“هايكو الحرب” … آثار الرصاص من أنحاء العالم

خاص- ثقافات

صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع كتاب بعنوان هايكو الحرب وهو عبارة عن ذخيرة حقيقية مترجمة من قصائد لشعراء من جنسيات مختلفة، ويقع الكتاب في 144 صفحة من القطع المتوسط وقد صمم غلافه المبدع وسام اسكندر.

لا يقتحم آزاد اسكندر باب الترجمة من حيث هو خيانة  اعتيادية للنص قد تسقط الألق الإبداعي له، وقدرته على التحليق بالقارئ، قدر ما يوغل في خيانة متقنة قادرة على إعادة إبداع النص بلغته وروحه وملامحه الخاصة والتي قلما يستطيع مترجم أن يتقنها، فيمنحك نصا قابلا للتحليق، نصاً قادرا على أن يقول لك قد أكون ولدت من خاصرة الحرب لكنني ولدت لأصنع الحياة.

وازاد اسكندر مترجم كتاب” هايكو الحرب” كما جاء في جريدة الحياة اللندنية” يرى أن هذا الكتاب في أحد وجوهه، هو ثأر شخصي من الحروب ومقترفيها، بعد أن غيَّرت حياته وجرّب النفي مرتين. كتب أيضاً أنه جمع هذه القصائد على مدى عامين، محاولاً أن يضم أقطار الأرض، في حين كان من الطبيعي أن تأتي أكثر القصائد من البلاد التي كان لها نصيب أكبر من ويلات الحروب.”

وتحت عنوان قصائد ليست عصماء في مقدمة الكتاب كتبت أنعام كجه جي تقول: هايكو الحرب؟ كأن هناك خطأ في العنوان. نقيضان لا يصلحان للجلوس على أريكة واحدة. هل يمكن

للشعر المهموم بحكمة الطبيعة أن يجتاز خط النار؟ سؤالي بريء وكم أنا ساذجة. فمنذ هيروشيما

وناغازاكي تلوثت الطبيعة بنفثات الأسلحة الحديثة وما عادت ملاذًا آمنًا للازهار والأطيار والحالمين.

اِلبس بزّتك أيها الشاعر وامش إلى الجبهة. إياك أن تدع أمك تضع قطرات من ماء الورد في المطّارة.

اِخشوشن يا فتى فليس هذا وقت الهايكو.

هل للهايكو وقت؟ هل تتغير مواعيد الشروق والغروب وتختلط المواسم وتلعب الأشجار لعبة الكراسي

الموسيقية… الزيتونة التي تسبق تجد مكانًا والنخلة التي تتأخر تُقطع هامتها؟ لعل بعض الجواب يأتي في

هذه الومضة التي ينقلها لنا آزاد عن هارا تاميكي، الشاعر الياباني الناجي من كارثة هيروشيما:

“الجبال في مكانها

السماء لا تسقط ـ

الجبال في مكانها”.

من عاش رأى جبالًا تتحرك وسماوات تسقط فوق الرؤوس وشاعرًا يقف ليوجز الخراب بشفافية عجيبة.

وليس خراب الأرض هو ما نقرأه في هذا الكتاب. إن له مهندسين وبناءين يتكفلون بإصلاح ما تحطم.

بل أعطاب الروح، يداويها سطر ثم ثان وبعده يأتي الثالث ليقول كلمته ويمشي بسلام. يمضي شاعر

الهايكو تاركًا جمرته في أكفّ قارئيه، يفزعون منها ويفلتونها أو يقبضون عليها ويتشاركون في تلمس

الحريق. اِفتحوا راحاتكم وشبابيك القلوب واخلعوا جوارب الطمأنينة وأنتم تطأون هذه السجادة.

 آزاد اسكندر المنتمي إلى إبداعه الكوني قبل كل شيء وإلى  عراقيته وكرديته  يدرك أنه يقدم عملاً متفرداً لكنه بكل سمو الكاتب ونبله وقلقه تجده يقول في مقدمته” حاولتُ قدر المستطاع أن أجمع أقطار الأرض إذ لا أحسبُ أن في الأرض ركناً سلم على مر الزمان من الحروب، غير أنه كان من الطبيعي أن تأتي القصائد أكثر من البلاد التي كان نصيبها أكبر من ويلاتها، ثم من البلاد الناطقة بالإنكليزية إذ تمت الترجمةُ منها. ويبقى أنني أستميح القارئ عذراً عما قد يجده من هفوة هنا أو هناك، فعذري أنني لم أقبل لنفسي عذراً في سبيل الإجادة ولم أدخر جهداً لأضع بين يدي القارئة ما يليقُ بعينيها وقلبها.”

 

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *