تدوين التفكير في الماوراء


*رسول محمّد رسول


كانت تأمُّلات الحُكماء والفلاسفة في وجود وطبائع وعلل ومبادئ للأشياء والموجودات منتشرة قبل أرسطوطاليس، خصوصاً لدى أسلافه (Predecessors) من الفلاسفة اليونانيين، ليس فقط في العالم الإغريقي، بل في عوالم أخرى غيرها تمتدُّ إلى ثقافات وحضارات سحيقة في التاريخ، إلا أنّ جُلّ تلك التأمُّلات الميتافيزيقية كانت عائمة مشتتة من دون أن تُجمع في إطار معرفي واحد أو قل في (علم) واحد كما هو المنجز المعرفي الأرسطوطاليسي، بمعنى أنها كانت متاحة عفوياً ولا رابط نظريَاً يلمّها، وهو ما سعى إليه أرسطوطاليس في (محاضراته الشفاهية) التي كان يلقيها أمام أحباء الحكمة في مدرسته الفلسفية (اللوقيون) بعد عام 335 ق. م، والتي كان هدفها صياغة تلك الأفكار الميتافيزيقية التأمُّلية في منظومة معرفية فكرية نظرية تُفسِّر الوجود والعالم استناداً إلى مبادئ مخصوصة مجرَّدة من التجربة الحسية بحيث تلقي بظلالها على هذين الطرفين – الوجود والعالم – مجتمعة في بنية فلسفية متساوقة، وتؤسِّس للعلم الذي يقترحه أرسطوطاليس ككيان معرفي جديد ربما يضعه في دروب تحفظه من النسيان والضياع.
لهذا، وفي تلك المدرسة، ظهرت أول محاولة شفاهية تنظيمية لـ (المعرفة الميتافيزيقية) (Metaphysical Knowledge) على يد أرسطوطاليس، تلك المحاولة التي جمع شتاتها هذا المعلِّم الكبير في محاضراته الفريدة التي دوّنها تلامذته عن لسانه، وكشف فيها عن رؤيته الفلسفية حتى تناقلتها أجيال تلو أخرى من مؤثري ومُحبي الحكمة لتلقى، تالياً، اهتماماً علمياً بدا تاريخياً لدى أحد أتباعه الخلَّص ألا هو (أندرونيقوس الرودسي)، الذي جمع محاضرات أرسطوطاليس، وأخذ يشرع بتبويبها وتصنيفها وعنونتها بغية نشرها تحت مسمى (Ta Meta Ta Phusika)، وهي العبارة العنوانية التي عرّبها حرفياً يحيى بن عدي في القرن الرابع الهجري إلى (مطا طافوسيقا)، بل وترجمها إلى (ما بعد الطبيعيات)؛ يحيى بن عدي الذي عاش الفترة بين 280 حتى 364 هجرية، ولتتواصل، تالياً، تأمُّلات القرّاء وطلاب المعرفة الفلسفية الأرسطوطاليسية فيها، تلك التأمُّلات التفسيرية التي سعت إلى تعريف دلالة هذا العنوان بالاستناد إلى متن نصوص أرسطوطاليس نفسها.
وبذلك، يكون (أندرونيقوس) قد أخرج الأفكار الميتافيزيقية الأرسطوطاليسية من وجودها الصوتي كمحاضرات مدوَّنة شفاهياً محدودة التداول أو ذات تداول نخبوي أو تدريسي وما أشبه، إلى وجودها الكتابي كنصوص منشورة للتداول العام بين الناس. فكيف تمَّ ذلك؟ وكيف تسنّى لأرسطوطاليس بناء تلك التأمُّلات الميتافيزيقية اليونانية في صيغة معرفة نظرية منظَّمة يوحِّدها (علم) (Science) مأمول أو مقترح؟ ومن ثمَّ: ما هي الميتافيزيقا كعلم؟ وبالتالي: ما عصب البحث فيها بحسب منظور أرسطوطاليس؟
(1) ولادة المصطلح:
ظهر مصطلح (ميتافيزيقا) في (روما) خلال الحقبة اليونانية المتأخرة التي توصف بالعصر الهلينستي (قبل الميلاد)، وذلك عندما تبلورت لدى (أندرونيقوس الرودسي)، أحد رؤساء (المدرسة المشائية) في ذلك العصر، الرؤية بعزم معرفي نابض المسؤولية لتبويب وتصنيف ونشر تراث أرسطوطاليس الفلسفي حتى يكون متاحاً للقراء وطلاب الحكمة الفلسفية في ذلك الوقت.
كان الهدف الاستراتيجي من تلك التجربة تدوين وحفظ محاضرات أرسطوطاليس، لكنّ وجهاً آخر لتجربة أندرونيقوس بدا أكثر إشراقاً بحيث صار يمثل فعلاً معرفياً تاريخياً نتج عنه ظهور مصطلح (Ta Meta Ta Phusika)([1])، الذي تم اختزله إلى مصطلح (Metaphysics)([2])، الذي استحال أمر تعريبه إلى (ميتافيزيقا) أو ترجمته إلى العربية بـ (ما بعد الطبيعة)، وهي ترجمة عربية إسلامية باكرة تعود إلى أحد عقود القرن الثاني الهجري في أقصى تقدير.
في يوم هادئ تسنّى لأندرونيقوس الرودسي أن يُصنِّف محاضرات أرسطوطاليس، فنظر أمامه والمدوَّنات الأرسطوطاليسية تقبع على مكتبه، ووضع الكراسات الخاصَّة بدراسة المنطق (المنطقيات)، وتالياً الكراسات الخاصَّة بدراسة (الحيوان)، ومن ثم الكراسات الخاصَّة بـ (الأخلاق والسياسية)، وبـ (الخطابة والشعر)، ومن ثم وضع الكراسات الخاصَّة بدراسة الطبيعة (الطبيعيات).
وفي غضون تلك اللحظات المعرفية النادرة العطاء، وجد (أندرونيقوس) مجموعة أخرى من الكراريس يصل عددها إلى أربع عشرة، تلك التي لا تبحث في المنطقيات، ولا في الأخلاقيات، ولا في الطبيعيات، ولا في السياسة، ولا في الكون والسماء، ولا في بقية العلوم الأخرى التي حاضرَ فيها أرسطوطاليس، فاحتار (أندرونيقوس) في أمرها، وظلَّ يقرأها ويُعيد قراءتها مراراً حتى استقر الرأي عنده بأن يضع لها اسماً تصنيفي الطابع هو (Ta Meta Ta Phusika)، كونها لا تبحثُ في مسائل المحسوس والملموس، إنما تتجاوزهما إلى ما بعدهما أو إلى ما وراءهما من (وجود) (The Being)، أي تبحث عن الوجود في العلل الأولى، وفي الجواهر، وفي المادّة أو الهيولى والصورة، وفي الحركة، وفي القوة والفعل، وفي المحرِّك الذي لا يتحرَّك أو (الله)، فضلاً عن مفاهيم مصطلحية أخرى ذات صلة جوهرية بحقل معرفي ظل يبحث عن عنوان مركزي يتداوله طلاب الحكمة الفلسفية.
لقد أفضت تلك (الواقعة)؛ واقعة جمع وتبويب وتصنيف وشرح ونشر محاضرات أرسطوطاليس من جانب (أندرونيقوس)، إلى ولادة مصطلح (Ta Meta Ta Phusika)، ذلك المصطلح التركيبي الذي صال وجال في الآفاق الفلسفية لدى شرّاح المتن الأرسطوطاليسي والفلاسفة من أتباعه، بل حتى من نقّاده ومخالفيه، إلى يومنا هذا من دون أن يشتقه أو يستخدمه أرسطوطاليس نفسه في كل محاضراته، لكنّه بث دلالته في تلك المباحث الأربعة عشر. وهذا يؤكِّد ما يلي:
(أ) الفلاسفة اليونانيون الذين ظهروا قبل (واقعة) تبويب وتصنيف وشرح ونشر محاضرات أرسطوطاليس، لم يستخدموا الملفوظ المركَّب (Ta Meta Ta Phusika) كدال لمعنى مضموني تبحثه المقالات التي تؤلِّف هذه الكراريس.
(ب) أندرونيقوس الرودسي (توفي نحو 63 ق. م) هو أول شارح لمتون أرسطوطاليس الفلسفية يمدُّ الصلة بين (دلالة) مفاهيم ومسائل وقضايا ونظريات كرّاسات ما بعد الطبيعيات، و(دال) ملفوظي نتج عنه (مدلول) يتضمنه مصطلح (تا – ميتا – تا – فيزيكا) (Ta Meta Ta Phusika) من دون الإشارة إلى أي من العبارات الواردة في متن الكراريس التي سوَّغت له اصطفاء هذه التسمية، ولذلك كانت تلك (الصلة) شكلية تعليمية وليست مضمونية اجتهادية لأنها تدفَّقت من باعث تصنيفي؛ فمضامين أبحاث أرسطوطاليس لا تمتّ بعلاقة مضمونية إلى مدلول مصطلح (Ta Meta Ta Phusika) إنما علاقة شكلية تراتبية فقط، بمعنى أنّ مصادفة التسمية هي التي قادت إلى إلصاق هذا الملفوظ العنواني (Ta Meta Ta Phusika) على (غلاف) المدوَّنات التي جاءت إلى تصنيفها بعد مباحث الطبيعيات، ولا أدري لماذا لم يتخير (أندرونيقوس) مصطلحات أخرى وردت في المتن الأرسطوطاليسي الكرّاسي نفسه، كما سنرى ذلك لاحقاً، لتكون عنواناً خاصاً بهذه المنقولات الشفاهية التي تحوَّلت إلى كتاب (ما بعد الطبيعة) مثل: مصطلح (الفلسفة الأولى)، ومصطلح (العلم الأول)، ومصطلح (الحكمة)، ومصطلح (دراسة الوجود بما هو وجود)، ومصطلح (العلم الإلهي)؟
(ج) في تلك المحاضرات المدوَّنة، التي حملت عنوان (Ta Meta Ta Phusika) (ما بعد الطبيعة)، ظهر أرسطوطاليس على درجة عالية من الوعي الأبستمولوجي عندما استخدم فيها مصطلح (الفلسفة الأولى) (prōtē philosophia) = (First philosophy)، وكذلك مصطلح (العلم الأول) (prōtē epistēmē) = (First science)، فضلاً عن مصطلح (الحكمة) (Sophia) = (Wisdom)، حتى عُدَّت، تلك المصطلحات، حبلى بمدلولات تتطابق إلى حدٍّ كبير مع مدلول مصطلح (Ta Meta Ta Phusika) الذي اشتقه (أندرونيقوس) في لحظة معرفية نادرة الوجود ليتم اختزاله، تالياً، إلى مصطلح (Metaphysics) الذي نستخدمه حالياً في دراساتنا وأبحاثنا الفلسفية الحديثة والمعاصرة.

(2) دال ودلالة:
منذ ذلك التاريخ، ومنذ تلك (الواقعة المعرفية) باهرة العطاء، ظلَّ تلامذة المدرسة الأرسطوطاليسية أو (المشائية) يبحثون عن تعريف لمصطلح (Ta Meta Ta Phusika) من خلال العودة إلى محاضرات/ مدوَّنات أستاذهم أرسطوطاليس التي نشرها (أندرونيقوس) في ذلك الوقت، والتي أصبحت متداولة فيما بينهم، وتحديداً يعودون إلى متن الكتاب (Ta Meta Ta Phusika) لغرض استكشاف ما يقصدهُ أرسطوطاليس نفسه بمباحث ما بعد الطبيعة.
في هذا السياق، استمرَّت (المدرسة المشائية) وفية لأستاذها الكبير أرسطوطاليس بعد الميلاد، وكان (الإسكندر الأفروديسي)، وهو أحد مشائي مدرسة الإسكندرية الأرسطوطاليسية، ومن الباعثين لتلك الفلسفة بين الناس، كان شارحاً بارعاً لنصوص أستاذه الفلسفية، ومنها نص هذا الكتاب الذي أصبح مطبوعاً ومتداولاً بين عباد الله، فأخذ يمدُّ الصلة بين دلالات أبحاث أستاذه تلك للظفر بمدلول تعريفي للدال/ المصطلح (Ta Meta Ta Phusika)، حتى وجد إمكانية تعريفه بـ “البحث في الوجود بما هو وجود”، وهو التعريف التأسيسي الذي ظلَّ متداولاً في أي كلام عن مدلول أرسطوطاليسي لمصطلح (Metaphysics) في شكله الراهن، خصوصاً أنّ أرسطوطاليس نفسه كان يريد من مصطلح (وجود) أن يكون محورياً في فلسفته الميتافيزيقية، رغم أنه ذكر مصطلحات أخرى دالة، مثل مصطلح (الفلسفة الأولى)، ومصطلح (العلم الأول)، ومصطلح (الحكمة)، ومصطلح (العلم الإلهي) بحسب ترجمات العرب له.
كانت محاولة (الإسكندر الأفروديسي) التعريفية محطة علمية رائعة، بل ونُقلة تاريخية نادرة وضعت المعرفة الميتافيزيقية على دروب آمنة كونها عادت إلى متن أرسطوطاليس الفلسفي ذاته في أبحاث ما بعد الطبيعة، وخرجت بتعريف للميتافيزيقا يستند إلى معانٍ أرسطوطاليسية أصيلة ضمَّتها (المقالة الرابعة) من مقالات الكتاب، والمعنونة بـ (مقالة الجما) (Book Gamma)، تلك المقالة التي أكَّد فيها أرسطوطاليس وجود علم “يبحث في الوجود بما هو وجود”، وهو وصف تعريفي أرسطوطاليسي أصيل له.
(3) وظيفة الفيلسوف:
في محاضراته التي ضمَّها كتابه (ما بعد الطبيعة) أو (الميتافيزيقا)، وجد أرسطوطاليس نفسه بإزاء مَهمة معرفية كبيرة لا بدَّ للفيلسوف من مسك زمامها؛ فالفلاسفة معنيون بتوليد العلوم وبناء أطرها النَّظرية من خلال عملهم الفكري وتأمُّلاتهم النَّظرية في الوجود والموجود معاً. وفي (المقالة الرابعة) من مقالات (ما بعد الطبيعة)، والموسومة بـ (مقالة الجما)، نلقى (الفيلسوف) يضطلع بأربع مهام جوهرية في عمله بحسب أرسطوطاليس؛ هي:
أولاً: أنْ يكون “قادراً على البحث في جميع الأشياء”([3]). وذلك نطاق للدور المركزي العام للفيلسوف، وهو الدور/ المهمة التي درج عليها الفلاسفة الإغريق في منحاهم الفكري والتأمُّلي الموسوعي قبله أيضاً.
ثانياً: الهدف العام من ذلك هو أن “يبحث الفيلسوف عن الحقيقة”([4])، حقيقة جميع الأشياء كونه الإنسان الذي كرَّسته الحياة لمهمة من هذا النوع بفضل قدراته الذهنية النظرية (Epistêmê) التي تتطلَّع إلى العلو من دون كلل.
ثالثاً: ومن بين تلك الأشياء التي يجب على الفيلسوف الاضطلاع بالبحث فيها هي مبادئ الجواهر وعللها، ولذلك قال أرسطوطاليس: “على الفيلسوف أن يسعى في طلب مبادئ الجواهر وعللها”([5])، بعد أن أمضى ردحاً من حياته متأمِّلاً في الأشياء والموجودات المادّية التي يعيش بينها.
رابعاً: ليس هذا فقط؛ فهناك ما هو أعمّ من الجواهر وعللها؛ هناك (الوجود بما هو وجود)، مسكن الحقيقة الذي يتوجَّب على الفيلسوف أن يشدّ من عزيمته للدخول إلى مسكنه والحلول عليه ضيفاً ناعم السرائر؛ فهناك “خصائص معينة للوجود بما هو وجود هي التي ينبغي على الفيلسوف أن يبحث عن الحقيقة”([6]) فيها، كما درج على ذلك نفر متألق من الفلاسفة اليونانيين قبل أرسطوطاليس.
هكذا ينتقل (الفيلسوف) في (مَهامه التأمُّلية) من (النَّظر) في جميع الأشياء والموجودات (بحثاً) عن حقيقة الجواهر والعلل فيها، إلى تحقيق غاية همّها الوصول إلى خصائص (الوجود كوجود) (being qua being)، وتلك الاهتمامات/ المهام تمثل مظاهر عدَّة لوظيفة (الفيلسوف الميتافيزيقي) بحسب المنظور الأرسطوطاليسي الذي لم يجعل نموذج هذا الفيلسوف يغتني بالنَّظر والبحث عن خصائص الوجود بما هو وجود فحسب، بل أيضاً البحث المخصوص في إمكانية بناء المعرفة في نموذجها الميتافيزيقي كـ (علم) قائم برأسه، وهو البحث الذي أقبل عليه أرسطوطاليس نفسه في كتاب (Ta Meta Ta Phusika) على نحو جديد في حينه.
(4) بناء المعرفة الميتافيزيقية:
كان ذلك ما يطمح إليه أرسطوطاليس استناداً إلى معطيات فلسفية قال بها فلاسفة يونانيون سابقون عليه، تلك المعطيات التي كان أرسطوطاليس وفياً بإعادة تنظيمها والاشتغال المعرفي على مساراتها كمادَّة فلسفية حقَّق من خلالها طموحه في بناء نظام معرفي (علم) يدرس (الوجود بما هو وجود) بعد أن توافر على سؤال مركزي طرحه على نفسه بداية: ما هو الوجود؟ وتالياً: ما هو الوجود كوجود؟
(أ) إشكاليات الميتافيزيقا:
إنّ بناء أي نظام معرفي في صيغة (علم) يتطلَّب مراجعة لجملة من المسائل والموضوعات والمفاهيم، بل والإشكاليات المعرفية ذات الصلة بالحقل المعرفي موضوع التأسيس (الميتافيزيقا)، وذلك بالفعل ما أقبل عليه أرسطوطاليس في (مقالة البيتا)؛ المقالة الثالثة من مقالات كتابه (Ta Meta Ta Phusika)، عندما وضع على مائدة النقاش نحو أربع أو خمس عشرة إشكالية نظرية (Aporiai) ترتبط ببنية المعرفة الميتافيزيقية المراد تنظيمها في علم مُرتجى لأن يأخذ طريقه بين علوم أخرى، فأجاب عنها بروح الفيلسوف المقتدر بوعي معرفي نابض العطاء، خصوصاً عندما قال: “لا بدَّ لنا، منذ البداية، أن نحصي أولاً، من زاوية العلم الذي ندرسه، المسائل أو الموضوعات التي ينبغي أن نناقشها، وينطوي ذلك على ذكر الآراء التي قال بها البعض بصدد مسائل معينة، وأية مسائل أخرى إلى جانبها، ربما يكون قد تم إغفالها”([7]). أمّا المسائل التي عرضها أرسطوطاليس بصيغة أسئلة، وراح يجيب عنها على نحو حجاجي، فهي: (1) هل البحث عن العلل ينسب إلى علم واحد أم إلى علوم عدَّة؟ (2) هل يبحث هذا العلم في المبادئ الأولى للجوهر فحسب أم أنّه يبحث أيضاً في المبادئ التي يقيم جميع الناس براهينهم على أساسها؟ (3) هل هناك علم واحد يدرس الجواهر أم أكثر؟ (4) هل توجد جواهر محسوسة أم توجد جواهر أخرى؟ (5) هل بحثنا يتعلَّق بالجواهر فقط أم بخصائص الجواهر؟ (6) هل علينا أن نناقش ما إذا كان الشيء له ضد واحد باستمرار؟ (7) ما إذا كانت مبادئ الأشياء وعناصرها هي الفئات (الأجناس) والأجزاء (الأفراد) الحاضرة في كل شيء، والتي يمكن أن ينقسم إليها؟ (8) فيما إذا كانت هذه الفئات – الأجناس – التي تحمل على الإفراد أو على الفئات؟ (9) هل هناك، إلى جانب المادَّة، أي شيء يُسمى (السبب في ذاته) أم لا، فيما إذا كان يمكن لمثل هذا السبب أن يوجد بمعزل عن الشيء العيني؟؟ (10) فيما إذا كانت المبادئ محدودة من حيث العدد أو من حيث النوع، وكذلك من حيث الصيغ؟ (11) فيما إذا كانت مبادئ الأشياء التي تفنى أو تفسد أو مبادئ الأشياء التي لا تفنى أو التي لا تفسد متشابهة أم مختلفة؟ (12) هل الوحدة والوجود ليستا خاصيتين كما ذهب الفيثاغوريين وأفلاطون لشيء آخر سوى جوهر الأشياء الموجودة؟ (13) عمّا إذا كانت المبادئ (كليّات) أم أنها أشبه بالأشياء الفردية؟ (14) فيما إذا كانت تلك المبادئ موجودة بالقوة أم بالفعل، وأكثر من ذلك؛ ما إذا كانت بالقوة أو بالفعل بمعنى آخر غير الذي يشير إلى الحركة لأنّ هذه المسائل أيضاً تمثل صعوبة كبيرة؟ (15) فيما إذا كانت الأعداد والأطوال، و(الخطوط) والأشكال، والنقاط أنواعاً من الجوهر أم لا، وفيما إذا كانت جواهر فهل هي تنفصل عن الأشياء الحسية أم أنها موجودة فيها؟
تبدو هذه الأسئلة جوهرية لأي شخص يريد بناء أفكار ما ذات خصائص نظرية في حقل معرفي معيَّن. ولهذا، انتهى أرسطوطاليس إلى إجابات محدَّدة المعنى لكل الأسئلة التي طرحها؛ لكنّها إجابات حجاجية جاءت على أعتاب أفكار فلسفية صدح بها فلاسفة سابقون عليه، وهذا جزء من المنهجية التاريخية التي يتميز بها هذا الفيلسوف (أرسطوطاليس) الذي أبدى وفاء لتاريخ الفلسفة اليونانية كما فعل أستاذه أفلاطون (427 – 347 ق. م) عندما جعل من معلِّمه سقراط (469 – 399 ق.م) شخصية محورية في أغلب (محاوراته) الفلسفية التي وصلتنا.
والمهم هنا، أنّ (مقالة البيتا) هذه “تبين وحدة كتاب الميتافيزيقا”، كما يقول الفيلسوف المصري يوسف كرم([8])، كونها فتحت للبحث الميتافيزيقي عدة آفاق مُهمة عندما دخلت إلى صميم الأفكار والمفاهيم والمسائل والنظريات والإشكاليات التي يمكن أن تناقشها أية محاولة منظَّمة لبناء معرفة ميتافزيقية في علم جديد، فاستحقت، وعن جدارة، أن تكون المفتاح الذهبي لبناء المعرفة الميتافيزيقية في علم نظري يشاء له أن يكون إلى جانب بقية العلوم الأخرى التي نضَّد أرسطوطاليس كيانها المعرفي.
(ب) العلوم النَّظرية:
في المقالة الأولى من مقالات (ما بعد الطبيعة) أو (الميتافيزيقا) أكَّد أرسطوطاليس على أنّ العلوم النَّظرية أعلى من العلوم العملية، وقدَّم في ذلك مجموعة من التوضيحات، هي: أولاً: “إنّ العلم بالعلّة وبالكُلي أعلى من العلم بالواقع فقط؛ لأنّ صاحبه يعلم بقوة جميع الجزئيات المندرجة تحت الكُلي، والكُلي يتفاوت فتتفاوت مراتب العلوم”. ثانياً: “الذي يعلِّم العلّة أقدر على التعليم؛ وتتفاوت هذه القدرة أيضاً بتفاوت العلم بالعلّة”. ثالثاً: “معنى العلم أكثر تحقُّقاً في طلب العلم لذاته لا لأية منفعة كانت، فإنّ العجب هو الذي يدفع الناس إلى الهرب من الجهل، أي إلى طلب العلم، وهذه الخاصية أكثر تحقُّقاً في الجزء النَّظري من الفلسفة”. رابعاً: “أعلى العلوم النَّظرية (الحكمة) للاعتبارات عينها، هي علم يدرس الوجود بما هو وجود ومحمولاته الجوهرية، بينما سائر العلوم يقتطع كل منها جزءاً من الوجود ويبحث في محمولات هذا الجزء فقط”([9]).
يبدو جلياً هنا أنّ أرسطوطاليس يريد أن ينأى بـ (العلم) الذي يريد تأسيسه وهو (الحكمة) (ما بعد الطبيعة)؛ ينأى به عن الموجودات الطبيعية أو الموجودات الحسية لكون هذا (العلم) الوليد يُعنى بالعلل والمبادئ الأولى. ولهذا أخذ في (المقالة الرابعة) من كتابه، والموسومة بـ (مقالة الجما)، يفصِّل القول في ذلك، ويقترح وجود (فلسفة أولى) تمهِّد لدراسة الوجود بما هو وجود فيقول: “هناك أجزاء متعدِّدة من الفلسفة بتعدُّد أنواع الجوهر، ومن ثم فلا بدَّ أن يكون بينها بالضرورة فلسفة أولى، ثم فلسفة تتبعها، لأنّ الوجود ينقسم في الحال إلى أجناس، يقابلها أيضاً علوم تدرس هذه الأجناس”([10]).
إنّ تعدُّد الفلسفات بتعدُّد الجواهر التي تدرسها قد ينصرف إلى جواهر الأشياء الجزئية، أمّا ما هو ثابت من الجواهر فله خصائصه بأن يكون قبلياً وكليّاً حتى يكسب الانضواء تحت راية الفلسفة الأولى: “إذا كانت الجواهر ثابتة، فالعلم الخاص بذلك إنما يجب أن يكون قبلياً، وأن يكون فلسفة أولى، وبتلك الطريقة يكون كليّاً لأنه كذلك”([11]).
أخيراً، نجد أرسطوطاليس يدافع عن قيمة ومنزلة العلم الذي يدرس الحكمة، والتي تدرس، بدورها، الوجود بما هو وجود، وكذلك تدرس العلل الأولى والفلسفة الأولى، فهو علم يتمتع بالجدوى والمنزلة الراقية رغم أنه من العلوم النَّظرية التي لا تأتي بالمنفعة الشخصية لمن يشتغل بها.
(5) دلالتا الميتافيزيقا:
يفترض أرسطوطاليس وجود علم أراد له أن يتخصَّص بالمعرفة الميتافيزيقية عامة وبدراسة الوجود بما هو وجود على نحو خاص، ولذلك أسهب في نصوص مستلة من مقالات كتابه (ما بعد الطبيعة) بتحديد معانيه ودلالاته وما يدرسه، فقال بضرورة وجود “علم واحد قادر على تفسير التصوُّرات”([12]). وأضاف: “هناك علم واحد مهمته دراسة جميع الأشياء أو الوجود من حيث هو وجود Being qua being كون العلم في كل مكان يُعنى أساساً بدراسة ما هو أولي، وما تعتمد عليه الأشياء الأخرى، وما بفضلها تكتسب أسماءها، ولو كان ذلك هو الجوهر، فإنّ على الفيلسوف أن يسعى في طلب مبادئ الجواهر وعللها”([13]).
وفي إطار (علم الحكمة) و(الفلسفة الأولى)، توصَّل أرسطوطاليس إلى أنّ ما يدرسه هذا (العلم) هو البحث “في الوجود بما هو وجود، ويعرض للخصائص التي تنتمي إلى الموجود من حيث طبيعته ذاتها. ليس هذا العلم واحداً من تلك العلوم التي يُقال عنها إنها جزئية، فليس علماً من العلوم الجزئية ذلك الذي يدرس الوجود بما هو وجود بصفة عامّة؛ إنّ العلوم الجزئية تقتطع جزءاً من الوجود وتدرس أعراض هذا الجزء؛ فهذا مثلاً ما تفعله العلوم الرياضية. وما دمنا نسعى إلى دراسة المبادئ الأولى والعلل القصوى، فمن الواضح أنه لا بدَّ أن يكون هناك شيء تنتمي إليه هذه بطبيعتها. وإذا كان أسلافنا الأوائل الذين بحثوا عن عناصر الأشياء الموجودة كانوا يبحثون عن هذه المبادئ نفسها؛ فمن الضروري أن تكون العناصر؛ عناصر الوجود، لا بالعَرَض بل أنْ تكون هي الوجود، ولذلك ينبغي علينا أن نبحث عن العلل الأولى للوجود بما هو وجود”([14]).
في ضوء ذلك، لا بدَّ لـ (الفيلسوف الميتافيزيقي) من الاضطلاع وفق مهارة عالية باستجلاء حقيقة الوجود كوجود؛ ذلك أنّ “وظيفة الفيلسوف هي أن يكون قادراً على البحث في جميع الأشياء، فمن ينتمي إلى هذا العلم عليه أنْ يبحث، وفي الآن نفسه، ماهية هذه التصوُّرات وخصائصها”([15])، بل عليه أيضأً أن يكون حاذقاً في البحث عن خصائص الوجود بما هو وجود وعن خصائص الوحدة بوصفها وحدة، لأنّ في ذلك الطريق السعيد إلى الحقيقة، فمن “كان موضوعه الوجود بما هو وجود لا بدَّ أن يكون قادراً على أن يخبرنا بأعظم المبادئ يقيناً عن جميع الأشياء، وهذا هو الفيلسوف”([16])، الذي يتخذ من “علم واحد يقوم بفحص الوجود بما هو وجود”([17]) سبيلاً لإدراك الحقيقة المبتغاة.
إنّ دراسة الوجود بما هو وجود كمطلب معرفي، لا يمثل، ومن منظور أرسطوطاليس، الغاية الوحيدة لـ (الفيلسوف الميتافيزيقي)، بل هناك غاية أخرى لا بدَّ أن يضطلع بها، تلك هي دراسة (العلم الإلهي)؛ ولهذا قال أرسطوطاليس: “العلم الذي يناسب الله أكثر من أي علم آخر هو العلم الإلهي، وكذلك أي علم يدرس الموضوعات الإلهية، ولهذا العلم وحده هاتان الصفتان معاً؛ فقد قيل إنّ الله هو من بين الأسباب جميعاً أو هو المبدأ الأول، ومثل هذا العلم إمّا أن يكون الله وحده أو أنّ الله هو فوق جميع الموضوعات الأخرى، والواقع، أنّ جميع العلوم ربما كانت أكثر ضرورة من هذا العلم لكنَّها ليست أفضل منه”([18]).
وهذا يعني، في نهاية الأمر، أنّ للميتافيزيقا دلالة خاصَّة تنصرف إلى دراسة الجوهر المفارق أو (الله) وهو العلم الإلهي، ودلالة أخرى عامة متخصِّصة بدراسة الوجود بما هو وجود([19]). وبحسب ذلك، فإنّ (الميتافيزيقا) لدى أرسطوطاليس هي علم (الحكمة) الذي يدرس الوجود بما هو وجود ومحمولاته الجوهرية، وبذلك فهي العلم الذي ينظر في “الوجود بما هو وجود، وفي الأعراض التي تنسب إليه من حيث هو وجود، ولا ينظر – هذا العلم – في الجواهر فقط، بل في أعراضها أيضاً، كما أنه ينظرُ في القبْل، وفي البعْد، وفي الأجناس، وفي الأنواع، وفي الكل والجزء، وفي أمور أخرى من هذا القبيل”([20]).

الخلاصة
كان أرسطوطاليس أول فيلسوف يضع (المعرفة الميتافيزيقية) في إطار منظِّم، كما أنه أول فيلسوف يقترح ضرورة أن تأخذ تلك المعرفة طريقها للظهور كـ (علم) (Science) متخصِّص له مفاهيمه ومسائله وقضاياه ونظرياته الخاصَّة به، فخاض هذا الفيلسوف المؤسِّس لعلم الميتافيزيقا غمار تلك التجربة بصبر وتؤدة بعد أن وجد أمامه تراثاً فلسفياً هائلاً في تنوّعه، وهو يتوسَّل العقل النَّظري أداة لمعاينة المبادئ والعلل الأولى، والحكمة، والوجود بما هو وجود، والخالق الأول والأخير لكل الموجودات، فقرأها على نحو نقدي، وأعاد تنظيمها في سياق نظري بحيث يمكن أن تصبح مادَّة معرفية لـ (علم) قادم اشترك كل من (أندرونيقوس الرودسي) و(الإسكندر الأفروديسي) في صياغة اسم له هو (الميتافيزيقا)؛ هذا العلم الذي فتح آفاق النَّظر في تاريخ الأفكار الميتافيزيقية قبل أرسطوطاليس وبعده حتى يومنا هذا.
في منظوري الخاص، أعتقد أنّ أرسطوطاليس، وهو يؤسِّس للميتافيزيقا كعلم ليس بالطبع كما نفهم مصطلح (العلم) الراهن، كان يريد التأكيد على أهمية دراسة (الوجود) بوصفه عصب المعرفة الميتافيزيقية، لا سيما أنه – أرسطوطاليس نفسه – خصَّ ذلك بنص بدا على درجة عالية من الأهمية عندما قال: “في الحقيقة أنّ السؤال الذي كان قائماً، وما زال كذلك، وسيبقى دائماً موضوع شك هو: ما هو الوجود”؟([21]).
وهنا يبدو لي أنّ (الإسكندر الأفروديسي) عندما راح يُعرِّف (الميتافيزيقا) بأنها “دراسة الوجود بما هو وجود” كان حاذقاً في إدراك حقيقة ما كان يرمي إليه أرسطوطاليس نفسه في فصول كتابه (ما بعد الطبيعة)، ولمّا كان مفهوم (الوجود) مركزي الطابع، فلم يكن هذا الفيلسوف بقادر على تخطِّي جُملة من المفاهيم الداخلة في صميم دلالة مصطلح (الوجود) نفسه، والتي يطلق عليها أعراض الوجود، وأعراض الجوهر، وكذلك مفاهيم أخرى ذات كيان مجرَّد من الناحية النَّظرية مثل مفهوم القبْل والبعْد والجنس والنوع والكل والجزء وغير ذلك من المفاهيم أو “اللواحق العامة”، كما يسيمها ابن رشد([22])، تلك اللواحق التي يستدعي فهم مصطلح (الوجود) أهمية وجودها ودورها الفاعل في وجود (الوجود) كمصطلح نظري مجرَّد عن أيّة دلالة حسية أو تجريبية “الوجود بما هو وجود”، خصوصاً أنّ أرسطوطاليس لم يفته ضمّ مفهوم (الوجود)، وكذلك مفهوم (الجوهر)، ومفاهيم اللواحق الأخرى، إلى معجمه الفلسفي الذي ضمَّته (المقالة الخامسة) من مقالات كتابه (ما بعد الطبيعة)، لأنّ غاية أرسطوطاليس تكمن في اصطحابنا دائماً إلى محاولة معرفة وجود الموجود؛ وجود الأشياء، وجود العالم، وجود الإنسان، وجود الله، بل وجود (ما بعد) معرفة كل ذلك كوجود، بمعنى آخر، إننا نجد أرسطوطاليس، وبقدر ما يدعونا إلى (بحث) أو (دراسة) الوجود بما هو موجود، نراه يدعونا أيضاً إلى تلبية الاستجابة لنداء الوجود عبْر الإصغاء إلى صوته؛ صوت الوجود الذي لا يضرُّ أي أحد من البشر، ودراسته والبحث فيه من خلال (علْم واحد) لا بدَّ أن يكون ويوجد، إلى جانب علوم فلسفية أخرى، حتى لا تبقى (المعرفة الميتافيزيقية) أسيرة التشتت والضياع في دروب معرفية غير آمنة، وتلك هي تجربة أرسطوطاليس في بناء (المعرفة الميتافيزيقية) من حيث الريادة والأصالة، ومن حيث المغامرة المعرفية الصريحة، إلا أنها تبقى تجربة تدور في فلك المطابقة؛ وما البحث في فكرة الوجود من حيث هو وجود سوى تكريس لذلك التطابق الباحث أبداً عمّا يوحّد العالم في مفهوم واحد مطلق، مفهوم (ذاته) تشبه (وجوده) فلا يسمح بأي اختلاف ممكن الوجود.
وهنا، لا بدَّ من التنويه بأنّ الغموض والخلط في المعرفة الميتافيزيقية استمدّا وجودهما من تجربة أرسطوطاليس ذاتها في بناء هذه المعرفة؛ فكتابه (ما وراء الطبيعة) خليط من الرؤى والأفكار والمفاهيم والنظريات التي تناولها فلاسفة كبار في العالم الإسلامي والعربي؛ فهذا الكندي يستخدم مصطلح (الفلسفة الأولى) تأثراً بتلك التجربة، وهو أيضاً وضع معجماً فلسفياً على غرار ما وضعه أرسطوطاليس ليس بعيداً عمّا أقبل عليه الكندي والفارابي وابن سينا وغيرهم تالياً من الفلاسفة العرب والمسلمين وكان أولهم، وقبل الكندي، جابر بن حيان الكوفي الذي فتح أفق المعرفة الميتافيزيقية بمعجميةِ ألفاظها على نحو بسيط وبما لا يخلو من اختلاف الرؤية في المعالجة الفلسفية بين كل هؤلاء الفلاسفة وأرسطوطاليس، وهو الأمر الذي يحتاج إلى دراسة مقارنة ينهض بها الباحثون المتخصصون في هذا المجال.
مسرد المراجع والهوامش
باللغة العربية:

ـ ابن رشد: تلخيص ما بعد الطبيعة، تحقيق: د. عثمان أمين، طهران، أ. أ. طيلر: المعلم الأول/ أرسطو وفلسفته المنطقية والطبيعية والما بعد طبيعية والسياسية، ترجمة: محمد حسن زكي، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1954

ـ أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، مقالة الجما، (م 4، ف 2)، ضمن كتاب: (د. إمام عبد الفتاح إمام: مدخل إلى الميتافيزيقا.. مع ترجمة للكتب الأولى الخمسة من ميتافيزيقا أرسطو، ص 315، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2005

ـ رسول محمَّد رسول: الحضور والتمركز: قراءة في العقل الميتافيزيائي الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2000

ـ كتابنا: الحضور والتمركز: قراءة في العقل الميتافيزيائي الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، سنة الطبع 2000

باللغة الأجنبية:

Aristotle, Metaphysics, translated by W. D. Ross, Oxford, 1966, (BOOK 6. Ch1).

[1]. وجد مصطلح (Ta Meta Ta Phusika) ترجمات عربية باكرة له تعود إلى القرن الثاني الهجري؛ حيث ترجمه جابر بن حيان (101/ 117 – 193/ 194 هــ) إلى (ما بعد الطبيعة)، وترجمه الكندي (185 – 260 هـ) إلى (ما بعد الطبيعة) أيضاً. انظر: (د. عبد الأمير الأعسم: المصطلح الفلسفي عند العرب، ص 179، منشورات مكتبة الفكر العربي، بغداد، 1984). أما ابن رشد فالتزم بتلك الترجمة حتى قال: “إنما سمي هذا العلم علم ما بعد الطبيعة من مرتبته في التعليم”. انظر: (ابن رشد: تلخيص ما بعد الطبيعة، تحقيق: د. عثمان أمين، ص 7، طهران، (د. ت.).

[2]. إنّ مصطلح (Metaphysics)، المستعمل حتى الآن، هو مصطلح مركَّب يعود تاريخه إلى الصياغة اليونانية القديمة (Ta Meta Ta Phusika)، والذي يمكن تحليله إلى مقطعين، هما: (Meta)، وتعني: (ما وراء)، و(ما بعد)، و(ما فوق)، و(physics)، وتعني (الطبيعة). للمزيد حول ذلك، انظر: (د. رسول محمَّد رسول: الحضور والتمركز: قراءة في العقل الميتافيزيائي الحديث، ص 20 وما بعدها، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2000).

[3]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، مقالة الجما، (م 4، ف 2)، ضمن كتاب: (د. إمام عبد الفتاح إمام: مدخل إلى الميتافيزيقا.. مع ترجمة للكتب الأولى الخمسة من ميتافيزيقا أرسطو، ص 315، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2005). ملاحظة: يعني حرف (م) المقال، ويعني حرف (ف) فصل أينما وردا في الـ (هوامش) الآتية.

[4]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الجما)، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 318).

[5]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 315).

[6]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 318).

[7]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، (م 3، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 295).

[8]. يوسف كرم: تاريخ الفلسفة اليونانية، ص 168، دار القلم، بيروت، (د.ت).

[9]. يوسف كرم: المرجع السابق نفسه، ص 170. وانظر: (أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الألفا الكبرى)، “م 1، ف 1″، و”م 1، ف 2”).

[10]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الجما)، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 295). ويبدو لي هنا أنّ هذا المقتبس النَّصي هو الذي أوحى لأندرونيقوس أن يضع تراتبية ما قبل الطبيعيات وما بعدها في تصنيف مؤلَّفات أرسطوطاليس وتحضيرها للطبع والنشر.

[11]. Aristotle, Metaphysics, translated by W. D. Ross, Oxford, 1966, (BOOK 6. Ch1).

القبلي (Prior)، و(الكلي) = (Universal)، و(الفلسفة الأولى) = (First Philosophy). يقول تيلر: “تعنى الفلسفة الأولى بالصفة العامّة بضروب وشؤون الوجود، بيد أنها تعنى، على الوجه الأخص، بهذا الضرب من الوجود الذي يخص الجواهر، لأنّ هذا هو الضرب الأول لكل شؤون الوجود”. انظر: (أ. أ. طيلر: المعلم الأول/ أرسطو وفلسفته المنطقية والطبيعية والما بعد طبيعية والسياسية، ترجمة: محمد حسن زكي، ص 65، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1954).

[12]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الألفا الكبرى)، (م 1، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 295).

[13]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، (م 1، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 315).

[14]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الجما)، (م 4، ف 1، ترجمة: د. إمام: ص 315).

[15]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 317).

[16]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، ، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 320).

[17]. أرسطوطاليس: المصدر السابق نفسه، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 318).

[18]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الألفا الكبرى)، (م 1، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 261).

[19]. عن رؤية أرسطوطاليس المزدوجة لدلالة الميتافيزيقا بوصفه علماً، انظر: (د. ماجد فخري: أرسطوطاليس، ص 95، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، ط 3، 1986). وانظر أيضاً كتابنا: (الحضور والتمركز: قراءة في العقل الميتافيزيائي الحديث، ص ص 26 – 27).

[20]. أرسطوطاليس: ما بعد الطبيعة، (مقالة الجما)، (م 4، ف 2، ترجمة: د. إمام: ص 319). (القبْل) = (Prior)، (البعْد) + (Posterior)، (الأجناس) = (Genus)، (الأنواع) = (Species)، (الكل والجزء) = (Whole and part).

[21] .Aristotle, Metaphysics; (BOOK 6. Ch1).

تجدر الإشارة إلى أنّ (المقال السادس) في كتاب أرسطوطاليس (ما بعد الطبيعة) هو المقال المعروف بـ (الزاي)، وهو لم يظهر مترجماً في كتاب (الدكتور إمام عبد الفتاح إمام) آنف الذكر.

[22]. ابن رشد: تلخيص ما بعد الطبيعة، تحقيق: د. عثمان أمين، ص 3
____________
*مؤمنون بلا حدود 

شاهد أيضاً

“تفسير الأحلام” بداية التحليل النفسي عند فرويد للكشف عن الرغبات المكبوتة

(ثقافات) “تفسير الأحلام” بداية التحليل النفسي عند فرويد للكشف عن الرغبات المكبوتة  مدني قصري في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *