عن حب أينشتاين الأسطوري



قام عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين باكتشاف مثير منذ 56 عاماً. والحديث هنا لا يدور حول اكتشاف علمي فيزيائي أو رياضي، وإنَّما عن اكتشاف حبّ حقيقي، إذ استولت الساحرة مارغريت، زوجة النحات السوفياتي الشهير سيرغي كونيونكوف، على قلب ألبرت.

وجرى الحديث عن هذه القصة، عندما أقيم، مؤخراً، مزاد «سوتبيس» لبيع الأرشيف الشخصي لعائلة كونيونكوف. ومن بين الوثائق الأخرى التي عُرضت للبيع، كان هناك بعض الرسائل التي أرسلها أينشتاين إلى حبيبته في موسكو.
تزوّجت مارغريت كونيونكوف من سيرغي الذي يكبرها سناً، العام 1922. وفي العام التالي، أي 1923، غادرا الاتحاد السوفياتي إلى الولايات المتحدة للمشاركة في معرض للفنّ الروسي. كان من المفترض أن تستمر الرحلة بضعة أشهر فقط، لكنَّها استمرت لفترة طويلة دامت 22 عاماً. والسؤال الذي يطرحه الكثير من المؤرّخين، لماذا استغرقت رحلة أسرة كونيونكوف كل هذه المدة؟ فهذه العائلة لم تكن ضمن أعداء السلطة السوفياتية، بل على العكس، عندما عادا إلى موسكو العام 1945، أمر الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين شخصياً أن تكون تحت خدمتهما سفينة، وذلك من أجل أن يتمكَّن النحّات الشهير من نقل جميع منحوتاته من أميركا. فضلاً عن ذلك، تمّ منح الزوجين منزلاً مناسباً وصالة كبيرة للنحت، لذا بدأ الكثيرون يتحدّثون عن أنَّ هذا كله يشبه احتفاء الدولة السوفياتية بعودة عميلين بعد تنفيذ مهمة كبيرة. هذه الفرضية تمّ الحديث عنها، للمرة الأولى، من قبل أوّل عميل للاستخبارات السوفياتية الجنرال بافل سودوبلاتوف العام 1995، والذي أشار إلى أنَّ مارغريت كونيونكوف كانت عميلة للاستخبارات السوفياتية، مع الإشارة إلى أنَّه لا يوجد، لغاية الآن، ما يؤكّد أو ينفي تلك المعلومات.
سحرت مارغريت كونيونكوف، خلال حياتها، الكثير من الرجال، ومن بينهم الموسيقار الكبير رحمانينوف، والمغني شاليابين، والفنان فروبل، وهؤلاء ليسوا القائمة الكاملة من المعجبين. فمنذ وصولها إلى الولايات المتحدة، أصبحت كونيونكوف ترتدي الملابس الفاخرة وتشتري المجوهرات الثمينة، وباتت تشرق بين أوساط المجتمع المخملي الأميركي، حتى صار من السهل عليها التعرّف على النخبة وأصحاب النفوذ.
وكان أوَّل لقاء بين مارغريت وأينشتاين العام 1935، عندما تلقّى النحّات سيرغي كونيونكوف طلباً من أجل نحت تمثال نصفي من البرونز للعالم الشهير. وهنا كان على أينشتاين أن يحضر من أجل جلسة نحت تمثاله من البرونز. وفي هذا الإطار، كتبت مارغريت في مذكراتها أنَّ عالم الفيزياء كان وقتها رجلاً متواضعاً، وكان في كثير من الأحيان مازحاً، ويقول إنَّه أصبح مشهوراً فقط بسبب شعره الكثيف. بالطبع لقد سحرت مارغريت عالم الفيزياء بجمالها، منذ اللقاء الأول. ومنذ ذلك الحين، بدأت اللقاءات بشكل مستمر. وفي يوم من الأيام، توسّل العالم لطبيب عائلة كونيونكوف من أجل أن يتحدّث إلى سيرغي عن مرض خطير أصاب زوجته، وهي في حاجة ماسة للراحة والاستجمام. وعلى الفور سارع الزوج لإرسال مارغريت إلى منتجع للاستجمام والعلاج، حيث كان ينتظرها ألبرت.
لا بد من القول إنَّ الكثيرين كانوا على علم بالعلاقة الرومانسية التي كانت تربط ألبرت ومارغريت، لكن الزوج المخدوع كان آخر مَن يعلم، حتى أنَّه عندما أصبحت هذه الحقيقة واضحة، لم يتمكَّن سيرغي من منع لقاء العاشقين، وذلك لأنَّ مارغريت كانت امرأة مستقلة، وما كان على النحات إلَّا أن يقبل بذلك. ومع ذلك، إذا أخذنا بالاعتبار فرضية أنَّها كانت عميلة لصالح الاستخبارات السوفياتية، فيمكن أن نفترض أنَّ الزوجة همست في أذن زوجها، ولمحت له بضرورة إنشاء علاقة مع أينشتاين، وذلك تنفيذاً لأوامر الحكومة السوفياتية.
وفي صيف العام 1945، عاد الزوجان إلى وطنهما، وقبل أن تغادر مارغريت الولايات المتحدة، حصلت على ساعة من الذهب قدّمها لها أينشتاين، وعرضت بعد نصف قرن في مزاد «سوتبيس» جنباً إلى جنب مع أرشيف أسرة كونيونكوف.
لقد كانت مارغريت في ذاكرة أينشتاين حتى في اللحظات الأخيرة من عمره، إذ كتب في العام 1946: «مارغريت الحبيبة! أجلس الآن أدخن بالغليون الذي أهديتني إياه، وفي الليل أكتب مستلقياً على السرير بقلم الرصاص الذي منحتني إياه». ويتابع في إحدى الرسائل قائلاً: «لم تظهر لدي أيّ مخلوقات أخرى من الإناث حولي، ولكن لا أشعر بالأسف». وفي رسالة أخرى كتب: «لقد أصبح عشنا مهجوراً وفارغاً».
واستمرت هذه المراسلات لمدة 10 سنوات حتى العام 1955، السنة التي توفي فيها عالم الفيزياء الكبير ألبرت أينشتاين.
السفير

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *