ليلى الأخيلية: السلام عليك يا توبة


* سمير المنزلاوي

ليلى الأخيلية، هي ليلى بنت عبدالله بن شداد بن الرحال الأخيلية، توفيت نحو عام 80 هجرية.

كانت شاعرة فصيحة، بالغ القدماء في مدح شعرها، وشهدوا لها بالفصاحة والتفوق. من هؤلاء الفرزدق الذي فضلها على نفسه، بينما حفظ أبو نواس كثيرا من قصائدها.
وقد اشتهرت كمحبوبة للشاعر المعروف توبة الحميري. ويرى النقاد أن أجود شعرها مارثت به حبيبها .
وكعادة العرب، فان أباها رفضه كزوج لها، لاشتهار حبهما، ووروده في قصائده!
زوجها أبوها قسرا من أبي الأذلع، لكن هذا لم يمنعها من الاتصال بتوبة.
لجأ الرجل وأهله إلى السلطان، فأهدر دم توبة، وترصدوه فحذرته ليلى بأن وقفت سافرة فأدرك الخطر وفر!
وقد وفدت على معاوية بن أبي سفيان، فطرب لشعرها وأجازها، ثم سألها أن تصف له توبة، فقالت:
– يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان شجي للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر.
ويروى أنها وردت على عبدالملك بن مروان، فقال لها:
– ماذا رأى توبة فيك حتى عشقك؟
قالت: ما رأوه فيك حين جعلوك خليفة!
ويقول المسعودي إن توبة لما رقد يجود بروحه، لم ينس في لحظاته الأخيرة أن يقول أبياتا أثارت اللغط والحيرة:
ولو أنَّ ليلى الأخيلية سَلَّمَتْ ** عَلَيَّ وَفَوْقِي جَنْدَلٌ وصَفَائِحُ
لسلّمتُ تسليم البَشَاشَةِ أَو زَقَا ** إليها صَدى من جانب القبر صَائِحُ
ويقول المدائني مكملا القصة:
لم يكن الحجاج يظهر البشاشة لندمائه إلا في يوم دخلت عليه ليلى الأخيلية فقال لها: بلغني أنك مررت بقبر توبة بن الحمير فعدلت عنه، فوالله ما وفيت له، ولو كان بمكانك وأنت بمكانك ما عدل عنك!
قالت: أصلح الله الأمير! لي عذر.
فقال: وما هو؟
قالت: إنى سمعته يقول ما تعرف، وكان معي نسوة سمعنه فكرهت أن يكذبنه!
ويسألها الحجاج: هل كان بينك وبين توبة ريبة أو خاطبك في ذلك قط؟
فتقول: لا والله يا أمير المؤمنين، إلا أنه قال لي ليلة وقد خلونا كلمة، ظننت أنه خضع فيها لبعض الأمر فأنشدته:
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ** فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحبٌ لا ينبغي أن نخونه ** وأنت لأخرى فارع وخليل
فاستحسن الحجاج قولها وقضى حوائجها وانبسط في محادثتها، فلم تر منه بشاشة ولا أريحية داخلته مثل ذلك اليوم!
وذكر حماد الراوية غير هذا، وهو أن زوج ليلى حلف عليها – وقد اجتازوا بقبر توبة ليلا – أن تأتي قبره وتسلم عليه وتكذبه، حيث يقول، وذكر البيتين المتقدمين!
قال: فأبت أن تفعل، فحلف عليها!
نزلت حتى جاءت إلى القبر ودموعها على صدرها كغر السحاب.
قالت: السلام عليك يا توبة.
فلم تستتم النداء، حتى انفرج القبر عن طائر كالحمامة البيضاء، فضربت صدرها، فسقطت ميتة!
فأخذوا في جهازها وكفنها، ودفنت إلى جانب قبره.
_______
*ميدل إيست أونلاين

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *