوائل حروف كلمات الاستهلال في نصك الجديد، تنحني السماء لكي تدخل في عريشتك المجاورة لقصر الملك.

٩
كن قليل الثقة بالبحّار على اليابسة، ولتكن ثقتك في الغرق.
بحارٌ على الأرض، سوف يتأرجح بك كثيراً، حدَ الهدم، لفرط الموج المضطرب في مخيلته. مثلما سيخفق فارسٌ عن اقتحام البحر بفرسه الأصيلة.

١٠
تعرف أكثر حين تصغي لقرينك /‏ شريكك في تجربتك الجديد، تصقل موهبتك بمعرفتك المتسارعة بإصغائك الكريم.
وأجّلْ كلامك لما بعد التجربة.

١١
تختلف كثيراً فنونُ التعبير متباعدةً، لكنها ستبدو أكثر غنىً وتنوعاً وهي تتقاطع وتحسن ذلك.
____
*جريدة عُمان

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *