مشروع لأفلمة سونيتات شكسبير


* ترجمة: نجاح الجبيلي


تسلق “بيلي ماغنوسن” ببطء وصمت سلماً في الهواء الطلق بشمال مانهاتن في مساء عاصف. وقف فترة وجيزة كي يؤشر إلى امرأة تلبس الشال منتظرة إياه على بعد درجتين من علٍ. لكن ما إن وصل إليها حتى رجع إلى قعر سلم “جون ت. برش” وهي منطقة غامضة بالقرب من المكان الذي وقف فيه مرة “بولو غراوندز” الذي سمي نسبة إلى مالك فريق البيسبول لعمالقة نيويورك. ثم، مع دوران الكاميرا، تسلق الدرجات مرة بعد أخرى. 
السيد “ماغنوسن” الذي حصل على الترشيح لجوائز “توني” عن “فانيا وسونيا وماشا وسبايك” لم يتكلم بينما يصور المشهد. كان يجب أن لا يكون هناك حوار. هناك صوت خارجي فقط يلقي فيه خطاب عشقه ويردد السونيتة رقم 108. 
مشروع طموح
الفيلم جزء من مشروع طموح لخلق فيلم قصير لكل سونيتة من سونيتات شكسبير التي يبلغ عددها 154 سونيتة مع تصوير كل فيلم في موقع مختلف من مدينة نيويورك. 
يقول السيد ماغنوسن”المشروع يقدم شكسبير للناس الذين ليسوا على تماس معه ونستطيع أن نستعمل شبكات التواصل الاجتماعي مثل “تويتر” و”أنستغرام” كي ننشر الكلمة”. إن المسعى المسمى “مشروع السونيتة” نشأ من عمل جماعة مسرحية محلية تدعى “نيويورك شكسبير أكسجنج”.
الجماعة التي بدأت المشروع عام 2013 أكملت تواً فيلمها المائة: سونيتة رقم 27 من تمثيل “كاري برستون”، وهي ممثلة فازت بجائزة إيمي وقد صور الفيلم على جسر “فيرازانو ناروز”.
يقول المدير الفني الإنتاجي للمشروع والجماعة المسرحية روس وليامز:” نحن نبحث دائماً عن طرق جديدة للوصول إلى الجمهور تتجاوز قيود الأداء الحي في مسرح صغير”. 
وقد حاول السيد وليامز أن يوافق السونيتات مع المواقع اعتماداً على “المجاز والجدل البلاغي” مزاوجاً مثلاً ما بين السونيتة رقم 46 ذات النزعة القانونية مع بناية محكمة الدولة العليا. 
كما مزج ما بين المواقع المعروفة مثل “المطار المركزي الكبير” و”اليونسفير” مع أمكنة أقل شهرة مثل النصب التذكاري للهولوكوست بالقرب من ساحة حديقة ماديسون. 

حملات تمويل
ويعتمد السيد وليامز في الغالب على ممثلين معروفين قليلاً، على أنه احتفظ بالسونيتة رقم 18 “هل أشبهك بيوم من أيام الصيف؟” والسونيتة الأخيرة رقم 154 من أجل الأسماء المعروفة (السوناتا الأخيرة يجب أن تعرض في الربيع القادم).
حتى الآن صرف منظمو المشروع نحو 30000 دولار أغلبها جرى جمعها من خلال حملات تمويل الجمهور. إذ كل الممثلين يعملون بلا أجر. ويكتب السيد وليامز أيضاً منهاجاً دراسياً لمعلمي المدارس الثانوية كي يساعدوا الطلبة على تعلم الوزن الأيامبي الخماسي ومعنى السونيتات وكيف يصنعون منها أفلامهم الخاصة. 
بعض المخرجين يجدون الإلهام في الموقع الذي يصوّر فيه الفيلم. في حانة شور التابعة لـ “ليدي” وهو المشرب الذي يبلغ 110 سنة في الخدمة على جزيرة ستاتن صور دانيال فنلي الذي يعمل على السونيتة رقم 19 “لوري برمنغهام” وهي ممثلة تعمل على الأغلب في المسرح الإقليمي كزبون ضجرة من العالم تتأمل في شربها. 
في سلّم “جون ت. برش” في شارع “أجكومب” قرب الشارع المائة والسبعة والخمسين غرباً أخذ المخرج مارك كارافين في الاعتبار دمج البيسبول داخل فيلمه لكنه التزم بثيمة النص “عن الحب الذي أصبح أبدياً”. 
نيويورك شكسبير
بينما تصور السونيتة رقم 116 في “متنزه مرتفعات بروكلن” فإن فرجينيا دونوهو، التي ظهرت في إنتاج “نيويورك شكسبير أكسجنج”، قضت أربع ساعات وهي تجول في المطر المنهمر مع “رتش سومر”، وهو ممثل معروف لمحبي مسلسل”رجل مجنون”. لم تبال بالمسألة. تقول:” إن الثيمة تدور حول تماسك الحب. المطر عقبة أخرى مرمية في طريقنا لهذا فإنها تناسب الموضوعة”. إضافة إلى أن السيد سومر صادف أن يكون زوجها. تقول:” لدينا أطفال صغار لهذا فإن قضاء بضع ساعات معه بعيداً عنهم هو شيء عظيم مهما يكن”. 

بالنسبة للسونيتة رقم 13 واجه المخرج رايان ميتشل تحدياً مختلفاً. هو والممثل ديفن .إ. هاك أرادا أن يصورا داخل “يانكي ستاديوم” بينما يقومان في جولة فيه لكن أدوات الفيلم لم تسمح بذلك, وحينما عادا بعد أسبوع حمل السيد ميتشل كاميرا 35 ملم التي تسجل الفيديو أيضاً. يقول” استطعت التصوير بها لكنهم اعتقدوا أني كنتُ التقط الصور”.مخرج آخر هو “نيكولاس بياجتي” حاول أن يصور دون أن يلاحظوه بعد أن كان غير قادر على الحصول على سماح لتصوير السونيتة رقم 50 في مطار كندي. حمل كاميرته منخفضة للأرض بينما الممثلة كرستين ليبولس ترتدي بطن حمل كاذبة وتحمل حقيبة سفر. أبدى العديد من المارة عدم احترام للسيد بياجتي لعدم حمله حقيبتها. يقول:” كانوا ينظرون إليّ نظرة ازدراء”.

السيد برستون والمخرج مايكل دونواي التقيا بحصتهما من المفاجآت أيضاً، بينما كانا يصوران السونيتة رقم 27 حول الحب الاستحواذي الذي يخلق مشادات انفعالية. تؤدي السيدة برستون دور امرأة متزوجة تقوم برحلات يومية وهي في طريقها إلى البيت وهي مستنفدة لكنها مثارة من قضية مكان العمل. لكن السياقة فوق جسر “فيرازانو ناروز” بسيارة مؤجرة جرى بشكل هادئ. تقول السيدة برستون:” كنا نأمل أن يحدث ازدحام مروري – إنه المجاز المثالي في ملازمة عقلك في نهاية يوم طويل – وصورنا في ساعة الذروة لكن المرور جرى بشكل مثالي”. 

تقول السيدة بترسون إنها هي والسيد دونواي وكارين هايز مساعدة المخرج “رجعنا إلى الجسر عشر مرات كي نحصل على لقطات نرغب بها، ندير بها المشروع أعلى من المتوقع.” ويقول السيد دوناوي:”ما نسيناه هو الرَسْم. أنا دونته بالطباشير كله حتى التضحيات التي قمنا بها من أجل الفن”.
______
*عن المدى

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *