فضيلة الجهل الكبرى

خاص- ثقافات

*يوسف غيشان

(1)

في ذلك الزمان ، كانت القبائل الجرمانية متوحشة ، وكانوا أطول وأكثر قوة من الرومانيين ، ولا يهابون الموت .
الإمبراطور الروماني ماركوس اوريليوس(حكم بين161-180ميلادي) كان يكره الحرب ، فأمر ببناء سور عظيم – يشبه سور الصين العظيم- على الدانوب لوقف هجوم القبائل الجرمانية المتوحشة على ثغور بلاده. وعلى ذات القاعدة أحضر الرومان أسودا من افريقيا لإخافة الجرمانيين ، لكن هؤلاء – وبحكم أنهم لم يشاهدوا أسودا قط، فقد اعتقدوا إنها مجرد كلاب كبيرة، فهجموا عليها وقتلوها.

لاحظوا أنهم كانوا يجهلون القدرة الافتراسية للأسود فهاجموا وقتلوها كأنها كلاب …..هذا رد عن من يقول إن الجهل رذيلة والمعرفة فضيلة !

وقديما قال الشاعر العربي :

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

(2)

قرر زركيسس ابن داريوس الكبير أن يثأر لهزيمة الفرس من قبل اليونانيين ، فجهز أسطولا عملاقا،، لكنه عندما حاول تخطي النفق البحري الضيق الذي يفصل آسيا الصغرى عن المنطقة التي تدعى اسطنبول اليوم، عن طريق بناء جسر من المركبات، هبت رياح عاتية  عملاقة ومزقت هذا الجسر. وفي خضم غضبه أمر ملك الفرس زركسيس بأن تجلد أمواج البحر بالسلاسل الحديدية.

هل لاحظ البحر ذلك؟؟

بالتأكيدلا وألف لا ….إنما من المؤكد أن تلك الجنازير التي جلدت الأمواج قد تعرضت للصدأ قبل غيرها.

(3)

كان هناك معبد في مدينية غوردوم وبه عربة قديمة لها مقبض محكم الربط بحزام معقود بقوة ومتانة . قال العرافون إن من يحل عقدة غورديوم سوف يحكم العالم ، حاول الكثيرون ولم يستطيعوا .عندما مر الإسكندر المقدوني من هناك وعرضت عليه القضية أخرج سيفه وقع العقدة وفكها بضربة واحدة..

هكذا حقق الإسكندر النبوة بقوة السيف ، ولم يتعب نفسه بمحاولات يدوية بائسة لفك العقدة، كما فعل العشرات ، وربما المئات، قبله.

(4)

قبل أن تيسيطر روما على كامل ايطاليا ، طلبت مدينة من جنوب ايطاليا  الحماية من قائد اغريقي يدعى بيروس لنجدتها ضد الرومايننن . وصل بيروس مصحوبا بفيلة الحرب التي كانوا قد تعلموا استخدامها من الهنود، ونجح في هزيمة الفيلق الروماني ، إلا أن هذه المعركة كلفته غاليا وفقد عددا كبيرا من رجاله ، فصرخ قائلا:

–       انتصار آخر كهذا ونصبح في عداد المفقودين.

(5)

أيا كان موضوع النقاش  في مجلس الشيوخ أو غيره من المجالس كان الشريف الروماني كاتور،  وأيا كان موضوع النقاش ، حتى لو كان النقاش عن  تربية القنافذ ،كان كاتور ينهى كلامه بعبارة :

–       وبناء عليه  لا بد من تدمير قرطاجة.

وذلك انتقاما من هانيبعل الذي غزا روما في عقر دارها وأذلها.

كانت قرطاجة هاجسا  بالنسبة لكاتور ،

عزيزي القارئ..ابحث عن هاجسك.
__________
*كاتب أردني
ghishan@gmail.com

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *