رُبْعُ الَقَرْنِ

خاص- ثقافات

محيي الدين  كانون *

 وقفَ مَعَها لحظةً يبثُّها لواعجَ نفْسِه مِنْ فَرْطِ الحُبّ… مَرَّ رُبْعُ قرنٍ، واكتشفِ أن حُبَّه لهَا، كَلَّفَهُ مَخْدوميةً ثقيلةً وأبناءاً عَاقِين . تَركَ البيْتَ ووقفَ عِنْدَ نَاصيةِ الرَّصيفِ المُقابلِ للبيْتِ، وأخذَ يصْرخُ ويَلعَنُ لحظةَ لواعجِهِ مُنْذُ رُبْعِ قرنٍ في هِسْتيريا حَتّى استنفذَ كُلَّ قِواهُ، وسَقَطَ مُغْشِياً عَليهِ فَوْقَ الرّصيفِ، تسَمّر جارٌ لهُ، كانَ قَريباً مِنْ المَشْهِد، وأَسرعَ بِنقْلهِ إلى أقْربِ مُسْتشْفَى. كانتْ السيَّارةُ  تُزَمْجر مُتهَالِكةً طُولَ الطّريقِ في وجْهِ السيّاراتِ والمارّةِ….  الوجُوهُ تَتَلفت ولا تَعْبأ، والرّقَابُ تنْتَنِي بيْنمَا كانتْ السيّاراتُ أرتالاً تتحرك ببطء  كسُّلحْفاةٍ، في صَفِ طويلٍ لا تتنحْى جَانِباً، ولا تُفْسحُ الطَّريقَ، وبِشَقْ الأنُّفُسِ أدْخَلَوه إلى المُستشْفَى. في اليومِ التَالي نُقِلَ جُثْمانُه إلى مقبرةٍ  قريبةٍ  مِنْ بيْتِهِ.

*   كاتب و أديب من ليبيا .

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *