دار نشر جديدة تقاوم اضطهاد الشعر في فرنسا


بول شاوول


قرأ جان مارك بورغ بعض قصائدي المترجمة في مهرجان لوديف في جنوبي فرنسا قبل سنوات. وتعرفت إليه عن قرب. وأحسست بأن هذا الممثل المسرحي عاشق للشعر يختار ما ينجذب إليه، أو ما يشكل له إطلاعاً على ثقافة الشعر في فرنسا وسواها. التقيته أخيراً قبل أشهر في مهرجان سيت الشعري في جنوبي فرنسا، وكان لقاء حميماً وصديقاً. وفي سياق حديثنا عن الشعر أخبرني بأنه أنشأ داراً خاصة للشعر، يمولها من عمله، داراً حميمة يختار شعرها من نصوص الشبان أو المكرسين، في حجم متوسط، أنيق بلا زخرفة. وسحب من حقيبته عدة دواوين صدرت عن داره وقال لي: هذه لك هدية، لكن أرجو أن تعطيني رأيك في هذه القصائد. أخذتها وقرأتها، وكانت مفاجأة جميلة أن أعيد اكتشاف شعراء مكرسين كبيار دهينو وترجمت له قصائد عدة في مؤلفي «كتاب الشعر الفرنسي الحديث (1900-1985)«، أو شعراء شبان أجهل شعرهم كجان مار أندرينيه، أو كريستين جيرار، أو ميكائيل غلوك. فانكببت على ترجمة بعض قصائدهم (إضافة إلى قصائد لكريستيان بوبان (عن دار غاليمار). اكتشفت تلك الحرية في اختيارات هؤلاء الشبان طرائق تعبيرهم، وتنوعهم، وبعدهم الشديد عن الإيديولوجيات والمدارس الشعرية وطغيان الرؤى من زمن السورياليين والدادائيين، وقبلهم الرومانطيقيين، والواقعية الاشتراكية… فكأنما بات لكل شاعر طريقته الخاصة النابعة من تجربته الإنسانية أو الاجتماعية أو حتى اللغوية. إنهم جيل ما بعد المدارس النظرية «الدكتاتورية» (نتذكر بيانات أندره بروتون السوريالية الستالينية)، أو الدادائية (تريستان تزارا)، وحتى انطباعات كبار الرواد كسان جون ببرسي، وبول ايلويار، واراغون، وفيليب سوبو، وحتى أنطونان أرطو…

إنهم شعراء الهوامش يقاومون شعراً كل الإهمال الذي تعاملهم به الأقسام الثقافية، والمجلات الابدية والنقد.
كأن الشعر في فرنسا، على أهميته مع هؤلاء، بات بالنسبة إلى البحاثة والنقاد كـ»الملك لير»، الذي تخلى عنه كل العالم القريب والبعيد.
ولهذا نجد في خطوة جان مارك بورغ نوعاً من التحدي الكبير، ومن المواجهة الشعرية مع الميديا الثقافية الفرنسية التي تعولمت عولمة بائسة، واقتصرت اهتماماتها على الروايات، والبست سيلرز، والقصص البوليسية، لأنها أدوات الاستهلاك العالمية الجديدة.
ترجمنا قصائد من خمسة كتب عن دار «Faï Fioc» وكتاب «الملائكة بأثواب حمراء» لكريستيان بوبان (عن دار غاليمار).
Pierre Dhainaut
بيار دهينو
[اتساع الهواء
الحرف الواحد سيكون «فجر»
أو «عيشة»، ما إن يخلا
وهذا ما تعلمك إياه الشفاه،
لن تلفظ هذين الاسمين إلاّ بصيغة الجمع
الحصى التي تسحقها تصرّ
ضخمة، تمضي سريعاً
وإذا وضعتها على الصدغ
تفهم ما الذي يفوتك
لا تحدق في هدف إلا لمتعة
نسيانه: فالنظرات في دارها،
النظرات، والأنفاس
التي تؤمنان سوية
أرضاً، انتبه إلى ظل الثلوج،
وأقفز فوق البراري،
أشرح، فأنت في مكانك،
تكف عن الضياع.
رافق الخطى، ولا تؤمن إطلاقاً
بأنها ملكك، فهي تعرف
أكثر منك ما يجذبها
هنا، هنا بالذات، وأبعد أبعد
لا تحكم على الجدران الجرداء
فكر في الأزهار التي تتفتح
بين الحجارة، فاللامرئي
ينقذ نفسه في اللحظة المناسبة.
أشجار الحور، على طول الطريق
ستمضي حتى سماع
الأوراق ترتعش
في عز الشتاء
لا تبحث عن أي برهان
فأنت تقترب فحسب
لكنك، واثق من ذلك، الطيور
تصبح أقل وحشية
إجمعْ ثمارَ الجناحية واحدة واحدة
فلتطرْ أنفاسُك من جديد
فالطفل حر
مندهش، الذي يرتفع إلى علوها.
الهواءُ عارٍ، الكتف عارية
لا تُدخل شيئاً بالقوة،
فالفضاء يأتي موجات
إلى هذا الساحل وليفتح ساحلاً آخر
جسر وعِر، المنحنى، سنتسلقه
بصوت جاهز.. دائماً، بلا كلل
بكلمة «عطش» إلى درجة تحيي
عطش الينبوع.
على الثلج، على الصخرة، إشراق
الريح لا تترك انطباعاً آخر:
ومن يكون عندك من درب
سوى كلمات ترتهف.
وليلاً، في الغرف
ستحلم بالفقاعات
التي تغطي سراً زجاج النافذة
ستراها تحتمي بالضوء.
Progrés dune éclaircie
تقدم صحو
إذا صمتت الريح، حَلّ مكانها وتكلم،
ولا يكونن عندك سوى طموح، الخضوع لإيقاع
الكلمات التي تعرف، كما في جُرف على موج منخفض
في لقاء رذاذٍ
ينعش شمسنا
حصاة، قطعة جذع، ما تظن أنك تعرفه،
ما تدغدغه أصابعك،
يستدير، يدفأ
وتكتشفه، فالعقبة، كانت أنت:
منيعاً، المركز، اختزلت المسافة
لا تفرض سلفاً على نفسك أيّ وجهة،
اتبعه مثل الأشجار، العصية، المدى،
الوفر، فالعاصفة موافقة
حيث الصحو، لينشر في نهدها
كما أبعد منها.
طبشور أبيض، جعب زبد أبيض أو أجنحة
ما إن تدرك
طرف الجرف يبقى ما يكفي من الوقت،
وما يبقى من القوة، في الصوت المنصف،
يتمدد الجسد، فرح المشاركة
Lère davril
زمن نيسان
رغبة واحدة، صباحاً
رؤية شجرة وحتى المساء
تمضي صوبها.
غير منقسم، صبر
الكرم البتول،
لعناقيد الضحك
عشب يخضر من جديد، يخفق
في شقوق جدار
فللرياح موطنها
لا يسقط غباراً
لا نحتاج إلاّ أن نكون
متواطئين
مطر وشمس على الحصى
«مطر» و»شمس» لا يتحادثان
إلاّ بتكاثرهما
إلى مَ آل لون
الفورشينيا، الساحل الواسع
يجيب بنغمة ناي
ركوعاً قرب
اللهب الطازج
الذي نرفض قطفه
لم يعد يملكان الوقت
بألاّ ينطفئا
في نظراتنا، الأصفر والأحمر.
لم يأت فصل الثمار بعد
لكن كلمة «مورق»
تستمتع بها شفاهنا.
طيران الذباب الأول
نقرأ التنبؤات
نحن نحب الحاضر.
طيور البحر بعيدة من المتناول،
صراخها يسكننا
ومعها الضوء.
فصل أقواس القزح
أقسى تحت السيول
إرفع عينيك، ارتو من الينبوع.
ما تراه يغني الشحرور
فهو لا يختبئ
على الذروة محتفلاً.
من كل الجهات يركض
الطفل ذو طائرة الورق يخترع
قلب العالم.
إذا نقص حرف
يكتبه الهواء على جباهنا
بحروف من الهواء
«نيسان» نكرر «نيسان»
غداً تتقدم
العقيدة مثل هذا اليوم
 صدر الكتاب عن دار Faï Fioc بمونبلييه
Jean-Marc undriener
جان ـ مارك أندرينيه
بلاتر
جسد ورأس
نحس فيهما طعم
المُر والصدأ
اللغة مكثفة
بالتكرار القذر
همدرة هذه هي بالذات
ما ينقبل على الصدغين
مُزيّت جيداً
آلة لصنع الكلمات
من العشب والكلمات
من العشب أو الزؤان
ما نجتره
في معدة الغير
يضعه في العمق
والذي يأتي
يصعد أو لا يصعد
لا نعرف ما يصبح
ولا تنتهي من
الخروج
من ثقوب الجسم
هو التقيؤ يأتي
هكذا يأتي
يذهب بعد ذلك
بعدها يجب أن نرى
بعدها يتوجب
القدرة على الرؤية
نتقدم غارقين
في عودتنا الذاتية
من دون التمسك من دون الاحتفاظ
من دون ترك شيء
لا أثر
الكلمات إذاً كانت
من أجل اللاشيء
تماماً هكذا
عمر شديد البطء
شديد الفراغ
للبقاء على السطح
على الحدود
أو عندها سننطفئ
ونستدرك أننا
لسنا من أحد
هنا هنا من لا أحد
وأننا نجحنا بشكل رديء
في تفويت مسودات
المتتابعة لما نحن
لكن حقيقة
ندعي ماذا
نصلح الزمن
ومن جديد نفقده
وخسارة القليل من الهدوء
واللحم حول العظم
الذي يدوم هو
المكتسي لبقائه من جديد
ومسوي قامته من أجل الطريق
ونقيس أننا لسنا على قوام
7 كيلو
من الجسم العمل قبة
في انتظار كل شيء أو لا شيء
جسم ورأس
نجازف أحياناً أن نحجب
فيهما الفم
بالارتطام في الداخل
هكذا: من أجل القضية العادلة
مسألة بقاء
نقول ونكرر ما
لا يفضي إلى شيء
ولا ينهي شيئاً
ولا يؤدي إلى شيء
(…)
نخترع لأنفسنا
بما تبقى ويمنح
أفراحاً إلى حد ميتته
إلى حد ضيقه
وبقصر نظر
على ديمومة محددة
أفراحاً
نقطرها ونمططها
لكي تدوم
لتكون
Ductile ما امكن
لكي لا ينكسر
الخيط أبداً
لكي الخيط
لكن عبثاً
نصل إلى طرفه
ومن شدة ذلك ينكسر
الخيط
أو لا ينكسر
ولا تماماً يختفي يذوب
لا نعرف حقيقة
لا نعرف.
[(صدر الكتاب عن دار Faï Fioc)
Christian Gérard
كريستيان جيرار
تراب في الذاكرة
هكذا، بالكلمات،
خطوة خطوة إعاة بناء التاريخ، قطعة من ذاكرة، على الورق تنويم السماوات، أفقد عقلي عينيّ في سماوات الورق، أفق الورق، قصة مثقوبة غياب حياة، ولدت هنا على الورق تنويم السماوات أفقد رأسي عينيّ على قصاصة ورقة، متابعة الكلمات انعكاس السماء في بركة الزمن الذي أمضيته هنا، بعد ظهر بطوله في الهرب. في مراقبة كل شيء ولا شيء في برك الماء، وجهي، نعم، وجهي يغرق ويختفي تحت الماء، في الأرض، غريبة هذه الصورة التي تضطرب وتنطفئ، هذه المسافة التي تصنع شيئاً فشيئاً له ثم وجهي في بركة لي واقفاً يحدق، كما لو كنّا اثنين، كما لو أنني اثنتان، أو عدة، ضائعة، حيث في وسط الملعب الجميل في حالة كيف أقولها من الغياب.
الهروب مرة أخرى من ضوضاء الحياة، والذي يبدو صعباً وقاسياً، ما يصدم مجرى الأشياء، ما يمضي عكس الريح، وما هو متألم برشقات في الوجه عندما نمضي عكسه هكذا، ضربات قوية برشقات في الوجه، ثم ومرات كل شيء يحدث.
زمن استغرق هنا، للنظر في البرك، السماء، الغيوم البيضاء، الشمس التي تخلط كل شيء تبهر كل شيء دفعة واحدة هكذا تثقب الغيوم ببرق ثم تمضي، تبهت الانعكاسات، يطفئ الضوء تسودّ السماء، تعود البركة إلى حالتها من الوحل، وهذا ينطلق من جديد.
ساعات هنا، استغرقت للإصغاء إلى الزمن، الأصوات ما زالت بعيدة تسمع خلف الباب، الكلمة المفاجأة بين الكلمات الأخرى، الكلمة المسموعة للمرة الأولى، كأن لا تصدق عاجزة الكلمة المهموسة خلف الباب، كأن لا تصدق والبقاء هنا أمام البركة، حيث كتابة يأتي ليُنسى، والمسألة تكمن في معرفة، كيف تحمل الكلمات الكلمات، على مستوى العين، وصفّها الواحدة خلف الأخرى، والابتعاد عنها والاقتراب منها، تركها لتكون وتقول، الابتعاد منها والاقتراب، لإحساس أفضل كيفما كان، في هذا النسيان حيث أنا، حيث أقف بين السماء والبركة، في مكان ما بين هذين الشيئين، هنا الوقت يتمدد إلى ما لا نهاية، ساعات هنا يبتلعها الزمن، الريح، وقريباً الليل من زمن يستغرق هنا حتى تتقدم كل معرفة، وماذا نفعل بهذا الجسد، مغلف، جلد، لا نسكنه أو بشلل شديد السوء، سقط في الداخل عند الولادة، ثياب فضفاضة أو ضيقة، هذا يطفو يشتد، ينكسر، ما العمل مع جلدنا، كيف نروض جلدنا، غالباً ضائع في الخارج، إلى جانب ذاتنا، مبلل بالجلد منذ الولادة، أهذا ممكن؟ ما رأيت مثل ذلك في حياتي الأشياء ركوب الكلمات ثم التوقف، تدفق أخرى أطول، عقد أو لآلئ أكتب أي شيء وبعد ذلك كل لمَ لا، ما يأتي يأتي ومن دون أن أعمل لترك كل هذا كذلك، ترك طوفان الكلمات يسقط على القصاصة يبلل الورقة، يسقط الأفق عمودياً، انحراف 180 درجة من السماء، سقوط حر للسماء على الورقة على التراب في دلوي، تحت البركة أعماق، سماء أخرى، أرض أخرى قرب الكرة، فلا عمودي ولا أفقي، إنما مستدير دائرة نقف عليها كما نستطيع.
Christian Gérard
كريستيان بوبان
الملائكة بأثواب حمراء
في الأول من شهر أيار. في المدينة، فقراء يبيعون mugual. حتى وإن لم يكونوا فقراء، فقد جعلتهم هذه الحركة فقراء. تجارة عرق mugual تجارة إلهية للتوسل.
عطر mugual يترك خيطاً ثرياً وسكراً للسيدة الكبيرة. عصر الأرامل، وعد سيأتي ذات يوم من يبحث عنها، يناديها باسمها.
اشتريت خمسة عروق. حملتها إلى قبر أبي، كانت تمطر. لا ألعن إطلاقاً المطر، هذا الأخ المحروم من الشمس. التقيت ما يكفي من الفراديس لكي أفهم من أنها يمكن أن تكون في كل مكان.
على نافذة الزجاج، قطرة ماء. أنا مركب الكلمات البطيء التي تتجه صوبكم. أتقدم بصمت غارقاً بين الحين والآخر في ماء اللغة، وأنا في الوقت ذاته في مدينة بلور قطرة الماء الصغيرة. والتي في داخلها كذلك المقبرة حيث كنت هذا الصباح مع الملائكة التي تدور بلا ضجيج حول الراقدين في شرشف المرمر.
شجرة الميموزا دخلت إلى الغرفة مثل طلب ضخم يتدفق شمساً التي sébrousil، مرسلة في كل اتجاه تحوجاتها الصفراء. ولم نكبر ما دمنا، أطفالاً، كنا نلمس أصلاً سماء أيدينا الصغيرة من الفخار الوردي؟
لم أكن على مثل هذا القرب من أبي الراحل إلاّ عندما قرأت قصيدة تدهشني، أياً كان الموضوع. رجل يعبر موته كما تخرج من منزل مهجور، ماسحاً بيد سعيدة عن كتفه غبرة عدم لا تصمد. هذا الرجل، ولكي أرسم عينيه، أستعير الضوء الذي يطير.
وجهه، منتشلاً من القمة رمى نحوي تحفة. كان ذلك في ليل مدينة قرميدها الأحمر حرك جوانحي. بعض الوجوه مرّت ببؤر أفاع وبصاق قبل أن تصل إليكم، مضيئة بكل الضوء التي كان منها، على امتداد قرون مرفوضة. كان يكلمني لكن وجهه يتكلم بصوت أقوى. عيناه من أثير تقولان صداقة ممزقة للحياة القاتلة.
كانت تضحك. فقدت طفلاً منذ سنوات عدة، في الواقع منذ ثوان: فالقلب يجهل الزمن. الفقدان يُدخل الأبدي في أجسادنا، والأبدي هو ما لا يعبر، ما يبقى عبر الحنجرة. الولد الراحل كان يبتسم، أزرها محرق للميت حياً. أرمي شبكة عيني على ماء العالم المحطم، ثم اشدها نحوي وأنقذ أسماك الذهب.
من نسميه شاعراً ليس سوى anomalie للإنسان، اشتعال النفس المعذبة من أقل احتكاك.. حتى بالنسيم. أما مالرمه المرهف الإحساس، فالحياة أخذت منه طفلاً وقالت له: والآن غنّ، إن استطعت. نحن وهذه الحفرة التي صنعتها في حنجرتك. فقدان طفل في عز طيرانه، هو الإله من يرمي قلبنا للوحوش. أما مالرمه، فلم يغن. تأتأ، وبشكل ملائكي تأتأ. والكتاب الذي رفع على الطفل الميت يشبه قرميزاً Bergerie متبقياً، وهو طعام. هذه البنت الصغيرة في ليل، الضائعة بين الحضور، ترفع إصبعها فتعطى الميكروفون: «سيدي، ما هي الكتابة». تفكرت. بحثت. لا أجد. ثم أجد: «الكتابة ملاك». هذه الابتسامة التي تبحث عن مخرج.
كتاب ما لا يواسي يتضمن سلاماً، كمصباح يدور ويقترح ظلاله الصينية على الطفل على وشك النوم. عندما أفكر في الناس الذين أحب، عندما أفكر فيهم فعلاً، تسقط ذراعاي. تقترب الحياة منها. تنظر إلى اللحظة المناسبة لتضرب، ثم وعلى كل واحد، وتقول: نحن، الآن، هيا، غن، أكتب.
ظهر الرأس العجائبي لي منذ أشهر عدة. ما زالت عيناه تلتهب في عيني. لا أعيش في الزمن. لا أحد يعيش في الزمن، العائلات التي فقدت ابناً شبه غاليري المرايا في فرساي، ليلاً، حيث لا تقرع أي خطوة: حريق مرايا فارغة. الكتابة هي فتاة صغيرة تتكلم إلى دميتها. عينا الدمية من الحبر تجيبها، وبهذا الجواب تنفتح السماء من جديد.
ما إن رأيتها، هرعت الغيوم لنجدتي. لا تعلمون كم أنا في حاجة إلى مساعدة. ما من لحظة لا أبحث فيها عن حجر لـaijuisce العين.
رأيت في حقل نعجة تتبع أمها بالميليمتر تقريباً. لم تكن أي مسافة بينهما. مسافة أقل بكثير مما هي بين عاشقين أسطوريين. ولدت في وقتها من دون دليل كانت عينيها، نفسها، يقينها الوحيد على الأرض: هذه الرؤية حطمت قلبي. دخل الهواء من الشق.
ذات يوم، مبكراً في الحياة، شيء ما يرتمي علينا ويعطينا وجهنا الذي لا يبرأ. يأخذ في السنتين أو الثلاث شكلاً ثم يختبئ في ظل الأعمال.
عندما أضغط برأس Feutie على الورقة البيضاء بياضاً لذيذاً، لا يعود الموت يعرف اسمي.
عندنا ألف وجه يتكون ويتفكك بسهولة الغيوم في السماء. ثم هناك الوجه الخفي. وفي النهاية، يصعد لكن ربما ليست النهاية. ربما لأن ما من نهاية أبداً، فقط هذا التمزق البلا ضجة للغيوم في السماء التي لا تنفد.
أتذكر 12 أيار 1944. لم أكن ولدت بعد. لم أكن شيئاً. لا أحد، لكنني أتذكر تحديداً 12 أيار 1944، شمس باريس ظهراً، وشجرة الكستناء الضخمة المزهرة. الكتب هم أناس غرباء. يأخذوننا بيدنا وفجأة ها نحن في عالم آخر. جو قديم يمر بين أصابعنا. عطور تطلق روائحها منذ عشرات السنين. فاتحاً كتابك أجد 12 أيار 1944 في باريس، في الساعة التي كانت الجيوش الألمانية تفكر في الرحيل، وزهور البندقية تنفجر كبراعم هنا وهناك. أنت، بصوتك الساحر صوت من ورق، حالم ومرتاح. عجلة النجوم دارت. أنت في عداد الخاسرين. كأنما لا شيء يخيفك حتى ولو لم تقدم أبداً بشجاعة هؤلاء المتعجرفين والبلهاء. تحب الحياة، ربما، كما يحبها البلد قطرة قطرة، زهرة زهرة، حجراً حجراً. ترتدي الزي لكنك ملاك سلام وانتباه.
أحب كثيراً أن أقرأك. كأنما تغفل قرب والدي، في الحقل، والأب بصوته الهادئ، يرفع كل الأشياء من الوجود، يأخذ العالم النائم ويوقظه قائلاً للطفل crédule: هذه غيمة عائلتك. تحمل هذا الخبر.. وهي عجلى.. هذا ملمس أرجواني. ساحرة نلتقيها في غاب مورغان. وهذا عقرب Scarabei تائب أسود لأنه كل حياته أحب شماً من Bouse والقش.
في وسط النكبة، منطقة تنعم بهدوء كبير. يا عزيزي أرنست جانجر، بما أن هذا هو اسمك في جنة المتألين، أحبك لأنك غالباً ما دخلت هذا الفراغ الذي هو في صلب انشغالاتنا حتى الأعنف منها، وتزهر بانتباهك الخيري.
صدر الكتاب عن دار غاليمار بباريس. 
——
المستقبل

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *