1
|
لم يبق فيهم لا أبو بكر.. و لا عثمان…
|
جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..
|
تساقط الفرسان عن سروجهم..
|
و أعلنت دويلة الخصيان..
|
واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..
|
و أُلغي الأذان..
|
جميعهم تضخمت أثداؤهم..
|
و أصبحوا نسوان..
|
جميعهم يأتيهم الحيض، و مشغولون بالحمل
|
و بالرضاعة..
|
جميعهم قد ذبحوا خيولهم..
|
و ارتهنوا سيوفهم..
|
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..
|
ما كان يدعى ببلاد الشام يوماً..
|
صار في الجغرافيا..
|
يدعى (يهودستان)..
|
الله .. يا زمان..
|
2
|
لم يبق في دفاتر التاريخ
|
لا سيف و لا حصان
|
جميعهم قد تركوا نعالهم
|
وهرّبوا أموالهم
|
وخلّفوا و راءهم أطفالهم
|
و انسحبوا إلى مقاهي الموت و النسيان
|
جميعهم تخنثوا…
|
تكحلوا…
|
تعطروا…
|
تمايلوا أغصان خيزران
|
حتى تظن خالدا … سوزان
|
و مريمًا .. مروان
|
الله … يا زمان…
|
3
|
جميعهم موتى … و لم يبق سوى لبنان
|
يلبس في كل صباح كفنًا
|
ويشعل الجنوب إصرارًا و عنفوان
|
جميعهم قد دخلوا جحورهم
|
و استمتعوا بالمسك، و النساء، و الريحان
|
جميعهم مدجن، مروض، منافق، مزدوج .. جبان
|
و وحده لبنان
|
يصفع أمريكا بلا هوادة
|
ويشعل المياه و الشطان
|
في حين ألف حاكم مؤمرك
|
يأخذها بالصدر و الأحضان
|
هل ممكن أن يعقد الإنسان صلحا دائما مع الهوان؟
|
الله … يا زمان ..
|
4
|
هل تعرفون من أنا
|
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
|
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
|
أو صورة منقولة عن كتب البديع و البيان
|
فأرض (قمعستان) جاء ذكرها
|
في معجم البلدان …
|
و أن من أهم صادراتها
|
حقائبا جلدية
|
مصنوعة من جسد الإنسان
|
الله … يا زمان …
|
5
|
هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض (قمعستان)
|
تلك التي تمتد من شمال إفريقيا
|
إلى بلاد نفطستان
|
تلك التي تمتد من شواطئ القهر إلى شواطئ
|
القتل
|
إلى شواطئ السحل، إلى شواطئ الأحزان …
|
و سيفها يمتد بين مدخل الشريان و الشريان
|
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة
|
و يفقأون أعين الأطفال بالوراثه
|
ويكرهون الورق الأبيض، و المداد، و الأقلام بالوراثة
|
و أول البنود في دستورها:
|
يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان
|
الله … يا زمان …
|
6
|
هل تعرفون من أنا؟
|
مواطن يسكن في دولة (قمعستان)
|
مواطن…
|
يحلم في يوم من الأيام أن يصبح في مرتبة الحيوان
|
مواطن يخاف أن يجلس في المقهى .. لكي
|
لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان
|
مواطن أن يخاف أن يقرب من زوجته
|
قبيل أن تراقب المباحث المكان
|
مواطن أنا من شعب قمعستان
|
أخاف أن أدخل أي مسجد
|
كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان
|
كي لا يقول المخبر السري:
|
أني كنت أتلو سورة الرحمن
|
الله … يا زمان …
|
7
|
هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟
|
تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها..
|
أخرجها الشيطان…
|
هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟
|
حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار
|
و الشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار
|
والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار
|
و رغبة الزوجين في الإنجاب
|
تحتاج إلى قرار
|
وشعر من أحبها
|
يمنعه الشرطي أن يطير في الريح
|
بلا قرار..
|
8
|
ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)
|
حيث الذكور نسخة عن النساء
|
حيث النساء نسخة من الذكور
|
حيث التراب يكره البذور
|
و حيث كل طائر يخاف بقية الطيور
|
وصاحب القرار يحتاج إلى قرار
|
تلك هي الأحوال في دولة (قمعستان)
|
الله … يا زمان …
|
9
|
يا أصدقائي:
|
إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان
|
ليس لها شوارع
|
ليس لها أرصفة
|
ليس لها نوافذ
|
ليس لها جدران
|
ليس بها جرائد
|
غير التي تطبعها مطابع السلطان
|
عنوانها؟
|
أخاف أن أبوح بالعنوان
|
كل الذي أعرفه
|
أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي
|
يرحمه الرحمن…
|
10
|
يا أصدقائي :
|
ما هو الشعر إذا لم يعلن العصيان؟
|
وما هو الشعر إذا لم يسقط الطغاة … و الطغيان؟
|
وما هو الشعر إذا لم يحدث الزلزال
|
في الزمان و المكان؟
|
و ما هو الشعر إذا لم يخلع التاج الذي يلبسه
|
كسرى أنوشروان؟
|
11
|
من أجل هذا أعلن العصيان
|
باسم الملايين التي تجهل حتى الآن ما هو النهار
|
و ما هو الفارق بين الغصن و العصفور
|
و ما هو الفارق بين الورد و المنثور
|
و ما هو الفارق بين النهد و الرمانة
|
و ما هو الفارق بين البحر و الزنزانة
|
وما هو الفارق بين القمر الأخضر و القرنفلة
|
و بين حد كلمة شجاعة،
|
وبين خد المقصله …
|
12
|
من أجل هذا أعلن العصيان
|
باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان
|
باسم الذين انتزعت أجفانهم
|
و اقتلعت أسنانهم
|
و ذوبوا في حامض الكبريت كالديدان
|
باسم الذين ما لهم صوت …
|
و لا رأي …
|
و لا لسان …
|
سأعلن العصيان …
|
13
|
من أجل هذا أعلن العصيان
|
باسم الجماهير التي تجلس كالأبقار
|
تحت الشاشة الصغيرة
|
باسم الجماهير التي يسقونها الولاء
|
بالملاعق الكبيرة
|
باسم الجماهير التي تركب كالبعير
|
من مشرق الشمس إلى مغربها
|
تركب كالبعير …
|
وما لها من الحقوق غير حق الماء و الشعير
|
وما لها من الطموح غير أن تأخذ للحلاق زوجة الأمير
|
أو ابنة الأمير …
|
أو كلبة الأمير …
|
باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم
|
و حزمة البرسيم …
|
14
|
يا أصدقاء الشعر:
|
إني شجر النار، وإني كاهن الأشواق
|
و الناطق الرسمي عن خمسين مليوناً من العشاق
|
على يدي ينام أهل الحب والحنين
|
فمرةً أجعلهم حمائما
|
و مرة أجعلهم أشجار ياسمين
|
يا أصدقائي …
|
إنني الجرح الذي يرفض دوما
|
سلطة السكين …
|
15
|
يا أصدقائي الرائعين:
|
أنا الشفاه للذين ما لهم شفاه
|
أنا العيون للذين ما لهم عيون
|
أنا كتاب البحر للذين ليس يقرأون
|
أنا الكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون
|
أنا كهذا العصر، يا حبيبتي
|
أواجه الجنون بالجنون
|
و أكسر الأشياء في طفولة
|
و في دمي، رائحة الثورة و الليمون …
|
أنا كما عرفتموني دائما
|
هوايتي أن أكسر القانون
|
أنا كما عرفتموني دائما
|
أكون بالشعر … و إلا لا أريد أن أكون …
|
16
|
يا أصدقائي:
|
أنتم الشعر الحقيقي
|
و لا يهم أن يضحك… أو يعبس …
|
أو أن يغضب السلطان
|
أنتم سلاطيني …
|
ومنكم أستمد المجد، والقوة، و السلطان …
|
قصائدي ممنوعة …
|
في المدن التي تنام فوق الملح و الحجارة
|
قصائدي ممنوعة …
|
لأنها تحمل للإنسان عطر الحب، و الحضارة
|
قصائدي مرفوضة …
|
لأنها لكل بيت تحمل البشارة
|
يا أصدقائي:
|
إنني ما زلت بانتظاركم
|
لنوقد الشراره …
|