أن تكون عربياً


نجوان درويش

ليس تحدّي الكاتب العربي اليوم أن يكون “عالمياً”، تحدّيه الحقيقي أن يكون عربياً، بمعنى أن يكتب لجمهور عربي يتعدّى القطر الذي يعيش فيه ويتجاوز إقليمه. 

ليس توجيه الخطاب إلى جمهور عربي هو المسألة، بقدر ما هي معرفة واقع هذا الجمهور وقضاياه وحساسياته. وبمقدار ما يتعلّق الأمر بالفكر السياسي والاجتماعي، يتعلّق أيضاً بالأدب. أليس غريباً على سبيل المثال أن يتمكن أحمد شوقي (1868 – 1932) من أن يكون شاعر المصريين والعرب والمسلمين في زمانه، من حيث الانفعال والتأثير والمواكبة والشعور بالمسؤولية التاريخية، أكثر من شعراء زمن ثورة التواصل الاجتماعي وخرافة العالم قرية صغيرة. 

شوقي كان يكتب عن دمشق بعاطفة سوري، وعن عمر المختار كأي ليبي، وعن “جارة الوادي” أفضل من أي زحلاوي قضى عمره يشرب من عرقها. شوقي صاحب قوس جغرافي وحضاري واسع نخشى أن “حداثيين” كثراً يعجزون عن مجاراته. أليست انتكاسة أن يكون لدينا، في لحظة متفجرة ومفصلية كهذه، كتّاب ومثقفون لا يستطيعون تجاوز حدود أقطارهم، وأن تتحول الحياة الفكرية والثقافية إلى تقاسم حاراتي؟ لم تكن صفة كاتب عربي أو مفكّر عربي، التي تبنّتها فئة من الكتّاب العرب، مجرّد شعار قومي أو رغبة بانتماء أوسع كما ظنّت طائفة من القراء. كان تحدياً كبيراً، نجحت فيه قلة وأخفقت كثرة، وهناك من لم يتوقفوا أصلاً أمام سؤال “أن تكون عربياً في أيامنا”. 
_________

العربي الجديد

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *