ماونا: البحث عن الهوية الشخصية وتعزيز الانتماء والقيادة الفطرية!

خاص- ثقافات

*مهند النابلسي

فانتازيا تحريكية- موسيقية وكوميدية ذات بعد ثلاثي حاسوبي، من إنتاج والت ديزني، ومن إخراج كل من “رون كيمنتس وجون موسكر”، وموسيقى “لين-مانويل ميرندا”.

 يحدثنا هذا الشريط عن قصة الأميرة موانا ابنة رئيس قبيلة “البولينسيين”الجاميكية ” القوية الإرادة والعزيمة، التي اختارها المحيط ذاته للاتحاد مع الآلهة بغرض تحرير شعبها الطيب من مخاوفهم الأسطورية…فعندما يضرب الجزيرة الجميلة برق “راعد- صاعق” تنطلق حينئذ ماونا للبحث عن الكائن الاسطوري “ماوي” لإنقاذ شعبها الطيب وإيجاد آفاق جديدة للعيش الآمن.

لاقى هذا الفيلم اعجاب النقاد وثناء خاصا لروعة وإتقان المؤثرات السينمائية الخاصة، وللموسيقى التصويرية والأغاني الصادحة ثم لأصوات الممثلين الفائقة التعبير والتقمص، وحقق دخلا عالميا فاق الـ 240 مليون دولار، وربما سيرشح لبعض الاوسكارات.

11

البحث عن “حجر سحري”؟

 

يتحدث الشريط عن حجر سحري يخلق الحياة في الجزيرة، وعن محاولات “الغيلان” العنيدة لسرقته والاحتفاظ به “لسحره الخلاق”، وعندما ينجح الكائن الاسطوري الطيب “ديمي غود ماوي” بسرقته لمصلحة الإنسانية، يلف الجزيرة ظلام حالك، ثم ينجح “ماوي” بالهرب، ولكنه يتعرض لهجوم شيطان اللافا الناري “تي كا”” معرضا القلب السحري للضياع مع سنارته السحرية…ثم بعد زمن طويل يعود “ماوي” خائر القوى، طالبا تعاون ماونا، ولكن الوحش الغاضب “تي كا” ينجح ثانية بتخريب السنارة ذاتها قاذفا بقاربهما في المحيط الهائج، ثم يدب اليأس بنفس ماوي الذي يخبر ماوي بأن المحيط قد اختار الشخص الخطأ لإنقاذ شعبها، فتتوسل  ماونا من المحيط الهائج بأن يحفظ لها “القلب السحري”، وأن يختار شخصا آخر لهذه المهمة، لكي يعيدها لشعب “تي فيشي”، وتظهر روح الجدة “تالا” مشجعة ماونا لإيجاد “ندائها” الحقيقي، كما تنجح ماونا العنيدة باسترجاع “القلب السحري” من غياهب المحيط، وتعيده لـ “تي فيتي”، متورطة بمعركة جديدة حامية الوطيس مع “شيطان اللافا” تتحطم فيها السنارة ثانية، فتصعد ماونا لأعلى الجبل لتكتشف اختفاء الجزيرة وتتحقق من أن “تي كا” ما هو إلا ذاته “تي فيتي” بلا قلب سحري، وتتوسل من المحيط بأن يفسح الطريق ل “تي كا” لكي يصل إليها، وتعبر عن ذلك بأغنية صادحة مذكرة “تي كا” بأن يتذكر حقيقتها، ويتجاوب هذا الأخير فيسمح لماونا باستعادة القلب السحري، ويتزامن ذلك مع عودة “تي فيتي” ممتنا ومتجاوبا فيعطي ماونا”سنارة سحرية جديدة، ويعتذر عن سرقته القديمة “للقلب السحري”، ويعود بماونا لجزيرتها…تودع ماونا صديقها الاسطوري الطيب ماوي وتعود سعيدة لجزيرتها مع “هاي هاي”، ولاحقا نرى القرويون وهم يبحرون معا بحثا عن جزر جديدة بمصاحبة أميرتهم الزعيمة ماوي وبرفقة الجدة “تالا”…ثم في لقطة النهاية الاستباقية الطريفة، نشاهد “تاماتوا” (الذي سبق  وساعد ماونا وماوي بهروبهما)، نراه يتساءل فيما إذا كان الناس سيهتمون به أكثر لو كان مجرد سرطعان جامايكي اسمه “سيبستيان”!

22

البحث عن الهوية الشخصية:

 

منذ ثلاثة آلاف سنة، قام البحارة العظام الأوائل باختراق المحيط الأطلسي، واكتشفوا عدة جزر…ولكن لألف سنة توقفوا ولم يعرف أحد لماذا؟ تقوم موانا المراهقة بنفس المغامرة وتبحر خلال المحيط لإنقاذ شعبها، وتلتقي موانا (بصوت اويلي كرافالهو) مع الشاب الاسطوري الطريف “اديمي غود ماوي” (يصوت دواين جونسون) الذي يرشدها خلال مغامرتها الخطيرة لتشق طريفها بثقة وليبحران معا خلال المحيط الهائج- الشاسع في رحلة مفعمة بالمخاطر والأحداث، ليواجها معا غيلان ووحوش ضارية وألغازا محيرة، وخلال هذه الرحلة تشبع موانا حاجاتها القديمة لتحقيق رغبات شعبها وأجدادها، لتكتشف الشيء الوحيد الذي تبحث عنه ألا وهو “هويتها الشخصية وذاتها الضائعة”…انه فيلم تحريك شيق حافل بالمعارك والأكشن اللافت، ويطلق في المشاهد إحساسا فريدا “بالمكان والهوية والانتماء”، فيلم جميل وطريف ومدهش بصريا بألوانه المبهجة ، يضج بالموسيقى الصادحة والأغاني المعبرة وأهمها “كم بعيدا سأذهب”.

نمط جديد خلاق من سينما التحريك:

 

منذ ولادتها كانت ماونا كأميرة صغيرة جميلة تملك علاقة خاصة جدا مع المحيط، تتجلى بهمهمات وهمسات وانجذاب سري متواصل، وكانت تقيم في الجزيرة الصغيرة “ماوري” تحت كنف والدها المحب دوما الرئيس تو (موريسون)، وهو الذي أمضى حياته كأب محب- مخلص لتأهيل ابنته الصغيرة للقيادة، ناصحا إياها دوما بالبقاء قرب منزلها وبأن تتخلى عن فكرة اكتشاف العالم خلف الأفق…ولكن موانا العنيدة تنطلق يوما عبر المحيط، محققة وصية جدتها الخيرة “تالا” للبحث عن اللعنة المزمنة والقضاء عليها وتحقيق حلم شعبها، فتنطلق بصحبة دجاجتها الطريفة “هاي هاي” لإيجاد “ماوي” الاسطوري وإرجاع الحجر السحري المفقود.

الفيلم يستخدم بذكاء الاسطورة “البولونيزية” القديمة لخلق روح متجددة من المغامرة والمغزى لإمتاع العائلة والأطفال والبالغين على حد سواء، لا بد أخيرا من التنويه بالأداء الصوتي الجذاب للممثلة “اولي كرافالهو”  باظهار شخصية وتفاعلات شخصية موانا التحريكية الطريفة، كما تألق صوت الممثل “جونسون” بدور ماوي الاسطوري ليخلق شخصية بالغة الطرافة وغير مسبوقة.

 

 

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *