وليم زنسر: أنتَ تكتب لنفسك

*ترجمة: نورة آل طالب

بعد أن تواجه مسألة الحفاظ على هويتك، تطرأ لك مسألة أخرى: “لمن أكتب؟”

إنه سؤال جوهري وله جواب جوهري: أنت تكتب لنفسك. لا تحاول تخيُّل جمهورٍ شاملٍ عظيم، لا يوجد جمهور كهذا لأن كل قارئ هو شخص مختلف. لا تحاول تخمين نوع العمل الذي يرغب المحرّرون بنشره أو مزاج الناس في القراءة. إذ أن المحررين والقراء لا يعرفون ما يريدون قراءته حتى يقرؤون، إلى جانب أنهم في سعيٍ حثيثٍ ودائم لما هو جديد.

ولا تقلق بشأن “فهم” القارئ حينما تطلق العنان لنزوةِ ظرافةٍ مفاجئة. إن كانت تلك الدعابات تسلّيك خلال الكتابة، فضعها. (إزالتها ممكنة دائمًا لكن لا يقدر أحد على وضعها سواك.) أنت تكتب في الأصل لإسعاد نفسك، وإن استمتعت بفعل الكتابة فستروِّح أيضًا عن قرائك الذين يستحقون الكتابة لهم. ولو فقدت البلداء خلفك في العتمة، فهم حيث ينتمون ولا حاجة لك بهم بأية حال.

قد تبدو هذه مفارقة. حذّرت في البداية أن القارئ طائرٌ ضجِر، يقع على الطرف الرقيق للتسلية أو النوم. والآن أقول أن عليك الكتابة لنفسك دون أن يأكلك القلق بشأن متابعة القارئ أو عدمها.

أنا أتحدث عن قضيتين مختلفتين، الأولى صنعة والثانية موقف. الأولى هي مسألة إجادة مهارة محددة، والثانية هي مسألة كيفية استخدام تلك المهارة للتعبير عن شخصيتك.

فيما يتعلق بالصنعة، ما من عذر لفقد القارئ جرّاء المهارة غير المتقنة. فلو غفا القارئ في منتصف المقال بسبب تجاهلك لبعض التفاصيل الفنية، فاللوم عليك. ولكن فيما يخص المسألة الأكبر المتعلقة بما إذا كنت تروق للقارئ أو بما إذا كان يروقه ما تقول أو كيف تقوله أو يتفق معه أو يشعر بانجذاب لحس الفكاهة لديك أو لرؤيتك للحياة، فلا تزعج نفسك بالقلق حياله. أنت أنت وهو هو، وإما أنكما ستنسجمان معًا أو لا.

قد لا تزال المفارقة قائمة. كيف تفكر مليًّا بشأن الاحتفاظ بالقارئ مع عدم الاهتمام برأيه؟ أؤكد لك أنهما عمليتان منفصلتان.

أولًا، ابذل جهدًا في إتقان الأدوات. بسِّط الكتابة وهذبها واهتم بالنسق. انظر للعملية بوصفها فعلًا آليًّا وسرعان ما ستكون الجمل أنقى. لكن لن يكون الفعل آليًّا أبدًا كما الحلاقة أو تنظيف الشعر بالشامبو؛ حيث سيلزمك شحذ تفكيرك بشأن الطرق المتنوعة التي يمكن استخدام الأدوات بها. لكن على الأقل ستكون الجمل مبنية على مبادئ ثابتة، وستكون فرص فقدان القارئ أصغر.

انظر للعملية الأخرى باعتبارها فعلًا إبداعيًّا: التعبير عن حقيقة ذاتك. استرخِ وقل كل ما تريد قوله. وبما أن الأسلوب يُمثلك أنت، فلا تحتاج إلا أن تكون صادقًا مع نفسك لتجده يبزغ تدريجيًّا من أسفل الحطام المركوم، ويصبح أكثر تميزًا كل يوم. قد تستغرق وقتًا طويلًا كي يترسخ الأسلوب بوصفه أسلوبك أو صوتك. فكما أن إيجاد ذاتك بوصفك شخصًا يتطلب وقتًا، كذلك إيجاد ذاتك بوصفك صاحب أسلوب يتطلب وقتًا، ومع ذلك ستيغير أسلوبك مع تقدمك في العمر.

ولكن مهما كان عمرك، كن أنت حينما تكتب. لا يزال عديد من الكتاب يكتبون بالحيوية التي كانت لديهم وهم في العشرينات أو الثلاثينات؛ من الواضح أن أفكارهم لا تزال يافعة. في حين نرى أن كُتابًا كبارًا آخرين يهيمون على وجوههم ويكررون ذواتهم. أسلوبهم في الكتابة يشي بما لديهم حتى أنهم باتوا سمجين لا يكفون عن الكلام. وعديد من طلاب الجامعة يكتبون كما لو كانوا خريجين منذ ثلاثين عامًا أكل عليهم الدهر وشرب. لا تقل شيئًا في الكتابة لن تجرؤ على قوله في حوار، إن لم تكن شخصًا جازمًا يستخدم ألفاظًا مثل “حقًّا” أو “فضلًا عن ذلك”، أو كنت ممن يدعو أحدًا ما بلفظة “شخص” (إنه شخص رائع)، فلا تكتبها من فضلك.

لنلقِ نظرة على بعض الكتاب لنرى النشوة التي ترافقهم حين يطبعون مشاعرهم ونزواتهم على الورق دون أن يعيروا بالًا لحال القارئ الذي قد يشاركهم الاهتمام وقد لا يكون. الاقتباس الأول مأخوذ من كتاب “The Hen (An Appreciation)” لكاتبه إي. بي. وايت الذي كتبه عام 1944، في ذروة الحرب العالمية الثانية:

ألاحظ أن الدجاجات لا تتمتع دائمًا بمكانة محترمة بين سكان المدن رغم تدفق إنتاجها من البيض. في حين أن الدجاجة الآن تتمتع بالحظوة. كيف لا والحرب قد مجدتها وأمست محبوبة الجبهة الداخلية؛ تُكرَّم على طاولة الاجتماعات، ويُثنى عليها في كل عربة يباح فيها التدخين، وأصبحت أساليبها الأنثوية وعاداتها الطريفة محط اهتمام مربي الدواجن الهائج الذي كانت له بالأمس مجرد دخيلة بلا سموٍّ أو فتنة.

يعود ارتباطي بالدجاج لعام 1907، وقد كنت مخلصًا لها في السراء والضراء. لم يكن سهلًا دائمًا الحفاظ على علاقتنا. في البداية، وكوني فتىً يعيش في ضاحية مقسمة بعناية، كان لدي جيران وشرطة ينبغي أن يُحسب حسابهم، فكان لا بد من وضع الدجاج تحت الحراسة المشددة مثل صحيفةٍ سرية. ثم بوصفي رجلًا في المدينة، كان علي أن أحسب حساب أصدقائي القدامى في القرية، الذين كان معظمهم يرى الدجاجة مجرد أداة هزلية في مسرحية مضحكة … ولم تزدني سخريتهم تلك إلا تمسكًا بها. حيث ظللت مخلصًا لها كإخلاص رجل لعروسه المبتئسة من استقبال أهله الهازئ. والآن حان دوري لأضحك وأنا أستمع إلى ثرثرة المدنيين المتقدة، الذين رفعوا فجأة من شأن الدجاجة اجتماعيًّا، فهم لا يكفون عن الابتهاج بمعرفتهم الجديدة ولا عن ذكر المحاسن النسبية لدجاج نيوهامشاير الأحمر ودجاج وايندوت المزركش. إن صيحات الإعجاب والمديح تلك ستجعلك تظن أن الدجاجة فقست البارحة في ضواحي نيويورك وليس في أدغال الهند في الماضي البعيد.

جُل التقاليد المتعلقة بالدواجن مذهلة وآسرة دون حد في نظر مربي الدجاج. ففي كل ربيع، أثوي في مزرعتي وأقرأ القصة القديمة لطريقة تجهيز الحظائر، والبهجة ذاتها تضيء وجهي.

هناك رجل يكتب عن موضوع لا يقع البتة ضمن نطاق اهتماماتي، بيد أنني أستمتع بهذه القطعة أيّما متعة. يعجبني الجمال البسيط في أسلوبها، وإيقاعاتها، والكلمات المنعشة غير المتوقعة (“تمجيد،” “فتنة،” “ثرثرة”)، والتفاصيل المحددة مثل سلالة دجاج وايندوت المزركش والحظائر. ولكن أكثر ما أعجبني أن هذا الرجل يحكي لي بلا خجل عن علاقة حب مع حيوانات داجنة تعود إلى عام 1907. إنها مكتوبة بإنسانية ودفء، وبعد ثلاث فقرات بتُّ أعرف جيدًا أي نوع من الرجال ينتمي إليه عاشق الدجاج هذا.

أو لنرَ كاتبًا يأتي على النقيض من وايت من حيث الأسلوب، إذ أنه يتلذذ بالكلمات الفخمة لفخامتها ولا يُعظِّم الجمل البسيطة. إلا أنهما يشتركان في الآراء المتأصلة والتعبير عما يجول في خاطرهما. هذا الكاتب هو إتش. إل مينكن، وهو ينقل “محاكمة القرد” سيئة السمعة – محاكمة جون سكوبز، معلم يافع كان يُدرِّس نظرية التطور في فصله بتينيسي صيف عام 1925:

كان الطقس حارًّا حينما حاكموا سكوبز الزنديق في مدينة دايتون بولاية تينيسي، لكنني ذهبت إلى هناك راغبًا كوني كنت متحمسًا لرؤية شيء من المسيحية الإنجيلية، اهتمامي الراهن، التي كان يعتريها داءٌ ضموري في مدن “الجمهورية” الكبيرة، رغم الجهود الحثيثة للرجال المبجلين. يهز قيّمو مدرسة يوم الأحد سيقانهم المنيعة على النار على أنغام موسيقى الجاز الصادرة من إذاعةٍ سرية، في حين لم يعد طلابهم المقبلين على المراهقة يستجيبون للهرمونات المتوالدة نتيجة التسجيل في الخدمة التبشيرية في أفريقيا، ويلجؤون للمعانقة عوضًا عن ذلك. حتى في دايتون، وجدت أن ثمة رائحة قوية لنقض الناموس تفوح من هناك، رغم أن الدهماء كانوا قادرين على تنفيذ الإعدام بحق سكوبز. كانت كنائس القرية التسع نصف خالية أيام الأحد، وكانت أفنيتها تغص بالحشائش. فقط اثنان أو ثلاثة من قساوستها تمكنوا من إعالة أنفسهم بما لديهم من علمٍ روحي؛ بينما اضطر البقية إلى تلقي طلبات بيع البناطيل بالبريد، أو العمل في حقول التوت المجاورة. سمعت أن أحدهم كان حلّاقًا …. وبعد اثنتي عشرة دقيقة تمامًا من وصولي للقرية، تعهدني رجل مسيحي وقدم لي الخمر المفضل في كمبرلاند: نصف شراب الذرة المسكر ونصف شراب الكوكاكولا. كانت جرعة مميتة بالنسبة لي، غير أني وجدت أن متنوري دايتون يتجرعونه باستمتاع؛ يمسحون على بطونهم في شغف وعيونهم ثملة. كانوا جميعهم متحمسين لسفر التكوين، إلا أن احمرار وجههم لا يشي بانتمائهم للممتنعين عن الشراب، وعندما تتعثر فتاة جميلة في الشارع الرئيسي، كانوا يتناولون الأماكن حيث تصل ربطات أعناقهم بكل الجسارة الغرامية لنجوم السينما.

هذا هو مينكين الخالص في اندفاعه الجياش واستخفافه. عندما تقرأ كتبه تجده في كل صفحةٍ تقريبًا يكتب شيئًا جازمًا لازدراء تقوى مواطنيه المزعومة. إن القداسة التي غمر بها الأمريكيون أبطالهم، وكنائسهم وقوانينهم التنويرية – خاصة التحريم -كانت، كما يراه، بئرًا من النفاق لم يجف قط. كان يقذف بعضًا من ذخيرته الثقيلة على الساسة والرؤساء – لا تزال لوحته البورتريه “The Archangel Woodrow” تحرق الورق -، وفيما يخص المؤمنين المسيحيين والطبقة الدينية، فهم يظهرون على الدوام بصفتهم مشعوذين ومعتوهين.

قد تبدو معجزة أن ينجو مينكين من مثل هذه الهرطقات التي ظهرت في عشرينات القرن الماضي، حيث كانت عبادة البطل دينًا أمريكيًّا والنقمة المُعتدة للحزام الإنجيلي كانت تنضح من ساحل لآخر. ولم ينجُ بنفسه فحسب، بل كان أيضًا أكثر صحفيي جيله تأثيرًا واحترامًا، إذ أن الأثر الذي أوقعه على الكتاب القصصيّين اللاحقين عصيٌّ على القياس، وإلى هذا الوقت لم تفقد كتاباته ذات العلاقة بالأحداث الجارية جدتها كما لو كانت مكتوبةً بالأمس.

إن سر شهرته، بعيدًا عن استخدامه الناري للغة الأمريكية، كونه يكتب لنفسه ولم يلقِ بالًا لما قد يظنه القارئ. لم يكن مضطرًّا لمشاركة تحاملاته ليستمتع برؤيتها معبرًا عنها بمثل هذا الاسترسال النشوان. لم يكن مينكين جبانًا أو مواربًا قط، ولم يكن يتملق القارئ أو يتزلف إلى أي أحد. إن الوصول إلى هذه المرحلة في مسيرة الكاتب يتطلب شجاعة، لكن من هذه الشجاعة بالتحديد يولد الصحفيون المؤثرون المحترمون.

وللحديث عن عصرنا، هنا اقتباس من كتاب “How To Survive In Your Native Land” الذي ألفه جيمس هيرندون واصفًا تجربته بصفته معلمًا في إحدى مدارس كاليفورنيا الثانوية. من بين كل الكتب الهامة عن التعليم التي ظهرت في أمريكا، أرى أن كتاب هيرندون هو أفضل عمل ضبط بالفعل ما يجري داخل حجرة الدراسة. لا يشبه أسلوبه أي أحد آخر، وهكذا يبدأ الكتاب:

قد أبدأ ببيستون أيضًا. كان بيستون أحمر الشعر ممتلئ الجسم ويدرس في الصف الثامن؛ وكانت سمته المميزة العناد. فمن دون الخوض في تفاصيل كثيرة، بات واضحًا أن بيستون لم يكن يقوم بما لم يُرد القيام به والعكس صحيح.

لم يكن يشكل ذلك أية مشكلة، إذ أن كل ما كان يريده بيستون هو التلوين ورسم الحيوانات وخربشة بعض التصاميم على نماذج المحاكاة وطباعتها، وكتابة قصة رعب متفرقة – كان بعض الأولاد يدعونه “الغول” – وحينما لم يكن يريد القيام بأيٍّ من تلك الأعمال، كان يتجول في القاعات ويجوس أماكن الخلاء الخاصة بالفتيات بين الحين والآخر (كما سمعنا).

حصلت بيننا مواجهات بسيطة. ففي أحد المرات أردت من الجميع الجلوس والاستماع لما كنت سأقوله، كان أمرًا يخص سلوكياتهم داخل قاعات الدروس. كنت أسمح لهم بالدخول والخروج بحرية وكان الإلتزام بالهدوء أمرًا عائدًا إليهم (خططت لللإشارة لذلك) فكان علي أن أعلم بهذا الشأن من المعلمين الآخرين. كان الجلوس هو المشكلة. كنت مصرًّا على أن يجلس الجميع قبل أن أتحدث. ظل بيستون واقفًا فأمرته بالجلوس مرة أخرى ولم يُعرني انتباهًا. أوضحت له أنني كنت أخاطبه وأكّد لي أنه سمعني، فسألته عن سبب امتناعه عن الجلوس. قال أنه لم يكن يرغب بذلك، فقلت أن هذه رغبتي ورد علي قائلًا أن ذلك لا يهمه، فطلبت منه تنفيذ طلبي مهما يكن الأمر. فسألني لماذا؟ أجبته: لأنني قلت ذلك. فقال أنه لن يمتثل لما أقول، قلت له اسمع، أريدك أن تجلس وتستمع لما سأقوله. قال أنه كان يسمعني وأنه سيسمعني لكنه لن يجلس.

حسنًا، هذا ما يجري أحيانًا في المدارس. تصبح بوصفك معلمًا مستغرقًا في مشكلة ما – لقد كنت الطرف المتضرر، الجدالات كالعادة لا تعرف الحريات، وكانوا كالعادة يستغلون الفرصة. ليس مقبولًا أن تدخل غرفة المعلمين لشرب القهوة وتضطر لسماع أحدهم يقول إن فلانًا وفلانًا من صفك كانوا خارج قاعة الدرس بلا إذن ويشاكسون الأولاد في صفي بحركات غير لائقة أثناء أهم جزء في درسي عن مصر –  ويجب أن يرخى العنان لحديثك المتحيز، والجمع تقريبًا سيسمحون به ويتأهبون له، لكن أحيانًا يوقظ أحدهم عقلك بالإحجام عن الإندفاع في غير حاجة .. كيف وقعنا في هذه الورطة؟ علينا أن نطرح هذا السؤال على أنفسنا.

 كاتب يستخدم “لن”  “ain’t” و”متحيز” “tendentious” [i] في ذات الجملة، ويقتبس دون استخدام علامات الإقتباس يعرف ماذا يفعل. هذا الأسلوب المشبع بالفن، رغم أنه يبدو بسيطًا، مثالي جدًّا لغرض هيرندون. إنه يتفادى الغطرسة التي تصيب الكثير من كتابات أصحاب الأعمال القيمة، ويتيح لقدر كبير من الفكاهة والمنطق. يظهر أن هيرندون معلمٌ بارع ورجلٌ ماتع الصحبة لكنه في النهاية يكتب لنفسه: جمهور مكون من شخصٍ واحد.


هوامش: 

[i] إشارة إلى الجمع ما بين مفردة عامية وأخرى فصيحة

[ii] تعمد الكاتب كتابة السؤال بصيغة غير دقيقة نحويًّا لإيصال الفكرة. تجدر الإشارة إلى أن Who تشير إلى الفاعل، بينما Whom تشير إلى المفعول به
_______
*تكوين

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *