مواعيد النوم


*تيم باركس/ ترجمة: أحمد شافعي


10:30 مساء الاثنين
توماس جالس على الأريكة ومعه الحاسوب المحمول، يقرأ للعمل. ماري تكلِّم صديقا عبر سكايب.
لو أنه سيقضي الليلة كلها في العمل، فربما أذهب أنا لأنام، هكذا تقرر ماري فتصعد إلى الطابق الثاني بدون أن تنطلق كلمة. يلحق بها توماس عند منتصف الليل، بينما هي نائمة في هدوء، مديرةً وجهها إلى الجدار.
10:45 مساء الثلاثاء
تقرر ماري أن كلبهما ريكي بحاجة إلى تمشية متأخرة. توماس الذي كان يتابع مباراة دوري الأبطال في غرفة اللعب القديمة يعود إلى غرفة الجلوس فيجدها خاوية. لو أنها بالخارج مع الكلب، فربما أذهب أنا لأنام، هكذا يقرر. وتلحق به ماري عند منتصف الليل، بينما هو نائم في هدوء، مديرا وجهه إلى الجدار.
11:00 مساء الأربعاء
لا يزال توماس بالخارج يلعب بلياردو مع صديقه آلَن. تنتهي ماري إلى أنها قد تذهب لتنام فتسوق كلبها ريكي صاعدة إلى سلته جنب سريرها. تقول له حينما تراه يدسّ أنفه البارد في الملاءات «نم الآن. نم يا ريكي نم». يلحق بها توماس في الـ 1:30 وهي نائمة في هدوء مديرةً وجهها إلى الجدار.
9:30 مساء الخميس
توماس وماري في غرفة الجلوس يقرآن، هو على الأريكة، وهي في مكانها إلى المائدة. هو يقرأ رواية لهاروكي موراكامي، وهي تقرأ كتابا عن تدريب الكلاب الصغيرة. على غير المعتاد، ينزل ابنهما مارك من الطابق العلوي. يقول «الجو هنا أدفأ، ويمضي فيفتح الحاسوب ليشاهد فيلما مستعينا بالسماعات. الصبي في الرابعة عشرة. يرفع توماس عينيه ويقول إنه يود هو الآخر أن يشاهد الفيلم لو لم يكن في ذلك بأس. يقول له مارك إن الفيلم لن يعجبه، ولكن توماس يقول إنه سيجربه نصف ساعة، إذا لم يكن في ذلك بأس. يقول مارك «تمام» وبنزع السماعات. توماس يسأل ماري إن كانت تحب أن تشاهد معهما الفيلم أيضا، فتقول إنه لا مكان ليشاهد ثلاثة افلام على لابتوب ابنهما. يقول مارك إن بوسعهما أن يذهبا لمشاهدة الفيلم على شاشة التلفزيون في غرفة اللعب. تقول ماري إن غرفة اللعب باردة ولا تناسب الجلوس لمشاهدة فيلم وتقرر أن تخرج لتمشية ريكي. يجد توماس الفيلم مملا، وغبيا، وعنيفا بصورة مزعجة. لطيف أن يجلس بجوار ابنه، ولكنه يستسلم في الـ 10:30، ويذهب للنوم. تلحق به ماري في الـ 11:30، وهو غير نائم، لكنه يتظاهر بالنوم، مديرا وجهه إلى الجدار.
7:30 مساء الجمعة
ماري ترتّب لقضاء أمسية خارج البيت مع أصدقائها من حديقة الكلاب. تدعو توماس إلى المجيء. تقول إنه سوف يستمتع بصحبتهم، وإنهم يتلهفون الى مقابلته. توماس ليس مقتنعا. لا يريد أن يقابل أصدقاءها من حديقة الكلاب، فالمكان ليس مكانه. يقول إنه سوف يخرج بريكي في أثناء وجودها في الحانة. تقول ماري إن ابنهما يمكن أن يصطحب هو الكلب إلى الخارج، فيكون بوسع توماس أن يأتي إلى الحانة ويقابل أصدقاءها. يكرر قوله إن المكان ليس مكانه. وانه لديه عمل ينجزه. وبينما هي في الخارج، يجري حوارا طويلا مع صديق قديم له عبر سكايب. ولكي لا يضطر إلى التظاهر بالنوم، وهو أمر مؤلم له، يذهب مبكرا إلى النوم. تلحق به ماري في الـ 11:30، ولا تبالي هل هو نائم أم مستيقظ، إذ لم يكن لديها ما يمكن أن تقوله لرجل تعتقد أن في حياته علاقة.
مساء السبت
تقول ماري إن هناك فيلما جيدا في السينما المحلية، وهي على بعد عشر دقائق بالسيارة. تسأل ماري ابنتهما سالي ـ التي رجعت من الجامعة لقضاء الإجازة الأسبوعية ـ لو أنها تحب الذهاب معها، فتقول: لا. تسأل توماس إن كان يود الذهاب. يسألها توماس عن بعض التفاصيل بخصوص الفيلم، فتخبره بها، فيقرر أنه، نعم، يريد الذهاب لمشاهدة هذا الفيلم، فيذهب توماس وماري إلى السينما ويشاهدان الفيلم الذي يحمل عنوان «لا بد أن نتكلم عن كيفن»، ويستمتع به الاثنان، بدرجة معينة، وبعد ذلك يذهبان إلى حانة فيشربا ويتكلمان لفترة طويلة عن الفيلم، وابنيهما وعلاقتهما بهما، فالفيلم في أغلبه عن الآباء والأخطاء الرهيبة التي يمكن ارتكابها مع الأبناء، وشعر الاثنان بمدى جمال حديثهما معا وكيف أن الخروج لمشاهدة الفيلم كان قرارا جيدا.
بعد رجوعهما إلى البيت، تسأل ماري مارك إن كان خرج لتمشية الكلب، فيقول مارك إنه فعل ذلك، قبل حوالي ساعتين، وماري تقول بما أنهما رجعا متأخرين أكثر مما ينبغي عن الموعد المتوقع، فهي تشعر أن الكلب ينبغي أن يخرج مرة أخرى لتمشية سريعة وتبقى مرتدية معطفها. تسأل توماس إن كان يود الخروج معها لتمشية الكلب لدقائق قليلة، ربما حول الشارع فقط، لكنه يقول إنه يفضل أن يتحقق من بريده الإلكتروني لأن هناك موضوعا عالقا مع عملاء شركته في الولايات المتحدة وهذا هو التوقيت المناسب لمستعملي البريد الإلكتروني في الولايات المتحدة قبل نهاية يوم العمل هناك، فتخرج هي وحدها. ويتصادف أنه ما من رسائل من الولايات المتحدة، فاليوم في نهاية المطاف هو السبت. يبعث توماس قليلا من الرسائل الإلكترونية الشخصية والرسائل النصية وينتنظر، متوقعا عودة ماري، لكن أربعين دقيقة تمر وهي لا تزال بالخارج. يحار توماس لكنه يقرر أنه قد يذهب لينام، ويكون نائما بالفعل حينما تتبعه زوجته، بعد نصف ساعة. «توماس؟» وتنتظر لترى إن كان يود أن يتكلما قليلا، لكنه لا يرد، ووجهه إلى الجدار، ويغط غطيطا خفيفا.
أمسيات السبت
يصطحب توماس دائما أحد الولدين أو كليهما لتناول البرجر أو حتى يذهب بهما إلى مطعم، بحسب ما يختارانه، وبما أن ابنته اليوم في البيت فإنه يصطحبهما إلى حانة تقدم البرجر. يسأل هو والولدان ماري إن كانت تحب الخروج معهم، لكنها تقول: لا، فالبرجر سبب حقيقي للبدانة. يقترح الولدان عليها في هذه الحالة أن تطلب سلاطة، لم لا؟ فتقول:إنه لا معنى للخروج ودفع نقود في سلاطة بوسعها تماما أن تعدها في البيت، فيقولان: «لنذهب إذن إلى مطعم، هندي أو ياباني» لكنها تقول: «لا، اذهبوا أنتم». لا تريد أن تخرج لتأكل، فيأخذ توماس ابنه وابنته إلى حانة تقدم البرجر، فيثرثرون ويمزحون، ويتناولون البرجر ويشربون الكوكا، بعد ذلك يقنعهما توماس بالذهاب إلى حانة أيضا، فيتسنى له الشرب ، ويتناقش الولدان في الموسيقى والأصدقاء والصديقات وكيفية تجنب البدانة مع الاستمتاع بالبرجر والكوكا، ومارك ـ الذي يصغر أخته بأربع سنوات ـ يتكلم عن هموم المدرسة، وسالي عن هموم الجامعة، ويقضون جميعا وقتا لطيفا وهم يضحكون من هذا الشخص أو ذاك من زبائن الحانة، وبالذات من شخص عالي الصوت، وفي النهاية يرجعون إلى البيت في الـ 10:30. وفي ضوء رجوعهما قبل الموعد المنتظر بساعة، يندهش توماس حين يرى أن ماري صعدت لتنام. يفتح الحاسوب ليرى بعض الرسائل، بينما يذهب الولدان إلى غرفة اللعب ليجلسا في البرد وقد وضعا على حجريهما حقيبة نوم فوقها لابتوب، وأخذا يشاهدان فيلم رعب. يبتسم حينما يسمعهما يقهقهان في الغرفة ويقرر أن يصعد لينام، وهناك يجد زوجته لم تنم بعد، ولكنها تدير وجهها إلى الجدار وهي تقرأ كتابا.
يندهش توماس. تقول ضاحكة: «تزامن النوم»، وفي صوتها شيء من التحدي. يقول توماس: «معجزة» ويخلع ثيابه حتى لا يبقى مرتديا غير ثيابه الداخلية. متكئة على وسائدة، تواصل القراءة في نور المصباح المجاور للسرير. يستلقي توماس على جنبه، ووجهه إليها، مشاهدا. هناك توتر في الجو. يشعر توماس أن زوجته جميلة. تشعر بثقل نظراته عليها. يسألها أخيرا «كيف يمكنك الاستمرار في قراءة كتب كثيرة هكذا عن الكلاب». فتجيبه على الفور «إنها مذهلة». وتتوجه إلى الكلب «مذهلة بلا شك، أليس كذلك يا ريكي؟» لكنه ناعس في سلته رافعا أذنه الحريرية. تقول فجأة « وعلى ذكر الكلب، أظنه بحاجة الى أن يبول مرة أخيرة. مسكين حبيبي». وتقفز من السرير فتلبس بنطالها الجينز. يتابعها توماس. يشعر أن عليه أن يعترض، لكنه لا يفعل. لعلها تنتظر منه أن يعترض، ولو أنها كذلك فعلا، فهي لا تظهر ذلك، وأخيرا يسأل توماس «هل تظنين فعلا أنه يريد الخروج مرة أخرى؟» ولكن بعد فوات الأوان، فالكلب الآن يعدو في الغرفة في نشوة كلابية تافهة وهي تقول له: «هيا، هيا، يا حبيبي». وتعبر الباب لتختفي نازلة السلم.
يستلقي توماس على ظهره. لقد قضى أمسية لطيفة مع ابنيه، لكنه الآن يشعر أنه مستنزف وتائه. يتساءل، هل عليه أن يسهر منتظرا زوجته ثم يواجهها؟ ولكنها في النهاية مجرد فكرة عابرة. مؤكد أنها هي التي ينبغي أن تواجهه. أفكار محبطة كلها. ينقلب أخيرا ليدير وجهه إلى الجدار ويروح في النوم. وحينما تراه ماري على هذا الوضع بعد أربعين دقيقة، تفلت منها دمعة أو اثنتان قبل أن يغلبها النوم هي الأخرى. أسبوع آخر يضيع. وفي غرفة اللعب يتساءل الولدان إن كانا يقدران على أن يفعلا أي شيء من أجل أبويهما.
_______
*جريدة عُمان

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *