الطلاق الرومانسي.. هل هو حلم؟



*لمياء المقدم

فندق الطلاق، هو نزل فريد من نوعه، والأول، عالميا، من حيث الاختصاص والخدمة التي يقدمها، فالفندق يستضيف فقط الأزواج الذين يرغبون في إتمام إجراءات طلاقهم داخله.

يوجد الفندق في مدينة هولندية هادئة تدعى نيوفاخن في جنوب وسط هولندا، ويتوفر على كل المرافق والتسهيلات التي تقدمها باقي الفنادق، من مسبح وسونا، ومطاعم، ومقاه وغيرها من المرافق والتسهيلات الترفيهية، لكنه أيضا، وهنا تفرده، يضم مكتبا يعمل به قانونيون ومحامون وأخصائيو تربية ومرشدون ومساعدون نفسيون ومحاسبون، وكل من له علاقة من قريب أو بعيد بإتمام إجراءات الطلاق القانونية والنفسية والتربوية.
صاحب الفكرة، هو الهولندي جيم هالفنس. بدأ من هولندا، ثم انطلق نحو الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى، مثل استراليا، والبرازيل. في حوار له مع “نيوورك تايمز” قال “كانت لدي قناعة ما، من أنه لا بد أن يكون هناك حل أفضل للطلاق”. يرفع الفندق شعار: “نحن لا نعتبر طلاقك نهاية لزواجك، إنما، وعلى الأخص، بداية لمرحلة جديدة من حياتك”. ويوجه رسالة إلى زائريه مفادها: “نرحب بكما في فندقنا، فقط، إذا كان قراركما نهائيا، وتتمنيان لبعضكما مستقبلا أجمل”.
فكرة الفندق كالتالي: يأتي الزوجان في أول يوم من عطلة نهاية الأسبوع، الجمعة غالبا، يتم استقبالهما بمحبة وود، ويصطحبان في جولة داخل الفندق. ثم يوضع لهما برنامج الإقامة الذي يزاوج بين الترفيه والاستجمام من جهة، وبين جلسات المحامين والخبراء النفسيين والقانونيين من جهة أخرى.
يخرج الزوجان وقد تم الطلاق بالكامل واستوفيت كل شروطه، بما في ذلك الترتيبات المالية والتسويات المتعلقة بالملكية المشتركة، ونظام تربية الأطفال، والتقاعد وكل المسائل القانونية الأخرى التي يستجوبها إنهاء شركة الزواج. وطبعا يمر الزوجان عبر سلسلة من الجلسات النفسية على مدى يومين أو ثلاثة لأعدادهما نفسيا من أجل استقبال حياتهما الجديدة، التي لا يوجد فيها مكان للآخر، إلا بقدر ما يسمح به الالتزام المشترك تجاه الأبناء، أو بعض الاستثناءات الأخرى.
هذا ليس حلما، إنه فندق حقيقي، عدد الذين يذهبون إليه في ازدياد كل عام، ووسائل إعلام عالمية كتبت عنه وزارته لتطلع على التجربة الفريدة والمميزة التي أطلقها الفندق ولاقت رواجا لا نظير له.
ما رأيكم؟ أليس جميلا أن يطلق شخصان بكل هذه الرومانسية؟ أليست أفضل من القتال والشد والجذب والعناد، وتدخل الأهل، والاستنزاف والاكراهات، والألم والمباغتة، والثأر والنميمة، والإحباط، والكراهية، واستقطاب الأطفال، ونقمة الأطراف على بعضها، في عملية تبدو عسيرة ومؤلمة وانتقامية، لا أول لها، ولا آخر.
أليس أفضل من أروقة المحاكم، واستغلال المحامين، وطوابير المكاتب، وملفات الورق؟ أليس أفضل من ورقة تستلمها امرأة غافلة، بلا مقدمات أو إشارات أو تمهيد، كما يحدث إلى يومنا هذا، في بعض دولنا العربية؟
ما الذي يمنعنا من مثل هذا الطلاق؟ أقصد، لماذا ينجح عندهم ويفشل عندنا؟ ولماذا نتزوج، نحن العرب، بحب وصخب وفرح، ونطلق بكراهية، واقتتال وعداء؟
الفرق، حسب رأيي، في اعتبارنا الطلاق ضررا ومصيبة ونقمة، ونهاية للحياة، وفي اعتبارهم إياه، حلا منطقيا لحياة لم تعد مريحة، وبداية لحياة أفضل.
_______
*العرب

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *