أريد زوجة

*د. ابتهال عيدالعزيز الخطيب

 
«رباه، ومن منا لا يريد زوجة» هكذا تختم جودي بريدي مقالها الشهير I want a wife أو «أريد زوجة» والذي كتبته في سنة 1971 مصحوباً بزوبعة من ردود الفعل على العنوان الصادم قبل الفحوى الثقيل.
وبريدي لها تجربة مشابهة لتجارب معظم النساء، تذكر منها بعض الشيء في مقالها الشهير. تقول بريدي (نقلاً حراً وليس ترجمة حرفية عن المقال)، أنا أيضاً أريد زوجة، ولم لا أريدها؟ أريد زوجة تعمل بينما أنا أنهي دراستي، أريد زوجة تعتني بالأطفال وتهتم بمواعيد أطبتهم ومواعيد أطبتي أنا كذلك، أريد زوجة تهتم بطعام أطفالي وتحافظ على نظافتهم وتهتم بدراستهم وتنظر في أمر حياتهم الاجتماعية وتنزههم، أريد زوجة تعتني بالأطفال وهم مرضى، ترتب جدولها بحيث تكون موجودة متى ما احتاج الأطفال لاهتمامها. أريد زوجة ترتب وقتها فلا تفقد عملها ولا تهمل بيتها.
أريد زوجة تهتم بمتطلباتي الجسدية، تنظف بيتي، تنظف من بعد أولادي ومن بعدي كذلك، أريد زوجة تعتني بنظافة ملابسي وكيها وشراء الجديد منها متى ما احتجت، أريد زوجة تحافظ على أغراضي الشخصية وعلى وجود تلك الأغراض في المكان المخصص لها، أريد زوجة تتبضع احتياجات البيت، تطبخ الوجبة وتحسن طبخها ثم تنظف بعد تقديمها بينما أنا أراجع كتبي، أريد زوجة تعتني بي في مرضي، زوجة لا تشتكي من واجباتها وأعمال بيتها، أريد زوجة تحسن الاستماع عندما أود الحديث، أريد زوجة ترتب كل أمور حياتي الاجتماعية، تحضر لأي عزومة قد أدعو أصدقائي لها، فتعتني بطلباتهم وتخدمهم بعد أن تكون قد رتبت أمور الأطفال بعيداً عنا تفادياً لإزعاجنا، أريد زوجة تتفهم أنني أحياناً أحتاج لنزهات فردية دونها، أريد زوجة عالية الإحساس تجاه متطلباتي الجسدية، زوجة تكون متحمسة لمعاشرتي متى وكيفما أردت، أريد زوجة لا تضغط علي برغباتها الجسدية، أريد زوجة تتحمل هي مسؤولية منع الحمل في حال عدم رغبتي بالأطفال، أريد زوجة تبقى مخلصة لي جسدياً، أريد زوجة تتفهم أن رغباتي أحياناً تتعدى العلاقات الأحادية، أريد زوجة تتفهم حريتي في استبدالها متى ما شئت إنْ وجدت من هي أفضل منها، أريد زوجة حين أنفصل عنها تتحمل هي مسؤولية الأطفال لتترك لي حريتي، أريد زوجة حين أكون أنا مستعداً للعمل، تبقى هي في البيت لتعتني به وبالأولاد وبكل واجباتها الأخرى. والآن، السؤال أكرره أنا مع بريدي، من منا لا يريد زوجة؟
ورغم كل ذلك ومع ذلك، تبقى المرأة ناقصة عقل ودين، عاطفية تتحكم بها مشاعرها قبل عقلها، ضعيفة الإرادة، قليلة العلم، تدفع بها هرموناتها، هذه الهرمونات التي صنعت رجالاً يقفون على أقدامهم يتبجحون بذكوريتهم، لعاطفية التصرف. كل المتطلبات المذكورة أعلاه تطلب من هذا المخلوق العاطفي المتهور، تطلب من إنسان يتهمه المجتمع وتصفه القراءة الدينية بأنه ناقص في عقله ودينه، إنسان يرث النصف لأنه غيرمسؤول مادياً، و»يشهد بالنصف» لأنه غير مؤهل عقلياً وعاطفياً، ويتزوج «الربع» لأنه غير محتاج جسدياً، فأي تناقض نعيش وأي نفاق نشكل به حياتنا؟

هو حل من اثنين، إما أن تثبتوا المسؤوليات المذكورة على عاتق المرأة وتعترفون بها في الوقت ذاته سيدة عليكم وتاجا على رؤوس مجتمعاتكم والحاكمة في أموركم بكل عقلها ومنطقها العظيمين، وإما أن تعفوها من كل المتطلبات السابقة فتخدمونها بعيونكم بأحقية نقصها وضعفها وعاطفيتها، أما الجمع بين «نواقصها» وكل واجباتها، فهذه، عقلانياً وبشهادة شيوخ المنطق، لا تجوز.
_____
*القدس العربي

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *