اَلدَّارُ الْمَسْكُونَةُ

خاص- ثقافات

خُولْيُو كُورْطَاثَرْ*/ ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**

 

الإهداء

أهدي هذه الترجمة المتواضعة إلى كل من علمني حرفا.

 

   لقد كانت تعجبنا الدار لأنه إلى جانب كونها متسعة و قديمة (اليوم حيث الدور العتيقة تستسلم لبيع أمتعتها بطريقة مربحة)، فإنها كانت تحتفظ بذكريات آباء أجدادنا، جد الأب، آبائنا و كل الطفولة.

   تعودنا أنا و إريني على أن نستمر فيها وحيدين. و هو ما كان جنونا ما دام أنه كان بإمكان ثمانية أشخاص أن يعيشوا في تلك الدار دون أن يزعج بعضهم بعضا. كنا نقوم بعملية التنظيف في الصباح، مستيقظين على الساعة السابعة، و على الساعة الحادية عشرة تقريبا كنت أترك لإريني الغرف الأخيرة لتتفحصها و أتوجه إلى المطبخ. كنا نتناول الغذاء في منتصف النهار، دائما كنا منضبطين، لم يكن عندها يتبقى شيء لنفعله أكثر من بعض الصحون المتسخة. كان يسرنا أن نتغذى و نحن نفكر في الدار العميقة و الصامتة و كيف كنا نكتفي بالحفاظ عليها نظيفة. في بعض الأحيان كان يبلغ بنا التفكير حد الاعتقاد بأنها هي من منعتنا من أن نتزوج. رفضت إريني خاطبين اثنين من دون سبب كبير يذكر. أما أنا فتوفيت لي ماريا إستير قبل أن نصل إلى محطة الارتباط الفعلي. دخلنا في سن الأربعين، و لدينا فكرة غير معلنة مفادها أن قضيتنا، زواج أخوين بسيط و مكتوم، قد كان إغلاقا ضروريا للسلالة التي أرساها آباء أجدادنا في دارنا. قد نموت يوما ما هنالك، سيستحوذ على الدار أبناء العم الغامضون و المراوغون و سيسوونها مع الأرض من أجل أن يغتنوا من الأرض و الطوب، أو بالأحرى، نحن من قد نسويها مع الأرض قانونيا قبل أن يكون الوقت قد تأخر.

   كانت إريني فتاة مخلوقة لكي لا تزعج أحدا. إلى جانب نشاطها الصباحي فإنها كانت تقضي باقي اليوم في أريكة غرفة نومها و هي تنسج. لا أدري لماذا كانت تنسج كثيرا. أعتقد بأن النساء ينسجن عندما يجدنا في هذا الفعل ذريعة كبرى لكي لا يفعلن أي شيء. لم تكن إريني من هذه الطينة. لقد كانت تنسج دائما أشياء ضرورية؛ قمصان من أجل فصل الشتاء، جوارب من أجلي، كنزات صوفية و صدريات من أجلها هي. كانت تنسج أحيانا صدرية و تعيد فكها في لحظة لأن أمرا لم يكن يروق لها. كان مضحكا أن نرى في السلة الصغيرة تلك الكومة من الصوف المنفوشة و التي تقاوم فقدان الشكل الذي كانت عليه قبل ساعات معدودات. خلال أيام السبت، كنت أذهب أنا إلى المركز كي أشتري لها الصوف إذ كانت إريني تثق في ذوقي. كانت ترضيها الألوان و لم يكن علي أن أعيد شلة خيط قط. كنت أغتنم تلك الخرجات كي أمر على المكتبات و أسأل بدون جدى إن كان هناك جديد فيما يتصل بالأدب الفرنسي. منذ 1939 لم يكن يصل شيء ذو بال يذكر إلى الأرجنتين.

    لكن ما يهمني هو الحديث عن الدار، عن الدار و عن إريني، لأني أنا بدون أهمية. أتساءل عما كانت ستفعله إريني بدون النسج. يمكن أن نعيد قراءة كتاب لكن عندما تتم الكنزة الصوفية فإنه لا يمكننا أن نعيدها دون فضيحة. وجدت في أحد الأيام جارور المنضدة المصنوعة من الكافور مليئا بأغطية الرأس البيضاء، الخضراء و الأرجوانية. كانت مكدسة مع النفتالين مثلما يحدث في الخردوات؛ لم أملك الشجاعة كي أسال إريني عما كانت تنتوي فعله بها. لم نكن في حاجة لنكد من أجل أن نكسب عيشنا إذ يوميا كانت تصل الفضة من الحقول و المال ينمو. لكن النسج وحده هو من كان يرفه عن إريني. كانت تبدي مهارة عجيبة بينما كنت أنفق ساعاتي في ملاحظة يديها اللتين تشبهان القنافذ الفضية و الإبر التي تغدو و تروح و سلة صغيرة أو سلتان صغيرتان على الأرض حيث تتحرك كبب الخيط بانتظام. لقد كان أمرا جميلا.

   كيف لا أتذكر تقسيم الدار. غرفة الطعام، صالة بزرابي جوبلان، المكتبة بينما تبقى ثلاث غرف نوم كبيرة في ناحية منعزلة، تلك التي تشرف على ردريغث بينيا. فقط معبر صغير ببابه البلوطي الصلب كان يفصل هذا الجانب عن الجناح الأمامي حيث كان يوجد الحمام، المطبخ، غرفتا نومنا و الصالون المركزي الذي كانت تؤدي إليه الغرف و الممر الصغير. كان يتم الولوج إلى الدار عبر ردهة من خزف الميوليق، و الباب الرافد كان يشرف على الصالون؛ بحيث كان يتم الولوج عبر الردهة، نفتح الباب الرافد ثم نمر إلى الصالون. كان في جانبيه بابا غرفتي نومنا و أمامه المعبر الذي كان يؤدي إلى الناحية المنعزلة. و بالتقدم عبر الممر الصغير كان يُصادف الباب البلوطي و فيما وراءه كان يبدأ الجانب الآخر من الدار أو كان بالإمكان الانحراف يسارا تماما قبل الباب و مواصلة التقدم عبر ممر ضيق جدا كان يوصل إلى الحمام و المطبخ. عندما يكون الباب مشرعا فإنه كان يجعلنا نفطن إلى أن الدار كبيرة جدا و إن لم يكن الأمر كذلك فإنها كانت تترك انطباعا يقربها من إحدى الشقق التي تشيد اليوم و التي لا يكاد المرء يتحرك فيها. كنا نعيش أنا و إريني في تلك الجهة من الدار دائما. تقريبا لم يكن يحدث أن نذهب إلى أبعد من الباب البلوطي باستثناء فعل ذلك من أجل التنظيف لأنه لا يمكن أن يصدق كيف يلتصق الغبار بالأثاث. ستكون بوينس آيرس مدينة نظيفة لكنها مدينة في هذا إلى سكانها و ليس إلى شيء آخر. يوجد غبار كثير في الجو؛ فبمجرد هبة ريح نلمس الغبار في رخامات لوحة المفاتيح و في الحافظات المكرمية ذات الأشكال المعينية. تكلف كثيرا عملية نفضه بالمنفضة الريشية إذ يتطاير و يعلق بالهواء و لحظة بعد ذلك يعود ليتكدس من جديد فوق الأثاث و البيانوات.

    سأتذكر هذا الأمر بوضوح دائما لأنه كان أمرا بسيطا و من دون ظروف غير ذات بال. كانت إريني تنسج في غرفتها بينما كانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء إذ فجأة خطرت لي فكرة وضع غلاية الشاي على النار. ذهبت عبر الممر الصغير حتى تقابلت مع الباب البلوطي الموارب و بينما كنت أهم بالانعطاف نحو المطبخ سمعت شيئا في غرفة الأكل او المكتبة. كان الصوت يتناهى إلى مسامعي و هو غير واضح و مهموس مثل سقوط أحدهم من على مقعد ما فوق زربية أو همسة محادثة مختنقة. سمعته كذلك، في نفس الوقت أو بعد ثانية، في عمق الممر الصغير الذي كان يحمل من تلك الأجزاء حتى الباب. انقضضت على الباب فورا قبل أن يليث حين مناص فأغلقته دفعة واحدة و دعمته بجسدي. لحسن الحظ كان المفتاح موضوعا في جهتنا نحن و علاوة على ذلك أجريت المزلاج الكبير من أجل أمان أكبر.

   توجهت إلى المطبخ، سخنت الغلاية و عندما كنت قافلا بصينية الشاي قلت لإريني:

– كان علي أن أغلق باب الممر الصغير. لقد استحوذوا على الجانب العميق.

   أسقطت النسيج من يديها و نظرت إلي بعينيها الحادتين المتعبتين:

– هل أنت متأكد؟

أكدت لها ذلك.

– إذن – قالت و هي تجمع الإبر- سيكون علينا أن نعيش في هذا الجانب.

   كنت أعد الشاي بعناية كبيرة بينما إريني استغرقت وقتا قبل أن تستأنف عملها. أتذكر أنها كانت تنسج صدرية رمادية. كم كانت تعجبني تلك الصدرية.

   لقد بدا لنا الأمر شاقا خلال الأيام الأولى لأننا معًا تركنا في الجهة المسكونة الكثير من الأشياء التي كانت تروق لنا. كتب الأدب الفرنسي الخاصة بي، مثلا، كان جميعها في المكتبة. كانت إريني تشتاق إلى بعض الحافظات و زوج شباشب كانا يحميانها كثيرا جدا من قر فصل الشتاء. كنت آسفُ عن غليوني المصنوع من العرعر و أعتقد أن إريني فكرت في زجاجة هيسبيريدين عتيقة. كثيرا ما كنا (و لكن هذا حدث خلال الأيام الأولى) نغلق أحد جارورات الصوانة و نحن ننظر إلى أنفسنا حزينين.

– لا يوجد هنا.

   و قد كان شيئا مضافا إلى كل الأشياء التي فقدناه في الجهة الأخرى من الدار.

   لكن في المقابل حصلنا على بعض الامتيازات كذلك. اختزلت عملية التنظيف كثيرا إذ رغم الاستيقاظ متأخرين، على الساعة التاسعة و النصف مثلا، كانت لا تدق الساعة الحادية عشرة حتى نكون قد انتهينا. تعودت إريني على مرافقتي إلى المطبخ و مساعدتي في إعداد وجبة الغذاء. بعد التفكير ملية، تم إقرار ما يلي: بينما أعد أنا وجبة الغذاء كانت هي تطبخ أطباقا كي تؤكل باردة في المساء. فرحنا لأنه كان أمرا مزعجا دئما وجوب مغادرة الغرفتين في المساء و الشروع في الطبخ. أما الآن فاكتفينا بمائدة واحدة في غرفة إريني و بمخازن الأكل البارد.

   كانت إريني فرحة لأنه كان يتبقى لها الوقت الكافي كي تنسج. أما أنا فكنت أعيش تائها قليلا بسبب الكتب. لكن لكي لا أحزن أختي كنت قد شرعت في مراجعة مجموعة طوابع أبي و قد ساعدني ذلك على تزجية الوقت. كنا نمرح كثيرا، كل واحد مع أشيائه الخاصة، دائما تقريبا في غرفة إريني التي كانت مريحة أكثر. في بعض الأحيان كانت إريني تقول:

– اُنظر إلى هذه النقطة التي جرت معي. ألا تعطي انطباعا بأنها رسم لنبتة نفل؟

   لحظة بعد ذلك، كنت أنا من يضع أمام عينيها مربعا ورقيا صغيرا كي تتبين قيمة إحدى طوابع أوبن و مالميدي البريدية. كنا بخير و خطوة خطوة بدأنا نعيش دون أن نفكر. يمكن للمرء أن يعيش دونما تفكير.

   (عندما كانت إريني تحلم بصوت مرتفع كنت أنا أصحو فورا. لم أستطع التعود على صوت ذلك التمثال أو الببغاء، صوت يأتي من الأحلام و ليس من الحنجرة. كانت إريني تقول إن أحلامي كانت تعتريها هزات تُسقط الغطاء أحيانا. كان يتوسط غرفتا نومنا صالون لكن كان يسمع في المساء كل شيء. كنا نسمع كلينا و نحن نتنفس و نسعل، كما كنا نستشعر الحركة الممتدة نحو مفتاح مصباح المنضدة، بالإضافة إلى الأرق المشترك و المتكرر.

   ما عدا ذلك فإن كل شيء كان هادئا في الدار. في النهار كان يسري الضجيج المنزلي كالكشط المعدني لإبر الحياكة و صرير قلب أوراق ألبوم الطوابع البريدية. أعتقد أني قلت إن الباب البلوطي كان صلبا. في المطبخ و الحمام اللذين كانا يلامسان الجهة التي تمت مصادرتها، كنا نتكلم بصوت مرتفع أو أن إريني كانت تشرع في ترديد أغاني المهد. في أحد المطابخ كان هناك ضجيج كثيف صادر عن أوان خزفية و زجاجية لتنبعث فيه أصوات أخرى فجأة. قليلة هي المرات التي كنا نسمح فيها للصمت بأن يحل هناك لكن عندما كنا نعود إلى غرفتي النوم أو إلى الصالون كانت الدار تمسي هادئة و خافتة الضوء إلى درجة أننا كنا نطأ الأرض بهدوء لكي لا يزعج أحد منا الآخر. أعتقد أنه لهذا السبب كانت إريني تشرع في الحلم بصوت مرتفع خلال المساء، بينما كنت أسهر أنا).

   كانت الحياة تسير وفق نفس المنوال خلا العواقب. بالمساء كنت أحس بالعطش، لهذا قبل المساء قلت لإريني أن تذهب حتى المطبخ  كي تجلب إلي كأس ماء. من باب غرفة النوم (كانت هي تحيك) سمعت ضجيجا في المطبخ. ربما في المطبخ أو الحمام لأن قناة الممر الصغير كانت تخفت الصوت. تفاجأت إريني بطريقة توقفي المفاجئة وأتت إلى جانبي من دون أن تنبس ببنت شفة. واصلنا الاستماع للضجيج متبينين بوضوح بأنه منبعث من الجهة التي توجد فيما وراء الباب البلوطي في المطبخ و في الحمام أو في الممر الصغير نفسه حيث تبدأ القناة التي توصل إلى جهتنا نحن.

   حتى من دون أن ننظر إلى كلينا، سحبت إريني من ذراعها و جعلتها تركض معي في اتجاه الباب الرافد دون أن نلتفت إلى الوراء. كانت الأصوات تسمع بقوة أكبر خلفنا لكنها كانت مهموسة دائما. أغلقت الباب الرافد بقوة فوجدنا نفسنا في الردهة. الآن لم يعد يسمع شيء.

– لقد استحوذوا على هذا الجانب – قالت إريني. كان النسيج يعلق بيديها بينما كانت الخيوط تنزاح حتى تصل إلى الباب الرافد و تضيع تحته. عندما انتبهت إلى أن كبب الخيط قد بقيت في الجهة الأخرى رمت النسيج دون أن تنظر إليه.

– هل استطعت أن تجلبي معك شيئا ما؟ سألتها بدون جدوى.

-لا، لا شيء.

   كنا نتوفر على الثياب التي نلبس فقط بينما تذكرت الخمسة عشر ألف بيسو التي تركتها في خزانة غرفة نومي. لقد لات حين مناص الآن.

   ما دام أن ساعتي اليدوية قد بقيت معي فإني رأيت أننا في الحادية عشرة ليلا. حوطت خصر إريني بذراعي (أعتقد أنها كانت تبكي) و خرجنا هكذا إلى الشارع. قبل أن نبتعد شعرت بالأسف. أحكمت إغلاق الباب الرئيس و رميت المفتاح في البالوعة. فلا فكر شيطانٌ مسكين في السرقة و لا دخل إلى الدار في تلك الساعة و هي مسكونةٌ.

*القصة في الأصل الإسباني:

Casa tomada

    Nos gustaba la casa porque aparte de espaciosa y antigua (hoy que las casas antiguas sucumben a la más ventajosa liquidación de sus materiales) guardaba los recuerdos de nuestros bisabuelos, el abuelo paterno, nuestros padres y toda la infancia.
Nos habituamos Irene y yo a persistir solos en ella, lo que era una locura pues en esa casa podían vivir ocho personas sin estorbarse. Hacíamos la limpieza por la mañana, levantándonos a las siete, y a eso de las once yo le dejaba a Irene las últimas habitaciones por repasar y me iba a la cocina. Almorzábamos a mediodía, siempre puntuales; ya no quedaba nada por hacer fuera de unos platos sucios. Nos resultaba grato almorzar pensando en la casa profunda y silenciosa y cómo nos bastábamos para mantenerla limpia. A veces llegábamos a creer que era ella la que no nos dejó casarnos. Irene rechazó dos pretendientes sin mayor motivo, a mí se me murió María Esther antes que llegáramos a comprometernos. Entramos en los cuarenta años con la inexpresada idea de que el nuestro, simple y silencioso matrimonio de hermanos, era necesaria clausura de la genealogía asentada por nuestros bisabuelos en nuestra casa. Nos moriríamos allí algún día, vagos y esquivos primos se quedarían con la casa y la echarían al suelo para enriquecerse con el terreno y los ladrillos; o mejor, nosotros mismos la voltearíamos justicieramente antes de que fuese demasiado tarde.

   Irene era una chica nacida para no molestar a nadie. Aparte de su actividad matinal se pasaba el resto del día tejiendo en el sofá de su dormitorio. No sé por qué tejía tanto, yo creo que las mujeres tejen cuando han encontrado en esa labor el gran pretexto para no hacer nada. Irene no era así, tejía cosas siempre necesarias, tricotas para el invierno, medias para mí, mañanitas y chalecos para ella. A veces tejía un chaleco y después lo destejía en un momento porque algo no le agradaba; era gracioso ver en la canastilla el montón de lana encrespada resistiéndose a perder su forma de algunas horas. Los sábados iba yo al centro a comprarle lana; Irene tenía fe en mi gusto, se complacía con los colores y nunca tuve que devolver madejas. Yo aprovechaba esas salidas para dar una vuelta por las librerías y preguntar vanamente si había novedades en literatura francesa. Desde 1939 no llegaba nada valioso a la Argentina.
Pero es de la casa que me interesa hablar, de la casa y de Irene, porque yo no tengo importancia. Me pregunto qué hubiera hecho Irene sin el tejido. Uno puede releer un libro, pero cuando un pullover está terminado no se puede repetirlo sin escándalo. Un día encontré el cajón de abajo de la cómoda de alcanfor lleno de pañoletas blancas, verdes, lila. Estaban con naftalina, apiladas como en una mercería; no tuve valor de preguntarle a Irene qué pensaba hacer con ellas. No necesitábamos ganarnos la vida, todos los meses llegaba la plata de los campos y el dinero aumentaba. Pero a Irene solamente la entretenía el tejido, mostraba una destreza maravillosa y a mí se me iban las horas viéndole las manos como erizos plateados, agujas yendo y viniendo y una o dos canastillas en el suelo donde se agitaban constantemente los ovillos. Era hermoso.

    Cómo no acordarme de la distribución de la casa. El comedor, una sala con gobelinos, la biblioteca y tres dormitorios grandes quedaban en la parte más retirada, la que mira hacia Rodríguez Peña. Solamente un pasillo con su maciza puerta de roble aislaba esa parte del ala delantera donde había un baño, la cocina, nuestros dormitorios y el living central, al cual comunicaban los dormitorios y el pasillo. Se entraba a la casa por un zaguán con mayólica, y la puerta cancel daba al living. De manera que uno entraba por el zaguán, abría la cancel y pasaba al living; tenía a los lados las puertas de nuestros dormitorios, y al frente el pasillo que conducía a la parte más retirada; avanzando por el pasillo se franqueaba la puerta de roble y más allá empezaba el otro lado de la casa, o bien se podía girar a la izquierda justamente antes de la puerta y seguir por un pasillo más estrecho que llevaba a la cocina y el baño. Cuando la puerta estaba abierta advertía uno que la casa era muy grande; si no, daba la impresión de un departamento de los que se edifican ahora, apenas para moverse; Irene y yo vivíamos siempre en esta parte de la casa, casi nunca íbamos más allá de la puerta de roble, salvo para hacer la limpieza, pues es increíble cómo se junta tierra en los muebles. Buenos Aires será una ciudad limpia, pero eso lo debe a sus habitantes y no a otra cosa. Hay demasiada tierra en el aire, apenas sopla una ráfaga se palpa el polvo en los mármoles de las consolas y entre los rombos de las carpetas de macramé; da trabajo sacarlo bien con plumero, vuela y se suspende en el aire, un momento después se deposita de nuevo en los muebles y los pianos.

     Lo recordaré siempre con claridad porque fue simple y sin circunstancias inútiles. Irene estaba tejiendo en su dormitorio, eran las ocho de la noche y de repente se me ocurrió poner al fuego la pavita del mate. Fui por el pasillo hasta enfrentar la entornada puerta de roble, y daba la vuelta al codo que llevaba a la cocina cuando escuché algo en el comedor o en la biblioteca. El sonido venia impreciso y sordo, como un volcarse de silla sobre la alfombra o un ahogado susurro de conversación. También lo oí, al mismo tiempo o un segundo después, en el fondo del pasillo que traía desde aquellas piezas hasta la puerta. Me tiré contra la puerta antes de que fuera demasiado tarde, la cerré de golpe apoyando el cuerpo; felizmente la llave estaba puesta de nuestro lado y además corrí el gran cerrojo para más seguridad.
Fui a la cocina, calenté la pavita, y cuando estuve de vuelta con la bandeja del mate le dije a Irene:
– Tuve que cerrar la puerta del pasillo. Han tomado la parte del fondo.
Dejó caer el tejido y me miró con sus graves ojos cansados.  – ¿Estás seguro?
Asentí.
– Entonces – dijo recogiendo las agujas – tendremos que vivir en este lado.

 Yo cebaba el mate con mucho cuidado, pero ella tardó un rato en reanudar su labor. Me acuerdo que tejía un chaleco gris; a mí me gustaba ese chaleco.

   Los primeros días nos pareció penoso porque ambos habíamos dejado en la parte tomada muchas cosas que queríamos. Mis libros de literatura francesa, por ejemplo, estaban todos en la biblioteca. Irene extrañaba unas carpetas, un par de pantuflas que tanto la abrigaban en invierno. Yo sentía mi pipa de enebro y creo que Irene pensó en una botella de Hesperidina de muchos años. Con frecuencia (pero esto solamente sucedió los primeros días) cerrábamos algún cajón de las cómodas y nos mirábamos con tristeza.

  – No está aquí.
Y era una cosa más de todo lo que habíamos perdido al otro lado de la casa.

  Pero también tuvimos ventajas. La limpieza se simplificó tanto que aun levantándose tardísimo, a las nueve y media por ejemplo, no daban las once y ya estábamos de brazos cruzados. Irene se acostumbró a ir conmigo a la cocina y ayudarme a preparar el almuerzo. Lo pensamos bien, y se decidió esto: mientras yo preparaba el almuerzo, Irene cocinaría platos para comer fríos de noche. Nos alegramos porque siempre resultaba molesto tener que abandonar los dormitorios al atardecer y ponerse a cocinar. Ahora nos bastaba con la mesa en el dormitorio de Irene y las fuentes de comida fiambre.

   Irene estaba contenta porque le quedaba más tiempo para tejer. Yo andaba un poco perdido a causa de los libros, pero por no afligir a mi hermana me puse a revisar la colección de estampillas de papá, y eso me sirvió para matar el tiempo. Nos divertíamos mucho, cada uno en sus cosas, casi siempre reunidos en el dormitorio de Irene que era más cómodo. A veces Irene decía:
– Fíjate este punto que se me ha ocurrido. ¿No da un dibujo de trébol?
Un rato después era yo el que le ponía ante los ojos un cuadradito de papel para que viese el mérito de algún sello de Eupen y Malmédy. Estábamos bien, y poco a poco empezábamos a no pensar. Se puede vivir sin pensar.

   (Cuando Irene soñaba en alta voz yo me desvelaba en seguida. Nunca pude habituarme a esa voz de estatua o papagayo, voz que viene de los sueños y no de la garganta. Irene decía que mis sueños consistían en grandes sacudones que a veces hacían caer el cobertor. Nuestros dormitorios tenían el living de por medio, pero de noche se escuchaba cualquier cosa en la casa. Nos oíamos respirar, toser, presentíamos el ademán que conduce a la llave del velador, los mutuos y frecuentes insomnios.
Aparte de eso todo estaba callado en la casa. De día eran los rumores domésticos, el roce metálico de las agujas de tejer, un crujido al pasar las hojas del álbum filatélico. La puerta de roble, creo haberlo dicho, era maciza. En la cocina y el baño, que quedaban tocando la parte tomada, nos poníamos a hablar en vos más alta o Irene cantaba canciones de cuna. En una cocina hay demasiados ruidos de loza y vidrios para que otros sonidos irrumpan en ella. Muy pocas veces permitíamos allí el silencio, pero cuando tornábamos a los dormitorios y al living, entonces la casa se ponía callada y a media luz, hasta pisábamos más despacio para no molestarnos. Yo creo que era por eso que de noche, cuando Irene empezaba a soñar en alta voz, me desvelaba en seguida.)                  Es casi repetir lo mismo salvo las consecuencias. De noche siento sed, y antes de acostarnos le dije a Irene que iba hasta la cocina a servirme un vaso de agua. Desde la puerta del dormitorio (ella tejía) oí ruido en la cocina; tal vez en la cocina o tal vez en el baño porque el codo del pasillo apagaba el sonido. A Irene le llamó la atención mi brusca manera de detenerme, y vino a mi lado sin decir palabra. Nos quedamos escuchando los ruidos, notando claramente que eran de este lado de la puerta de roble, en la cocina y el baño, o en el pasillo mismo donde empezaba el codo casi al lado nuestro.
No nos miramos siquiera. Apreté el brazo de Irene y la hice correr conmigo hasta la puerta cancel, sin volvernos hacia atrás. Los ruidos se oían más fuerte pero siempre sordos, a espaldas nuestras. Cerré de un golpe la cancel y nos quedamos en el zaguán. Ahora no se oía nada.
– Han tomado esta parte – dijo Irene. El tejido le colgaba de las manos y las hebras iban hasta la cancel y se perdían debajo. Cuando vio que los ovillos habían quedado del otro lado, soltó el tejido sin mirarlo.
– ¿Tuviste tiempo de traer alguna cosa? – le pregunté inútilmente.
– No, nada.
Estábamos con lo puesto. Me acordé de los quince mil pesos en el armario de mi dormitorio. Ya era tarde ahora.
Como me quedaba el reloj pulsera, vi que eran las once de la noche. Rodeé con mi brazo la cintura de Irene (yo creo que ella estaba llorando) y salimos así a la calle. Antes de alejarnos tuve lástima, cerré bien la puerta de entrada y tiré la llave a la alcantarilla. No fuese que a algún pobre diablo se le ocurriera robar y se metiera en la casa, a esa hora y con la casa tomada.

*هو مفكر أرجنتيني و كاتب ومترجم، ولد في مقاطعة إكسيل، بروكسل عاصمة بلجيكا في 26 أغسطس من سنة 1914. حاصل على الجنسية الفرنسية ويعد واحداً من أكثر كتاب القرن العشرين تجديداً وأصالة، ويضاهي بأعماله أدباء من أمثال خورخي لويس بورخيس و أنطون تشيخوف وإدغار ألان بُّو، فهو مايسترو القصة القصيرة والنثر الشعري والسرد القصير بشكل عام. وقد كتب مجموعة من الروايات التي بدأت أسلوبا جديدا  في صناعة الأدب المكتوب باللغة الإسبانية، مبتعدا بذلك عن النماذج الكلاسيكية وذلك من خلال سرد يخلو من خطية الزمن واستخدام شخصيات ذات سلوك ذاتي وعمق سيكولوجي وتلك العناصر قليلا ما كانت تظهر في الأعمال القصصية والروائية المختصة بهذه الفترة.

و نتيجة لاستخدامه هذا الأسلوب الغير معتاد، نجد أن محتوى أعماله يمحو كل الفواصل بين عالم الحقيقة والخيال وذلك عادة ما يرتبط بالسريالية. وقد عاش قدرا كبيرا من حياته في باريس واستقر بها منذ عام 1951 وحصل على الجنسية الفرنسية بالإضافة أن المنية وافته أيضاً هناك، واستخدم كورطاثر العاصمة الفرنسية لتدور فيها أحداث بعض رواياته. جدير بالذكر أن كورطاثر عاش أيضاً في الأرجنتين وإسبانيا وسويسرا. وتأتي رواية “الحجلة” على رأس أعماله الأدبية. وتوفي في باريس في 12 فبراير من سنة 1984.

**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.

 

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *