السودان يودع الشاعر والمسرحي محمد محيي الدين


*محمد نجيب محمد علي


فجعت الأوساط الثقافية السودانية برحيل الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي محمد محيي الدين إثر نوبة قلبية الثلاثاء عن عمر ناهز 63 عاما.

ويعد محمد محيي الدين من رواد التجديد الشعري في القصيدة السودانية منذ سبعينيات القرن الماضي، وهو من أوائل الذين كتبوا قصيدة التدوير ووسم ببصمته جيلاً كاملاً بمدرسته التجريبية الشعرية والمسرحية.

وقد نادى محيي الدين بكتابة القصيدة المفتوحة التي تستفيد من تقنيات السينما والحوار والنثر، وشكل بذلك تياراً شعرياً رائداً في الكتابة التجريبية، ويختصر محيي الدين تجارب شعرية وسردية عديدة داخل النص الواحد.

وقد جرب الفقيد كتابة القصيدة والسيناريو والمسرحية، وكان مشاركا في كثير من المنتديات والمهرجانات العربية والسودانية، وتعتبر تجربته المسرحية ذات فضاء مسرحي مختلف ارتكز على التجريب في المسرح العالمي.

قصيدة مفتوحة

ويعد محيي الدين من مؤسسي مسرح الشارع، وعرضت مسرحياته في الشوارع السودانية في كثير من المدن.

وفي بحثه عن التجريب، قدم مسرحية “ضو البيت” اقتباساً عن رواية الكاتب الراحل الطيب صالح، التي عرضت عام 1985 بمسرح قاعة الصداقة وقدمتها جماعة السديم المسرحية.

ويقول الناقد مجذوب عيدروس إن شعر الفقيد محمد محيي الدين تميز بمواكبة قصيدة الحداثة، كما اهتم بقضايا النضال الوطني في فترة حكم الرئيس جعفر نميري (1969-1985).

وأضاف عيدروس أن ديوان “الرحيل على صوت فاطمة” -الذي طبع أكثر من مرة- ومجموعة “عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر” قد وضعت محيي الدين ضمن الشعراء المميزين بالسودان.

ويذهب الروائي والقاص أحمد الفضل أحمد إلى أن محيي الدين في كتابته القصصية استخدم الأسطورة والفنتازيا ممزوجة بالثقافة الشعبية السودانية في إطار حداثي لامس القصة العربية في تطور بنائها من حيث استخدام اللغة الموحية بدلالاتها وحوارها.
وأشار الفضل إلى إسهام محمد محيي الدين في الشعر والمسرح والتخطيط الثقافي من خلال عمله معلما في المرحلة المتوسطة، وتميزت كتابته بمخزون تاريخي وقراءة في الواقع السوداني المعاصر.

مسرح الحياة

ويقول الروائي والناقد مبارك الصادق إن محمد محيي الدين له إسهامات مقدّرة في الشعر والقصة والمسرح والسيناريو والأفلام القصيرة، وكان موسوعة من المعرفة.

وأكد الصادق أن محيي الدين التقط التيارات السابحة في الهواء عاملا على تحريك الساكن الإبداعي، وبذل مجهودا كبيرا في تبني المواهب الشابة وتقديم خبرته لها، وتحلقت أجيال كثيرة حوله فرفدها بمعارفه المختلفة.

ويذهب الناقد والكاتب المسرحي السر السيد إلى أنه إضافة للموقع المتميز الذي احتله محمد محيي الدين في التجربة الشعرية السودانية الحديثة، فقد كانت له تجربة متميزة في المسرح لتوفره على كم كبير من الثقافة المتنوعة شعريا ونثريا ومسرحيا.

كما مارس الفقيد التأليف المباشر أو الأصيل، وكذلك التأليف المستند على نصوص كتاب آخرين، وأعد كثيرا من المسرحيات العربية منها مسرحية “أنت قتلت الوحش” للكاتب المصري الشهير علي سالم، بالإضافة إلى مسرحياته الشهيرة التي كتبها مثل “القطر صفر” و”مطر الليل” و”هبوط الجراد” و”الرجل الذي صمت”.

ويعد محمد محيي الدين الكاتب والمسرحي والمخرج والشاعر أحد مؤسسي رابطة الجزيرة للآداب والفنون التي احتفلت العام الماضي بمرور أربعة عقود على تأسيسها، وكانت آخر مشاركاته في لجنة تحكيم جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي لهذا العام في محور الشعر.

ولقد شيع الشاعر الراحل في موكب مهيب إلى مقابر ود مدني التي ولد فيها عام 1952.
______

*الجزيرة

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *