مَقْبَرَةُ المَرَاكِب/ دُولْسِي مَارِيَا لْوِينَاسْ

خاص- ثقافات

*دُولْسِي مَارِيَا لْوِينَاسْ/ **ترجمها عن الإسبانية : د. محمّد محمّد الخطّابي

تراءت للشّاعرة على السّاحل الكوبي الشّاسع المترامي الأطراف بَقَايَا مَركبٍ قديمٍ مهترئ ،علاه الصّدأ،وملأته من خارجه الطحالب، واستشرت فى جوفه العناكب، بَدَا لها وكأنّه شبحٌ باهتٌ، مَنسيّ، مُجندلٌ،مُهْمَل على هذا الشّاطئ المهجور، فإذا بها تقول على لسان هذا المركب المنكود الحظّ، والسيّء الطالع الذي فَقَدَ ذاكرةَ الِإبحار:

لستُ أدري متى،

 ولستُ أدري مَنْ

ألقىَ بهذه المرساة الّلعينة

 إلى قعر اليَمّ

فى هذا السّاحل الغريب ،

أنا مركبٌ بلا حِراك

منذ زمنٍ بعيد وأنا كذلك،

فقدتُ ذاكرةَ الإبحار

 ودِفءَ المرافئ

وفقدتُ ذاكرةَ اختراق

حيزومى فيما مضى،

غمرَ أعالي البحار

 واجتيابَه لأبعد الآفاق

*****

ها أنذا الآن هنا  ثابتٌ

 فى مكانٍ مجهول

فى شاطئٍ مهجور

لا ترافقني فيه

 سوى مراكبُ أخرى

ثابتةٌ مثلي بلا حراك

أو هي أنصافُ غرقى

فى هذا الماء الزّيتيّ الآجِن

 *****

أصبحتُ أعاني من الجُذام

ويشدّني الحنينُ إلى البّحر

الذي كان يوماً موطني

وإلى بعض مَنْ عرفتهم

 بالكاد فى اليابسة،

ذهبَ هؤلاء الذين كانوا

يتحرّكون معي بداخلي

أنا اليومَ مركبٌ  ينخرُهُ الفرَاغ

تعلوهُ العناكبُ والموت

أعيش فقط

 على وطأة هذه المرساة

القاسيّة الثقيلة

التي ما فتئت تُوثقني

 بقوّةٍ وعناد

إلى حمأة  طمي الأعماق

حتّى اليوم  .

___________
*شاعرة كوبيّة حاصلة على جائزة “ميغيل دي سيرفانتيس”التي تُعتبر بمثابة نوبل في الآداب الإسبانية.
__________
محمد الخطابي

*كاتب، وباحث، ومترجم،وقاصّ من المغرب ،عضو الأكاديمية الإسبانية- الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوتا-  (كولومبيا ). هذه القصيدة مُدرجة فى كتابي: “حجر الشّمس” ( ثلاثون قصيدة من الشعر الأمريكي اللاتيني   المعاصر ،( إختيار وترجمة د.محمّد محمّد الخطابي). الصّادر عن المجلس الأعلى للثقافة ( المشروع القومي للترجمة) رقم الإصدار 172.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *