«آخر ديك في مصر» فيلم عنصري عن حقوق المرأة!

القاهرة – عمرو عاشور

حاول السيناريست والشاعر أيمن بهجت قمر أن يناقش في فيلمه «آخر ديك في مصر» مع المخرج عمرو عرفة واحدة من أكثر القضايا تعقيداً في مصر، وهي تلك المتعلقة بحقوق المرأة، وذلك من خلال حكاية تدور حول شخصية علاء عبدالغفور الديك (محمد رمضان) وهو موظف في بنك، ورث عن أبيه كرهه الشديد للمرأة.

كان الأب قد انفصل عن زوجته عفاف (هالة صدقي) تاركاً لها الإبنة (إنجي وجدان). وعلى رغم موت الأب؛ إلا أن علاء الديك ظل محتفظًا بنظرته العدائية للمرأة ورفضه التعامل معها. هنا تظهر شخصية رانيا محمود (مي عمر) التي تعمل في شركة سياحة وتقحم نفسها في حياة الديك لمبرر ضعيف للغاية. فمديرها يُطالبها بأن تحقق «التارغت» قبل نهاية الأسبوع، ما يدفعها إلى الإلحاح على علاء الديك ليكون عميلاً في شركتها. وهو دافع عجيب، فالشخصية التي رسمها قمر تبدو أقرب إلى «جني المصباح» بإمكانها أن تحل أصعب المشكلات من دون عناء. كأن علاء الديك هو آخر أمل لها للاستمرار في وظيفتها، على رغم أنها لم تتوقف عن العمل لحظة. أما عفاف (هالة صدقي) فهي نموذج للأم المزعجة التي تلاحق ابنها في كل مكان وتلح عليه أن ينتقل من شقة العزوبية ليعيش معها.

تبدأ عقدة الفيلم الأولى حين يتجمع رجال العائلة وقد عقدوا العزم على السفر إلى أسوان لاصطياد التماسيح، ولكن التماسيح تلتهمهم وتترك علاء الديك ليجد نفسه مسؤولاً عن نساء العائلة: خالته (انتصار) وجدته بطة (ليلي عز العرب) وابنة خالته نهى (ملك قورة)، فيُجبر على ترك حياة اللهو مع أصدقائه. وفي المدافن تظهر «أغاني» (دينا) لتعلن أنها كانت زوجة «مديح» (زوج انتصار) وهي شخصية تقتحم النص تماماً، ومع ذلك ظلت ضِمن العائلة، خصوصاً بعد ضياع ابنتها «سمر» في الملاهي. ومن الواضح أن الكاتب قد استعان بـ(رانيا) كحل سريع وسهل في العثور على الطفلة، لكن هذا ليس غريباً على فيلم خلت شخصياته عموماً من العمق. فالأصدقاء تم اختزالهم في سهرات المتعة، بينما بدت فتيات الليل وكأنهن ديكور ليس أكثر. مهما يكن فإن الأحداث تتلاحق في إطار كوميدي؛ حتى يعود الترابط الأسري، وتستعين الأخت بأخيها علاء الديك لعمل فيلم وثائقي عن حقوق المرأة. فعلاء الديك، بالإضافة إلى كونه موظفاً في البنك، شغوف بتصوير الأفلام، وكانت تلك الهواية واضحة من خلال تصويره رفاقه وهم في حالات السُكر والعربدة. وتشترك نساء العائلة في الفيلم الوثائقي لتكشف كل واحدة منهن عن متاعبها مع الحياة والرجال، ولنكتشف نحن أيضاً أننا أمام مجموعة من النسوة اللاتي اخترن التضحية من أجل الزوج أو الأبناء أو العمل. وفي ليلة مونتاج الفيلم يتعرض علاء الديك لمكيدة من أصحابه، حيث يضعون له حبوب هلوسة في كوب شاي وبدلاً من إرسال الفيلم الصحيح يرسل عملاً آخر يعكس عداءه القديم للمرأة، ويُعرض على لجنة لحقوق المرأة فتنهال النساء على علاء الديك ضرباً. غير أنه يستغل قدرة رانيا محمود على الإقناع ويطلب منها التوسط لدى لجنة التحكيم لتحديد موعد آخر، وهو المشهد الختامي للفيلم الذي يعتذر فيه البطل للنساء ويوضح لهن أن نظرته للمرأة تغيرت.

في الظاهر تلوح في هذا مناصرة للمرأة غير أن ما يجعل من هذا الفيلم عنصرياً أنه حين أعلن الديك عن امتنانه لرانيا قال: «البنت دي كان المفروض اسمها يكون أشرف أو عكاشة أو عباس لأنها جدعة بجد». وكأن الجدعنة حكر على الرجال ولا يجوز للمرأة أن تنسب لها هذه الصفة إلا إذا كانت تحمل اسم رجل. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل حاول فريق العمل أن يقدم حكمة جاهزة للجمهور في نهاية العرض نصها: «المرأة كالمظلة… لن تنفعك إلا إذا وضعتها فوق رأسك». وكأن المرأة مجرد أداة وكأن العلاقة بينها وبين الرجل تقوم على المنفعة فحسب.

ولعل أبرز عيوب السيناريو إلى هذا، أنه تجاهل إقفال النهايات مكتفياً بالنهاية التقليدية: زواج البطل والبطلة. فالأخت مثلاً لم نعرف إذا كانت عادت إلى زوجها السابق أم لا؟ ونهى، ابنة الخالة هل تزوجت من صديق البطل «سيكا» (محمد سلام)؟ هناك أسئلة عدة لم تشغل بال المؤلف أو المخرج وكأن الاهتمام الأكبر منصب على الأبطال فقط من دون العناية بالشخصيات الأخرى.

وربما يكون أول ما يلفت انتباه المتفرج أفيش الفيلم، وعنوانه «آخر ديك في مصر» هل عائلة الديك تمثل مصر بأكملها؟ ولماذا جاء تحذير على الأفيش من أن الفيلم لمن هم أكبر من سن 12 عاماً، على رغم أنه يخلو تقريباً من أي ألفاظ خادشة أو مشاهد إباحية؟ وفي النهاية علينا أن نسأل أنفسنا: هل حقق الفيلم غرضه؟ هل هو عمل فني لمناصرة المرأة أم لمناهضتها؟
___
*الحياة

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *