شومان تستضيف “فن الرواية: إبداعات عربية/ ندوة البوكر” في عمّان ( فيديو )



*نيرمينة الرفاعي


خاص ( ثقافات ) 
استضاف منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي في عمّان، الاثنين الموافق 25/7/2016، الروائية الفلسطينية سحر خليفة، والناقد الأستاذ الجامعي العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم، والروائي إبراهيم نصرالله في جلسة بعنوان “فن الرواية : إبداعات عربية/ الندوة – الأردن”.

والجلسة هي جزء من فعاليات ورشة إبداع “الندوة- الأردن”، والتي تقام لأول مرّة خارج أبو ظبي وتشرف عليها “الجائزة العالمية للرواية العربية” بالشراكة مع “مؤسسة عبدالحميد شومان”، بمشاركة خمسة كتّاب من الأردن، وخمسة من الكتّاب العرب. 
وتحدثت فلورا مونتانارو منسقة الجائزة العالمية للرواية العربية عن أهداف الورشة التي تتمثل في صقل المواهب ومناقشة القضايا التي تخصّ الإبداع وفن الرواية تحديدًا.
ثم أجاب الناقد الدكتور عبدالله إبراهيم الحوار عن السؤال:”هل الكتابة إلهام أم حرفة” مؤكدا أن الكتابة هي فعل إنساني يستلزم من صاحبه الالتزام بالمواعيد والشروط والمعايير، ولذلك يجب تنظيم وصياغة المهارات والمواهب كي يستطيع الكاتب الانخراط ضمن الماراثون أو النهر الجارف للكتابة.
أما سحر خليفة فقد أكّدت أنَّ الكتابة هي مزيج من الموهبة والاحتراف، إذ أنَّه لا فائدة من الموهبة إن لم يراع الكاتب شكل الرواية وأساسيات اللغة من تفقير وتنقيط وسلامة لغوية وإملائية. وقال ابراهيم نصر الله أن الموهبة لا تُصقل إلا بالتدريب، مثلها مثل الصوت وتدريبه على الغناء مثلًا. وأضاف بأنَّ الشغف هو أساس الكتابة ويعمل كمحرك أساسي لا قيمة للموهبة أو التدريب من دونه.
انتقل الحوار بعدها إلى مناقشة لماذا نقرأ الرواية في الأساس، وقال عبدالله إبراهيم حينها إن هناك مجموعة من التقنيات التي يجب استخدامها وإلّا تحوّلت الرواية إلى مجموعة يوميات أو خواطر. وقال إن الأساس هو خلق رواية متماسكة يتواصل القارئ معها، ثم أعطى مجموعة من النصائح القيّمة والتي تتمثل في ألّا يستطرد الكاتب حيث لا ينبغي وألّا يختصر حيث لا ينبغي. ونصح الكتّاب بأن ينزعوا من شخصياتهم كلّ الشخصيات الثانوية التي لا تخدم محور الرواية، وأن يبذلوا جهدًا حقيقيًا في بناء أفعال سردية رشيقة وواضحة، وأن يبتعدوا عن الإنشاء والغموض والإبهام.

أمّا نصرالله فقد أشار إلى أنَّ على الرواية أن تمنح القارئ رؤية جديدة للعالم، وأنَّ مقتل أي عمل روائي يكون على يد فقدانها للعبرة أو الرؤية.
انتقلت خليفة لاحقًا للحديث عن الأدب النسوي واستهلّت حديثها مؤكدة أن السباقين في الأدب النسوي كانوا رجالًا في البداية، وطرحت مثالا؛ نجيب محفوظ حيث تحدّث عن شخصية “أمينة” في كتابه “بين القصرين”، وقالت إن كثيرين أكدّوا أن نجيب محفوظ كتب الدور بعيون امرأة.

ثم تحدثت عن تجربتها الشخصية ورنّت نبرة فخر جميلة في صوتها وهي تؤكد أنّها حالما وضعت قدمها على درب الأدب الجاد، فإنها تناولت قضايا السياسة والوطن والمجتمع بمنظور نسوي خالص.
ثم انتقل الحوار إلى الدكتور عبدالله ابراهيم الذي تكلّم عن كتابه “السرد النسوي”، وفرّق بين كتابة النساء والكتابة النسوية، واستطرد قائلًا إنَّ الكتابة النسوية تتأدى عن وعي نسوي مقصود هو نتاج وعي واضح انتزعته المرأة خلال نضالها من أجل حقوقها. وركزّ على أن الكتابة لتكون نسوية فإن عليها أن تحمل رؤية أنثوية للعالم، وأن تحتفي بالهوية الأنثوية للمرأة، كما أنَّ عليها أن تنقد جذريًا النظام الأبوي المنتج للرؤية الذكورية المتسلطة.

تكلّم ابراهيم نصر الله لاحقًا عن الفرق بين جنون الواقع وجنون الفن الروائي، وشدّد على اهمية أن تضيف الرواية إلى الواقع شيئًا وأن تتجاوز حدود السطح والمظهر بحيث يتلقفها القارئ قائلًا لنفسه:”لم أكن أعلم ذلك”!
وفي السؤال الذي طُرح عن المواضيع غير المطروحة في الروايات العربية، فقد تمنّت خليفة أن تجد كتبًا في مجال العلم والخيال العلمي والفضاء. أمّا عبدالله فقد قال بأن مواضيع الحياة لا تنتهي وإنما يختلف شكل وطريقة عرضها من كاتب لآخر، وافتقد خلال حديثه وجود الروايات العربية البوليسية. ووافقه نصر الله بدعابة أن الرواية البوليسية تنتهي ما أن يتم الإمساك بالمجرم، ثم تابع نصرالله الحوار الشيّق طارحًا موضوع الكتابة عن الماضي وتاريخ البلدان، لافتا أن الحديث عن التاريخ هو قضية محورية بالنسبة للشعب الفلسطيني، فالعودة إلى الماضي هو لنفي الكذبة التي قيلت مرّة على لسان نائب أمريكي بأنَّ الشعب الفلسطيني هو “شعب مخترع”. ولذلك حرص على الحفاظ على الأزمنة الثلاثة،الماضي والحاضر والمستقبل، في رواياته.
وتكلّمت الكاتبة والروائية شهلا العجيلي التي كانت من ضمن الضيوف عن تجربتها السابقة في الورشة المماثلة التي أقيمت عام 2014 وقالت إنها تستخدم البخوّر والصابون الذي جلبته معها حينها من أجل أن تذكّرها الروائح بحماسها خلال الورشة التي أنجزت خلالها فصلًا ونصف من روايتها “سماء قريبة من بيتنا” والتي كانت ضمن القائمة المرشحة لجائزة البوكر العربية لهذا العام.
قدّم بعدها المشاركون في الورشة لهذه السنة شهاداتهم، وقالوا إن الاعتزال في مدينة البتراء لمدّة سبعة أيام كان تجربة رائعة للإلهام وتبادل الخبرات والغوص في عوالم الإبداع والكتابة.
طرح الحضور أسئلة على الضيوف في نهاية الجلسة، حيث أجاب الروائيون عليها جميعها رغم ضيق الوقت وكثافة الأسئلة وزخمها، وبينما ظهرت نظرة تدّل على الرغبة في الاستطراد في عيون خليفة لسؤال أحد الحضور عن مدى الرضا عن الرواية لدى القارئ فقد بادر عبدالله في التفريق بين القارئ العادي الذي يتوقع أن يقول الكاتب شيئًا فإن لم يقله أصابه الإحباط وعدم الرضا، وبين القارئ المثالي الذي يبحث وينقد ويقرأ في مواضيع مقصودة ليحصل على أكبر قدر من الأجوبة.
ثم تكلمّت خليفة عن إشكالية استخدام اللغات العامية أو المحكية من ضمن السرد الروائي، وقالت إن بعض الشخصيات تستلزم استخدام العامية وذلك لإقناع القارئ بشخصيتها التي تتمثل في كونها شخصية شعبية أو غير متعلمة، وأكدّت على ضرورة عدم الإفراط في العامية بل وفلترة المصطلحات بحيث تصل إلى أكبر شريحة عربية ممكنة دون لبس.
كما تحدّث نصرالله عن تنقله بين كتابة الشعر والرواية، وقال إنه عمد إلى كتابة الرواية لا لرغبة في كتابتها، بل لأنَّه ببساطة لم يستطع ألّا يكتبها! وغاص في الحديث عن تجربته في كتابة رواية “براري الحمى” التي لم يستطع إلّا أن ينشرها لأنّه كان سيبقى مريضًا بها، على حدّ وصفه.
واختتمت الجلسة باجتماع الروائيين على ضرورة أن تكون الرواية مقنعة للقارئ كي يستطيع بناء تواصل سليم معها بحيث تضيف إلى معلوماته وخبراته وأحاسيسه وتفجّر لديه المزيد من الأسئلة التي تقوده إلى البحث عن إجابات، يرافق كلّ ذلك المتعة التي هي الأساس في تذوق العمل الروائي.

شاهد أيضاً

الأديبة ليلى الأطرش في حوار مع الصحفي مصطفى أمين* (بالفيديو)

حوار تلفزي مع الصحفي المصري مصطفى أمين 1914- 1997 تم اللقاء في مكتبه في أخبار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *