الإبداع في الكتابة..انتظار الإلهام أم مطاردته بالهراوة؟!


*ترجمة: عادل العامل



هل أنت من نوع الكاتب الذي لا بد أن يكون في المزاج الصحيح فقط قبل أن تبدأ الكلمات بالتدفق؟ يقول الكتّاب المحترفون إن الانتظار إلى أن يحلّ الإلهام إنما هو في العادة مضيَعة للوقت لا أكثر، وفقاً لكاتب المقال ريتشارد نوردكويست (1). 
وفي إحدى حلقات مسلسل بيل واترسون الكوميدي (2)، نجد هوبس يسأل كالفن إن كان قد هيَّأ فكرة لقصةٍ الآن. فيقول له الولد : ” لا، إنني أنتظر الإلهام. فالواحد لا يمكنه أن يفتح الإبداعية مثل الحنفية. لا بد لك أن تكون في المزاج الصحيح. ” فيسأل هوبس وهو ينضمُّ إلى كالفن في صندوق الرمل : ” أي مزاج هذا؟ ” فيرد الولد من دون أن يرفع رأسه : ” رعب اللحظة الأخيرة. “


والحقيقة أن الإلهام هو مزاج لا يستطيع أن يطيق انتظاره أو الاعتماد عليه إلا قليلون منا. فلا عجب أن لا يثق الكتّاب المحترفون كثيراً بقوة الإلهام ( وهي مفردة تأتي من الفعل اللاتيني inspirare ” ينفث في ” ). وسيقول لك معظمهم إن عملية الكتابة تتبع قانون توماس أديسون : 
” من الإلهام واحد بالمئة؛ ومن بذل الجهد تسعة و تسعون بالمئة. “


وحين تجد نفسك، في المرة القادمة، ترجئ مشروعاً للكتابة حتى يحل المزاج الصحيح، تأمّل ما كان على هؤلاء الـ 12 مؤلفاً أن يقولوه عن الإلهام :
• ” إنك لا تستطيع أن تنتظر الإلهام. عليك أن تسعى وراءه بالهراوة. ” ( جاك لندن )
• ” لا تنتظر الإلهام، بل اجلس بهدوء، وابدأ؛ وحالما تشرع بالعمل، انغلق، حتى عن نفسك، واستخدم خيالك، وابقَ اكتب. … لقد أعطتني تلميذةٌ مثالاً بسيطاً : قالت إن استخدام الانضباط وليس انتظار الإلهام يبدو أشبه بشخصٍ يمتلك سطلاً يأمل في أن يمسك به مياه المطر. فإذا ما خرجت بالسطل، فقط وهي تعرف أنها تمطر بالفعل، فإنها ستحصل بالتأكيد على بعض الماء في بعض الأحيان. لكن إذا خرجت يومياً بصرف النظر عن نوع الطقس، فإنها تستطيع أن تحصل على المطر الذي يسقط بشكلٍ غير متوقع. والحقيقة الغريبة هنا … أن الكاتب الذي يخرج ومعه السطل يومياً، يبدو وكأنه يستفز المطر. ” ( ليونارد وولف )
• ” لا يمكن للمرء الاعتماد على الإلهام. وأنا لا أؤمن به حتى. أؤمن فقط بالعمل. فالعمل يولّد العمل. وما يُحبطني إلى أقصى حد هو عدم معرفتي ما أنا مُقدم على فعله. هكذا تُرغم شيئاً ما على أن يحدث. … لا يمكنك أن تجلس هنا وهناك تفكر. عليك أن تجلس هنا وهناك تعمل. ” ( ديفيد لونغ )

• ” الأفضل أن تحذر مفاهيم مثل العبقرية والإلهام. إنها نوع من العصا السحرية وينبغي أن يستخدمها في النادر أي شخص يرغب في أن يرى الأشياء بوضوح. ” ( خوزيه أورتيغا )

• ” لو كنت قد ذكرتُ لأحدٍ حوالي عام 1795 أنني أخطط لأكتب، كان أي واحد سيخبرني بأن أكتب لمدة ساعتين كل يوم، بإلهام أو بدونه. وكانت نصيحته ستمكّنني من الانتفاع من عشر سنين من حياتي ضيّعتها إجمالاً في انتظار الإلهام. ” ( ستندال )

• ” لا يمكنني أن أفسّر الإلهام. فالكاتب إما ملزَم بأن يكتب أو ليس ملزماً بذلك. ولو انتظرت الإلهام ما كنتُ في الواقع سأكون كاتباً. ” ( توني موريسون )
• ” لقد تعلمتُ، كما حدث كثيراً لكاتب آخر أفضل مني، أن أستدعي الإلهام بندائي حالما أبدأ عملي اليومي، لا أن أتسكع هنا وهناك بانتظاره. فالإلهام ليس سوى تعبير مناسب عن التحمّس للعمل. ويمكن أن يهذّبه أي واحد لديه الصبر لأن يحاول. والإلهام الذي لن يأتي استجابةً لاستدعاءات صاحبه يشبه كلباً لا يمكن تدريبه على الطاعة. وكلما كان التخلص من الاثنين أسرع، كان ذلك أفضل. ” ( ألبيرت بيسون تيرهون )

• ” كل هذا حول الإلهام. … وأنا أعتقد بأن الكتابة عملٌ بشكلٍ رئيس. مثل شغل الميكانيكي. فالميكانيكي أيضاً يمكن أن يقول إنه ينتظر الإلهام قبل أن يشحّم سيارتك لأنه إذا لم يكن يشعر على نحوٍ صحيح بالضبط فإنه سيفوته عدد من نقاط الشحم، ذلك أن عليه الشعور بطريقة صحيحة نحو ذلك. ” ( إ. ب. هوايت )
• ” هناك أولئك … الذين يرون أن الإنسان الذي يعمل بخياله ينبغي أن يسمح لنفسه بأن ينتظر حتى .. يحركه الإلهام. عندما سمعتُ اعتقاداً كهذا يبشّر به أحدهم، لم أكن قادراً إلا بالكاد على كتم ازدرائي. فبالنسبة لي لن يكون الأمر أكثر سخفاً إن كان للإسكافي أن ينتظر الإلهام، أو أن ينتظر بقّال الشحم لحظةَ التذويب المقدسة. ” ( أنثوني ترولوب )

• “إن ما كانت المفردات الرومانتيكية تدعوه عبقريةً أو موهبة أو إلهاماً ليس شيئاً آخر غير العثور على الطريق الصحيح بصورة تجريبية، التقدم في خط مستقيم، و سلوك الطرق المختصرة. ” ( إيتالو كالفينو ) 

• ” لقد كرهتُ على الدوام كلماتٍ مثل إلهام. فالكتابة ربما هي أشبه بعالمٍ يفكر بمشكلةٍ ما علمية أو مهندسٍ بمشكلة هندسية. ” ( دوريس ليسينغ ) ” 

• وأنا أرى أن ما كنت أميّزه على الدوام فيما يتعلق بالكتابة هو أنني لا أقيّم كثيراً ما يُدعى بالإلهام. فالقيمة هي في كم مرة يمكنك أن تعيد فعل شيءٍ ما. ” ( جون أيرفينغ ) 

• وأخيراً، فإن ما ينبغي الإقرار به هو أن الكتّاب ليسوا جميعاً متشككين هكذا في قوة الإلهام. فقد قال الروائي وليام فوكنر ذات مرة، ” إني لا أكتب إلا حين أكون ملهَماً. ” لكنه أضاف ، ” ولحسن الحظ، فإني أكون ملهَماً عند الساعة التاسعة كل صباح. ” 
 عن: About.com
(1) مؤلف و أستاذ أميركي في موضوع الكتابة، وله العديد من الأعمال المنشورة في ذلك.
(2) كالفن وهوبس Calvin and Hobbes : مسلسل رسوم متحركة كوميدي تم نشره في الفترة 1985 ــ 1995.

_________

*المصدر: المدى 

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *