ألف ليلة وليلة من اللانص إلى الرائعة

خاص- ثقافات

* عادل بوحوت

“…الأعمال الفنية كنَتاجات ثقافية تختلفُ باختلاف الثقافات في العصور المختلفة، بل وفي العصر الواحد. بل إن كل عمل فني على حدة يمرُّ بتحولات، حيث تكون هناك فترات يتألق فيها العمل لأسباب تاريخية وثقافية معينة، وتكون فترات أخرى يذوي أو يتوارى فيها العمل، وذلك حينما لا يصادف أو يلقى العمل أولائك الذين يمكن أن يقدّروه حقَّ قدره”.(سعيد توفيق- الخبرة الجمالية- المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع- 1992/ص:67.)

“إنّ ما كان يُعتبر من زاوية النظام القديم ضئيل القيمة أو ناقصا، مرادفا للهواية والزيغ، أو مجرّد مرادف للخطإ، كما أنّ ما كان يُعتبر بِدعة أو منحطا أو لا قيمة له، يُمكن أن يظهر أو يُتبنى- في أفق نظام جديد- كقيمة إيجابية…(نظرية المنهج الشكلي- تـر إبراهيم الخطيب/ص:86.) 


  • على سَبِيلِ التَّوْطِئَةِ:

اتّسمت الرؤية النقدية للعلماء العرب في القديم، بنوعٍ من التمييزِ اللاّمُتكافئ بين مختلف أشكال الكتابات الإبداعية العربية، التي شهدت اتِّساع رقعتها خلال العصر العباسي وما بعده، فلم تعد منحصرة في الشعر والخطابة كما كانت من قبل. ولعلّ من أهم آثار هذا الاتّساع، تباينُ المواقف تُجاه ما استُجدَّ من أنواع القول الأدبي، وأحقيتها بالتقدير والاهتمام أو عدم أحقيتها، فكان من ذلك أن أُهملت كتابات إبداعية لا يستهان بها من حيث الكمّ، لاعتبارات سنأتي على ذكر أهمها.

إنّ هذا الموقف المُتّخذ من قبل النخبة أو المؤسسة الأدبية، حكم على هذا المُهْمَل بالدُّخُولِ في دائرة ما يمكن أن نسميه بـ: اللاّنص، في مقابل النص الذي لقي الاستحسان والإعجاب، وتُنوِول بالدراسة والنقد([1])، للكشف عن فنيته وإبداعيته ومواطن الجودة والجدّة فيه. فالأوّل (أي اللاّنص)- في نظر التقليد الأدبي- لا يرقى إلى مستوى الثاني (أي النص)، والمتأمل في كتابات القدامى لاستجلاء الأسس والمبادئ التي يتأسَّسُ عليها هذا التّمييز، يجد العديد من الثنائيات التقابلية([2]) التي- وإن اختلفت في مبناها- تتفق على استحسان ما هو معترف به كنصّ من جهة، واستهجان اللاّنص من جهة أخرى. هذا ما نبَّه إليه الناقد المغربي سعيد يقطين، حين أشار إلى كون المصنفات العربية (وإلى غاية ق:11هـ )، “ظلت تولي الأهمية القصوى لما اعتُبر نصًّا، وأُهملت ما عداه، وحتى عندما كانت تشير إلى بعض الكتب التي كانت تعزى إلى أدب العوام مثل ألف ليلة وليلة، أو إلى بعض المصنفات المتعلقة بالكونيات مثل كتاب ابن الوردي: خريدة العجائب، فإنها كانت تنتقدها انتقادا مُرّاً”([3]). ويُهِمُّنا نحن من هذا القول، إشارته إلى ألف ليلة وليلة باعتبارها ممّا أُهمل وهُمِّش وعدَّ لا نصًّا(*)، بل وكان التحامُل عليه وعلى المهتمين به شديدا. يقول الدكتور يونس لوليدي في هذا الصدد: “وآراء العرب القدامى الذين عاصروا ظهور «الليالي»، لم تكن إيجابية بل اتّسمت بطابع السُّخرية اللاّذعة، ولا شكَّ أن آراءهُم هذه كانت من أهمِّ العوامل التي ساهمت في تراكم الغبار على الكتّاب زمنا طويلا”([4]).

ولتكتمل الصورة بخصوص ما نحن بصدده، أعود إلى ما أرجأت الحديث عنه في مستهلّ هذه الدراسة، وهو ما يتعلّق باعتبارات التمييز بين النصّ واللاّنص؛ حيث يبدو جليا أنّ نظرة القدامى – سواء أكانوا لغويين أو بلاغيين أو أصوليين أو مفسِّرين- إلى المُهمل كانت تحكمُها ضوابط ومقاييس لا تخلو من معيارية واضحة، كان الحكم من خلالها على «الليالي» بأنها لا ترقى إلى مستوى النص. ويُمكن الكشف عن الأسباب التي أدّت إلى إهمال ألف ليلة وليلة من خلال النقاط الآتية:

  1. عدم الارتقاء إلى مستوى الشاهد اللغوي:(موقف علماء اللغة على الخصوص)

 لعلّ كتاب ألف ليلة وليلة – بخصوص هذه النقطة كان ضحية من ضحايا تقديس اللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن الكريم؛ فما يمكن اعتباره نصا – من هذا المنظور- هو الكلام الفصيح الجزل الذي يسمح باتّخاذه شاهدا مسوِّغا لقاعدة أو ظاهرة بلاغية أو نحوية… أمّا القصص الشعبي- وعلى رأسه ليالي شهرزاد- “فعباراته سخيفة ومُخلّة بقوانين اللغة”([5]) كما يرى محمد عبده.

  1. اللاّمطابقة:(منظور علماء الدّين)

والمقصود بـ “اللاّمطابقة” عدم مطابقة الواقع، أو عدم الخضوع للمنطق الطبيعي الذي يحكم الأشياء في بعدها المادي المُدرَك، وهي خاصية من شأنها إخراج الإبداع من دائرة النص إلى دائرة اللاّنص، في سياق تقييم أخلاقي للإبداع الأدبي اضطلع به علماء الدين، فأدرجوا الكتاب (كتاب ألف ليلة وليلة) ضمن ما سمّاه محمد عبده بـ “كتب الأكاذيب الصرفة”([6]) التي لا يجوز بيعها ولا النظر فيها. وجدير بالذكر في هذا السياق  أنّ “الكذب” – حسبما يرى أحد الباحثين([7])– خاصية مُميّزة للخطاب الفنّي بوجه عام، بل إنّ الفنّ كما يعبّر الباحثُ نفسه »هو الكذب في أقصى درجاته، إنه “الكذب” الذي يفرض نفسَه كأكثر الحقائق صِدقـا«([8]).


  1. الانزياح عن النصية المركزية:

 أي عدم توفره على المقوّمات المتحقّقة فيما يمكن تسميته بـ”النص الأنموذج”، أو في تصوّر ما ينبغي أن يكون عليه النص. ولعلّ النص الأنموذج الذي كان يُنظر إلى مدى احتذائه والنسج على منواله، هو القصص الديني المستخلص من الكتاب والسنة، كما يرى ابن الجوزي الذي يقول- متحدثا عن الأسباب التي تجعل القصّ- عندهم- (مكروها) ” إنّ في القرآن من القصص وفي السنة من العظة ما يكفي عن غيره، مما لا تتيقّن صحته”([9]). ويبدو أنه من العبث إجراء مثل هذه المقارنة، لسبب واضح وبسيط هو أنه لا وجه للموازنة بين كلام مصدره الوحي الإلهي، وكلام يندرج ضمن الإبداع الأدبي والفني الإنساني.. ما يدعو إلى ترجيح البعد الجمالي على هذه الواحدية والعدمية في الرؤية والتصور، التي تجعل النص الديني مصدرا لكلّ حقيقة وخير، ولا ترى- بالمقابل- في غيره سوى مصدر للشر أو للتسلية (المحظورة).

  1. من اللاّنص إلى النص: “إثبات الهُوية النصية”

إنَّ المتتبع للمسار الذي سلكته ليالي شهرزاد عبر الزمن المتعاقب، يقف على تحولات جذرية على مستوى التناول من قبل جماعات المتلقين. ولعلّه من المهمّ هُنا الإشارةُ إلى أن أبرز تجليات هذه التحولات، لم تكن وليدة بيئتها الأم (أي الشرق العربي)، وإنّما كانت منبعثة من الغرب، الذي تعرّف على الشرق من خلال عدّة قنوات في مقدِّمتها تحقيقُ كمٍّ هائل من المصنفات العربية وغير العربية وترجمتها، وقد كان من بين هذه المصنفات كتاب: ألف ليلة وليلة؛ فلقد جاءت ترجمة المستعرب الفرنسي أنطوان غالان Jean antoine Galland  للكتاب-  ما بين 1704 و1717 في إثني عشر مجلّدا([10])– لتُطلع القارئ الفرنسي (والأوروبي عموما) على جانب هامّ من جوانب حياة المجتمعات الشرقية – والمجتمع العربي الإسلامي تحديدا- خلال القرون الوُسطى، إلى حدٍّ جعل غالان يقول:” إنَّ ألف ليلة وليلة هي الشرق بعاداته، وأخلاقه، وأديانه، وشعوبه الخاصة، وإنّها الصورة الصادقةُ له، فمن قرأها فكأنه رحل إلى الشرق فسمعه ورآه ولمسه لمس اليد”.([11])

عن طريق هذه الترجمة، “التي نالت نجاحاً باهراً([12]) وراجت في كلّ أنحاء أوروبا، ]و[تنافست عليها دور النشر، وظلت مدى قرن كامل الترجمةَ الوحيدةَ التي عَرَفَ بها العالمُ الغربي ليالي شهرزاد”([13]). عن طريق هذه الترجمة والترجمات الكثيرة التي تلتها([14]) كتب لليالي الذيوع والانتشار، حتى عُدَّت من الكتب القليلة الفريدة في تأثيراتها في القرّاء، وفي حجم الاستقبال الذي صادفته، والرّواج الذي حظيت به، فكثرت الأبحاث بشأنها، وتولّد عن هذا الاهتمام المتزايد بهذا الوافد الجديد، ردُودُ أفعال تباينت بحسب تباين الأذواق الأدبية ومدى انتشار وغلبة هذا الذوق أو ذاك في حقبة بعينها… فوجدت شهرزاد نفسها أمام صنفين من القُراء: الجمهور من جهة والنخبة من جهة ثانية. الأول منكبّ على أحاديثها بشغف ولهفة وإعجاب، والثاني نافر منها غير مستسيغ لهذا الانتشار الكاسح لحكاياتها، لتطفو على السّطح مجدّدا- وإن بصيغة مختلفة- ثنائية النص واللاّنص في غير البيئة الأصلية للّيالي؛ فلقد شهد المجتمع الأوربي في هذه الفترة تحوُّلات جذرية شملت كل مناحي الحياة، وكان من شأنها أن تنعكس على الذوق الأدبي في شكل صراع بين الكلاسيكية الجديدة ودُعاة الانعتاق من القوالب الجاهزة، فكان طبيعيا أن يقف الكلاسيون الجدد([15]) من «الليالي» موقف عداء نقدي وثقافي، لخروجها- في نظرهم- عن جادّة الأسلوب الأدبي المتّزن، وإغراقها بالمقابل في الخيال، أو ما كان يطلق عليه: “الأحلام المطلقة العابثة لخيال الشرق المضطرب”([16]). ويأتي موقف كيمز henry home kames  ليؤكد هذا التمرد النقدي من قبل الكلاسيكين الجدد، حيث يقول – مشبّها «الليالي» بحدائق فرساي: “غالبا ما سليت نفسي بتشابه عجيب بين هذه الحدائق والحكايات العربية، فكلاهما إنجاز لتسلية ملك عظيم… وأخيرا فكلاهما غير طبيعي “([17]) (أي لا يمتثل لقانون محاكاة الطبيعة البشرية).

ولعلّ في هذا القول الأخير أكثر من دليل على انبعاث تلك النظرة الدُّونية التي قُوبلت بها «الليالي» في الشرق، فأهملت واعتبرت لانصّا؛ ممّا يكشف عن تطابق في الرؤية بين التقليد الأدبي الذي كان سائدا في الشرق، ونظيره الذي جسدته الكلاسيكية الغربية الجديدة في بداية القرن18م، من حيث تقييمُ العمل الإبداعي من زاوية أخلاقية صرف. هذا بخصوص موقف النخبة من نقاد الكلاسيكية الجديدة، إلا أن منطق الأحقية في الاختلاف، يفرض علينا الالتفات إلى الصنف الآخر من قراء «الليالي»، وهو المتمثِّل في الجمهور. هذا الجمهور المتطلع إلى تجاوز التقليد الأدبي والحرّ في اختياراته، جعل من هذه الحكايات – فضلا عن كونها نصا معترفا به- سيدة الإبداع القصصي لعقود كثيرة([18]). فشكّل هذا الاهتمام المنقطع النظير بــ«الليالي» – من قبل جمهور القراء- تجاوزا لمفاهيم التأليف عند جماعة الكلاسيكية الجديدة من جهة، وشاهدا على تفوّق الذوق العام على الذوق الخاص (النخبوي)، ومؤشرا على قدرة القارئ الاعتيادي على التحكّم في مسار الأدب من جهة ثانية(*).

وبذلك استطاعت ألف ليلة وليلة إثبات هويتها كنص متميِّز أقام الغرب ولم يقعده، وسحر القُرّاء بكلّ أصنافهم إلى حدِّ أن أحد الكتّاب العالميين (فولتير) يعترف قائلا:” لم أزاول فن القصص، إلا بعد أن قرأت ألف ليلة وليلة أربع عشرة مرة”([19])

ولم ينتبه الباحث العربي إلى قيمة «الليالي»، إلا بعد قرنين من الزمن (أي في بداية قـ 20)، كما أن اهتمامه بها لم يكن نابعا من قناعة ذاتية، بقدر ما جاء احتذاءً بما فعله الغربيون- خاصة المستشرقين- الذين احتفوا بهذه الحكايات أيّما احتفاء.

على أن الذي يهمنا هو تأكيد أن ألف ليلة وليلة، عادت بعد طول إهمال وسوء تقدير لتثبت نصيتها وأحقيتها بالنقد والدراسة.. ولم يكن هذا الاهتمام وليد الصدفة -كما رأينا- وإنما فرضته مجموعة عوامل أدت إلى الاعتراف بنصّية «الليالي». وهي عوامل يمكن تقسيمها إلى:

  • خارجية؛ (أي خارج نصية) أسهمت دون شك في تغيير النظرة إلى «الليالي» وتبويئها المكانة التي تليق بها.

  • وداخلية؛ أي كامنة في النص منذ أن خرج إلى حيز الوجود، إلا أن التصور التقليدي لم يكن يسمح بالكشف عنها، أو- بالأحرى- كان يتجاهلها لعدم وعيه بما تحققه للنص من قيمة  أدبية وجمالية.

  • فأما العوامل الخارجية فهي:

  • الوعي بقيمة التراث:

 في ظل التحديات التي أصبحت تواجه الأمّة العربية، وجد المثقف العربي في العودة إلى الأصول الملاذ الوحيد للخروج من براثن الهزيمة، وذلك من خلال إعادة بعث الحياة في المخطوطات القديمة([20]) تحقيقا وطباعة و تناولا بالدراسة والبحث، وقد كان كتاب ألف ليلة وليلة جزءا من هذا التراث الذي بقي محفوظا، فأتيحت له مجدّدا إمكانية الوصول إلى الأصقاع البعيدة والرواج بين جمهور القراء.

  • تغيُّر النظرة إلى مفهُومَــيْ الأدب و الفن:

وهذه النقطة مرتبطة أشدّ الارتباط بسابقتها؛ ذلك بأنّ إعادة دراسة وتمحيص التراث الأدبي، من منظور ملائم للعصر، تكشف في أحيان كثيرة عن الهنات التي سقط فيها الدّارسون الأقدمون عن وعي أو عدم وعي…؛ فكم من نظرية قديمة أثبتت عدم جدواها بتقدّم الزمن، وكم من حكم نقدي تمَّ تجاوزه، إما لعدم مُلاءمته للخاصية الزئبقية للإبداع الأدبي، أو لصلاحيته في فترة زمنية دون أخرى. من هنا فإنّ الدّارس العربي أدرك ضرورة تجاوز التمييز بين النص واللاّنص على أسس لا صلة لها بالأدب، فاعترف بنصية ألف ليلة وليلة.

  • مقاومة النص للزمن:

استطاعت ألف ليلة وليلة، بالرُّغم من كلِّ أساليب التهميش والرفض التي قوبلت بها من جانب المؤسسة النقدية القديمة، أن تحافظ على نفسها على مدى قرون عديدة، ولعلّ أنصع برهان على هذا وُصولها إلينا كاملة.. ما أفحم القائلين بـ “لانصيتها”، وأثبت جدارتها وأحقيتها بالعناية والاهتمام… يقول سعيد يقطين:” إنّ مفهوم النص لا زمني، لأنَّه يتّصل بخاصية متعالية على الزمان هي النصية “([21]).

  • وأما العوامل الدّاخلية فهي:

  • الارتباط بتاريخ الأمة:

يرى الدكتور قاسم عبده قاسم أنّ” الفنَّ الذي ينتجه الشعب في حقبة تاريخية بعينها،  مصدر هام من مصادر المعرفة التّاريخية، لا سيما في مجال التّاريخ الاجتماعي”([22]).. فالأدب الشعبي بوجه عام و”الليالي العربية” بصفة خاصة، مصدر لا غنى عنه للكشف عن الوشائج التي تصل العربي (فردا وجماعة) بتاريخه. بل إن هذه الحكايات اعتُبرت – وما تزال منبعا رئيسا نهل منه الغربيون لتعرُّف أدقِّ تفاصيل الحياة الشرقية في القرون الوسطى، إلى درجة دفعت ستاردي ريفيو إلى القول – مستفسرا عن سبب انتشارها في الغرب- “..قد تكون هذه القصص أوّل ولادة لظهور روح التاريخ في (الرواية)”([23]).

  • الارتباط بروح الأمة:

 فضلا عن كون هذه الحكايات تعدّ مصدرا هاما من مصادر التأريخ للأمم الشرقية عامّة والأمة العربية الإسلامية خاصة، فإنّ كتاب (ألف ليلة وليلة) لم يكن في يومٍ ما كتاب تسليةٍ فحسب، ذلك بأنّه- كما يرى أحد الدّارسين- تعبيرٌ صادق عن روح هذه الأمة، ورسمٌ دقيقٌ لمعالم وجدانها وأسرارِ شخصيتِها، بكُلِّ خلجاتها النفسية وتطلُّعاتِها الإنسانية، بما احتواهُ هذا السِّفْرُ الكبير من حكايات وأساطير([24])..

والقارئ لحكايات شهرزاد يقف على حقيقة هذا الطابع الروحاني الذي اتّصف به الإنسان الشرقي، من خلال إيمانه بالقضاء والقدر، وعالم الجنّ والشعوذة، وما إلى ذلك ممّا شكل الإطار النفسي لمعظم الحكايات. وهكذا تغدو هذه الحكايات تجسيدا لمختلف التمثُّلات الوجودية والذهنية العربية للذات والآخر، ومن هنا يكمن السرّ في بقائها راسخة في نسيج المتخيّل العربي.

  • النصّ المُستفِز:

 والمقصود بالنصّ المستفز، ذلك الذي يثير في القارئ نوعا من الفضول والرَّغبة في اكتشاف عوالمه الغرائبية، التي وإن كانت تُقدّم له بواسطة اللغة، فهي تشكل تجاوُزا لها، لأنها تقول ما لا تقوله اللغة. فخاصية الأدب- كما يقول تزفتان تودوروف– “هي أن يذهب إلى الماوراء، وإلاّ لن يكون ثمة داعٍ لوجوده”([25]). ممّا يدعو القارئ إلى تجاوز ظاهر النصّ والكشف عن أسراره الكامنة عن طريق التأويل، الذي يأتي نتيجة ما سمّاه تودورف بـ “تردّد القارئ([26]). وقد كان رتشارد بيرتون على وعي تام بقيمة هذه الخاصية في الأدب العجائبي- الذي تُشَكِّلُ «الليالي»  إحدى أهم حلقاته- حين كتب في خاتمة ترجمته لألف ليلة وليلة قائلا: “الذي ضمن للّيالي نجاحها المتميّز هو ذلك البهاء الخيالي، عجب الخوارق، وعظمة المشاهد وروعتها، وحيث إنها كانت خارجة عن التقليد الأدبي…أثارت جمهور القراء وأسرته”([27]).

إنَّ قيمة النص من هذا المنظور، تكمُن في أنّهُ يتجاوز حدود اللّغة، ليخلق عند القارئ نوعا من “الاستفزاز” يدعوه إلى تغيير عاداته في التلقي، والتعامُلِ بحذر مع هذا السَّهْلِ الممتنع، ومع عالم النص الذي يمتزج فيه الواقعي بالخيالي والفيزيقي بالميتافيزيقي.

  1. من النص إلى الرّائعة:

إنّ كتاب ألف ليلة وليلة – كما رأينا- لم يقف عند كونه نصّا محليا، بل إنّه جاب الآفاق واستأثر بالنُّفوس في كلِّ البقاع، وتُرجم إلى معظم اللُّغات الحيّة المنتشرة في ربوع المعمور… ومثلُ هذا الذّيوع والانتشار، لا يمكن أن يحظى به إلا نصٌّ متميِّزٌ في تاريخ الآداب الإنسانية.

ولعلّ من حسن حظّ هذه الحكايات، أنّها لم تُنسب إلى مؤلّف بعينه أو إلى قُطر بعينه([28])، فكانت تراثا شرقيا من دون تحديد، ممّا أتاح لها فرصة الفوز بعدد هائل من الدراسات والأبحاث، التي كانت تطمح إلى إيجاد أصل للكتاب دون جدوى، وكان من شأن هذه المحاولات أن أسهمت – باستمرار- في التعريف «بالليالي» والكشف عن أسرارها الكامنة، حتى أمكن أن نتحدث عن هذه الحكايات باعتبارها رائعة من الروائع الأدبية التي نالت إعجاب القرّاء في العالم، وعبر التاريخ، وما تزال كذلك إلى اليوم. ولن نستغرب بعد الآن إذا سمعنا مكسيم غوركي يقول:” إنّ حكايات شهرزاد هي أضخم أثر من الآثار الرائعة للأدب الشعبي غير المدوّن”.([29])

هذا ما يمكن قوله عن الرحلة التي قطعتها هذه الحكايات؛ فبعد أن عانت الكثير بين رافض لها، ومكفّر لقارئها، ومسفّه لمضامينها في الشرق والغرب.. أثبتت جدارتها بأن تكون فصلا من كتاب الروائع المُدوّن بقلم الإنسانية. غير أنّ هذا الارتقاء إلى مصاف الروائع العالمية لم يكن ليتمَّ لولا أنها- كما سلفت الإشارة- استطاعت تكسير كلّ الحدود الجغرافية، بل تمكّنت خلخلة الأعراف الأدبية المتعارف عليها في نظرية الأنواع([30]).. مما يدعونا إلى وضع اليد على بعض الآليات التي حققت للنص عالميته، قبل أن نعرض لبعض مظاهر الروعة(*) في «الليالي».

  • الدخول في دائرة العالمية:

من المصطلحات التي استأثرت باهتمام الدّارس الأدبي في عصرنا الراهن مصطلح: عالمية الأدب الذي أصبح يتردّد بشكل واسع في الساحة الأدبية. ورغم التباين الحاصل بين الدّارسين في تناوله، فإنّ مجمل الدراسات المندرجة في هذا السياق، تُجمِع على القول إنّ المؤلف أو الإنتاج الذي يمكن أن يُنعت بأنه عالمي، ينبغي أن تتوافر فيه سمات عامة تشترك فيها جميع الآداب الإنسانية، أو على الأقل تتفق على جودتها.

ومن أبرز الذين ألفوا في هذا الموضوع الباحثة الفرنسية باسكال كازانوفا pascale casanova، التي تُحاول- في كتابها الهام “الجمهورية العالمية للآداب“- طرح تصوُّر جديد لمبحث عالمية الأدب، من خلال رسم ملامح جمهورية عالمية للآداب، تقوم على مركزية أوربية ولها عاصمة هي باريس([31]). وقد تطرّقت كازانوفا إلى عدد من المباحث، حاولت من خلالها تحديد مقاييس معيّنة ومعايير مُحددة، على أساسها يتمُّ ضبط شكل النصوص التي تُكتب ويجري تداوُلها في العالم.

وفي المبحث الخاص بـ آليات تكريس الأدب العالمي – وهو المبحث الذي يهمُّنا- تصف كازانوفا كيف يجري تصنيع العالمية في العالم الحديث وفق آليات جديدة، وهي آليات توافر أهمها لليالي فحققت عالميتها، وأمكننا –بذلك- الحديث عن أحقيتها في دخول سجل الآداب العالمية المنتمية لجمهورية كازانوفا؛ فهذه الباحثة تتحدث عن أربع آليات هي:

  • الترجمة.

  • التكريس في إحدى العواصم العالمية للأدب .

  • النقد الأدبي.

  • الجوائز.[32]

ويهمنا في هذا السياق أن نتوقف عند الآلية الأخيرة (الجوائز) لنسجّل ملاحظتين:

  • الأولى أنّ «الليالي» نصّ قديم يرجع إلى القرون الوسطى، والحديث عن الجوائز وليد عصرنا الحاضر.

  • والثانية أنّ كتاب ألف ليلة وليلة لا ينسب إلى مُؤلف بعينه، بل هو عُصارة تجارب عدة من صميم المجتمعات الشرقية.  

أما الآليات الثلاثة الأخرى، فهي حاضرة بقوة في تاريخ «الليالي»، وسنحاول الوقوف عند كلٍّ واحدة منها:

  • الترجمة:

 تعد الترجمة المدخل الرئيس للمجال الأدبي العالمي، والترجمة إلى لغة كبرى من لغات العواصم المركزية – كما تؤكد كازانوفا- تُعدّ نوعا من التكريس للعمل الأدبي. ولقد كان للترجمات المتعدّدة التي حظيت بها «الليالي» إلى لغات مثل الفرنسية والإنجليزية والألمانية والصينية واليابانية… صدى بالغ الأثر في إكسابها هذه المكانة المرموقة بين الآداب العالمية.

ولعلّه من المفيد في هذا السياق، إيراد ملاحظة هامة للدكتور محسن جاسم الموسوي حول نوعية الترجمات التي كانت سائدة في أوروبا خلال القرنين 18 و19، وهي ملاحظة تؤكد حقيقة وقوع المجتمع الأوربي، بكلّ شرائحه، في حبائل شهرزاد السحرية، حيث يقول:” ولم يقتصر الرّواج على (الترجمات) الدَّارجة أو الأنيقة المتوجِّهة إلى الموسرين، إذ ظهرت طبعات خاصة بمُسافري القطارات… كما ظهرت نسخة limbird التي توجّهت إلى القرّاء الفقراء في عامي 1827 و1832…”([33])

ولعلّ ما يؤكد سحر «الليالي» وتجاوبها مع المتلقين بمختلف أصنافهم “ظهور طبعات مصوّرة عديدة، وأخرى ضمن (سلاسل الجيب) وطبعات لحكايات مستقلّة، وأخرى اختيرت بهدف تعليمي أو وعظي، وكان أن ظهرت «الليالي» بعد هذا الشيوع في قائمة john Lubbock المشهورة حول أحسن الكتب المائة.”([34])

  • التكريس في إحدى العواصم العالمية للأدب:

إنّ الذيوع الكبير الذي عرفته «الليالي» في فرنسا وإنجلترا على الخصوص، يحمل أكثر من عربون تقدير واعتراف بأحقيتها في دخول دائرة العالمية، ولا أدلّ على ذلك من الطبعات التي لا تعدّ ولا تُحصى، والتي أغرقت مكتبات لندن وباريس تلبية للطلب المتزايد من لدن النقّاد والمهتمين.

  • اهتمام النقد بهـا:

لا يخفى على الدّارس مدى التجاوب الذي لقيته هذه الحكايات، وبخاصة من قبل النقاد الغربيين، وقد استمرّ هذا الاهتمام منذ دخول النُّسخ الأولى للكتاب في القرن السَّابع عشر أو قبله بقليل. وأسهمت كلّ الدراسات التي تناولت «الليالي» في إغناء رصيدها كنتاج أدبي قابل للدِّراسة والنقد من جهة، وكنصّ عالمي ينال ناقده بتثمينه قدرا من الاحترام والتقدير لعمله من جهة أخرى.

وتمكن أهمية هذا الزخم من الدراسات التي انكبّت على «الليالي»، بالدرجة الأولى، في إمكانية تجاوز كلّ التثمينات غير الموفّقة إلى الكشف عن عناصر الفن والجمال فيها. كما أنّ ذيوع «الليالي» – في نظر لي هانت- دليل على حركة التمرّد المعاكسة للاتّباعية (الجديدة)، التي تزعّمها الإبداعيون (الرومانسيون)([35])، فكانت «الليالي» بذلك نصّا من النصوص الفاعلة في تحوير الذوق النقدي لتلك الفترة. ويأتي قول جورج هنري لوس- الذي ينعت «الليالي» بـ إلياذة الشرق– معززا لما قُلناه، فـ”من خلال الخمسين عاماً الأخيرة، بقي عدد قليل من البشر ممن يدّعون تذوّق القراءة، دون أن يقرأوا هذه المجلدات الممتعة”([36]). على حد تعبيره.

  • مظاهر الروعة في الليالي:

  • الليالي مصدر للإلهام:

 ممّا لايختلف حوله اثنان أنّ (ألف ليلة وليلة) هي عبارة تتردّد على مسامعنا في كل وقت وحين، والدارس الفطن يُدرك لا محالة أنّ حكايات ألف ليلة وليلة التي شغلت الناس لمدّة لا تقلّ عن أحد عشر قرنا، هي الحكاياتُ نفسها التي لا تزال إلى يومنا هذا تثري المكتبات العربية والغربية، وتُغري القرّاء في الشرق والغرب. فمردّ هذا الاطّراد في توظيف العبارة هو ذلك الوقع السحري لليالي في صنف محدّد من قرائها، وهو صنف القرّاء- المبدعين الّذين “اقتبسوا منها قصصا وروايات ومسرحيات، واستلهموا منها قطعا موسيقية رائعة”([37])؛ فكانت مصدرا للإبداع والتخييل وكسرت الحدود بين الأجناس الأدبية بل وحتى بين الفنون. إن هذه الحكايات- فيما يرى د محسن جاسم الموسوي- تبدو للروائي والناقد الأدبي المتخصص ينابيع الفن القصصي، وتمتلك مواصفات ومزايا لا بدّ أن يراجعها باستمرار قبل أن يواجه مشكلة الكتابة.”([38])

ثم إن الاستلهام قد يتجاوز حدود المباشرة في التوظيف، إلى الرمز والإيحاء من خلال توظيف بعض أسماء الشخوص الفاعلة داخل الحكايات، كتوظيف إسم السندباد – مثلا- للدلالة على معاني التيه والضياع وعدم الاستقرار…إلخ. وهذا كله يرشف من معين «الليالي» الذي لا ينضب.

  • التفاعل النصي:

من مظاهر الروعة التي تضطلع بها حكايات ألف ليلة وليلة، ما سماه سعيد يقطين بـ التفاعل النصي([39])، أو ما عبرت عنه كازانوفا- في كتابها السالف الذكر- بـ”الوحدة الزخرفية في البساط” Le motif dans le tapis([40]). وكلٌّ من الدَّارسَيْن يتفق على أن قيمة النص تتحقق، من خلال قَبوله التفاعل مع نصوص من جنسه؛ أي أن التفاعل يكون خارجيا بين النصوص الكبرى. ومقاربة ألف ليلة وليلة من هذا المنظور، يظهر أن التفاعل النصي في «الليالي» هو تفاعل مزدوج يتراوح بين:

  • تفاعل خارجـي: بين «الليالي» (وهي النص الأكبر)، وبين عدد من النصوص المنتمية إلى جنس الحكاية الشعبية من جهة، وبينها وبين نصوص مستلهمة منها أو نصوص أخرى تنتمي إلى أجناس مختلفة من جهة ثانية.

  • تفاعل داخلي: وهو من المظاهر التناصية التي يمكن القول إنّ «الليالي» تتفرد بها عن غيرها من النصوص. والمقصود بالتفاعل الدّاخلي تفاعل (النصوص الصغرى) فيما بينها، وترابطها، بشكل لا يكاد يُشعر القارئ بالانتقال من حكاية إلى أخرى، بالرُّغم من اختلاف مضامين هذه الحكايات. فصوتُ شهرزاد حاضر في كل الحكايات، وحرصُها على إثارة وتشويق الملك- حفاظا على بقائها- ينعكس على القارئ باعتباره متلقيا – من الدرجة الثانية- للخطاب، مما يخلق تفاعلا عجيبا بين الحكايات مجتمعة، ويضعنا أمام نصّ متناسق وبناءٍ بالغ الدقّة والإتقان، بحيث لا يمكن الحديث عن نصٍّ من هذه النصوص الصغرى، إلاّ في علاقته بالنصوص الأخرى، باعتبارها وحدات زخرفية تتمازج فيما بينها لتُشكِّل البساط الضام لها، وهو: العمل الأدبي (أي: ألف ليلة وليلة). كما أن هذه الأخيرة- باعتبارها نصا عالميا- تُشكِّل وحدة من الوحدات الزخرفية المُكوِّنة للبساط الضام لمختلف الروائع العالمية وهي: المشهد العالمي للأدب، الذي يُعتبر- في نظر كازانوفا- شرطا أساسيا لوجود العمل الأدبي نفسه؛ فهي ترى أنَّ “الأعمال الأدبية لا تظهر في تفرّدها إلاّ اعتبارا من مجمل الهيكل الذي سمح بظهورها، فكلّ كتاب كتب في العالم وتمّ الإعلان عنه بوصفه أدبيا هو جزء ضخم من الخليط الضخم للأدب العالمي بأسره”([41]).

  • خاتمة:

حرصت هذه المقالة على تقديم تتبّع كرونولوجي مقارن، عمل الباحث من خلاله على رصد مظاهر تلقّي كتاب ألف ليلة وليلة بين الشرق والغرب، وتحديد المعايير التي كانت تتحكّم في هذا التلقي أو ذاك وتؤدّي -من ثمّ- إلى إصدار أحكام تحطّ من قيمة العمل حينا وترفع من شأنه حينا آخر.

ولقد وجد الباحث في ثنائية النص واللاّنص –المنحدرة من حقل الدراسات الثقافية (سيميوطيقا الثقافة)- آلية مسعفة لاستعراض ومناقشة أبرز المحطّات القرائية، التي طبعت «الليالي» بطابع أثّر في مسارها وحدّد ملامحها… وهكذا لاحظنا أنّ المدرسة النقدية التقليدية – ممثّلة تارة بالاتّجاه اللّغوي الأصولي الذي هيمن على النّقد العربي المعاصر لظهور «الليالي»، وتارة بالكلاسيكية الجديدية التي ملأت الحياة الثقافية والأدبية لأوروبا القرن 18…- حكمت على كتاب ألف ليلة بالتهميش والإقصاء ولم تعترف بنصيته فأُدرِج ضمن ما اصطلح عليه بـ “اللانص”، بل ووقفت في الكثير من الأحيان موقفَ عداء نقدي من هذه الحكايات التي أخذت تستأثر بالألباب وتنتشر انتشارا لا قِبَلَ لصُنَّاعِ القرار الأدبي به، خصوصا بعدما عرفت طريقها إلى الجمهور الأوروبي بوساطة الترجمات العديدة إلى معظم اللغات الأوروبية. ولعلّ العامل الأخير قد شكّل نقطة تحوّل جذرية في مسار «الليالي»، استطاعت أن ترتفع من خلاله إلى مصاف الكتب الأكثر تأثيرا في القراء على صعيد العالم أجمع.

هذا الطابع العالمي الذي أخذ يميّز «الليالي»، دعانا إلى:

  • استحضار الأطروحة المميّزة التي ضمّنتها الناقدة الفرنسية باسكال كازانوفا كتابها الهامّ: “الجمهورية العالمية للآداب”، والتي مكّنتنا من الكشف عن مظاهر عالمية كتاب ألف ليلة.

  • اعتبار كتاب ألف ليلة رائعة من الروائع العالمية، توافر لها من الشروط الجمالية والنصية ما جعلها تمتلك خصُوصية فريدة؛ باعتبارها مجالا لتفاعلات وتشعّبات واستطرادات نصية تجعلها نصّا متفرّدا من حيث النوع. وكذا من حيث كونها مصدرا من مصادر الإلهام استطاع –بإمكانات خارقة- أن يستفز قرائح المبدعين في مختلف صنوف الفنّ شرقا وغربا، ممّا خلق نصوصا موازية تدخل في حوارية لانهائية مع النصّ الأصل/ الأمّ.

  


مراجع البحث

  • ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم)- لسان العرب– دار صادر/ 2003.

  • الشويلي (داوود سلمان) – ألف ليلة وليلة وسحر السردية العربية– منشورات اتّحاد كتّاب العرب/ 2000.

  • المسكيني (أمّ الزين بنشيخة) – الفنّ يخرج عن طوره (أو مفهوم الرائع في الجماليات المعاصرة من كانط إلى دريدا)- جداول للنشر والتوزيع- بيروت- لبنان- ط:1/ 2011.

  • الموسوي (محسن جاسم) – ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنجليزي– منشورات مركز الإنماء القومي- ط:2/ 1986.

  • بورخيس (لويس خورخي) – مترجمو ألف ليلة وليلة– ترجمة: محمد أبو العطا- مجلة فصول- المجلد:13- العدد:2/ صيف 1994.

  • تودوروف (تزفتان) – مدخل إلى الأدب العجائبي– ترجمة: الصديق بوعلام- دار الكلام- الرباط- ط:1/ 1993.

  • حنفي (حسن) – قراءة النصّ– ضمن: الهرمينوطيقا والتأويل (مؤلف جماعي)- منشورات ألف (مجلة البلاغة المقارنة)- الدار البيضاء- ط:2/ 1993.

  • سليكي (خالد) – التراث بين مفهومي القراءة والخطاب– مجلة فكر ونقد-عدد:89/ 2007.

  • شبيل (عبد العزيز) – نظرية الأجناس الأدبية في التراث النثري: جدلية الحضور والغياب– نشر دار محمد علي الحامي- ط1- 2001

  • شريفي (عبد الواحد) – أنطوان جالان وألف ليلة وليلة– مجلة الآداب الأجنبية- ع:98/ ربيع 1999.

  • طلبة (منى محمد) – عالمية الأدب من منظور معاصر– مجلة عالم الفكر-عدد2-مجلد33/ أكتوبر-ديسمبر2004.

  • قاسم (قاسم عبده) بين الأدب والتاريخ– دار الفكر للدراسات والنشر- القاهرة- باريس/ 1986.

  • كازانوفا (باسكال)- الجمهورية العالمية للآداب– ترجمة: أمل الصبان- المجلس الأعلى للثقافة- القاهرة- ط:1/ 2002.

  • كيليطو (عبد الفتاح) – المقامات: السرد والأنساق الثقافية– ترجمة: عبد الكبير الشرقاوي- دار توبقال للنشر- ط1/ 1993.

  • كيليطو (عبد الفتاح) – العين والإبرة: دراسة في ألف ليلة وليلة– ترجمة: مصطفى النحال- نشر الفنك- 1996.

  • لوتمان (يوري) وآخرون- نظريات حول الدراسة السيميوطيقية للثقافات (مطبقة على النصوص السلافية)- ترجمة: نصر حامد أـبو زيد- ضمن: مدخل إلى السيميوطيقا، الجزء الثاني، إشراف: سيزا قاسم- نصر حامد أبو زيد، منشورات عيون، طبعة ثانية/ 1987.

  • لوليدي (يونس) –ألف ليلية وليلة بين حضارتين– مجلة الفيصل-عدد236-السنة 20/ يونيو-يوليوز1996.

  • لوليدي (يونس) – المسرح والمدينة: من مسرحة التراث إلى مسرحة المقدّس– إصدارات أمنية للإبداع والتواصل الفني والأدبي-مطبعة سيدي مومن- الدار البيضاء- ط:1/ 2002.

  • لوليدي (يونس) – لذّة الحكي في ألف ليلية وليلة– مجلة الفيصل-العدد 384-السنة 24/ مايو-يونيو2001.

  • يقطين (سعيد) – الكلام والخبر: مقدّمة للسرد العربي– المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء- بيروت- ط:1/ 1997.

  • يقطين (سعيد) – السرد العربي: مفاهيم وتجليات– دار رؤية للنشر والتوزيع- القاهرة- ط:1/ 2006.

  • ____________

[1]- هذا التمييز سبق إليه رواد الدراسات الثقافية في الغرب وتحديدا سيميوطيقا الثقافة التي يعتبر يوري لوتمان رائدها الأبرز. يقول لوتمان في هذا الصدد: «لا تعدّ نصوصا كلّ الأقوال التي لا تنسب لها الثقافة قيمة ومعنى (ولا تحفظها مثلا) من منظورها الخاص» (ينظر: مدخل إلى السيميوطيقا، الجزء الثاني، إشراف: سيزا قاسم- نصر حامد أبو زيد، منشورات عيون، طبعة ثانية، (1987). وتحديدا المقالة الموسومة بـنظريات حول الدراسات السيميوطيقية للثقافات، ص:166).

– سعيد يقطين- الكلام والخبر- المركز الثقافي العربي- ط:1- 1997/ص:55.[2]

-المرجع السابق/ص:58.[3]

*-يبدو أن عبد الفتاح كيليطو كان سباقا إلى مثل هذه الملاحظات (أنظر بهذا الصدد كتابه الأدب والغرابة دراسات بنيوية في الأدب العربي، دار توبقال للنشر، ط 3- 2006/ ص:16 وما بعدها)، وكذا كتابه “المقامات” يقول في الكتاب الأخير- وذلك بعدما صرّح بتبنيه لمفهوم النص كما نجده عند يوري لوتمان- “النص الأدبي محتاج إلى قوائم يعتمد عليها كي يروج ويُتقبل. في غياب القوائم أو القيد الذي يربطه بسند معترف به صراحة، يخرج النص عن مجال الأدب ويدخل في صنف اللاّنصوص (وذلك ما حدث لألف ليلة وليلة)…” (المقامات السرد والأنساق الثقافية، ترجمة: عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال للنشر، ط 1- 1993/ص:60-61).

-يونس لوليدي-.الف ليلية وليلة بين حضارتين:مجلة الفيصل-عدد236-السنة 20-يونيو/يوليوز-1996/ص35. [4]

-سعيد يقطين- مرجع مذكور/ص:68.[5]

[6]- ورد هذا في مقال لمحمد عبدو، نشر عام: 1881 بجريدة الوقاائع المصرية تحت عنوان: “الكتب العلمية وغيرها” (أنظر:سعيد يقطين- الكلام والخبر/ص:67).

 [7]- يونس لوليدي- المسرح والمدينة:من مسرحة التراث إلى مسرحة المقدّس-إصدارات أمنية للإبداع والتواصل الفني والأدبي-مطبعة سيدي مومن- ط:1-2002/ص:9.

[8]- المرجع نفسه والصفحة نفسها.

[9]- نقلا عن سعيد يقطين- مرجع مذكور/ص:59.

[10]- ينظر: عبد الواحد شريفي- أنطوان جالان وألف ليلة وليلة- مجلة الآداب الأجنبية- ع:98- ربيع 1999/ص:145.

[11]- يونس لوليدي- ألف ليلية وليلة بين حضارتين/ص:36.      

[12]- رغم أنّنا نعثر في المقالة الشهيرة التي كتبها بورخيس عن مترجمي ألف ليلة على التصريح التالي: “ترجمة غالان -حرفيا- هي أسوؤها جميعا وأشدّها كذبا وضعفا، بيد أنّها أكثر ترجمة قرئت!!؟” (لويس خورخي بورخيس- مترجمو ألف ليلة وليلة- ترجمة: محمد أبو العطا- مجلة فصول- المجلد:13- العدد:2- صيف 1994/ص:310).

[13]- عبد الواحد شريفي- أنطوان جالان وألف ليلة وليلة/ص:145.

[14]- ومن أهمّها ترجمة: مردروس Mardrus الفرنسي، وترجمة: ريتشارد بيرتون  Sir Richard Burtonالإنجليزي، وترجمة: إينو ليتمان Enno Littmann الألماني…( ينظر: لويس خورخي بورخيس- المرجع السابق/ ص:309 وما بعدها). 

[15]- وقد كانوا يمثلون آنذاك “النخبة” أو “جماعة الضغط”- حسب اصطلاح د حسن حنفي.(أنظر مقاله قراءة النصّ، ضمن: الهرمينوطيقا والتأويل (مؤلف جماعي)- منشورات ألف (مجلة البلاغة المقارنة)- الدار البيضاء- ط:2/1993).

-محسن جاسم الموسوي- ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنجليزي- منشورات مركز الإنماء القومي- ط:2-1986/ص:26.[16]

-سعيد يقطين- الكلام والخبر/ص:67[17]

– ينظر محسن جاسم الموسوي- المرجع السابق/ص:45.[18]

*- تبرز المفارقة العجيبة –كما يعبّر د. يقطين- في كون ما اعتٌبر مهمّشا ومغيّبا هو كذلك فقط عند أقوام رفضوا التسليم به والاعتراف بقيمته. لكنّه، وهنا موضع العجب، يحظى بمكانة خاصة ومتفرّدة لدى منتجيه ومتقبّليه. بل إنّهم يعاملون الإنتاج المقابل بالازدراء نفسه، وينظرون إليه بالنظرة عينها. الشيء الذي يبيّن لنا بجلاء نسبية نظرة هؤلاء وأولائك إلى هذا الإنتاج أوذاك. [سعيد يقطين، السرد العربي، مفاهيم وتجليات، الصادر في (ط 1)، دار رؤية للنشر والتوزيع، (2006)، ص 39].

– ينظر: يونس لوليدي- ألف ليلية وليلة بين حضارتين/ص40. [19]

[20]- وفي هذا الصدد يرى الباحث خالد سليكي، أنّ التحقيق ليس “عملية بسيطة، بل هي خطوة ضرورية في التشييد العلمي للتراث. كما ]أنه[ يساعد على إعطاء صورة حقيقية عن النصوص القديمة، ويقوم بـ”غربلتها” من الشوائب التي علقت بها، سواء كانت تحريفا أو حذفا.(ينظر مقاله الذي نشر بمجلة فكر ونقد، تحت عنوان: التراث بين مفهومي القراءة والخطاب- ع:89- 2007 /ص:93).

[21]- سعيد يقطين- الكلام والخبر/ص:48.

– قاسم عبده قاسم- بين الأدب والتاريخ- دار الفكر للدراسات والنشر، القاهرة- باريس-1986/ص:152.[22]

– محسن جاسم الموسوي- ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنجليزي/ص:18. [23]

[24]- داوود سلمان الشويلي- ألف ليلة وليلة وسحر السردية العربية- منشورات اتّحاد كتّاب العرب- 2000/ص:84

– تزفتان تودوروف- مدخل إلى الأدب العجائبي/ص:27.[25]

– نفسه/ص:28.[26]

– محسن جاسم الموسوي- ألف ليلة وليلة في نظرية الأدب الإنجليزي/ص:18.[27]

[28]– يجيب عبد الفتاح كيليطو عن السؤال: من ذا الذي ابتكر الحكايات التي ترويها شهرزاد؟ كالتالي: “هذا السؤال لا فائدة منه وغير وجيه، إذ يمليه فضول غريب عن كتاب الليالي الذي لا يهتم سوى بعملية الرواية. لا يتم الحديث في أية لحظة عن أصل الحكايات، كأنّها دائما معروفة ومروية. إنّها تروى فقط ولا تبتكر، إذ هي موجودة دوما، بل لقد كانت موجودة على الدوام، متدلية مثل فواكه يانعة من شجرة أزلية، يكفي أن يمدّ المرء يده لقطفها” (عبد الفتاح كيليطو العين والإبرة: دراسة في ألف ليلة وليلة- ترجمة مصطفى النحال- نشر الفنك-1996/ ص:17).

– نقلا عن: يونس لوليدي- لذّة الحكي في ألف ليلية وليلة- مجلة الفيصل-العدد 384-السنة 24-مايو- يونيو/ص:60.  [29]

[30]- “كل رائعة حقيقية تخرق قانون جنس مقرّر زارعة بذلك البلبلة في أذهان النقاد الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى توسيع الجنس” (بينيديتو كروتشه- نقلا عن: عبد العزيز شبيل- نظرية الأجناس الأدبية في التراث النثري- نشر دار محمد علي الحامي- ط1- 2001/ ص:24).

* يعثر الباحث عن الجذر:”روع” في معجم “لسان العرب” على معنيي الحسن والجمال؛ “…قال الليث: كل شيء يروعك منه جمال وكثرة تقول راعني فهو رائع… قال الأزهري: وقالوا: راعه أمر كذا أي: بلغ الروع روعه. وقال غيره: راعني الشيء أعجبني، والأروع من الرجال: الذي يعجبك حسنه. والرائع من الجمال: الذي يعجب روع من رآه فيسره. والروعة: المسحة من الجمال.. .”.(ابن منظور- لسان العرب- دار صادر/ 2003-الجزء السادس (حرف الراء)). أمّا من الناحية الاصطلاحية فتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الباحثة أمّ الزين بنشيخة المسكيني ارتأت استخدام مصطلح “الرائع” نظيرا لغويا عربيا لما اصطلح عليه في اليونانية القديمة ((peri hupsous، وفي اللاّتينية (sublimis)، وفي اللغة الفرنسية (sublime)، وذلك –حسبما تقول الباحثة- من أجل فتح اللغة العربية على ميدان جمالي على راهنية قصوى بالنسبة إلى الفكر الحديث والمعاصر، منذ كانط وصولا إلى ليوتار. وعبّرت في المقابل عن رفضها الترجمة السائدة للمصطلح بمفهوم “الجليل”، ومفهوم “السامي”… (ينظر: أمّ الزين بنشيخة المسكيني- الفنّ يخرج عن طوره (أو مفهوم الرائع في الجماليات المعاصرة من كانط إلى دريدا)- جداول للنشر والتوزيع- بيروت- لبنان- ط:1-2011 /ص:10-11).    

[31]– ينظر منى محمد طلبة- عامية الأدب من منظور معاصر- مجلة عالم الفكر/عدد2/مجلد33/أكتوبر-ديسمبر2004/ص:159 وما بعدها.

– نفسه/ص:182.[32]

– محسن جاسم الموسوي- المرجع السابق/ص:64.[33]

-نفسه/الصفحة نفسها.[34]

-نفسه /ص:71.[35]

– محسن جاسم الموسوي– المرجع السابق/ص:63.[36]

[37]-يونس لوليدي-ألف ليلة وليلة بين حضارتين/ص:41.

– محسن جاسم الموسوي– المرجع السابق/ص:219.[38]

– سعيد يقطين- المرجع السابق/ص:50.[39]

[40]- وهي عبارة مستوحاة من كتاب لـ “هنري جيمس” Henry James يحمل العنوان نفسه. (ينظر: باسكال كازانوفا-  الجمهورية العالمية للآداب- ترجمة: أمل الصبان- المجلس الأعلى للثقافة- القاهرة-  ط:1/ 2002/ صص:9-10).        

– باسكال كازانوفا- المرجع السابق/ص:11.[41]

________
*باحث في النقد الأدبي المعاصر/أستاذ اللغة العربية بسلك الثانوي التأهيلي/جهة الدار البيضاء- سطاتالمغرب.
**مجلة الرافد الإماراتية عدد 193- سبتمبر 2013– ص20

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *