صناعة النشر تبحث عن (فارس)


سحر الألفي

خاص – ( ثقافات )

يقاس تقدم ورقي الدول وشعوبها بتقدمها العلمي والتكنولوجي،وارتفاع مستوى دخل الفرد، وأيضًا بحجم منتجها الثقافي من فكروفن ، فالثقافة هي العامل الرئيسـي في هذا التقدم والرقي ويعد الكتاب الوسيلة الأولى للثقافة والتعليم، بل الوعاء الجامع والشامل لكل مكونات الثقافة؛ لأنه يحمل في مكنونه فكر وإبداع الإنسان.

دعونا نعود إلى التاريخ فالمعلومات تؤكد أن مصر شهدت دخول أوّل مطبعة فيها على يد نابليون في حملته عام 1798، وقد رافق هذه المطبعة أكثر من خمسين عالما في جميع التخصصات ، ولم تُجلب هذه المطبعة بقصد نشر المعارف -كما ذهب البعض إلى ذلك – بل كان الغرض من ورائها هو طبع المناشير وتوزيعها على الشعب من أجل الإستسلام .. هذا التاريخ الممتدة في صناعة النشر والطباعة كان له بالغ الأثر في أن يُنظر إلى الكتَاب باعتباره صناعة قومية، من واجبات سّاسة أم الدنيا وضعُها ضمن أولى اهتماماتهم الإستراتيجية، مثلها مثل التسليح أو الأمن الغذائي وغيرهما من الملفات الحسّاسة منذ 1952 حتى الآن.
كان وما زال مشروع “القراءة للجميع” تجربة رائدة ، بهدف تحقيق القراءة للجميع بدون استثناء بما يؤدي إلى تنشيط حركة القراءة في المجتمع على كافة المستويات والتخصّصات ، وبالفعل استطاع المشروع الذي خرج للنور على يد السيدة سوزان مبارك وعلينا الاعتراف بفضلها في هذه الجزئية وسعيها أن يحقق النجاح المرجو ، ولكن حتى اللحظة لانزال بعيدين كل البُعد عن الحد الأدنى المقبول دوليا، فمصر التي يقارب عدد سكانها نحو 90 مليون نسمة، لا تنتج صناعة النشر فيها سوى الرّبع ، وربما أقل ممّا تنشره فرنسا مثلا 51877 عنوانا سنة2000 ، في حين لم يتجاوز في مصر في نفس السنة 12 ألف عنوانا، أمّا الإنتاج من حيث كمية النّسخ للعنوان الواحد فيصل في فرنسا إلى60 ألف نسخة، و لا يقترب في مصر من الخمسة آلاف.. وبالمناسبة السواد الأعظم منه يباع على أرصفة شوارع وميادين المدن المصرية في نسخ مزورة لا تقل جودة عن الاصلية،ولكنها تنحاز لجيوب القارئ المحطون ماليا .. وأتوقع أن يستمر هذا الحال أن تتدهور الصناعة .. فهل من فارس نبيل فكرا وجهدا يتصدى لحالات الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية للمؤلف والناشر وينقذ صناعة النشر؟.

كما إنني أطرح سؤالا؛ فرغم أن حجم الاستثمار في صناعة النشر في الوطن العربي يصل إلى ما يقرب من خمسة مليارات دولار، وأغلبها من الكتب المدرسية والجامعية لماذا لا توكب الصناعة آخر المستجدات العلمية وتتفاعل مع النشر الإلكتروني بشكل كبير وتصل لشرائح جديدة لاسيما بعد استخدام الشباب لشبكات الإنترنت والمنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي التي أسهمت في إقبالهم على القراءة ؟.
أتمنى تتضافر جهود المسئول والمؤلف والناشر والقارئ من أجل نمو وتقدم صناعة النشر.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *